يشمل النقل الجوي air transportation كل المناشط البشرية التي تعمل في مجال نقل الركاب والحمولات جواً، بما فيها تصميم المطارات وعملياتها، وتنظيم الحركة الجوية، وعمليات طائرات الركاب والشحن، ويخضع لقوانين وتنظيمات وتشريعات دولية تشرف عليها منظمات متخصصة. وكان العبء الأكبر من حركة النقل الجوي، منذ وجوده، يقع على عاتق طائرات الخطوط الجوية المبرمجة، ولكن بدءاً من ستينات القرن العشرين نشط نوعان آخران من النقل الجوي هما: النقل الجوي غير المبرمج أو المؤجر chartered، والنقل الجوي الخاص أو طيران رجال الأعمال، واتسع مجالهما كثيراً.
لمحة تاريخية
يبدو أن النجاح الذي تحقق في مجال النقل الجوي، حتى غدا السمة الرئيسية في العصر الحديث، كان في الأصل ظاهرة غير محسوبة. ومع أن مفهوم الطيران يعود إلى قرون عديدة سبقت، كمحاولات عباس بن فرناس الطيران بجناحين، والتصاميم التي وضعها ليوناردو دافنشي لآلات تطير، فقد تمت أول محاولة تحليق ناجحة عام 1783 باستخدام منطاد[ر] من الحرير ملئ بالهواء الساخن، وربطت به سلة كبيرة حملت خروفاً وديكاً وبطةً. وقد ارتقى هذا المنطاد إلى ارتفاع نحو 2000م، وقطع مسافة كيلومتر ونصف. ولكن الطيران العملي بمنطاد تم في أثناء حصار باريس في الحرب البروسية - الفرنسية (1870-1871)، حيث استخدمت المناطيد لإرسال المراسلين إلى وراء خطوط العدو. ويمكن القول إن جورج كيلي هو أبو الطيران لنظرياته حول ديناميك الهواء والطيران الشراعي ودراساته لتطوير نظرية الجناح وتصميماته. وقد تطلب الانتقال من الدراسات النظرية إلى التطبيق في مجال الطيران فترةً زمنيةً طويلةً، جرت في أثنائها محاولات طيران كثيرة وصممت أشكال مختلفة من الآلات الطائرة نجح قليل منها وأخفق أكثرها. ولم يتمكن الإنسان من الطيران عمليا حتى عام 1903 على يد الأخوين رايت [ر: الطيران (تاريخ ـ)]. كذلك استخدم الكونت فرديناند فون زيبلي Ferdinand von Zeppelin محركات احتراق داخلي لتوجيه سفينة الهواء التي صممها والتحكم بحركتها فكان أول منطاد موجه dirigible، أو سفينة هواء airship [ر: المناطيد وصناعتها]. وقد قام أسطوله من سفن الهواء بمئات الرحلات التجارية في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الأولى وبعدها. ومن بينها سفينة هواء سافرت 217كم من بادن بادن إلى ڤيينا بسرعة 87كم في الساعة. وكانت هذه السفن تملأ بالهدروجين ثم صارت تملأ بالهليوم بعد الحرب الأولى. ولما كان الهليوم نادراً وكبير التكلفة فقد أُبقيّ على الهدروجين رغم خطورته وقابليته الشديدة للاحتراق. وبعد احتراق سفينة الهواء الفاخرة هندنبرغ من طراز زيبلين عام 1937 في أثناء هبوطها عند ليكهورست Lakehurst في ضواحي نيوجرسي ومقتل معظم ركابها انتهى عصر هذه السفن.
أصبحت الطائرة وسيلة النقل الجوي الأساسية بعد سفينة الهواء بمدة؛ لأنها أثقل من الهواء وتحتاج إلى قوة محركة. واستخدمت الطائرات في أثناء الحرب العالمية الأولى في أعمال الاستطلاع والرصد ولقصف الأهداف بالقنابل. وقد مهدت تلك الحرب الطريق للقيام برحلات جوية تجارية بعدها. فقد وجد طياروا الحرب المهرة أنفسهم بلا عمل وراحوا يبحثون عن مورد رزق لهم بالقيام بالاستعراضات الجوية ونقل البريد جواً. وحولت الطائرات ذوات المحركين إلى طائرات ركاب، بدأت تقوم برحلات تجارية قصيرة في أوربا بدءاً من عام 1919، وسجلت رحلات نقل تجارية غير منتظمة في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوڤييتي والهند. وبرزت فكرة تنظيم عمليات النقل جوي وفق جدول زمني محدد.
بدايات الخطوط الجوية
في عام 1919 بدأت في أوربا رحلات يومية منتظمة على ثلاثة خطوط: برلين - ڤايمار Weimar، وباريس - بروكسل، ولندن - باريس. وسرعان ما تم التوسع بهذه الخطوط واعتبرت تجربة ناجحة لفتح خطوط جوية غيرها محلية ودولية. وقد حلت المشاكل الاقتصادية النابعة عن النقل الجوي بالتدريج وبأساليب مختلفة في الدول المختلفة. وتركزت الجهود في عشرينات القرن العشرين على إنتاج طائرات نقل اقتصادية في عملها، ومضمونة وآمنة ومغرية ومريحة للركاب. ومع أن الإمكانات كانت محدودة ولا يزيد عدد مقاعد الطائرة على 15 راكب، وكانت الطائرات تحتاج إلى إعادة تزويد بالوقود في محطة متوسطة حين يتجاوز طول الرحلة 500 -650كم. فقد شجع نجاح تشارلز ليندبرغ[ر] في عبور الأطلسي بطائرته منفرداً عام 1927 أنصار الطيران على تطوير النقل الجوي التجاري. ومع بدايات ثلاثينات القرن العشرين كانت التقنيات الضرورية للمحرك والمروحة والهيكل والجنيحات المتحركة والعجلات القابلة للطي قد بلغت الحد الأدنى من المستوى المطلوب. وبدأت تتوافر لدى كل من فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا طائرات تتسع لـ 30-40 راكب وشبكة عالمية من الخدمات الجوية.
بدأت الخطوط الجوية لعموم أمريكا Pan American Aierlines بتسيير طائراتها من فلوريدا إلى هاڤانا في عام 1927، في حين افتتحت شركة عبر العالم Trans World عام 1930 خطاً جوياً لنقل الركاب عبر الولايات المتحدة في يومين. وتركز النقل الجوي في الولايات المتحدة على الخطوط الداخلية في بادئ الأمر. ومن أجل ذلك تم إنتاج طائرة الركاب دي سي3 DC3 Douglas الذائعة الصيت قبل الحرب ، وقد طارت بين نيويورك ولوس أنجلس في 24 ساعة (18 ساعة طيران) مع توقف في 3-4 محطات. وفي الفترة بين 1935-1939 بدأت طائرات الركاب تعبر المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي على التوالي في رحلات منتظمة. أما في أوربا فقد شجعت الامبراطوريات الاستعمارية - بريطانيا العظمى وفرنسا، وكذلك ألمانيا وإيطاليا الطامحتين إلى التوسع - القيام برحلات بعيدة المدى إلى ما وراء البحار. ودشنت بريطانيا خدماتها بطائرة عرفت باسم «السفينة الطائرة» flying- boat على الخطوط الداخلية . في حين أنشأ الاتحاد السوڤييتي خطوطاً جوية بعيدة المدى تربط موسكو بالمناطق النائية. ونظمت الخطوط الجوية الامبراطورية The Imperial Airways رحلاتها إلى كيب تاون (جنوب إفريقيا) بحيث تألفت من ثلاثة خطوط برية هي: لندن - باريس (يتخلله عبور قنال المانش بالعبارة)، والقاهرة - الخرطوم، وكيسومو Kisumu - كيب تاون، وخطين جويين للسفينة الطائرة هما: بريندزي - الإسكندرية، والخرطوم - كيسومو، إضافة إلى خطين على السكة الحديد هما: باريس - برنديزي، والاسكندرية - القاهرة.
النقل الجوي في الحرب العالمية الثانية وبعدها
قبل نشوب الحرب العالمية الثانية كانت قد بدأت محاولات للنقل الجوي البعيد المدى، فنُظّمت في شهر آب عام 1939 خدمة بريد جوي بين المملكة المتحدة وأمريكا الشمالية من دون توقف مع إعادة تزويد بالوقود في الجو من طائرات صهريج متمركزة في إيرلندا ونيوفاوندلند. وتولت الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار BOAC تسييرها. وفي أثناء الحرب برز عنصر جديد غيَّر طبيعة الأعمال القتالية، وتمثّل في نقل القوات المقاتلة والمعدات الحربية جواً إلى ميادين القتال وحمل القنابل المعدة للقصف الجوي (بما فيها القنبلة الذرية). وبسبب دخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا عام 1940 توقفت عمليات النقل الجوي التجاري بين أوربا والشرق الأقصى، غير أنها سرعان ما استؤنفت بفضل الخط الجوي الذي عرف باسم حدوة الحصان horseshoe route والذي ربط 16 بلداً، بدءاً من دربن Durben وحتى جنوبي إفريقيا ثم سيدني Sydney في أستراليا، ومروراً بالقاهرة والخرطوم وكراتشي وبانكوك وسنغافورة. ومع انتهاء الحرب عام 1945 كانت طائرات النقل العسكرية تغطي العالم، وكانت السفن الطائرة تؤلف العمود الفقري منها
تعد الحرب الباردة الحافز الأكبر في تنشيط الطيران التجاري واتساع حجمه ومجاله خارج ميادين القتال. ففي حين كانت الدول الأوربية، في سعيها لتلبية احتياجات الحرب، تركز اهتمامها على إنتاج الطائرات الحربية؛ أولت الولايات المتحدة الأمريكية اهتمامها إلى تطوير طائرات الشحن والركاب وتجهيزها بما يناسب احتياجات الحرب. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ازداد الطلب على الطيران التجاري في العالم وبرزت أمريكا الدولة الرائدة في إنتاج هذا النوع من الطائرات، فحولت الفائض من طائرات النقل العسكرية إلى طائرات مدنية. ودخلت الخدمة لدى شركتي ترانس كونتيننتال (عبر القارة) Transcontinental وويسترن Western air (تعرف اليوم باسم عبر العالم Trans World Airlines TWA) طائرات جديدة بأربعة محركات من طراز دي سي 4 ولوكهيد Lockheed 049 وسيرتها على خطوطها في القارة . في حين سيطرت شركتا خطوط شمالي الأطلسي North Atlantic والخطوط الأمريكية عبر البحار American overseas Aielinines (صار اسمها فيما بعد بان أمريكان Pan American World Airways) على الخطوط الدولية وأفلست في عام 1991. وفي غضون 15 شهراً من حصار برلين (1948-1949) نجح جسر جوي air lift من طائرات النقل في تزويد العاصمة الألمانية على مدار الساعة بأكثر من مليوني طن من المؤن و الوقود والمعدات ومواد البناء، مع العلم أنه لم تكن هناك طريقة أخرى بديلة.
وبموجب الخبرة التي تم اكتسابها في الحرب وما بعدها توصلت الدول الكبرى إلى تطوير طائراتها وتحسين سرعاتها وأمديتها وحجومها. ففي الخمسينات أخذت طائرات الركاب دي سي 6 ودي سي 7 ولوكهيد سوبر كنستاليشن تحل محل سابقاتها. ومع حلول العام 1970 كانت أمريكا قد احتلت ست مراتب من المراتب السبع الأولى في الطيران المدني، واحتلت الخطوط الجوية السوڤييتية «إيروفلوت» Aeroflot المرتبة الثانية منها. وكانت بريطانيا قد احتلت المرتبة الأولى في صناعة الطيران المدني في أوربا. وبعد تأسيس شركة الخطوط الجوية البريطانية الأوربية British European Airways corporation BEA عام 1946، شغلت المرتبة الثامنة بين شركات الخطوط الجوية العالمية، وتلتها في الترتيب شركة إيرفرانس Air France الفرنسية، ومن ثم الخطوط الجوية الاسكندناڤية SAS التي بدأت نشاطها أيضا سنة 1946، وتألفت من اتحاد شركات طيران السويد والنروج والدنمارك.
المحركات العنفية
في الخمسينات من القرن العشرين ظهرت أول طائرة ركاب بمحركات عنفية (توربينية) هي الطائرة فيكرز فيسكونت Vickers Viscount ودخلت الخدمة لدى الخطوط البريطانية والفرنسية وغيرها، وحققت سرعات قياسية في تلك الحقبة، ووفرت إمكانية القيام برحلات اقتصادية طويلة من دون توقف. وفي المقابل أنتجت أمريكا الطائرة لوكهيد إلكترا ذات المحركات التوربينية، غير أنها جاءت متأخرة، لأن الصناعة بدأت في أواخر الخمسينات تتحول إلى إنتاج الطائرات النفاثة التي كانت قد اجتازت مرحلتها التجريبية منذ العام 1952. وطارت أول طائرات الركاب النفاثة كوميت 1 Comet 1 في الخطوط الفرنسية غير أنها سحبت لخلل في هيكلها لتحل محلها الطائرة كوميت 4 من إنتاج دي هافيلند De Havilland
الطيران النفاث
وفي أواخر عام 1955 طلبت شركة بان أمريكان شراء 20 طائرة بوينغ 707 النفاثة و25 طائرة دي سي 8. وكان هذا الطلب فاتحة الإقبال على الطائرات النفاثة الكبيرة في العالم. وأنتج الاتحاد السوڤييتي طائرة توبوليف تو-104 Tupolev TU-104 التي كان لها أثر كبير في تطوير الطيران التجاري عبر جمهوريات الاتحاد السوڤييتي السابق (الشكل 8 Tu 154). وفي غضون الستينات من القرن العشرين كانت معظم الخطوط الجوية في العالم تستخدم بوينغ 707 أو دوغلاس دي سي 8 للمسافات البعيدة. في حين اختصت فرنسا بإنتاج الطائرة النفاثة كاراڤيل Caravelle للمسافات القصيرة نسبياً والخطوط الداخلية، وزاحمتها الطائرة كوميت 4 ب. وفي الحقبة نفسها تم تطوير معظم النماذج السابقة فأنتجت الطائرة بوينغ 720 و727 بثلاثة محركات ، وحاولت الشركات البريطانية مزاحمتها فأنتجت فيكرز في سي 10 ودي هافيلند وترايدنت Trident غير أنها لم تلق رواجاً خارح بريطانيا. كذلك شهدت الستينات رواج طائرات الركاب النفاثة بمحركين للمسافات القصيرة والرحلات اليومية.
وهكذا كانت السرعة والحجم والأمان العوامل الثلاثة الأساسية في تطور طائرات الركاب والشحن. فقد كانت سرعة لندبرغ عند عبور الأطلسي 172كم في الساعة، في حين بلغت سرعة الطائرة النفاثة الحربية في الستينات 940كم في الساعة من دون حمولة، وتجاوزت طائرة الركاب الكونكورد سرعة الصوت ، وكانت سرعتها المتوسطة لدى عبورها المحيط الأطلسي 1545كم/سا، وفي إمكانها تحقيق سرعة 2 ماك، أي 2124كم/سا في سقف طيرانها.
اعتباراً من أواسط سبعينات القرن العشرين عززت شركة بوينغ مكانتها الرائدة في إنتاج طائرات الركاب والشحن، والطائرات النفاثة العملاقة jumbo jet ، على الرغم من وجود كثير من الشركات المزاحمة، ولاسيما الطائرات الأوربية من نوع إير باص Airbus ، والروسية من طراز توبوليف. ويحتل نقل الركاب اليوم الأفضلية الأولى وليس الشحن. وتتسع طائرات الركاب فوق الصوتية لمئة راكب، أما طائرات الركاب العملاقة التي لا تزيد سرعتها على سرعة الصوت فيمكنها حمل 560 راكب في راحة تامة. وقد تفوقت الطائرات منذ خمسينات القرن العشرين على السفن في نقل الركاب عبر المحيطات. وفي الستينات تجاوز إجمالي عدد الركاب المنقولين جواً سنويا 500 مليون راكب. ويحتل نقل الركاب جواً اليوم المرتبة الأولى في النقل بين المدن في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بعض الدول الأخرى. أما في باقي أنحاء العالم فما تزال السكك الحديدية تحتل مرتبة الصدارة. وأما نقل الحمولات فما يزال يعتمد بالدرجة الأولى على الطرق البرية والطرق المائية الداخلية أو عبر أنابيب النقل سواء في الولايات المتحدة أو غيرها.
أنواع النقل الجوي الأخرى
لم يقتصر النقل الجوي كله على طائرات الخطوط الجوية وطائرات الشحن. فهناك أيضاً التكسي الجوي للنقل الداخلي، وما يزيد على 100000 طائرة خاصة أو مأجورة تجوب أرجاء السماء من دون جداول توقيت محددة. ومنذ عام 1952 درج استخدام الطائرات المؤجرة في رحلات غير مجدولة لنقل السياح والحجاج وغيرهم في المواسم، أو لنقل الحمولات والبريد العاجل أو رجال الأعمال (الشكل 15 الطائرة cessna c). وفي عام 1969 بلغ عدد الركاب المنقولين برحلات غير نظامية (مأجورة) بين أوربا ودول البحر المتوسط 10 ملايين راكب.
وتزداد الحوامات[ر] helicopter أهميةً يوماً بعد يوم، وهي مركبة أثقل من الهواء ولها جناح دوار يمكِّنُها من الارتقاء عمودياً والتحويم والطيران أفقياً مثل الطائرة العادية. ومع أن الحوامة محدودة الحمولة والمدى فهي تمتاز بكونها لا تحتاج إلى مهبط معبد، كما تمتاز بمرونة مناورتها وتنوع استخداماتها. وقد برهنت على فوائدها في عمليات الإسعاف والإنقاذ، وفي نقل الحمولات والركاب إلى مسافات قصيرة، وإلى أماكن لا يمكن بلوغها بوسائل أخرى
القواعد الناظمة للنقل الجوي
كان النمو الإجمالي للنقل الجوي مذهلاً في العالم كله ابتداء من خمسينات القرن العشرين، مع ازدياد مستمر في عدد الطائرات وسرعاتها وسِعاتها. وقد استمر الميل إلى زيادة حجوم الطائرات إلى يومنا هذا. ومن أهم المشكلات التي يعانيها النقل الجوي اليوم الازدحام المزمن، إلى درجة التأزم أحيانا، في كل المطارات الرئيسية في العالم تقريباً. وقد بلغت مساحات بعض المطارات نحو 5000 هكتار كما في نيويورك وباريس ولندن وشيكاغو ودبي وغيرها. ومن المشاكل المعقدة الأخرى تنقل الركاب وحركة الحمولات داخل المطارات، والضجيج الناتج عن تحليق الطائرات بالقرب من المدن الكبرى
وقد برزت الحاجة إلى منظمات دولية ووطنية محلية على درجة عالية من الفاعلية في النقل الجوي بسبب المشكلات التي نجمت عن حقوق الحركة الجوية الدولية وحرية المرور والأمن الجوي والصحة والتلوث والمنافسة التجارية. وجرت معالجة بعض هذه المشكلات بعد الحرب العالمية الأولى، غير أنها لم تصل إلى درجة مرضية وشاملة إلا بعد توسع الطيران التجاري الهائل في أعقاب الحرب الثانية. فقد تألفت في تلك المرحلة منظمتان نموذجيتان للنقل الجوي يناء على المقررات التي اتخذت في مؤتمرين دوليين: الأول في برمودا (1944) والثاني في شيكاغو (1945). وقد نص مؤتمر شيكاغوعلى تنظيم حركة وسائط النقل الجوي على خطوط محددة وتشكيل المنظمة الدولية للطيران المدني International Civil Aviation Organization (ICAO)n، وما تزال هذه المنظمة فاعلة إلى اليوم، وتعتبر وكالة الطيران المتخصصة التابعة للأمم المتحدة. أما مؤتمر برمودا فأقر اتفاقية ثنائية بين بريطانيا والولايات المتحدة حول ضبط التعرفة والرسوم بين الحكومات بموافقة الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) International Air transport Association (IATA)n، وهو اتحاد خاص تألف من شركات النقل الجوي الرئيسية في العالم. وقد ساعدت مؤتمرات إياتا حول حركة الطائرات والتمويل وتقنيات الطيران في حل مشكلات كثيرة، وتطوير صناعة النقل الجوي. وتجاوز عدد أعضاء الاتحاد في أواخر القرن العشرين مئة وعشرين شركة. ومع انصرام القرن العشرين كان العالم قد توصل إلى مجموعة كبيرة من الضوابط المتعلقة بالنقل الجوي على المستوى الدولي بالاعتماد على اتفاقيات ثنائية بين الحكومات بالدرجة الأولى حول التعرفة والرسوم والحركة الجوية وحقوق الطيران في المجالات الجوية، وعلى القواعد الدولية التي تنصح بها المنظمة الدولية للطيران المدني و أنظمة الملاحة الجوية الوطنية، والاتفاقيات المعقودة بين شركات الخطوط الجوية الدولية. وكلها تسعى إلى ضبط عمليات الخدمات الجوية على مستوى العالم.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث