الكبت repression هو وسيلة دفاع نفسي أولية، وآلية تكيف يستخدمها الفرد لدفع ما ليس مقبولاً على المستوى الشعوري إلى ساحة اللاشعور، مثل النسيان الشعوري للأحداث التي يؤدي تذكرها إلى إيلام الفرد وتوتره، أو لأنها تهدد ذاته الشعورية، أو لأن محتوياتها غير مقبولة اجتماعياً. ويُعد الكبت آلية تحايل وليس وسيلة بناء؛ لأنه لا يحل المشكلة ويصرف التوتر الناجم عن معاناتها، بل يعمد إلى حصرها في إطار ما، أو تجاوزها؛ لذلك فالكبت يعوق الشخص عن اكتساب خبرة جديدة في المجال الذي أقلقه ودعاه إلى كبت تأثيره، وكأن ميدان الحادثة المكبوتة يصبح خطيراً يخشى الفرد الاقتراب منه.
علاقة الكبت باللاشعور
ترى مدرسة التحليل النفسي psychoanalysis أن اللاشعور مفصول فصلاً أساسياً عن الشعور، وهو مستودع الميول والرغبات الطفولية والغريزية غير المقبولة اجتماعياً، ويهدف إلى الإشباع الفوري، ويعمل وفق مبدأ اللذة، ولذلك تقوم الأنا التي تخضع لمبدأ الواقع والشعور بدور (الكابت) لمحتويات اللاشعور (المكبوت) أو تأجيل إشباعها، أو التنازل عنها، أو إيجاد البدائل المناسبة.
إن نظام الطاقة في الإنسان حسب نظرية التحليل النفسي شبيه بنظام هيدروليكي مُغلق لايسمح للضغط الذي يتولد منه بأن ينفذ من أي اتجاه، لذلك فإن الاندفاعات أو المشاعر القوية المكبوتة يمكن أن تظهر، إما من خلال زلات اللسان، وإما من خلال القلم، وإما عن طريق الأحلام التي يمكن أن تظهر رموزها المتكررة ضغط الأفكار المكبوتة للتعبير عن نفسها. فقد ذكر فرويد[ر] S.Freud مثالاً عن زلات اللسان، أن أحد مديري العمل، عندما نُقل من مركزه إلى مكان آخر، وأقام له مرؤوسوه حفلاً تكريمياً، وقف أحدهم-وكان يكره المدير- ليلقي كلمة في الحفل، فقال إننا نجتمع اليوم «لتأبين» رئيسنا بدلاً من أن يقول «لتكريم».
أنواع الكبت
عندما يولد الإنسان، تكون الأنا ضعيفة ويؤلف الهو (اللاشعور) كل جهازه النفسي، غير أن التربية والتنشئة الاجتماعية للطفل تواجهان اندفاعه وراء الإشباع الأعمى لمتطلباته الغريزية، ويتطور عمل الأنا لديه في السيطرة على الدوافع الأولية، مما يؤدي إلى الكبت الأولي. ومع نمو الأنا وتكاملها يبدأ الكبت المعقد - حيث تُستبقى مشتقات وشواهد الدافع المقنَّعة لا شعورياً (استخدام رموز عن الدافع المكبوت) كما هو في رموز الأحلام الجنسية.
ويختلف الكبت عن الكظم من حيث الدرجة ومن حيث الشدة النفسية، فالكظم حالة عابرة تنتج من خلال سلوك الفرد الذاتي ويمكن تجاوزها عبر التنفيس عنها. أما الكبت فقد تتضافر فيه العوامل الذاتية والخارجية الضاغطة أو الكابتة.
مراحل الكبت
يُستخدم الكبت في البداية على مستوى الشعور، من خلال تناسي وإبعاد كل ما يهدد الشخصية ويقلقها، إلى أن يصبح وسيلة دفاع أولية أمام أي تهديد للشخصية على المستوى اللاشعوري. وقد بينت معظم الدراسات أن الكبت الزائد قد يؤدي إلى ظهور اضطرابات عضوية (بدنية) نفسية المنشأ مثل الهستيريا التحويلية conversion hysteria بسبب الصراعات المكبوتة.
الوقاية والعلاج
ينطوي الكبت على عوامل ذاتية وخارجية كابتة، تؤدي إلى آثار كثيرة وعميقة في الفرد الذي يعاني الكبت. وإن ما يعانيه المكبوت من سوء تكيف يستدعي من المحيطين به عنايته ورعايته. وتتحقق الوقاية من الكبت باتباع أمور يأتي في مقدمتها تضافر جهود الأسرة والمدرسة في مساعدة الفرد لتجنب الاضطرابات التي يمكن أن تؤدي إلى الكبت، أو الوصول إلى الحالة الزائدة منه في حال حصوله، والعمل على علاجه ما أمكن بتحقيق:
ـ محو الخبرات المكبوتة.
ـ الوصول إلى مسالك مناسبة للتفريغ بهدف تقصير فترة الكبت.
ـ تحرير المكبوت من دائرة اللاشعور وجعله شعورياً.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث