القسمة
معناها لغة: جعل الشيء أو الأشياء أجزاء أو أبعاضاً متمايزة؛ فهي عكس الشركة، وتطلق على النصيب.
وفي الاصطلاح: جَمْع نصيبٍ شائع في نصيب معين، وإنما كانت جمعاً للنصيب، لأنه كان قبل القسمة موزعاً على جميع أجزاء النصيب المشترك، لأن لكل واحد من الشركاء نصيباً في كل جزء منه بنسبة ماله في الكل.
مشروعيتها:
ثبتت بالكتاب والسنّة والإجماع.
أما الكتاب: فمنه قوله تعالى: ]وَإِذاَ حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَاْرزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً[ (النساء: 8)، وقوله: ]وَنَبِئْهُمْ أَنَّ المَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ[ (القمر:28).
وأما السنّة: فبقولهr وفعله وإقراره.
فمن القول: «إذا قسمت الأرض وحُدَّت فلا شفعة فيها» (أبو داود 3/785).
ومن الفعل: «كان r يقسم الغنائم بين المسلمين» (البخاري8/57).
ومن الإقرار: كانت المواريث تقسم على عهدهr فلا ينكر.
وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على جواز القسمة، وكانت العامة والخاصة يتعاملون بها في المواريث، وفي غيرها في كل العصور من دون نكير.
تكييفها فِقهاً
للعلماء في تكييف القسمة، وهل هي بيع أم تمييز للحقوق أربعة مذاهب، وثمرة الخلاف تتمثل في أن القسمة إن كانت بيعاً فإنها تعطى أحكام العقود من الخيار والشفعة والتقايل (فسخ الاتفاق).وإن كانت محض تمييز للحقوق، فإنها لا تعطى أحكام العقود أصلاً.
أقسامها
للقسمة أقسام تبعاً لاعتبارات أربعة:
الأول: باعتبار الحاجة إلى التقويم وعدمه وفيه:
أـ قسمة الإفراز: حيث لا يحتاج إلى تقويم المقسوم، لأن الأنصباء تتساوى صورة ومعنى، وتسمى قسمة المتشابهات من المكيلات و الموزونات والمزروعات والمعدودات المتقاربة، وتسمى القسمة بالأجزاء حيث تكون في المثليات المتحدة النوع كدنانير بلد معين وكالقمح الهندي والأرز المصري. وفي القيميات المتحدة النوع كالمنسوجات الصوفية أو الحريرية أو القطنية وكالكتب والأقلام والساعات.
ب ـ قسمة التعديل: عندما لا تتعادل الأنصباء بذاتها، وإنما تتعادل باعتبار القيمة. كأرض مشتركة بين اثنين مناصفة، وقيمة ثلثها بما فيه من مزايا تساوي قيمة ثلثي النصيب الآخر، فيجعل الثلث بمزاياه، سهماً لأحدهما، والثلثان سهماً للآخر.
ج ـ قسمة الرد: عندما لا تعدل الأنصباء بل تترك متفاوتة القيمة اختياراً أو اضطراراً، حيث يكون على الذي يأخذ النصيب الزائد أن يرد على شريكه قيمة تلك الزيادة.
الثاني: باعتبار إرادة المتقاسمين وفيه:
أ ـ قسمة التراضي: حين تتم باتفاق الشركاء ورضاهم، ولا يشترط فيها انتفاء الضرر عن الشركاء أو عن بعضهم، بل يشترط الرضا به ممن يقع عليه، واحداً كان أم أكثر.
ب ـ قسمة الإجبار: حين تتم بوساطة القضاء لعدم اتفاق الشركاء وتراضيهم، ولا يشترط أن يتولاها القاضي بنفسه بل تتمثل بما يفعله لحمل الممتنع على الرضا أو إجباره على قبول القسمة العادلة بين الشركاء، شريطة ألا يقع ضرر بأحدهم يفِّوت المنفعة المقصودة من المال المشترك وللعلماء في تحديد مدى الضرر أقوال يرجع إليها في مظانها.
الثالث: باعتبار وحدة المحل وتعدده وفيه:
أ ـ قسمة الجمع: حين يجمع نصيب الشريك في جهة معينة. وتكون في قسمة المتعدد قسمة الشيء الواحد، فإن كان متساوي الأفراد والأجزاء لم يحتج إلا إلى إفراز من دون التقويم، كالأحجار الثلاثة المتساوية الأحجام والصنعة بين ثلاثة شركاء، فيأخذ كل شريك واحداًَ.
وإن كان بين أفراد المال المشترك تفاوت في القيمة، كالبيوت المختلفة والحيوانات المتنوعة الأجناس فلابد من التقويم.
ب ـ قسمة التفريق: حين يقسم الشيء الواحد نفسه كالدار الواحدة بين عدد من الورثة.
الرابع: بالنظر إلى المقسوم أهو عين أو منفعة وفيه:
آ ـ قسمة الأعيان: وتشمل العقار والمنقولات.
ب ـ قسمة المنافع: وتقع على منافع الأعيان المشتركة؛ وهي المهايأة الزمانية والمهايأة المكانية.
أركان القسمة ثلاثة
1ـ القاسم: وهو من يتولّى القسمة، وقد يكون من الشركاء أو من أوليائهم، أو معيَّناً من قبل القاضي وهو: قاسم الحاكم. ولهما شروط لم يفرق فيها الحنفية بين قاسم الشركاء وقاسم الحاكم، على حين فرق سائر الفقهاء بينهما وقالوا: لابد في قاسم الحاكم أن يتصف بأوصاف منها العدالة والحرية والذكورة والعلم بالقسمة، وتعدد القسّام حين يحتاج إلى تقويم.
2ـ المقسوم له: وهم الشركاء في المال، ويشترط حضورهم أو من يقوم مقامهم، والرضا فيما يقسمونه بأنفسهم، وألا يلحقهم ضرر في القسمة الجبرية، والبينة على الملك في قسمة القضاء.
3ـ المقسوم: ويشترط فيه إذا كانت القسمة إجبارية، اتحاد الجنس، واتحاد الصنف في المنقولات، وألا تُنقص القسمة قيمة المقسوم، وتعذر إفراز كل صنف بالقسمة كما يشترط فيه أن يكون عيناً أو منفعةً، وأن يكون قابلاً للقسمة، ومملوكاً للشركاء عندها، أما الدين فقد اختلفوا في مشروعية قسمته.
محمد هشام برهاني
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث