كتبها كريم معروف

لدى بعض الحيوانات نظام متميز من العلامات. إننا نعرف أن الثدييات والطيور تعبر عن انفعالاتها عن طريق صرخات متمايزة بوضوح تبعا لكونها تعبر عن رغبة أو لذة أو خوف … الخ ،” لدى الغربان ، كما قال جورج مونان ، تم ابتكار 15 صرخة تقابل وضعيات أو سلوكات متمايزة من حيث المعنى ” (مفتاح اللسانيات ).

نظام العلامات لدى النحل .

لقد درس كارل فون فريش (المزداد سنة 1886) رقصة ثمانية التي تقوم بها النحلات في المستوى العمودي للعسالة (”حياة وعادات النحل” ) ،وقد أدت أعمال هذا البيولوجي إلى إثبات أن النحلة تستطيع أن تبلغ عن طريق هذه الرقصات لرفيقاتها اللواتي يخلفنها في القيام بالعمل ( حيث تكون هوائيات هؤلاء الأخيرات متماسة مع بطن الراقصة ) أربع معطيات أساسية : - وجود غذاء : وإلا فلن تحتاج النحلة لممارسة الرقصات. - طبيعة هذا الغذاء : فرائحة تفوح من شعيرات بطن النحلة . - المسافة الفاصلة بين الغذاء والعسالة : تلك المسافة التي تتناسب عكسيا مع سرعة الرقصات ، ” فكلما كانت الطريق التي يتوجب قطعها طويلة كلما كانت الرقصات متضمنة لدورات أقل في ثانية واحدة ” (نفس المرجع). - وجبة الغذاء : فالزاوية المشكلة عن طريق محور ثمانية مع الخط العمودي هي بالفعل مساوية لزاوية الشمس ـ العسالة ـ الوردة.

ليس التواصل الحيواني لغة .

هل هناك إذن لغة حيوانية ؟.. يبدو أن الجواب على هذا السؤال يجب أن يكون بالسلب قطعا ، وذلك لأن: أ – كل شيء لدى النحل يحدث فيما يبدو كما لو أنه عند وقوع تنبيه صادر عن نحلة ما، فإن الأخريات يستجبن من خلال رد الفعل : إلا أن التواصل هنا لا يجعلنا أمام حوار و لا أمام أي كلام صادر عن النحلة التي تلقت الرسالة ؛ فالنحلة تمضي أوتوماتيكيا للتزود من رحيق الزهرة التي أشارت إليها رقصة رفيقتها ؛ إنها ” لا تنشئ رسالة انطلاقا من رسالة أخرى ” ( إميل بنفينيست ، “مشكلات اللسانيات العامة” ). ب – إذا وضعنا قدحا من الماء المحلى فوق عمود، فإن النحلات الكشافات لن يكن قادرات على تعيين اتجاهه لرفيقاتهن ” فليس هناك في لغة النحل إمكانية للتعبير عن معنى [فوق] ؛ وذلك لأنه ليست هناك ـ كما يشير إلى ذلك فون فريش على سبيل التنكيت ـ ورود تنبت في السحاب ” (” حياة وعادات النحل ” ) . ج – إن التواصل الحيواني ـ باعتباره نظاما فطريا منحدرا من الوراثة البيولوجية التي لا تشترط أي تعلم ـ هو نظام غير قابل للتطور و لا للتحوير : إنه بعبارة أخرى تواصل بدون تاريخ.

ليس هناك مجتمع إنساني بدون لغة

توجد اللغة حيثما يوجد الإنسان من المستحيل أن نعثر على مجتمع وهو في طريقه لامتلاك لغة ، ومشكل أصل هذه الأخيرة يظل ـ بكل تأكيد ـ مشكلا غامضا :”إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المجموع العريض للإنسانية ، فإننا نستطيع أن نؤكد بدون تخوف ، بأنه لم توجد جماعة من الأفراد [..] ليست لها طريقتها الخاصة في الكلام” كما كتب نوربير فاينر(”السيبرنتيك والمجتمع”1950). بنفينيست : الاختلاف الجوهري بين لغة الإنسان والنظام الرمزي لدى النحل. إن “الاختلاف الجوهري” القائم في ما بين لغتنا والرسائل المتبادلة لدى النحل يتمثل في أن هذه الأخيرة لم تشكل أبداً إلا “نظاما من العلامات” كما جاء في كتاب اللساني إميل بنفينيست “مشكلات اللسانيات العامة”1966 ، “وكل الخصائص تنتج عن ذاك : ثبات المحتوى ، عدم قابلية الرسالة للتنوع ، العلاقة بوضعية وحيدة ، عدم قابلية الرسالة للتفكيك وإرسالها من جانب واحد“.

المراجع

اللغة

التصانيف

فلسفة