مكسيم ويغان Maxime Weygand جنرال فرنسي كان له دور بارز في أحداث الحربين العالميتين الأولى والثانية وفي الفترة ما بين الحربين
ولد مكسيم ويغان في بروكسل (بلجيكا) ولكنه نشأ وتربى في فرنسا، وتلقى علومه الأولى في مدرسة داخلية في مرسيليا، وكان يعرف باسم مكسيم دي نيمال نسبة إلى معلمته تيريز دي نيمال Thérèse de Nimal. وتابع دراسته في ليسيه هنري الرابع، تمهيداً للانتساب إلى كلية سان سير Saint-Cyr العسكرية التي التحق بها عام 1885 طالباً من جنسية أجنبية لأنه بلجيكي بالولادة، وتخرج فيها عام 1888 بدرجة شرف. تطوع للخدمة في الجيش الفرنسي والتحق بمدرسة الخيالة في سومور Saumur وهو في سن الحادية والعشرين، واعترف به والده فرانسوا ويغان François Weygand فمنح الجنسية الفرنسية وأصبح ضابطاً شرعيا في سلاح الخيالة الفرنسي برتبة ملازم، وعُين في الفوج الرابع للخيالة الثقيلة (دراغون dragon) في شامبري Chambéry.
مهر ويغان بالفروسية، وكان صلب المراس مقرباً من مدربيه ورؤسائه. رُقي في عام 1896 إلى رتبة نقيب captain، وخدم في القطعات المقاتلة مدة طويلة، كما عمل مدرباً في مدرسة سومور، ومساعداً للجنرال بيتان[ر] Pétain. حصل عام 1913على مؤهل عال في مركز الدراسات العسكرية العليا في باريس، وشارك في عدد من المعارك الحقيقية، ولفت الأنظار إليه بانضباطه وإتقانه المهارات القتالية، فاختاره المارشال فرديناند فوش[ر] Foch عام 1914 رئيساً لأركان حربه. رُقي ويغان إلى رتبة جنرال (لواء) عام 1918 واختير عميداً لجيوش الحلفاء في مؤتمر دولن Doullens، وكان له دور بارز في هزيمة دول المحور ومفاوضات الهدنة وما بعدها، وأصبح في عام 1919 الأمين العام للجنة العسكرية العليا في فرنسا.
في عام 1920 أوفد مكسيم ويغان مستشاراً عسكرياً إلى بولندا لمساعدتها في حربها ضد البلاشفة حيث أمضى ثلاث سنوات. عين بعدها مندوباً سامياً في سورية ولبنان (تحت الانتداب الفرنسي) وقائداً عاماً لجيش الشرق (1923ـ1924) بدلاً من الجنرال غورو[ر] Gouraud، وخلفه في هذا المنصب هيريو Herriot ثم الجنرال ساراي Sarrail.
لدى عودته إلى فرنسا عين ويغان عضواً في مجلس الحرب الأعلى، ومديراً لمركز الدراسات العسكرية العليا، ثم رئيساً للأركان العامة للجيش الفرنسي (1930ـ1931)، فنائباً لرئيس مجلس الحرب الأعلى، فالقائد العام للجيش (1931ـ1935). ورشح في أثناء تلك الفترة لشغل كرسي المارشال جوفر [ر] في الأكاديمية الفرنسية، واستقبل فيها عام 1932.
تقاعد ويغان من الخدمة في أول عام 1935، وكان في الثامنة والستين من عمره. واستدعي إليها مجدداً بعد إعلان التعبئة العامة في ريناني واتفاقية ميونيخ (أيلول 1938) وسمي في منتصف عام 1939 قائداً لمسرح عمليات شرق المتوسط Thêatre d’Opérations de Méditerranée Orientale. وفي العشرين من شهر أيار/مايو سنة 1940ـ أي بعد نشوب الحرب العالمية الثانية بأيام ـ تسلم قيادة الجيوش المتحالفة بدلاً من الجنرال غاملان[ر]، وكانت الدفاعات الفرنسية قد بدأت تنهار تحت ضربات القوات الألمانية، فأوصى الحكومة الفرنسية بالتفاوض مع ألمانيا لعقد هدنة أو الاستسلام. وكان يهدف من وراء ذلك إلى المحافظة على ممتلكات فرنسا في إفريقيا وإعادة بناء القوات المناسبة لمتابعة الحرب ضد ألمانيا. وبناء على موقفه هذا قُبل أن يشغل منصب وزير الدفاع في حكومة فيشي برئاسة المارشال بيتان، مع احتفاظه بمنصب القائد العام. وأوعز بنقل الأسلحة والذخائر إلى المستعمرات الفرنسية في إفريقيا، وإخفاء الأسلحة والمواد الحربية في المناطق التي لم تُحتل من فرنسا، إضافة إلى إجراءات أخرى كانت تهدف إلى إعادة تعبئة الجيش. غير أنه دخل في خلاف شديد مع بيير لاڤال Laval الموالي لألمانيا ومع بيتان نفسه، فأُعفي من منصبه وكُلف مهمة موفد رسمي لحكومة فيشي في شمالي إفريقيا. وفي الجزائر تابع ويغان نشاطه، وتمكن من تجنيد نحو 143ألف جندي في كل من المغرب والجزائر وتونس والسنغال، ووقع اتفاقاً مع روبرت دانييل مورفي R.D.Morphy المبعوث الخاص للرئيس روزفلت لتمويل المستعمرات الفرنسية في إفريقيا. وفي أواخر سنة 1941 أعفاه بيتان من مهامه وفصله عن الخدمة بإيعاز من هتلر فتقاعد في بلدته غراس Grasse قرب كان Cannes.
بعد أن غزا الحلفاء شمالي إفريقيا (1942) فكر ويغان باللجوء إلى الجزائر عن طريق الجو، لكنه وقع في قبضة الألمان فسجن مع زوجته في قصر غارليتس Schloss Garlitz في مِكلنبورغ Mecklenbourg في أول الأمر، ثم نقل إلى قلعة إيتر Schloss Itter في التيرول Tyrol النمساوية، وحررته من السجن القوات الأمريكية في 5 أيار/مايو 1945 وسرّحته، فطار إلى باريس حيث اعتقلته الحكومة الفرنسية بإيعاز من الجنرال ديغول، وحوكم أمام المحكمة العليا بتهمة التدخل في شؤون الدولة، وتقرر وضعه رهن الاعتقال في مستشفى ڤال دي غراس Val-de-Grace، ثم سُرِّح في 9 أيار/مايو 1946. وفي 6 أيار/مايو 1948 استفاد مكسيم ويغان من العفو العام لرفضه التعاون مع الألمان، وأعيد إليه اعتباره وجميع حقوقه وامتيازاته.
ألف ويغان عدة كتب حين كان مايزال في الخدمة الفعلية، فقد نشر في عام 1931 كتاباً بعنوان «تورين» Turenne وآخر بعنوان «11 تشرين الثاني» Le 11 Novembre تحدث فيهما عن خبرته القتالية في الحرب الأولى وما بعدها. كما ألف كتابين آخرين تناول في أولهما التاريخ الحربي لمحمد علي وابنه إبراهيم باشا (1936) وبحث في الثاني في تاريخ الجيش الفرنسي (1938). ونشر مذكراته في ثلاثة مجلدات تحت عنوان «العودة إلى الخدمة» Rappelé au service ت(1950) و«عيش مثالي» Ideal vécu ت(1953) و«الوهم والواقع» Mirage et réalité ت(1957). وقد نوه به ديغول في مذكراته بقوله: «في 20 أيار 1940، عندما تولى ويغان القيادة العليا كان الأوان قد فات بلا ريب على كسب معركة فرنسا».
{{ثبت المراجع}}
==المصادر والمراجع==
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث