الحديد معدن صلب رمزه Fe (من اسمه اللاتيني ferrum)، لونه بين الفضي والرصاصي، لماع، جيد القابلية للتشكيل، رقمه الذري 26 ووزنه الذري 55.85 أما وزنه النوعي فهو 7.86، درجة انصهاره1540 ْم ودرجة غليانه 3250 ْم، وهو أهم المعادن على الإطلاق وأكثرها نفعاً للبشرية، إلا أنه لايستخدم بشكله النقي إلا في الأغراض المخبرية والبحثية.
الحديد بلوري القوام إذ يتبلور عند تجمده، بحيث تنتظم ذراته على شكل مكعب متمركز حجميا،ً ويسمى بحديد دلتا (δ)، ويتحول عند تبريده إلى نحو1410 ْم إلى الشكل المكعب المتمركز وجهيا،ً ويسمى بحديد غاما (γ)، الذي لا يلبث أن يعود عند وصول درجة الحرارة إلى 910 ْم ويتحول من جديد إلى المكعب المتمركز حجمياً ليسمى بحديد ألفا (α)، ويبقى محافظاً على شكله هذا في درجات الحرارة الأدنى
إن بداية تصنيع الحديد المستخلص من فلزاته واستخدامه في بعض الأغراض لا تزال مجهولة، ويعتقد بأنها تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
إن أقدم القطع الحديدية المكتشفة من تلك الحقبة هي التي عثر عليها بين حجارة الهرم الأكبر في مصر، وبعض ما خلّفه الحثيون من الخواتم والحلي المصنوعة من الحديد الصب. وعلى الرغم من عدم معرفة ما إذا كانت هذه القطع مصنّعة من بقايا النيازك، أو من الحديد المستخلص من الفلزات، إلا أن هذا لايعني أن صناعة الحديد تعود فقط إلى نحو 5000 سنة قبل الميلاد، بل يمكن أن تعود إلى قبل هذا التاريخ ، إذ إن الحديد يتأكسد بسهولة، وأكسيد الحديد يذوب بسهولة أيضاً في الماء الحاوي على غاز الفحم أو بعض الحموض، لذلك فإن أي قطعة من الحديد في تربة رطبة، تذوب مع الزمن بحيث لايبقى لها أي أثر.
إن حلول الأدوات الحديدية محل الأدوات البرونزية، واستخدام الإنسان للحديد في صنع أدواته وأسلحة صيده على نطاق واسع لم يتم إلا عندما أصبح ملمّاً بكيفية استخلاص الحديد من فلزاته، وصار يبني لهذا الغرض الأفران الخاصة، مع بداية ما يسمى تاريخياً بعصر الحديد، الذي تعد بدايته نحو عام 1200 قبل الميلاد، وما زال مستمراً حتى اليوم.
يعتقد أن بداية عصر الحديد كانت على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط، إذ إن أقدم ما عُثر عليه من أفران لتعدين الحديد كانت في بلاد الشام، ويعود تاريخها إلى نحو 1300 سنة قبل الميلاد، واشتهرت دمشق بصناعة السيوف القاطعة في عصر الحضارة العربية الإسلامية. واكتشفت أفران في أعالي النمسا، يعود عمرها إلى السنوات الأولى للميلاد، وهي تشبه تلك المتبقية من القرن الثاني عشر الميلادي في قرية مارينتال (ألمانيا)، والمشابهة لتلك المكتشفة في شمال الكميرون والتي لايزال الكميرونيون يستخدمون مثيلاتها حتى اليوم. (الشكلان 2و3)
بدأ التطور الكبير لصناعة الحديد في منتصف القرن التاسع عشر لسببين: الأول هو البدء باستخدام الهواء المسخن بدلاً من الهواء الطبيعي في النفخ، والثاني هو تطور صناعة الفولاذ، الأمر الذي فتح مجالات واسعة أمام استخدام المنتجات الحديدية في الصناعات المتوسطة والثقيلة، مما زاد الطلب على الحديد الخام، والفولاذ، إضافة إلى صناعة السبائك، وهناك في الوقت الحاضر أفران عالية يصل إنتاجها إلى 6000 طن من الحديد الخام في 24 ساعة.
وجود الحديد في الطبيعة وأهم فلزاته
يعد الحديد ثاني المعادن بعد الألمنيوم في القشرة الأرضية، ورابع العناصر بعد الأوكسجين والسيليسيوم والألمنيوم ، ويؤلف نحو 5% من وزن القشرة الأرضية ونحو 37% من كتلة الكرة الأرضية، ومع ذلك فهو لا يوجد بشكله الحر في الطبيعة إلا نادراً في بعض الرسوبيات والصخور البازلتية ومخلّفات النيازك. أما وجوده الأعظمي فهو على شكل مركبات أكسيدية أو سولفيدية ممزوجة بكثير من المركبات الأخرى مثل السيليكات والكربونات وغيرها، ويوجد في عشرات بل مئات الفلزات والأتربة المختلفة، إلا أن تعدينه بشكل اقتصادي لا يتم إلا من عدد محدود من فلزاته أهمها:
الهيماتيت hematite أو فلز الحديد الأحمر، ويتكون بشكل رئيسي من أكسيد الحديد الثلاثي (Fe2O3) وغالباً ما تحتوي هذه الفلزات على نسبة من الحديد تراوح بين 50 و60%.
المغناتيت magnetite أو فلز الحديد المغنطيسي، ويوجد الحديد فيه على شكل أكسيد رباعي (Fe3O4) أي (Fe2O3.FeO) مشكلاً نسبة تراوح بين 50 و65% ، ويمكن استخدام الفلزات التي لا تتجاوز نسبة الحديد فيها 15%، وذلك لسهولة تكثيفها بطريقة الفصل المغناطيسي.
الليمونيت limonite أو أكسيد الحديد المائي(Fe2O3. 3H2O) ، نسبة الحديد في هذه الفلزات تراوح بين 25 و50% وغالباً ما تحتوي على نسبة من الفوسفور تصل أحياناً إلى 1.5%، وهي أكثر فلزات الحديد وجوداً إلا أنها أكثرها صعوبة في التكثيف.
السيداريت siderite أو كربونات الحديد (FeCO3) نسبة الفحم في هذه الفلزات تراوح بين 20 و40% ولا بد من تكثيفها قبل استخدامها.
وهناك كثير من الفلزات والخامات التي تحتوي على نسب عالية من الحديد مثل البوكسيت والبيريت والكروميت وغيرها، إلا أنها لاتعد من فلزات الحديد بل تستخرج منها العناصر الأخرى مثل الألمنيوم والكبريت والكروم وغيرها.
استخلاص (تعدين) الحديد
يستخلص الحديد من فلزاته وخاماته المكثفة بطريقة تسمى التعدين الحراري أو المتالورجيا الحرارية pyro-metallurgy التي تعتمد على استخدام الحرارة والغازات المرجعة. ففي درجة حرارة تراوح بين 700 ْ و 1100 ْم يتم اختزال الحديد من أكاسيده مثل الهيماتيت أو المغناتيت أو غيرها بوجود الغازات المرجعة في مجموعة من تفاعلات الإرجاع منها:
Fe2O3 + 3CO ® 2Fe + 3CO2
Fe2O3 + 3H2 ® 2Fe + 3H2O
ويتم الحديد من فلزاته على هذا النحو سواء في الفرن العالي المستخدم على نطاق واسع، أو فيما يسمى بطرق الاختزال المباشر (وهي الأقل استخداماً).
الفرن العاليblast furnace : الفرن العالي فرن طويل، يُقام شاقولياً ويتكون من ثلاثة أجزاء رئيسة هي: من الأسفل إلى الأعلى: أ- الحوض أو البوتقة، أسطواني الشكل، يتجمع فيه الحديد السائل والخبث، ب- المجمر وهو جزء مخروطي يتسع باتجاه الأعلى، يفصل بينه وبين الحوض مستوي نفخ الهواء المسخّن مسبقاً واللازم لعمل الفرن، ج- جذع الفرن وهو مخروط طويل يضيق باتجاه الأعلى لينتهي عند عنق الفرن حيث فتحات خروج الغازات ومخروط الشحن الناقوسي (الشكلان 4و5).
المواد الأولية التي تشحن في الفرن هي فلز الحديد وفحم الكوك والحجر الجيري (الكلس)، وتلقّم هذه المواد على دفعات كل على حدة وبالتسلسل لتشكل طبقات متتالية داخل الفرن، الذي يعمل باستمرار، حيث تنزلق الشحنة المكونة من هذه الطبقات من الأعلى باتجاه المجمر ليستغرق مرورها عبر الفرن زمناً يراوح بين 4 و6ساعات، متقاطعة في هذه الأثناء مع غازات الفرن الصاعدة إلى الأعلى في مدة لا تتعدى بضع ثوانٍ.
يحترق الجزء الأكبر من فحم الكوك في أسفل المجمر عند فتحات نفخ الهواء:
C + O2 ® CO2
وتنطلق كمية كبيرة من الحرارة ترفع درجة الحرارة في المنطقة التي تعلو مستوى النفخ مباشرة إلى 2000 ْم، مما يؤدي إلى انصهار الحديد المختزل والشوائب ومكونات الخبث، أما غاز الفحم الصاعد فيبدأ في القسم العلوي من المجمر بالتفاعل مع جزء من فحم الكوك:
C O2 + C ® 2CO
توازن هذا التفاعل ونسبة CO/CO2 تحددهما درجة الحرارة والضغط السائدان في كل جزء من أجزاء الفرن، وأكسيد الفحم الناتج هو الذي يؤدي الدور الرئيسي في اختزال الحديد من أكاسيده في الأجزاء التي تراوح درجة الحرارة فيها بين 700 ْو 1000 ْم فيما يسمى بتفاعلات الاختزال غير المباشر:
FeO+ CO ® Fe + CO2
كما يسهم الفحم مباشرة في عملية الاختزال في الأجزاء التي تزيد درجة الحرارة فيها عن 1000 ْم.
أما في الأجزاء العليا من الفرن حيث تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون700 ْم، فإن التفاعلات تكاد تصبح مقتصرة على تفكك الكربونات والمركبات الهشة إضافة إلى التسخين الأولي والتدريجي للشحنة.
عندما يبدأ الحديد المختزل بالإنصهار في أسفل المجمر يكون متلامساً مع فحم الكوك، مما يجعله يذيب نسبة من الفحم، وبوصول هذه النسبة إلى 4.3% تصل درجة حرارة انصهار الحديد إلى حدها الأدنى 1145 ْم، كما يذوب في الحديد المصهور الكثير من العناصر التي تختزل معه مثل المنغنيز Mn والسيليسيوم Si والفوسفور P وغيرها. كما يذوب فيه الكبريت الذي قد يوجد في الفلز أو في فحم الكوك المستخدم، ويعد الفوسفور والكبريت من أكثر العناصر إضراراً بخواص الحديد الخام وخواص الفولاذ المصنوع منه لاحقاً، لذلك يعمد إلى التخلص من أكبر نسبة ممكنة من هذين العنصرين وغيرهما من العناصر غير المرغوب بوجودها بالتحكم بكمية الهواء المنفوخ في الفرن، وبكمية ونوعية الخبث المتشكل في حوض الفرن.
إن الحديد الخام المنتج في الفرن العالي هو خلائط تحتوي إضافة إلى الحديد على كثير من العنـاصـر والـشوائب أهمها: المنغنيز (من 1.5إلى4%)، السيليسيوم (0.3-4%)، الكبريت (0.03-0.08%) الفوسفور (0.2-0.9%) وغيرها من الشوائب مثل النحاس والزرنيخ والنيكل.
وفيما عدا بعض الخلائط الخاصة التي يمكن أن تنتج في الفرن العالي مثل الفروسيليسيوم والفرومنغنيز وغيرها فإن غالبية ما ينتج في هذه الأفران هي خلائط الحديد الخام والتي يمكن تصنيفها في مجموعتين رئيسيتين: الأولى الخاصة بصناعة الفولاذ، والأخرى الخاصة بصناعة سبائك الحديد الصب. الاختلاف بينهما هو في نسب العناصر السبائكية والشوائب الموجودة في كل منهما، فمثلاً نسبة السيليسيوم في الأولى لايجوز أن تتجاوز 1.5% في حين يجب ألا تقل عن هذا الحد في الثانية، بل يمكن أن تصل حتى 4%.
الطرائق البديلة للفرن العالي (الاختزال المباشر للحديد): مايزال استخدام الفرن العالي الطريقة الأهم في صناعة الحديد الخام نظراً للإنتاجية الكبيرة لهذه الأفران، وانخفاض تكاليف الإنتاج، إلا أن هناك طرائق بديلة طورت في القرن الماضي، وبدأت تأخذ دورها في الاستخدام في بعض البلدان ، خصوصاً تلك التي يتوفر لديها فلز الحديد الجيد، ولكن لايتوفر الفحم الجيد والمناسب لإنتاج الكوك، وإنما تتوافر بدائل أخرى مثل الفحم الرخيص (المتدني النوعية) أو الغاز الطبيعي، مع عدم الحاجة لإنتاج كميات كبيرة من الحديد .
يتلخص مبدأ الطرائق البديلة هذه باختزال الحديد من فلزاته بتفاعل إرجاع مباشر بين الفلز والمواد المُرجعة وفي درجة حرارة أخفض من درجة انصهار الحديد، ليكون الناتج حديداً خاماً صلباً إسفنجيَّ القوام، يمكن استخدامه في تعدين المساحيق، أو في صناعة الفولاذ بصهره في الأفران الكهربائية. لذلك سميت بطرائق الاختزال المباشر التي يمكن حصرها بمجموعتين، الأولى تستخدم الوقود الصلب (الفحم) والأخرى تستخدم الوقود الغازي ليقوم بالاختزال وتوفير الطاقة الحرارية اللازمة.
1- الاختزال بالوقود الصلب: يمزج الفلز مع الفحم المتوافر سواء كان من الكوك أو الفحم الرخيص (الشكل-6)، ويسخن المزيج إلى درجة حرارة بين 1000 ْ و2100 ْ م حيث يتفاعل الفحم الصلب مع أكاسيد الحديد ليخلصها من الأكسجين في مجموعة من التفاعلات يمكن اختصارها بالتفاعل الآتي:
7Fe2O3 + 18C ®14Fe + 15CO +3CO2
وهذه التفاعلات مستهلكة للحرارة لذلك يعمد إلى حرق الغازات الناتجة من التفاعل لتأمين جزء من الحرارة اللازمة لسير التفاعل من جهة، ولتأمين درجة الحرارة المطلوبة من جهة أخرى ، ويؤمن الجزء الباقي من الحرارة باستخدام وقود إضافي.
2- الاختزال بالوقود الغازي: بدلاً من الفحم في الطرق السابقة يستخدم هنا أحد الغازات المشتقة من الغاز الطبيعي أو النفط أو حتى من الفحم الصلب. وفي كل الحالات فإن الغاز الخام يحول إلى مزيج من CO و H2 بالحرق الجزئي، أو باستخلاص الهدروجين منه (في الطرق التي تستخدم الهدروجين النقي)
يتميز استخدام الوسط الغازي من الوسط الصلب في عملية الاختزال بأن كمية الحرارة اللازمة هنا لسير تفاعلات الإرجاع صغيرة، إذ إن تفاعل أكسيد الفحم مع أكسيد الحديد تفاعل مطلق للحرارة، كما أن هذه التفاعلات تتم في درجة حرارة أخفض (نحو 900 ْم). لذلك فإن نسبة كبيرة من الغاز المستخدم تبقى من دون استهلاك، ليعاد استخدامها أو تستخدم في أغراض صناعية أخرى بعد تنقيتها من عاز الفحم وبخار الماء.
الحديد الصب
تطلق هذه التسمية على مجموعة كبيرة من خلائط الحديد التي تحوي على نسبة من الفحم تراوح بين 2 و4.5% من وزنها، ويتم تشكيل هذه الخلائط بإعادة صهرها ثم سكبها في قوالب لإعطائها الشكل النهائي لاستخدامها بشكل مباشر، أو بعد أن تجرى عليها بعض عمليات التشغيل كالخراطة والتثقيب وغيرها. وللحديد الصب أنواع عدة أهمها:
1- الحديد الصب الرمادي gray cast iron: تطلق هذه التسمية على مجموعة من خلائط الحديد والفحم التي ينفصل فيها الفحم في أثناء التجمد على شكل عروق أو صفائح من الغرافيت الحر من دون أن يرتبط مع الحديد على شكل كربيد الحديد، الأمر الذي يجعل لون مقطع هذه الخلائط رمادياً قاتماً. وما يحقق هذا الشكل من التجمد أو التبلور هو احتواء هذه الخلائط على نسب عالية من السيليسيوم وتوافر شروط التبريد البطئ في أثناء سكبها، ويتم إنتاج سبائك الحديد الصب الرمادي بإعادة صهر الحديد الخام مع بعض بقايا الحديد (الخردة) والذي غالباً ما يتم في أفران خاصة (الدست cupola) أسطوانية شاقولية، إذ تضاف بعض العناصر المعدنية لتحسين خواص هذه السبائك. تعد خلائط هذه المجموعة، على الرغم من وجود الغرافيت الصفائحي فيها، الذي يجعلها هشة وغير ملائمة لكثير من الأغراض، أكثر خلائط الحديد الصب استخداماً لانخفاض تكلفتها وسهولة صهرها وخواصها السكبية الجيدة، مما جعلها تلقى اهتماماً أكبر منذ بداية ستينات القرن العشرين. ومع تطور تقنيات التحكم بكثير من خواصها الكيميائية والفيزيائية والميكانيكية لجعلها ملائمة لعدد أكبر من الاحتياجات، فإن تطور تقنيات السباكة قللت من الحاجة إلى إخضاع بعضها لعمليات التشغيل اللاحقة التي تقلل من متانتها وتضعف من خواصها الميكانيكية.
2- الحديد الصب اللين أو ذو الغرافيت الكروي ductile, nodular, spheroidal graphite cast iron: تسميات مختلفة تطلق على هذه المجموعة التي هي بالأساس من خلائط الحديد الصب الرمادي، ولكن قبل سكبها يضاف إليها المغنزيوم أو السيريوم إضافة إلى السيليسيوم لجعل الفحم يتبلور على شكل كريات من الغرافيت بدلاً من الصفائح أو العروق في الخلائط السابقة، وبوجود الغرافيت على هذا الشكل تزول الهشاشة وتزداد المتانة وقابلية التشكيل مع احتفاظها بالخواص الأخرى للحديد الرمادي، مثل جودة التحمل لإجهادات الضغط وتخميد الاهتزازات وغيرها.
3- الحديد الصب الأبيض white cast iron: لكي ينفصل الفحم في الحديد الصب على شكل غرافيت، لابد أن تتوافر له بعض العوامل المساعدة مثل وجود نسبة مناسبة من السيليسيوم، والبطء في عملية التبريد في أثناء التجمد وغيرها. ويؤدي عدم توافر هذه العوامل إلى تبلور الفحم مرتبطاً بالحديد على شكل كربيد الحديد Fe3C والذي تسمى بنيته البلورية بالسمنتيت، وتصبح بنية الخليطة الصلبة مكونة من مزيج من النسج البلورية مثل البرليت والسمنتيت والليديبوريت، وكلها تحتوي على الفحم مرتبطاً بشكل السمنتيت ذي القساوة العالية مما يجعلها عالية القساوة وغير قابلة للتشغيل أو التشكيل حتى بعد تسخينها إلى درجات حرارة مرتفعة. غالباً ما يضاف إليها الكروم أو الكروم والنيكل عندما يراد استخدامها بالشكل الذي سكبت به في صنع قطع ذات مقاومة عالية للاحتكاك والتآكل.
4- الحديد الصب الطَّروق malleable cast iron: لاتكوّن هذه الخلائط مجموعة مستقلة بل هي خلائط الحديد الصب البيضاء ذاتها، ولكن تعالج حرارياً بعد سكبها بإعادة تسخينها إلى درجة حرارة مرتفعة، وإبقائها في هذه الدرجة فترة من الزمن لجعل السمنتيت أو جزء منه يتفكك ويترسب الفحم الموجود فيه على شكل حبيبات ناعمة من الغرافيت، تجعله أقل قساوة، ويصبح قابلاً للتشكيل والتشغيل، ويسمى عندئذ بالحديد الصب أسود اللب، لمظهر مقطعه القاتم. كما يمكن التخلص من الفحم الناتج من تفكك السمنتيت كلياً أو جزئيا،ً بتسخينه في جو مؤكسد، إذ تحترق ذرات الفحم المترسبة على سطح القطعة، أما ذرات الفحم المترسبة داخل القطعة، فتبدأ بالانتشار باتجاه السطح، لتحترق بدورها قبل أن تبدأ بالترسب وتكوين حبيبات الغرافيت، وتسمى الخلائط المعالجة على هذا النحو بخلائط الحديد الصب أبيض اللب.
جميل أبو جهجاه
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث