تعد سباقات السيارات واحدة من أهم الرياضات وأكثرها قوة ومتعة وإثارة، وعلى الرغم من حداثتها نوعاً ما مقارنة بالرياضات الأخرى، إلا أنها وصلت إلى مراحل متقدمة جداً، وصار لها أعداد كبيرة من المشجعين والمتابعين، مما دفع بالمستثمرين إلى ضخ مليارات الدولارات للإعلان داخل أروقة هذه الرياضة.
انطلقت المنافسات قبل الحرب العالمية الأولى لكن المدة بين الحربين العالميتين كانت العصر الذهبي الذي تطورت فيه هذه الرياضة، وشهدت انطلاقة سباقات عدة مازالت مستمرة حتى اليوم وهي من أهم المحطات في برنامج الاتحاد الدولي للسيارات FIA كسباق 24ساعة في لومان.
ومع تطور الصناعة بعد الحرب العالمية الثانية، دخلت سباقات السيارات مرحلة جديدة وصار الاهتمام يزداد يوماً بعد يوم بتفعيل عوامل السلامة، وأخذت الدراسات تتطور حول هيكل السيارة والمكابح ونوعية التسابق مما دفع بهذه الرياضة إلى بر الأمان بعد السمعة التي طغت عليها واصفةً إياها بأنها الطريق الأسرع للموت.
هذا التنوع الهائل والكبير في التقانات المستخدمة دفع إلى التخصص، فصار هناك عدد كبير من أنواع هذه الرياضة، وظهرت بطولات الرالي والرايد أو الباخا إضافة إلى سباقات التحمل وسباقات السيارات الأمريكية (التشامب كار Champ car وآي آر إل (Indy Racing League) IRL والناسكار NASCAR) والكارتنغ Karting والفورمولا 3000 انتهاءً بالمرحلة الأرقى من القيادة والاسم الأبرز والأكثر شهرة وشعبية في العالم سباقات الفورمولا واحد Formula One.
سباقات الرالي Rally
تتمثل صفوة هذه السباقات في بطولة العالم للراليات والتي أعيد تنظيمها لتشمل نخبة من أفضل راليات العالم، ولتكون واجهة المصانع في رياضة السيارات عام 1973. وكان اللقب في البداية محصوراً بفئة الصانعين حتى مطلع العام 1979 حين تقرر تنظيم بطولة للسائقين. والملاحظ أن جميع من فازوا بلقبها هم أوربيون وعددهم 14متسابقاً. ولم تتغير فكرة البطولة التي بنيت عليها منذ تأسيسها من ناحية التوقيت والمراحل الخاصة على الرغم من التغيرات الكثيرة التي رافقت مسيرتها، وسياراتها قريبة جداً من السيارات العادية، مع وجود معايير خاصة بها وتسمى سيارات WRC اختصاراً لبطولة العالم للراليات World Rally Championship. ولكلفة الإنتاج المرتفعة لهذه السيارة، فقد أقر الاتحاد الدولي للسيارات اقتصار مشاركتها بدءاً من عام 2004 على بطولة العالمي للراليات (كانت إلى وقت قريب تشارك في بطولات أخرى مثل بطولة الشرق الأوسط للراليات) لتحل محلها سيارات المجموعة «ن» N (سيارات الإنتاج التجاري)، والغرض من هذه الخطوة هو إعادة الروح للبطولات الإقليمية، وفيها يتلقى السائق الدعم الكافي، ويستطيع توفير سيارة WRC للسيطرة على البطولة وذلك بسبب فارق مستوى هذه السيارة ومستوى السيارات الأخرى. بالمقابل أدخل الاتحاد بطولة سيارات الفئة 1600 CC تحت اسم بطولة العالم لفئة الناشئين وهي سيارات تسير بالجر الأمامي.ويبقى لزاماً التذكير ببطولة الشرق الأوسط للراليات والتي انطلقت في العام 1983 وشملت 3 راليات، إذ كان من المفترض أن يكون رالي دولة قطر مطلع عام 1984 المرحلة الرابعة، لكن قوانين الاتحاد الدولي والقاضية بوجوب بدء أي بطولة وإنهائها ضمن سنة ميلادية واحدة فرضت اعتماد الانطلاقة الرسمية عام 1984. ويعد البطل الإماراتي محمد بن سليم صاحب العدد الأكبر من الألقاب (16مرة). ومع أن هذه البطولة هي الأقدم بين مثيلاتها، إلا أنه حتى الآن لم يحظ أي رالي عربي بفرصة اعتماده مرحلةً من مراحل بطولة العالم.
من جهة أخرى هناك الراليات الصحراوية التي يرفض الاتحاد الدولي تسميتها بالراليات ويطلق عليها اسم رايد أو باخا. ومن أهم هذه الرايدات رايد باريس ـ دكار ـ الدولي الذي أكمل عام 2004 نسخته السادسة والعشرين، والذي يستمر نحو 18يوماً، وحجة الاتحاد الدولي بعدم إطلاق اسم الرالي عليها كون الرالي ذا مسارات معينة يحظر على السائق تغييرها وإذا فعل فإن ذلك سيعرضه للعقوبة. أما في الرايد فالسائق يستطيع السير بالشكل الذي يراه مناسباً لأنه لا يوجد مسارات، إنما نقطة بداية ونقطة نهاية. أما سيارة السباق فتكون ذات مقعد ثنائي يخصص الأول للسائق والثاني للملاح الذي يساعد في توضيح معالم الطريق. ويسمح في هذه السباقات مشاركة جميع أنواع السيارات حتى الدراجات النارية، ويصنف الفائزون استناداً لأنواع السيارات كل على حدة.
سباقات السيارات الأمريكية
تعد سباقات السيارات الأمريكية واحدة من أكثر الرياضات جماهيرية في العالم، إذ من الممكن أن يصل عدد الحضور في السباق إلى مئات الألوف، لمعظمها قوانين خاصة بها لا تتبع للاتحاد الدولي للسيارات، وتستقطب نجوم السرعة ومواهب قوية وخاصة أولئك الذين اعتزلوا الفورمولا واحد. ومن أشهر هذه السباقات بطولة التشامب كار وبطولة الناسكار وبطولة آي آر إل وجميع سياراتها ذات مقعد أحادي.
وتتشابه سيارات التشامب كار وسيارات بطولة إي آر إل بالشكل العام تقريباً (وهي شبيهة بسيارات الفورملا واحد) فكلاهما مصنوعتان من هيكل أحادي من الألياف الكربونية مع محرك وسطي في الخلف وعلبة سرعة من ست نسب مع تحكم يدوي. ويشار إلى أنه يمنع استعمال أي نظام ألكتروني يساعد على القيادة. محركاتها تتكون من 8أسطوانات على شكل(7). ففي التشامب كار تبلغ قوة المحرك القصوى 755حصاناً عند 12000د/د، أما في الـ «إي آر إل»، فالحد الأقصى لدوران المحرك عند 10700د/د والقوة القصوى تبلغ 650حصاناً، وفي الحالتين تعمل الأنظمة بوقود الميثانول، لكن الفرق الأبرز بين سيارات التشامب كار والـ إي آر إل هو أن الأولى تزود محركاتها بأجهزة شاحنة للهواء (توربو) في حين يمنع استعمالها في الثانية.
وفي الآونة الأخيرة برزت سباقات الـ إي آر إل على حساب التشامب والتي كادت تتوقف بسبب هجران الفرق لها على نحو الأولى. وزاد من شعبيتها بدء تنظيم جوائز لها خارج الولايات المتحدة الأمريكية، كاليابان والمكسيك، ويعدها الجمهور الأكثر استعراضاً وسرعة حتى تلامس في بعض الأحيان حدود الكوارث، إذ من الممكن أن تصل إلى 333كم/سا مما دفع المنظمين إلى خفض سعة المحرك من 3.5 إلى 3ليتر. ولعل شكل الحلبات التي تتسابق عليها السيارات هو الذي يسمح للسرعة بالوصول إلى هذا الحد. ومن أهم محطات هذه البطولة سباق 500ميل في إنديانا بوليس (أي ما يعادل805كم) والذي انطلق عام 1911 ومازال قائماً حتى اليوم. ويعد واحداً من أكثر سباقات السيارات شهرة في العالم إلى جانب سباق 24ساعة في لومان وجائزة موناكو الكبرى للفورمولا واحد.
أما سباقات الناسكار فتعد رياضة السيارات الأولى في الولايات المتحدة إضافة لاستقطابها عدداً كبيراً من المتفرجين، وسياراتها قريبة بالشكل من السيارات الرياضية لكن مع مواصفات أقوى وسرعة أكبر وتجهيزات خاصة، وتعمل بوساطة محرك كبير مؤلف من 8أسطوانات يعمل بالخوالط التقليدية للوقود، وقواعد هذا المحرك مصنوعة من الحديد، ومؤسس هذه البطولة بيل فرانس Bill France. كما يعتقد أن أهم شيء في هذا السباق هم المشاهدون، ولذلك يُرى غزارة برنامجها الذي يتضمن سنوياً أكثر من 35جائزة. وقد ضغط المنظمون الأمريكيون على الاتحاد الدولي للسيارات باستمرار لاعتماد هذه السباقات ضمن السباقات الدولية المعترف بها واستجاب الاتحاد الدولي لذلك مؤخراً.
بطولات سباقات السيارات الأوربية
لهذه السباقات أقسام عدة مثل بطولة الـ دي تي إم DTM وتعني بطولة السيارات السوبر سياحية، وا«لـ إل إم إي إس» LMES وتعني بطولة أوربا لسباقات التحمل، و«إي تي سي سي» ETCC وتعني بطولة أوربا للسيارات السياحية. وتشارك في كل سباق عدة فئات. وأشهر هذه السباقات على الإطلاق سباق 24ساعة في لومان الذي انطلق عام 1923 ومازال ينظم حتى اليوم، ويتميز هذا السباق بالهالة الأسطورية المحيطة به، فهو مازال محتفظاً بطابعه وتفاصيله وساعاته الأربع والعشرين، إذ يبدأ في الرابعة عصراً وينتهي في الرابعة عصراً من اليوم التالي، وتشارك فيه على غرار سباقات التحمل الأخرى، مجموعة من الفئات أي ليس بالضرورة أن يكون لجميع السيارات الشكل نفسه لهياكلها الخارجية، وتوزع النقاط في النهاية على السبعة الأوائل كما يلي:10ـ6ـ5ـ4ـ3ـ2ـ1.
الفورمولا 3000
قريبة جداً من الفورملا واحد، وغالباً ما تشكل الجسر الذي يعبر خلاله السائقون إلى منافساتها، وكادت أن تتلاشى هذا العام (قبل أن تطفئ شمعتها العشرين) في خضم البطولات الأوربية. ويبدو أن العصر الذهبي لها قد ولّى والأيام التي نافست فيه بطولة الفورملا واحد (عام 1999) أضحت ذكريات من الماضي، ومرد ذلك غياب الممولين الذين فضلوا التوجه إلى الفورمولا واحد، وتراجع الاهتمام الإعلامي بها، إضافة إلى نشوء بطولات أخرى مثل فورمولا نيسان وفورمولا رينو، وتوجه السائقين إليها بغية إبراز مواهبهم ويبدو أن البطولة تسير في طريق مظلم. سياراتها تشبه سيارات الفورملا واحد مع ملاحظة أن السرعة فيه تبلغ 230كم/سا في حين تزيد على 300كم/سا في الفورملا واحد.
الفورمولا واحد
تعد الفورمولا واحد قمة الهرم في رياضة السيارات الآلية، والمرحلة الأبرز والأرقى من مراحل القيادة، لأن الجلوس خلف مقود سيارات الغران بري (سباقات الجائزة الكبرى) يحتاج إلى مهارات استثنائية وحواس فائقة النشاط وتركيز هائل يبلغ أقصى الحدود، إذ تحظى هذه الرياضة باهتمام إعلامي كبير. ويعد تنظيم جائزة كبرى الحدث العالمي الأضخم بعد نهائيات كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الأولمبية. والجائزة الكبرى مكونة من عدة سباقات عالمية معتمدة يشارك فيها المتسابقون ويفوز من أحرز أكبر عدد من المسابقات سنوياً، أو من يفوز ببطولة بذاتها يطلق عليها هذه التسمية.
انطلقت هذه البطولة عام 1950 ومنذ ذلك الوقت وهي تنظم سنوياً من دون انقطاع، وتعاقب على الفوز بلقبها 27سائقاً في مقدمتهم مايكل شوماخر (6)مرات. أما صانعو السيارات فقد حظي (12)فريقاً منهم بلقب البطولة أكثرهم فريق فيراري (13مرة). ومع تطور البطولة عاماً بعد عام تطورت السيارات المشاركة وتطورت الأمور التقانية المتعلقة بالهيكل والمقاومة والمحركات والوقود، إضافة إلى تفعيل عوامل السلامة، إذ انخفض وزن السيارة إلى النصف تقريباً وتضاعفت قوة المحركات وعزوم دوراتها. فسيارة الفورملا واحد هي السيارة الأكثر نشاطاً في العالم، محركها يتكون من 10أسطوانات على شكل V ويمكن أن تبلغ سرعة دورانه 1800د/د وبقوة تزيد على 850حصاناً، علماً أن الوزن العام للسيارة يبلغ 600كغ. كما أنها مزودة بمكابح مصنوعة من مادة الكربون الأمر الذي أكسب هذه السيارة تجاوباً أكبر في السباق. وبالمقارنة بين سيارة فورملا واحد وسيارة تشامب فإن فارق سرعة الانعطاف يزيد خمس ثوان لمصلحة الأولى، إضافة إلى كل هذه الأمور يأتي دور الإطارات وغالباً ما يكون حاسماً في تحقيق الفوز. وتبلغ سرعة سيارة الفورملا واحد في خلال انطلاقها في مدة 2،2ثانية مئة كلم، ومن التوقف لسرعة 200كم في أقل من 5ثوان، كما يمكنها التوقف في أثناء السير بسرعة 200كم في أقل من ثانيتين وعلى مسافة 55متراً.
يتألف الموسم من عدة جولات وتوزع النقاط على الفائزين الثمانية الأوائل في كل جائزة وفق الترتيب التالي: 1ـ2ـ3ـ4ـ5ـ6ـ8ـ10. وفي ختام الموسم فإن السائق الذي يجمع أكبر عدد من النقاط يتوج بطلاً للعالم في الفورملا واحد كما تجمع النقاط التي يحرزها الفريق في كل جائزة (مجموع نقاط سائقيه) ويتوج الفائز بطلاً للعالم في فئة الصانعين، إذ يشارك الفريق في كل سباق بسيارتين فقط.
سباق البحرين الدولي
في 11 تموز عام 2001 وقعت حكومة مملكة البحرين مع شركة تيلكة الألمانية اتفاقية يتم بموجبها تصميم وإنشاء حلبة دولية لسباقات السيارات وفق أحدث المواصفات العالمية، وطبقاً لشروط الاتحاد الدولي لسباق السيارات، وتم توقيع عقد طويل الأجل مع الشركة المنظمة لسباقات الفورمولا واحد في العالم يتم بموجبه استضافة إحدى جولات بطولات العالم ابتداءً من عام 2002، وبوشر ببناء حلبة السباق يوم 7 تشرين الثاني عام 2002 لتحقيق الحلم العربي بمشاهدة سيارات الغران بري على أرض عربية.
تقع هذه الحلبة جنوبي البلاد في منطقة الصخير، وتبعد 30 دقيقة عن المطار، وضعت تصاميمها بحيث تأخذ بالحسبان الرياح والغبار صفةً ملازمة للصحراء. وفي 17 آذار عام 2004 افتتحت أفضل حلبة في العالم للفورمولا واحد واستضافت يوم 4 نيسان المرحلة الثالثة من بطولة العالم لتكون أول جائزة كبرى تقام في منطقة الشرق الأوسط وليفوز بها بطل العالم ست مرات الألماني مايكل شوماخر سائق فريق فيراري.
طول الحلبة 5417كم.
عدد لفات السباق 57لفة.
المسافة الإجمالية للسباق 769.308كم.
عدد المشاهدين 40000مشاهد.
أسرع لفة خلال السباق 1.30.252دقيقة باسم الألماني مايكل شوماخر وقد بلغت كلفة إقامة هذه الحلبة 150 مليون دولار أمريكي واستمر العمل فيها 485يوماً وتم تشييدها على أرض مساحتها مليون وسبعمائة ألف كم مربع حسب المواصفات التالية:
ـ خمس حلبات مختلفة:
حلبة داخلية: 2.55كم وعرضها يراوح بين 13ـ15متراً وتشمل ثمانية منعطفات.
حلبة خارجية: طولها 3.664كم وعرضها يراوح 13ـ17متراً وتشمل عشرة منعطفات.
حلبة الجائزة الكبرى: طولها 5.411كم وعرضها يتراوح بين 14ـ22كم.
حلبة طولها 1.2كم وعرضها 18.5كم.
حلبة بيضاوية للتجارب طولها 2.5كم.
وقد روعي في التصاميم الهندسية إضفاء الطابع البحريني وفنون الهندسة المعمارية العربية على الحلبة التي استوحيت من أشكال الخيم الصحراوية.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث