السيد محمد نصير هو صاحب الفضل في انتشار رياضة رفع الأثقال في مصر، إذ كان لتفوقه وبطولاته الأثر الإيجابي لدى شباب مصر فجعلوه قدوة لهم، ويكفيه فخراً أنه أول مصري يحرز «ميدالية» ذهبية في الألعاب الأولمبية.
 
وُلد في قرية شوبر بمحافظة طنطا. وأسماه والده السيد تيمناً بالسيد البدوي فطغى هذا اللقب على اسمه وأصبح يعرف باسم السيد محمد نصير. درس في مدرسة طنطا الابتدائية وفيها ظهرت ميوله الرياضية إذ تميز عن أقرانه بقوته البدنية. ويعود حبه لرياضة رفع الأثقال إلى طفولته حينما كان يقف أمام دوار أبيه العمدة مراقباً حركة كبس القطن في أكياسها وتحميلها على ظهور الجمال وهي باركة في هدوء، فأراد نصير تقليدها فقام بحشو أحد الأكياس وقام بحمله بساعديه محركاً رجليه مقلداً ما تفعله الجمال حين نهوضها بالأثقال. وقد لقيت محاولاته هذه تشجيع أبناء قريته الذين أعجبوا بقوته الهائلة.
 
بدأ السيد نصير أولى تجاربه يرفع الأثقال بالطواف في أحياء طنطا ليشارك مع شبابها في رفع الأثقال بصورة تقليدية مستخدماً حجرين متساويين يربط بينهما عصاً قوية، وذلك بسبب عدم وجود الأثقال الحديدية النظامية. وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره في ثانوية طنطا بدأ ممارسة رفع الأثقال بصورة نظامية وذلك بتشجيع ودعم من مدرسيه. فتفوق ووصلت شهرته إلى القاهرة واشترك عام 1926 في بطولة مصر وفاز ببطولة وزني خفيف الثقيل والثقيل معاً فذاعت شهرته في كل أرجاء مصر، وامتدت طموحاته وآماله إلى خارج مصر حيث العالمية. وبدأ التدريب الجاد من أجل ذلك على يد مدربه محمد بسيوني الذي كان له أكبر الأثر في سرعة تطوره. وانتسب السيد محمد نصير إلى النادي الأهلي حيث توافرت له كل عناصر التفوق. ثم سافر مع البعثة المصرية إلى أولمبياد أمستردام عام 1928، واستطاع أن يقهر أبطال العالم وفاز بالميدالية الذهبية لوزن خفيف الثقيل بمجموعة قدرها255.5كغ ليرفع علم مصر في هذا المحفل محرزاً أول ميدالية ذهبية لها في تاريخها الرياضي. وعندما عاد إلى مصر كانت شهرته قد سبقته فاستُقبل استقبال الأبطال وأصبح مثالاً لشباب مصر الذين أقبلوا على ممارسة رياضة رفع الأثقال تشبهاً به، وواصل نصير مسيرته في هذه الرياضة محطماً الأرقام القياسية وشارك عام 1930 في بطولة أوربا التي أُقيمت في مونيخ بألمانيا وتفوق على كل أبطالها وأحرز البطولة، ثم شارك ثانية في بطولة أوربا التي أقيمت في اللكسمبورغ عام 1931 وقهر جميع أبطالها وأحرز البطولة مرة ثانية.
 
قدَّر أمير الشعراء أحمد شوقي إنجازات نصير الرائعة فنظم قصيدة في مديحه يقول فيها:
 
شرفاً نصيرُ ارْفَعْ جَبينَكَ عالياً                    وتَلَقَّ من أوطانِكَ الإكليلا
 
يا قاهرَ الغربِ العتيدِ مَلأْتَهُ                       بثناءِ مصرَ على الشفاهِ جميلا
 
إنَّ الذي خَلقَ الحديدَ وبَأْسَه                       جَعَلَ الحديدَ لساعِدَيْكَ ذليلا
 
تلك الحياةُ وهذهِ أثقالُها                            وُزِنَ الحديدُ بها فصارَ ذليلا
 
اعتزل محمد نصير اللعب وتوجه إلى التدريب وتتلمذ عليه نخبة من أبطال الحديد في مصر الذين وجدوا فيه قدوة وقاهراً لأبطال أوربا والأولمبياد. 
 
واستمر كذلك إلى أن وافته المنية تاركاً بعده سمعة لا زالت في ذاكرة مصر وأجيالها الرياضية.
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث