المقدمة:
لقد ارتبط تطور قطاع النقل الجوى فى المملكة العربية السعودية بالامتداد الكبير الذي تشكله المملكة (2.25 مليون كم2 ) ، ويعتبر النقل الجوى أول وسائل النقل الحديثة فى المملكة ، فقد استخدمت طائرات الداكوتا الصغيرة فى الرحلات الجوية بين أجزاء المملكة ، وكان من مميزاتها أنها تهبط وتقلع من أي مكان دون الحاجة إلى مدارج ومهابط ، كما ارتبط تطور قطاع النقل الجوى فى المملكة العربية السعودية بالتطورات التى بدأت منذ الثلث الأول من القرن العشرين التى صاحبت تدفق النفط على نطاق واسع فى المملكة ، وكان ميناء جدة فى مقدمة المواني فى المملكة حيث أنشء عام 1948 فى المنطقة المحصورة بين شارعي عبد الله السليمان فى الشرق ، والملك خالد فى الغرب ، وبين شارعي ولى العهد فى الشمال ، وباب خشب فى الجنوب ، وينحصر بذلك بين الطريق الدائري الثاني ( شارع الملك فهد ) وبين الطريق الدائري الثالث ( شارع الأمير ماجد ) .
ومنذ عام 1981 انتقل الميناء إلى الأطراف الشمالية من مدينة جدة تحت اسم مطار الملك عبد العزيز الدولي ، وقد حددت الشروم البحرية الامتداد الشمإلى الغربي للميناء حيث أدى تداخل شرم البحر الأحمر شمالا شرقيا إلى ضيق الجزء الشمإلى من الميناء على النحو الموضح بالشكل رقم (1) ، وما لبث أن زحف العمران تجاه الميناء الجديد وأصبح يحيط به عدة مخططات عمرانية على النحو المواني :
من الشرق مخططات : مدينة السلطان ، الحمدانية ، العزيزية .
من الغرب مخططات : المحمدية ، أبحر الجنوبية .
من الجنوب مخططات : المروة ، النزهة ، النعيم .
من الشمال مخططات : أبحر الشمالية ، شمال المطار ، الكورنيش الشمإلى .
وقد هدفت هذه الدراسة إلى :
1. تأكيد المركزية الدينية العالمية لمدينة مكة المكرمة من واقع الحركة الأرضية ، والجوية لميناء جدة الجوى .
2. ومدى تحول الهامشية الموقعية ( الهندسية ) التى تميز الميناء إلى مركزية وظيفية .
3. دور موسم الحج فى رفع درجة هذه المركزية .
ويتكون البحث من ثلاثة أجزاء يتناول :
· أولها مركزية ميناء جدة الجوى الدولى .
· ثانيها تطور حركة النقل الجوى بالميناء ،.
· ثالثهما العلاقات الإقليمية للميناء فى حالات القدوم والمغادرة ، وإقليم الحج .
المصادر .
إعتمد البحث بصفة رئيسية على مصدرين :
أولا : الكتب الإحصائية السنوية للمملكة العربية السعودية فى أعوام 1980 ،1989 ، 1999 م ، حيث تضم بيانات عن عدد الرحلات الجوية ، الركاب حسب الموانى .
ثانيا : تقرير الحج لعامى (1414 هـ ، 1415 هـ - 1994 ، 1995 م ) حيث تضم القوانين المنظمة لنقل الحجاج إلى المملكة ، ونسب مشاركة الخطوط الجوية العالمية الأخرى ، والشركات الناقلة ، ودول الوفود .
منهج البحث :
لقد إعتمد البحث على المنهج الوظيفى فى تحليل الإمكانات الموقعية لعقد الشبكة وتتحدد هذه الإمكانات تبعا للوظائف الرئيسة ، ويركز هذا المنهج على التخصص الوظيفى للعقد النقلية ، فمما لاشك فيه أن العقد المتخصصة فى الأنشطة الإنتاجية أو الخدمات أو تجارة التجزئة تحدد الدور الوظيفى لها حيث تحتل بؤرة استقبال الحركة ، كما أنها نقطة توقف لوسائل النقل ، ويربط هذا المنهج بين موقع وحجم ووظيفة العقد النقلية وبين حدود الإقليم الجغرافى ، فالعلاقة بينهما طردية نظرا لأن هذه العقد تمثل المركز الرئيس لاستقبال الحركة من المدن المجاورة والتى أطلق عليها تافى مدن ظل الحركة ، ويركز هذا المنهج كذلك على وظيفة الوصلات ( الطرق) حيث تتحدد كفاءة الحركة من خلال تدفق هذه الحركات ومدى تعددها ، كما أن وظيفة هذه الوصلات تكمن فى أنها تعظم من استخدامات المكان ، ويحدد الأنماط لموقعية الإقليم الجغرافى للعقد النقلية الجوية ، كما يعتمد البحث على منهج تحليل الشبكة يستخدم هذا المنهج بصورة واضحة فى دراسات النقل باعتبارها ظاهرة جغرافية قابلة لأن يعبر عنها بالشكل الطبولوجى ، حيث يحدث فيها تشويه للاتجاه والمسافة وغيرها من المفاهيم المعروفة فى هندسة أقليدس ، حيث نجد جميع الخطوط البيانية متساوية مع نظيرها من الناحية الطبولوجية برغم وجود الفروق بينها من الناحية الهندسية ، وفى هذا الصدد تنقسم الشبكة إلى نوعين أولهما : الشبكة المسطحة (plannar) ذات البعدين ، وثانيهما : غير مسطحة( non plannar) ذات الأبعاد اثلاثية ، ويتم تحليل بنية الشبكة باستخدام مؤشر الطريق ، امكانيات الوصول ، مركزية الشبكة ،
وقد سبق ذلك البحث العديد من الدراسات .
فى عام 1982 قدم ميرك كراسك (Marek Karadek) نموذجا تنبؤيا لتخطيط الحركة الجوية فى ميناء جدة خلال الفترة 1981- 2001 م ، وقد اعتمد النموذج ثلاثة متغيرات : حركة الحج ، العوامل الإقتصادية معبرا عنها بالإنفاق الحكومى والتجارة الدولية والدخل القومى ، العوامل الاجتماعية ممثلة فى مستوى المعيشة وأنماط الاستهلاك ، ومعدلات تغير سعر الصرف ، ومستويات أسعار البترول ، واقترح النموذج زيادة عدد الركاب من 10 مليون راكب عام م1986 و16 مليون راكب عام 1991 و18 مليون راكب عام 1999 و20 مليون راكب عام 2001 م (1)، وفى عام 1986 قدم يوسف حمد الذياب دراسة عن التحليل الكمى لشبكة الخطوط السعودية الداخلية ، مستعرضا الجوانب المنهجية للتحليل الكمى للشبكة الجوية الداخلية السعودية ، ودراسة توزيع مطارات المملكة البالغ ( عددها 22 مطارا عام 1986 ) وإمكانية الإتصال الجيولوجى ودرجة مركزيتها ، وقد إتضح من هذه الدراسة أن الميناء يحتل المرتبة الثانية من حيث درجة المركزية بعد ميناء الرياض (2).
وفى عام 2000 م تناولت مسفرة صالح محمد الغامدى دراسة تفصيلية عن ميناء الظهران الجوى الدولى بالمملكـــة العربية السعودية ، واستعرضت هذه الدراسة العوامل الؤثرة فى الميناء ومراحل تطورالميناء والاستخدامات الوظيفية ، كمــا ركزت الدراسة على الدور النسبى لميناء الظهران بين بقيـــة الموانى من حيث المركزية ودرجة الترابط ، كما تناولت حركـة النقل الجوى ( الركاب ، والشحن ، والبريد ) ، وانتهت بتحديد الإقليم الجغرافى للميناء فى أواخر القرن العشرين(1) .
إن هذا الإقليم يضم ما يقارب نصف مساحة القارة الأفريقية ( 46.7 % ) وأكثر من نصف سكانها ( 57 % ) ، ويضم أكبر ثلاث دول في القارة من حيث المساحة وهم الجزائر – السودان – ليبيا ، حيث استأثرت بـ 47.1 % من مساحة الإقليم ، وأسهمت بنسبة 14.5 % من سكان الإقليم الجغرافي الإفريقي لهذا الميناء .
ويتركز بهذا الإقليم أهم ثلاث دول من حيث السكان في القار الإفريقية ، وهي نيجريا ، ومصر ، وأثيوبيا حيث يتركز بها أكثر من نصف سكان القارة ( 56.1 % ) فإذا أضيف إليها جنوب أفريقيا لقاربت النسبة الثلثين ( 65.4 % ) .
يضم الإقليم 24 دولة أسيوية تضم 42.4 % من مساحة القارة ، و24.3 % من إجمالى سكانها ، ويتميز الإقليم الأسيوي بالتركز الشديد في دولتين اثنتين فقط هما الهند أندونيسا ، حيث استأثرت الأولى بأكثر من ثلث مساحة الإقليم الجغرافي للميناء (33.5 %) ، وأكثر من نصف سكانها (54.4% ) ، فإذا أضيف إليهما الدولة الثانية ( 19.4 % من المساحة ، و10.9 % من السكان ) لارتفعت نسبة الدولتين إلى 52.9 % من المساحة ، و65.3 % من السكان ، وتتميز بنجلادش بانخفاض نسبة مساحتها إلى 1.5 % من مساحة إقليم الميناء وارتفاع نسبة السكان إلى 7% ، وهكذا تشكل الدول الثلاث : اندونيسيا – باكستان – بنجلادش أهم دول الإقليم ، حيث استأثرت بـ 54.4 % من المساحة ، و72.3 % من سكان الاقليم الجغرافي لميناء جدة .
يضم الإقليم الجغرافي لميناء جدة الدولي عشرة دول أوروبية تقل نسبة مساحتها إلى 9.8 % من مساحة القارة ، وترتفع نسبة سكان هذه الدول إلى ما يقارب نصف سكان القارة ( 48 % ) ، وتستأثر كل من فرنسا وأسبانيا بـ47 % من المساحة و28.4 % من سكان الإقليم الجغرافي الأوروبي لميناء جدة الدولي ، وعلي العكس نجد ألمانيا تستأثر فقط 15.9 % من المساحة ، وترتفع نسبة سكانها إلى 32.6 % من إجمالى سكان الاقليم الجغرافي الأوروبي ، وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية ضمن الاقليم الجغرافي لميناء جدة الدولي ، ورغم أنها استأثرت بـ48 % من مساحة أمريكا الشمالية ، فإنها تضم 90 % من سكانها يدخلون ضمن الاقليم الجغرافي لميناء جدة .
يضم الاقليم الجغرافي الخاص بالحج 60 دولة موزعة بين قارات العالم ، تشكل قارة آسيا النطاق الرئيس للحجاج القادمين إلى ميناء جدة الجوي ، حيث تركز بها أكثر من ثلاثة أرباع الحجاج ( 76.7 % ) ، تليها وبفارق كبير قارة أفريقيا ( بنسبة 17.2 %) ، ثم قارة أوربا بنسبة 5.3% ، وأخيرا الأمريكتين ( بنسبة 0.8 %) ، ومن حيث الامتداد المساحي فإن أكثر من أربع أخماس مساحة إقليم الحج ( 78.8 %) يتوزع بين قارتي أسيا وأفريقيا ، ويليها الأمريكتان ( بنسبة 18 % ) وساهم قارة أوربا بـ3.2 % مساحة الاقليم .
يكاد يتفق الواقع السكاني في الاقليم الجغرافي للحج مع تيارات الحج ، فقد استأثرت قارة آسيا بـ 67% من إجمالى سكان الاقليم ، تليها قارة أفريقيا ( بنسبة 15.7 % ) ، وتقاربت نسبتا قارتي أوربا ( 9% ) ، والأمريكتين (8.3 % ) ، وعلي مستوى القارات تتضح التفصيلات االتالية :
- إن إقليم الحاج في قارة أسيا يضم أربع أخماس مساحتها (80%) ، ويضم 62% من سكان القارة ( عام 2000م ) ، وتستأثر دولة أندونيسيا بأكثر من ثلث حجاج القارة ( 36.2% ) ، يليها في المركز الثاني دولة باكستان ( بنسبة 17.6%) ، أي أن الدولتين تستأثران بأكثر من نصف حجاج القارة (53.8%) ، وتشغل دولة ايران المركز الثالث لحجاج القارة ( بنسبة 12.8 %) ، وهكذا فقد تركز ثلثا الحجاج في الدول الثلاث المذكورة ، ويتوزع ثلث حجاج القارة بين بقية الدول فى ثلاث مجموعات :-
المجموعة الأولى : تضم الدول التى تسهم بـ 5 ،10%من إجمالى حجاج القارة وتتمثل فى دولتى تركيا وماليزيا حيث أسهمتا بـ 11.4 % من إجمالى حجاج القارة .
المجموعة الثانية : وتشمل الدول التى تسهم بـ 1- 5 % من إجمالى حجاج الفارة وتشمل الدول السبع الامارا ت العربية ـ الكويت ـ تايلاند ـ الهند ـ بنجالاديش ـ سوريا ـ الأردن ، وذلك بإجمالى 15.4 % من إجمالى حجاج القارة .
المجموعة الثالثة : وتشمل الدول التى تسهم بأقل من 1% من حجاج القارة وعددها 18 دولة أسهمت بـ 6.6 % من إجمالى حجاج القارة الآسيوية ، وتتوزع على النحو التالى :-
v دول المشرق العربي ( البحرين ـ قطر ـ اليمن ـ سلطنة عمان ـ لبنان) .
v دول أسيا الوسطى ( أذربيجان ـ قرغستان ـ تركستان ـ طاجستان ـ كازاخستان ـ أوزباكستان ـ أفغانستان ).
v دول شرق و جنوب شرق أسيا (سنغافورة ـ الفلبين ـ فيتنام ـ بروني دارسلام - الصين - سريلانكا ) ، حيث أسهمت بـ 37.7% من إجمالى الحجاج القادمين إلى ميناء جدة عام 1995 ، وتمثل الجزائر المركز الثاني ( بنسبة 17% ) ، وتعتبر الدولتان النطاق الأفريقي الرئيس لإقليم الحج حيث استأثرت بأكثر من نصف الحجاج ( 54.7 %) ، وتتراوح نسبة الحجاج بين 10 ، 5% من إجمالى حجاج القارة في خمس دول (أثيوبيا ـ السودان ـ تونس ـ ليبيا ـ نيجيريا ) استأثرت بـ 33.9 % من إجمالى حجاج القارة ، أي أن 88.6% من إجمالى الحجاج بالقارة يأتون من سبع دول ويتبقى 11.4 % من الحجاج يتوزعون بين 12 دولة .
ويعتبر الإقليم العربي الأفريقي الأكثر تأثيرا في أعداد الحجاج ، حيث استأثرت بما يقارب ثلاثة أرباع عدد الحجاج بالقارة ( 73.7 %) ، ويستأثر بـ 45.5 % من مساحة الإقليم وتنخفض به نسبة السكان إلى 28.7% من إجمالى سكان الإقليم الجغرافي .
ومن حيث المساحة فان الدول ذات المساحة الكبيرة تتركز في الوطن العربي وعددها ثلاث دول ( السودان ـ الجزائر ـ ليبيا ) تستأثر بـ35% من مساحة الإقليم الأفريقي ، وتتوزع المساحات الأخرى بين 16 دولة ( انظر الجدول السابق ) 0
ومن حيث السكان فإن الدولة الكبرى من حيث عدد السكان تتركز في الغرب الأفريقي ( نيجيريا ) ، حيث استأثرت بأكثر من ربع سكان الإقليم (26.4% ) ، تليها مصر، وأثيوبيا (12.9 % و 12.1 % ) ، وتستأثرالدول الثلاث بأكثر من نصف سكان الإقليم الجغرافي الأفريقي(51.4%) ، ويتوزع السكان بنسب 10 ـ 5 % من إجمالى سكان الإقليم في خمس دول ( السودان ـ الجزائر ـ تنزانيا ـ جمهورية جنوب أفريقيا ـ كنيا ) بإجمالى31.9 % ، وتقل النسبة عن 5% في بقية الدول وعددها 11 دولة .
إن الإقليم الأوروبي يقتصر فقط علي عشرة دول استأثرت ثلاثة منها بأكثر من أربعة أخماس حجاج الإقليم الأوروبي (87%) ، وهي دول فرنسا ـ ألمانيا ـ إنجلترا واستأثرت بقية الدول ( سبع دول ) بنسبة 13 % من حجاج أوربا ، فإذا انتقلنا إلى الامتداد المساحي للإقليم الأوروبي ، فإن هناك أربعة دول تشكل الإقليم الجغرافي ( وهي فرنسا ـ إيطإلىا ـ ألمانيا ـ إنجلترا ) حيث تضم 83.4% من إجمالى مساحة الإقليم الأوروبي وتقترب جدا من هذا الرقم نسبة سكان هذه الدول ( 83.8% ) .
وإذا تناولنا الأمريكتين باعتبارهما النطاق الأخير في إقليم الحج ، فإن أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) تستأثر بثلاثة أرباع أعداد الحجاج الأمريكيين( 76.4% ) ، ويتميز هذا النطاق بأن أمريكا الشمالية تستقطب99% من مساحة وسكان الإقليم الأمريكي ، وتتصرف النسبة المتبقية الصغيرة جدا (1% ) من المساحة ، والسكان إلى أمريكا الوسطى والجنوبية ، رغم أنها تضم 23.6 % من أعداد الحجاج الأمريكيين .
المراجع
موسوعة الجغرافيا دراسات وابحاث
التصانيف
تصنيف :الجغرافيا