الحمد لله الواسع العظيم، الجواد البر الرحيم، خلق كل شيء فقدَّره، وأنزل الشرع فيسَّره، وهو الحكيم العليم، بدأ الخلق وأنهاه، وسيَّر الفَلَك وأجراه: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ* لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (38-40) سورة يس.
أحمده على ما أَوْلَى وهدى، وأشكره على ما وهب وأعطى، وأشهد أنه لا إله إلا هو الملك العلي الأعلى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على العالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد:

إن شهر رمضان قد قرب رحيله وأزف تحويله، وإنه شاهد لكم أو عليكم بما أودعتموه من الأعمال، فمن أودعه عملاً صالحاً فليحمد الله على ذلك وليبْشِر بحسن الثواب، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ومن أودعه عملاً سيئاً فليتب إلى ربه توبة نصوحاًَ، فإن الله يتوب على من تاب..

عباد الله:
إن الدنيا لا تتم  الفرحة فيها، والسعادة فيها لا تكتمل، ومهما كان الفرح فلا بد أن وراءه حزن.
جُلُّنا في هذا الشهر المبارك -ولله الحمد- صام وصلى وقام الليل وأعطى الفقراء وتصدق على المساكين، وغض البصر وختم القرآن، ودعا لإخوانه ولنفسه وعف نفسه وحفظ لسانه وامتنع عن الغيبة والنميمة، وامتنع عن سماع الأغاني وحفظ وقته من الضياع، وذاق حلاوة هذه الأعمال من أخلص واجتهد ممن وفقه الله لذلك الخير العظيم، وما هذا إلا بناء قد بنيناه وغزل قد غزلناه وصنع قد صنعناه، أبعد هذا البناء قمن لنا أن نهدمه؟ أيقول هذا عاقل؟
هل من الممكن أن يكون بعد هذا البناء من هدم، أمن المعقول أن يذهب كل هذا البناء بهذه السهولة؟!
نعم يا عبد الله: إن تركنا هذا كله قد هدمنا ما بنيناه، يقول الملك -جل وعلا- في كتابه الكريم: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (92) سورة النحل.

والمعنى: (ولا تكونوا كالتي أفسدت ما غزلته من بعد إحكام له وبرم، (وهي امرأة حمقاء من مكة كانت تغزل طول يومها ثم تنقضه) فلا تكونوا مثلها.
هذا المثل يصور حال بعضنا؛ فبمجرد انتهاء شهر رمضان سرعان ما يعود إلى المعاصي والذنوب، فهو طوال الشهر في صلاة وصيام وقيام وخشوع وبكاء ودعاء وتضرع، وهو بهذا قد أحسن غزل عباداته.. لدرجة أن أحدنا يرجو أن يتوفاه الله على تلك الحال التي هو فيها من كثرة ما يجد من لذة العبادة والطاعة، ولكنه ينقض كل هذا الغزل بعد مغرب آخر يوم في رمضان ... والكثير يسأل نفسه لماذا فعلت هذا ويستغرب، وللإجابة على هذا السؤال نقول:

(احذر الشيطان) عدو يغفل عنه الكثير ولا يعمل له حساب إلا من رحم ربي رغم علمنا بعداوته لنا وماذا يريد منا، وهو نداء أوجهه لنفسي ولكم –يا عباد الله-: أليس عيب أن يتقن الشيطان فن التخطيط وصناعة الأهداف والإصرار عليها ونجهلها نحن؟؟.. الشيطان عنده رسالة وهي أن يدخلك النار وعنده أهداف واضحة لتلك الرسالة وهي أن يجعلك تقع في المعاصي والذنوب التي تكون سبباً في دخولك النار، ونحن ما رسالتنا في الحياة ما أهدافنا ما واجبنا تجاه ديننا؟! أم أننا نعيش لنأكل ونشرب فحسب؟.
الشيطان حُبس عنا شهراً كاملاً وهو الآن يخرج ويُفك أسره ومازال مصراً على تحقيق هدفه وهو إيقاعك في المعاصي، فأول شيء يفعله معك في أول يوم بعد رمضان هو الوقوع في معصية، ومعصية ليست سهلة كي تهدم كل ما فعلته في رمضان من طاعات، فهل سنكون مستسلمين له أم أننا سنخطط عليه كما يخطط هو؟.

وهنا نقطة لطيفة أحب أن أشير إليها وهي أن الشيطان له معك خطتان واحدة قبل رمضان والثانية بعده فالتي قبل رمضان تكون في شهر شعبان، والثانية تكون في شهر شوال، فهو في شهر شعبان يحاول جاهداً أن يجعلك ترتكب أكبر قدر من المعاصي قبل الدخول على رمضان ليأتي الشهر وأنت في معصية كبيرة تؤثر عليك طوال الشهر، حتى ما إذا أفقت منها دخل شهر شوال فقابلك بمعصية أخرى وهكذا. ولنا في رسولنا -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة للخلاص من خطة الشيطان هذه، لنعيش حياتنا بأخلاقيات رمضان، فقد نبهنا الرسول الكريم وحثنا على الاهتمام بشهر شعبان فقال ذاك شهر يغفل عنه كثير من  الناس، ورغبنا بصيام أيام منه لنستعد لرمضان، ونتذكر فضل الصوم وتعتاد النفس عليه ونكون في مأمن من خطة الشيطان التي قبل رمضان ثم يأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصيام أيام من شوال وأعطى حافزاً وجائزة لمن صام وهو قوله –عليه الصلاة والسلام-: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)1.

لِمَ كل هذا يا رسول الله؟  الجــــواب:
أولاً: لتثبت على الطاعة، ثانياً: لتكون في مواجهة خطة الشيطان وخاصة في هذا الشهر من بعد رمضان.
إنه سيحاول أن يوقعك في معاصي زنا أو مشاكل أسرية أو مشاكل مع الأصدقاء أو ترك للطاعات ومشاهدة الأفلام، المهم أي شيء يخرجك من جو الطاعة لتكون صيد سهل له؛ لأنه في لحظة خروجه يخرج هائجاً مغتاظاً فكل ما فعله معك طوال العام وما أوقعك فيه من معاصي قد غفر لك في شهر (انظر إلى الإصرار منه على دخولك النار) فهو يريد أن يضيع عليك ما كسبته من أجر في هذا الشهر في يوم واحد ليثبت لك أن لا فائدة منك وأنك مهما كنت طائعاً فمن السهل أن تقع في المعصية، وعلاج هذه النقطة هو الثبات على الطاعة لمدة أسبوع بعد رمضان لتجبر الشيطان على تغيير خطته معك بصيام الست من شوال والحرص على الطاعات التي طالما اجتهدت في أدائها خلال الشهر الكريم.
إذاً فلننظر ولنتأمل ولنتفحص حالنا، فإن من دلائل قبول الأعمال هو استمرارها، وبدون استمرار فلا فائدة مما قد عملناه، وكما ورد في الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ). وقال: (اكْلَفُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ)2.

فعلينا أن نستمر في أعمالنا؛ فنحن عبيد للرحمن لا عبيد لرمضان، علينا بالمداومة على ختم القرآن ولو في فترة أكبر، فقد ورد في سنن الترمذي عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ)3.
علينا أيها المسلمون- بقيام الليل ولو بركعتين، فقد ورد في سنن أبي داوود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لَا تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لَا يَدَعُهُ وَكَانَ إِذَا مَرِضَ أَوْ كَسِلَ صَلَّى قَاعِدًا)4.
علينا بالتصدق وإعطاء الفقراء، فقد ورد في صحيح البخاري عن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ)5.

علينا بالصيام ولو ثلاثة أيام كل شهر، حيث ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ"6.
عليك-يا عبد الله وأنت يا أمة الله- بغض البصر، فالله يقول: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (30) سورة النور. ويقول: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ..} (31) سورة النور.

الخطبة  الثانية:

الحمد لله الذي نصب من كل كائن على وحدانيته برهاناً، وتصرف في خليقته كما شاء عزاً وسلطاناً، واختار المتقين فوهب لهم أمناً وإيماناً، وعم المذنبين بحلمه ورحمته عفواً وغفراناً، ولم يقطع أرزاق أهل معصيته جوداً وامتناناً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مخلص من قلبه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى من حزبه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، وسلم تسليماً.
عبد الله:

إياك وهبوط العزيمة بعد رمضان، ولكي تكون -أخي المسلم- ربانياً لا رمضانياً فنوصيك بأشياء فهي تساعدك -بإذن الله- على تثبيت مستواك الإيماني وتعيش طوال العام بكثير من الأخلاقيات التعبدية والمعاملاتية التي اكتسبتها في رمضان.
من الأشياء التي تسر النظر وتفرح القلب وتشرح الصدر في رمضان منظر المسجد وهو مملوء بالمصلين في الخمس صلوات فعينك تقع إما على راكع أو ساجد أو مبتهل بالدعاء وإما قارئ للقرآن. تجد الكل مملوء بالطاقة والحيوية والعزيمة والنشاط ومع أول أيام العيد يحدث الفتور والكسل والخمول فمنا من يؤخر الصلاة ومنا من يقوم بوضع المصحف في المكتبة لرمضان القادم ويترك الدعاء حتى قيام الليل.. إذاً ماذا نفعل لنحافظ على هذه الطاقة. هنا يجب أن نتفق على أن نلتزم بخمس أشياء بعد رمضان ولا نفرط فيها بأي حال من الأحوال فمثل ما نأكل ونشرب ونحافظ على الأكل يوميا لتغذية البدن نحافظ أيضاً على هذه الخمسة أشياء لتغذية الروح: عليك بالمحافظة على الصلوات الخمس جماعة وخصوصاً صلاة الفجر.

فنحن أثبتنا لأنفسنا في رمضان أننا قادرون على أداء صلاة الجماعة في المسجد وقادرون على صلاة الفجر يومياً فلنحافظ بعد رمضان على الصلوات في المسجد ولا تدع فرصة للشيطان.
ولا تكن ممن يقرأ القرآن في رمضان فقط فالقرآن أنزل لنتلوه في رمضان وغير رمضان ... أنت استطعت أن تقرأ كل يوم جزءاً أو جزئيين أو ثلاث واجتهدت في ذلك وخصصت وقت لذلك من يومك فحاول أن تجعل لنفسك ورداً يومياً ثابت من القرآن ولو صفحة واحدة يومياً.

اجتهد بعد رمضان على أن تحافظ على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وأذكار الخروج من المنزل، استغل وقت فراغك في العمل أو ذهابك إليه بذكر الله.
اختر من يعينك على طاعة الله فالمرء على دين خليله والأخلاء بعضهم يومئذ لبعض عدو إلا المتقين، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، فاختر صاحباً إذا رأى منك معصية حذرك وذلك على طريق الخير، وكما تريد أنت صديق حسن الخلق فصديقك يريد أيضاً صاحب يشد على يديه فانوِ الخير في نفسك لتنال ما تريد، كما لا تحرم نفسك -أيضاً- من قيام الليل ولمعرفة فضل القيام ابحث عن فضله، والصوم أيضا فهناك صيام الاثنين والخميس والأيام البيض من كل شهر هجري ، اختر لنفسك ما تستطيع فعله من الطاعات المهم أن تحدث تغييراً في حياتك بعد رمضان إلى الأحسن وانتصر على نفسك وشيطانك.

أيها المسلمون:
شهر رمضان فرصة للتغيير، فرصه لكسب المزيد من المهارات، ففي رمضان نتعلم كيف ننظم الوقت نأكل في موعد محدد، ونمسك عن الطعام في وقت محدد، وتتعلم منه أيضاً فن الاتزان فنحن في رمضان نوازن بين غذاء الروح وغذاء البدن، وفي بقية شهور السنة نركز على غذاء البدن ونهمل غذاء الروح فيحدث الكسل والفتور وعدم المقدرة على العبادة، أما في رمضان فيزيد تركيزنا على غذاء الروح مثل الذكر، قيام الليل، القرآن، فتنشط الروح، وإذا نشطت الروح أصبح الجسد قادراً على الطاعة والزيادة فيها، ونتعلم من رمضان أيضاً الصبر والمسامحة والإيثار فكثيراً ما تجد على مائدة الإفطار أخوة لك قبل أن يأكل أحدهم تمرته ينظر إلى من بجانبه فإن لم يجد أمامه تمراً آثره على نفسه، فلماذا بعد رمضان نترك كل هذا بعد أن تعودنا عليه؟! ومثال حي لرجل يمتلك سيارة قام بإدخالها إلى مركز الصيانة لعمل صيانة لها وإصلاح ما فسد فيها ثم بعد أن تمت عملية الصيانة اللازمة لها وتزويدها بالبنزين أوقف السيارة ولم يستعملها ... فهل هذا معقول بعد أن أصبحت السيارة قادرة على السيرة بسرعة وبقوة يتركها. فلماذا بعد رمضان بعد أن يتم شحن الإيمان فينا ونصبح قادرين على المضي في طريق الهداية والإيمان نتوقف ونهمل أنفسنا، نتصالح مع الشيطان ونركز على البدن في الغذاء لا على الروح والبدن معاً.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم  تقبل منا صالح العمل واجعله خالصاً لوجهك الكريم، وتقبل منا رمضان وأعنا على الطاعة بعده، إنك سميع قريب.

وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين،
والحمد لله رب العالمين7.

1 رواه مسلم -1984- (6/66).
2 رواه البخاري -5984- (20/101).
3 رواه الترمذي -2835- (10/153)وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (1416).
4 رواه أبو داود -112- (4/71) وصححه الألباني في سنن أبي داود برقم (1307).
5 رواه البخاري -1338- (5/248)ومسلم -1715- (5/234) واللفظ للبخاري.
6 رواه البخاري -1107- (4/363) ومسلم -1182- (4/48) واللفظ للبخاري.
7 المراجع: http://saaid.net/mktarat/ramadan/174.htm       
  مجالس شهر رمضان – للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله)(بتصرف)

المراجع

alimam.ws

التصانيف

المعرفة   الدّيانات