النقل في علم النفس displacement هو استحضار المتعالَج لانفعالاته وهواماته (تخيلات مغايرة للواقع تحدث في مراحل النمو النفسي في الطفولة منذ الولادة حتى السادسة) وعلاقاته السابقة المنسية المكبوتة و نقله إياها إلى شخصية المعالِج في العلاقة العلاجية.
في النقل تصبح المشاعر والانفعالات السابقة مستحضرة (تأخذ شكل الحاضر كأنها حقيقة الآن)، ولكنها موجودة في الذكريات المنسية المكبوتة. ويضع المتعالَج المعالِج مكان الآخر (الأب، الحبيب)، ويضعه في موقع الطلبات والتمنيات والتخيلات الطفولية المعيشة انفعالياً في العلاقة العلاجية.
والمكبوتات خبرات انفعالية ودوافع (مخاوف، مشاعر ذنب أو خجل، رغبات جنسية…) تنكر لها الشخص، فأخفاها في لا وعيه (لاشعوره) بعيداً عن وعيه بها؛ بسبب خطر وجودها في وعيه أمام ذاته وأمام الواقع وأمام المجتمع.
ـ النقل الإيجابي والنقل السلبي:
يطلق مصطلح النقل الإيجابي على مشاعر المتعالج وانفعالاته التي تتصف بالحب، وتتوجه في موضوعها نحو شخصية المعالِج، ويطلق مصطلح النقل السلبي على مشاعر المتعالج المنقولة إلى شخصية المعالِج، وتتصف بالكره.
وينشأ النقل في المعالجة النفسية حيث تتولد علاقة عاطفية بين المتعالج وشخصية المعالِج دون أن يكون للمعالِج يد في ذلك. وهذه العلاقة تراوح لدى المتعالج بين الحب العنيف والكراهية الشديدة، ويمكن أن تشمل العلاقة لدى المتعالج مشاعر النفور والعدوان أو مشاعر الحنان والعشق الجنسي. فيأخذ المعالِج لدى المتعالج نموذجاً من النماذج الشخصية التي كان يتقرب منها، أو يحاول اجتذابها حين كان طفلاً، وكانت تربطه بها علاقة مزدوجة تتمثل في الحب والمودة من ناحية والكراهية والعدائية من ناحية أخرى.
ـ دور النقل في العلاج النفسي التحليلي:
أساليب العلاج النفسي كثيرة منها العلاج السلوكي والعلاج المعرفي والعلاج الجشتالتي. لكن النقل يظهر جلياً في العلاج الذي يعتمد أسلوب التحليل النفسي منهجاً له، وهو يبحث العوامل النفسية العميقة القائمة وراء الاضطراب النفسي، وينفذ إلى خبرات الطفولة الأولى.
ويمثل النقل منفذ المعالِج التحليلي إلى حياة المتعالج النفسية العميقة، وتعد مواد النقل معيناً للمحلل في فهم مكبوتات المتعالج وهواماته، وفي ربطها بالسلوك المرضي لديه. فالخبرات والدوافع المكبوتة والهوامات التي تتكوّن حولها تصبح جزءاً من البنية النفسية، وتسهم في تكوين اللاشعور، ويصبح لها دور في التحكم بسلوك الشخص وفي توليد أعراضه المرضية.
وفي النقل تصبح الذكريات والانفعالات والدوافع المكبوتة مستحضرة، وكذلك الهوامات التي تتكوّن حولها. فإذا تم إدراك المتعالج لخبراته المكبوتة تبدد أثرها السلبي في سلوكه، وإذا كشف النقاب عن هواماته انحسرت وتم تحريرها من مواقعها المتخلفة. ويحدث إدراك المتعالج مكبوتاته وهواماته بفعل تأويل المحلل الانفعالات المستحضرة في النقل.
لكن النقل الذي هو معين المعالج في نجاح العلاج يعد صعوبة أمامه. فالنقل يعزز المقاومة النفسية لدى المتعالج؛ لأن مشاعره ونزواته وخبراته المستحضرة المصحوبة بانفعالات قوية تصبح متمركزة على المعالج، مما يجعل التعبير عنها صعباً. ويسهم هذا في إطالة زمن العلاج بالتحليل النفسي، وإذا بلغت المقاومة درجة عالية من الشدة يمكن أن تؤدي هذه المقاومة إلى إخفاق العلاج.
ـ موقف المعالج من النقل:
في النقل يأخذ المحلل موقف المحايد من مشاعر المتعالج وعواطفه، ولا يخضع لطلباته، وهو (المعالج) ـ في الوقت ذاته ـ لا يستطيع ردّ هذه الطلبات على نحو عدواني. لكنه يوضح للتمعالج أن عواطفه ومشاعره ليست وليدة الوضع الحالي (علاقته بالمعالج)، وإنما هي تكرار لمواقف وجد فيها في الماضي. كما يتدخل المحلل في النقل ليضع حداً لبعض الانفعالات أو توضيحها وتأويلها أمام المتعالج أو نقلها إلى مستوى آخر.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث