القرض (عقد ـ)
 
 
 

تعريف القرض

 
القرض prêt-loan عقد يلتزم به المقِرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء آخر، على أن يرد إليه المقترض عند نهاية القرض شيئاً مثله من مقداره ونوعه وصفته.
 
ووفقاً للفقه الإسلامي، القرض هو أن يدفع شخص لآخر عيناً معلومة من الأعيان المثلية التي تستهلك بالانتفاع بها ليرد مثلها. وحكم القرض أنه مندوب إليه في حق المقرض، مباح للمقترض. فقد روى أبو هريرة أن النبيr قال: «من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه». وكان النبيr يستقرض، ولو كان القرض مكروهاً لكان النبي أبعد الناس عنه.
 

أركان القرض

 
1ـ التراضي: يلزم لانعقاد القرض توافر إيجاب وقبول متطابقين من المقرض والمقترض. وفي الفقه الإسلامي، حكم القرض في هذا حكم البيع. ويصح بلفظ السلف والقرض لورود الشرع بهما، وبكل لفظ يؤدي معناهما، مثل أن يقول: ملكتك هذا على أن ترد علي بدله، أو توجد قرينة على إرادة القرض.
 
يجب أن يكون المقرض متمتعاً بأهلية التصرف، وإذا كان القرض بغير فائدة، وجب أن يكون أهلاً للتبرع، لأن القرض ينقل الملكية من المقرض إلى المقترض. وطبقاً للفقه الإسلامي، يجب أن يكون المقرض بالغاً عاقلاً. مطلق التصرف في أمواله. أما المقترض فيجب أن تتوافر فيه أهلية الالتزام، أي مباشرة الأعمال الدائرة بين النفع والضرر، حيث يلتزم برد المثل. ويشترط الفقه الإسلامي من المقترض أن يكون مميزاً، ولا يشترط بلوغه، وإذا كان محجوراً عليه كان استقراضه موقوفاً على الإجازة، إلا إذا كان مأذوناً بالتجارة.
 
2ـ المحل: محل القرض شيء مثلي. سواء أكان مما يهلك بالاستعمال أم مما لا يهلك، والغالب أن يكون نقوداً، وإذا كان الشيء مما لا يهلك بالاستعمال، يلزم أن يكون العاقدان قد قصدا رد مثله لا عينه. ويجب أن يكون الشيء موجوداً، ومعيناً أو قابلاً للتعيين، وأن يكون مملوكاً للمقرض، بيد أن قرض ملك الغير يكون صحيحاً وإن كان قابلاً للفسخ بناء على طلب المقترض.
 

أثر القرض

 
1- التزامات المقرض:
 
أ ـ نقل ملكية الشيء وتسليمه. فالمقرض يلتزم بنقل ملكية الشيء إلى المقترض، وهذا يتم بمجرد العقد، ولو كان محله نقوداً. أما إذا كان غير النقود، فتنتقل الملكية عقب الإفراز. ويجب عليه أن يسلم الشيء موضوع العقد إلى المقترض، ولايجوز له المطالبة برد المثل إلا عند انتهاء القرض.
 
ب ـ ضمان الاستحقاق: يلتزم المقرض بضمان الاستحقاق، فقط متى كان محل القرض شيئاً مثلياً من غير النقود، لأن النقود لا تستحق، حيث إنها لا تتعين بالتعيين. وإذا كان القرض بأجر، طبقت أحكام البيع، وإذا لم يكن بأجر، طبقت أحكام العارية.
 
ج ـ ضمان العيب الخفي: متى ظهر في الشيء عيب كان خفياً عند القرض، كنقود مزيفة، وكان المقرض بغير أجر، ولم يتعمد المقرض إخفاء العيب، فلا مسؤولية على المقرض، وليس للمقرض أن يطالب استبدال سليم بمعيب. أما إذا كان القرض بأجر، أو تعمد المقرض إخفاء العيب، فللمقرض أن يطلب إصلاح الشيء، متى كان ممكناً، وإلا كان له أن يطلب استبدال سليم بمعيب.
 
2ـ التزامات المقترض
 
أ ـ دفع الفوائد: متى اتفق على فوائد، وكان القانون يجيز ذلك، كان على المقرض دفعها عند حلول مواعيد استحقاقها. وإذا لم يتفق على فوائد، اعتبر القرض بغير أجر، وهذا هو الأصل في القرض. وعند اشتراط الفوائد، فإنها تستحق من يوم تسلم القرض.
 
ب ـ رد المثل: يجب على المقترض عند نهاية القرض، أن يرد إلى المقرض شيئاً مثله في مقداره ونوعه وصفته. وإذا اتفق على أن يرد أقل منه في المقدار، كان الفرق هبة. وإذا اتفق على رد أكثر منه في المقدار، كان الفرق ربحاً أو فائدة. وفي الفقه الإسلامي، إن كل قرض شُرِط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا اشترط على المستلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك إن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
 

انتهاء القرض

 
الأصل أن ينتهي القرض بانتهاء الميعاد المتفق عليه، وإذا لم يعين ميعاد اتبعت القواعد العامة. ويجوز للقاضي منح المقترض أجلاً للرد، مراعياً في ذلك موارد المقترض الحالية والمستقبلة، ومقتضياً منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه. ويسقط الأجل وينتهي القرض، إذا أعسر المقترض بعد إبرام القرض، أو كان معسراً قبل ذلك، من دون علم المقرض.
محسن البيه
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث