جون برودوس واطسون John Broadus Watson عالم نفس أمريكي، حصل على الدكتوراه في مجال علم نفس الحيوان من جامعة شيكاغو، مؤسس مدرسة في علم النفس تعرف باسم «المدرسة السلوكية»، وهو أول من استخدم مصطلح السلوكية Behaviorism في علم النفس، وكان الهدف من اختياره لهذا المصطلح تحديداً هو تأكيد أنه ينبغي على علم النفس دراسة السلوك القابل للملاحظة المباشرة، فقد قال: «إن على علم النفس إذا أراد أن يكون علماً حقيقياً ويقبل المعرفة المرتكزة على البرهان الموضوعي عليه أن يتجنـَّب الخبرات العقلية لاستحالة وجود طريقة لمعرفة ما يجري في دماغ الإنسان من معلومات». عوضاً عن ذلك ألحَّ واطسون وغيره من السلوكيين على ضرورة أن يقتصر علم النفس على دراسة المثيرات والاستجابات التي يقوم بها الإنسان ردة فعل على هذه المثيرات، لأنه من الممكن للمثيرات «صوت عالٍ ومفاجئ» والاستجابات «وضع اليدين على الأذنين» أن تقاس علمياً وأن تسجل تسجيلاً موضوعياً.
وقد تمسك واطسون بهذا المبدأ بناءً على اقتناعه بأن قوة الطريقة العلمية قائمة على كونها قابلة للفحص، ودعم أفكاره في مقال نشره عام 1912 بعنوان «علم النفس كما يراه السلوكي». جاء فيه أن علم النفس هو فرع تجريبي وموضوعي من فروع العلوم الطبيعية، والهدف منه هو التنبؤ بسلوك الإنسان وضبطه أو التحكم به، وأن مادة البحث فيه هي السلوك القابل للملاحظة والقياس فقط، وناشد علماء النفس تجنب الخوض في غير ذلك.
اعتقد واطسون أن الأطفال حديثي الولادة لديهم مخاوف تتعلق بالضوضاء والأصوات العالية والألم، وفي وقت متأخر من السنة الأولى غالباً ما يتكون الخوف من كل ما هو غريب وغير مألوف، وقد تكون تلك المخاوف الأولى مبرمجة وراثياً لدى البشر لمساعدتهم على البقاء على قيد الحياة، وتساءل واطسون فيما إذا كان الطفل الصغير يستطيع أن يتعلم الخوف بوساطة الإشراط الاستجابي أو لا؟. ولتأكيد هذا الافتراض اختار واطسون ورينر Rayner (زميلة واطسون، ثم صارت زوجته) طفلاً صغيراً اسمه ألبرت Albert، يبلغ من العمر تسعة شهور، اختبرا الخوف لديه، ووجدا أنه لم يبدِ خوفاً من أشياء عدة «فأر، أرنب، قرد»، لكن الشيء الوحيد الذي بدا أنه يخيف الطفل هو الصوت المرتفع الذي ينجم عن طرق قضيب حديدي بمطرقة. وتتلخص التجربة في: الطرق بشدة بمطرقة على قضيب حديدي موضوع خلف رأس الطفل في أثناء تقديم فأر أبيض له (وكان لا يخافه قبل ذلك)، فقفز الطفل بعنف وسقط إلى الأمام مخفياً وجهه في الفراش الذي كان يجلس عليه. وتكررت التجربة خمس مرات اكتسب الطفل بعدها الخوف من الفئران.
اعتقد واطسون استناداً إلى هذه التجربة أن الخوف سوف ينشأ بأي طريقة عندما يترك الطفل بيئته التي توفر له الحماية والأمن، كما اعتقد أن هناك فرصة لإزالة مخاوف الطفل عن طريق إعادة الإشراط.
تطرق واطسون إلى موضوع أصل السلوك وما إذا كان وراثياً أو بيئياً، وقد بسط هذه القضية المعقدة فطرح سؤالاً بسيطاً مفاده: أوصول عازف بيانو مشهور إلى الشهرة يتم عن طريق الوراثة أم البيئة؟ وكان رأي واطسون أن كل شيء من البيئة. لقد أهمل عامل الوراثة، وركز على أن السلوك محكوم كلياً بالبيئة، وقد أكد ذلك في مقولته الشهيرة «أعطني مجموعة من الأطفال الأصحاء، جيدي التكوين، وسوف اختار أحدهم عشوائياً وأدربه ليشغل عند كبره أحد التخصصات الآتية، تاجر، طبيب، لص، محامي، رجل أعمال، وذلك وفقاً لاختياري، وبغض النظر عن مواهبه، وميوله ونزعاته، وقدراته، ومهنته، وسلالة أسلافه»، ومن هنا جاءت المعادلة الرئيسة في المدرسة السلوكية: المثير = استجابة.
ومن المبادئ التي صاغها واطسون في نظريته:
ـ أنه ينبغي على علماء النفس أن يدرسوا الحوادث البيئية (مثيرات)، والسلوك الملاحظ (استجابات).
ـ أن الخبرة تؤدي دوراً في نشوء السلوك أكثر من الوراثة، ولهذا عدّ أن التعلم موضوع مهم للبحث في مجال علم النفس.
ـ ينبغي التخلي عن الاستبطان وإفساح المجال للطرائق الموضوعية في علم النفس «كالملاحظة، التجريب، القياس».
ـ يجب أن يهدف علماء النفس إلى وصف السلوك وتفسيره والتنبؤ به.
ـ يجب بحث سلوك الحيوانات البسيطة إلى جانب سلوك الإنسان؛ لأن الكائنات البسيطة أيسر في دراستها وفهمها من الكائنات المعقدة.
وعلى الرغم من أن واطسون نفسه قد نادى بتبني أفكاره، فقد بالغ كثيراً في استنتاجاته، وهذا لا يقلّل من أهمية الأفكار التي قدمها لعلم النفس، والتي طورها فيما بعد السلوكيون الجدد، والمتمثلة في استراتيجيات البحث السلوكي التي وضعها.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث