ظاهرة العولمة

 
العولمة، بوقعها السريع التأثير وواقعها السريع الانتشار؛ ظاهرة توشك أن تغدو الأكثر سيطرةً، فضلاً على أنها الأكثر تداولاً، إذ ما كاد الغرب يفرغ من ابتكار هذه المسكوكة الاصطلاحية الجديدة المسماة بالعولمة حتى أصبحت المفهوم الأول بلا منازع في كثرة التداول وسرعة الانتشار. وعلى الرغم من ذلك فليس لها قراءة واحدة تحظى باتفاقٍ واسعٍ، بل إن السؤال المتجدد مع ما قيل فيها، يقول ما هي العولمة؟ لمصلحة من تعمل؟ ما هي القوى والآليات التي تعمل من خلالها؟.
 
يعزو بعضهم ظاهرة «العولمة» إلى حركة الإيقاع السريع، التي باتت تجسد روح العصر، مما أوجد حاجة ماسة إلى اختراع مصطلحٍ جديدٍ لمفهوم، كان مخفياً في التفكير سمي بالعولمة globalization أو الكوننة mondialisation، وأول من أطلقه معرفياً عالم الاجتماع الكندي «مارشال ماك لوهان»، إبان صياغته مفهوم القرية الكونية global village في نهاية عقد الستينات. وقد تنبأ بأن الولايات المتحدة ستخسر الحرب في فيتنام، حتى إن لم تهزم عسكرياً، لأنها تحولت إلى «حربٍ تلفزيونية» لن تسمح للأمريكيين بأن يستمروا في قصفهم لذاك البلد دون أي احتجاجات ودون أي قصاص.
 
وتبنى هذه الفكرة بعده «زبيغينو بريجنسكي» الذي أصبح، فيما بعد، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي «كارتر»، وعمل على أن تقدم أمريكا، التي تمتلك 65% من المادة الإعلامية العالمية، نموذجاً كونياً للحداثة، أمريكي القلب والوجه واللسان، وانتشرت الحداثة الأمريكية على مستوى العالم بسرعةٍ كبيرةٍ في الأوساط المختلفة، بينما بدأت الإيديولوجية «السوڤييتية» التي اعتمدت منطق الدبلوماسية والشعارات الثقيلة، بالاحتقان والضمور يوماً بعد آخر، ثم أفلت بمفاهيمها الاشتراكية والبروليتارية إبان الشروع في إصلاحها، لتحل محلها ثورة المعلومات.
 

مضمون العولمة وآفاقها في الفكر الغربي

 
إن الإحاطة بكل ما أنتجه الفكر الغربي في تعريفه ظاهرة العولمة أمر يقرب من المحال، لذا يجدر الإشارة إلى أهم التعريفات التي قيلت فيها.
 
ـ يرى «أنتوني ماجرو» أن هناك أربع عمليات أساسية للعولمة، وهي على التوالي: المنافسة بين القوى العظمى، والابتكار التكنولوجي، وانتشار عولمة الإنتاج والتبادل، والتحديث.
 
ـ أما «جيمس روزناو» فيرى أن مفهوم العولمة يقيم علاقة بين مستويات متعددة للتحليل، الاقتصاد، السياسة، الثقافة، الإيديولوجية، وكذا إعادة تنظيم الإنتاج وتداخل الصناعات عبر الحدود وانتشار أسواق التمويل، وأيضاً تماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول، وتتقاطع أيضاً مع نتائج الصراعات بين أصحاب البلاد والمجموعات المهاجرة.
 
ـ وعند «روتشيلد» Rothschild يتطابق مفهوما العولمة و«الدولنة» internationalization، فكلاهما يستخدمان للدلالة على ظاهرة حديثة العهد، تعود جذورها إلى عشرين سنة ماضية فقط، ولكنها على الرغم من ذلك تسعى لأن تكون تاريخاً للحاضر والمستقبل لما تحفل به من إمكانات هائلة تسهم في سيطرتها على السياسات القائمة.
 
ـ أما «جان كوب»؛ فيورد رأيه عن العولمة في معرض تعليقه على كتاب «توماس فريدمان» المسمى The Lexus and the Olive Tree: Understanding Globalization، ويخلص إلى أن الحرب الباردة، أطاحت بآراء ماركس وكينز التي حاولت ـ كل على طريقته ـ ترويض الرأسمالية، ثم يبايع رأي «فريدمان» في أن العولمة جسدت كل مظاهر الرأسمالية العالمية، وقد تجلّت في ستة أبعادٍ منفصلةٍ هي: السياسات، الثقافة، والتكنولوجيا، والمال، والأمن القومي والبيئي.
 
ـ في حين أن «بيتر ماركوس» كان أكثر تحديداً في تصوره للعولمة، إذ قال: «قد لايتضمن مفهوم العولمة شيئاً جديداً تحت الشمس، ولكنها شكل جديد للرأسمالية، أحاطت من خلاله العلاقات الرأسمالية كافة الأبعاد والمجالات الإنسانية».
 
ـ أما كرني Kearney في بحثه المعنون «مقاييس العولمة»، فقد أكد الظاهرة وشيوع تداولها بين الناس، فالكل يتحدث عن العولمة، ولكن أحداً لم يحاول قياس مداها حتى اليوم على الأقل، ثم ذهب إلى تقرير جملة من الحقائق منها:
 
1ـ أن البيانات الأخيرة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، كشفت عن أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر قد تضاعف مرتين في الفترة من 1995ـ 1999.
 
2ـ أن رأس المال النقدي أوشك أن يفلت من عقاله، إذ إن هناك كتلة نقدية مقدارها 1.5 تريليون دولار،  يتم تداولها يومياً في شتى أرجاء العالم.
 
3ـ أن القفزات الهائلة في تكنولوجيا المعلومات قد أضافت قنوات جديدة يمكن للعولمة أن تتدفق من خلالها.
 
ولا يفوت كرني Kearney الإعلان أن أقطار العالم ليست على قدم المساواة في المساهمة بالمتغيرات الجديدة في الاقتصاد العالمي، حتى يصل إلى القول: «إن نقاد العولمة، يدعـون، أنها تزيد في تعميق عـدم المساواة ويطالبون بمساواة أكبر مع الآخرين، ولكنه خلص إلى نتيجةٍ مهمة مؤداها؛ أن الاستثمار الأجنبي المباشر، والمكالمات الدولية وخدمات الإنترنت وسواها من مظاهر العولمة، كلها خدمات فردية موجهة للفرد، وهذا جوهر هذه الظاهرة التي كثر الجدل حولها».
 
أما «روبرت كوهن»؛ وهو أحد أقطاب مدرسة الاعتماد المتبادل، فيقرر أن: «العولمة ظهرت مدوية في عقد التسعينات من القرن العشرين، كما ظهرت، بالصورة ذاتها، عبارة الاعتماد المتبادل في سبعينات القرن ذاته، وأن ملامح الاعتماد المتبادل التي وضعت منذ 20 سنة مضت ما زالت قابلة للتطبيق على عولمة الألفية الجديدة». إن العولمة والاعتماد المتبادل كليهما، مثلهما مثل الكثير من المفاهيم الواسعة الانتشار، يملكان معاني عدة. ولفهم الناس عندما يتحدثون عنها بمفاهيمهم وتحليلاتهم، ينبغي معرفة ذلك تماماً؛ أي إنهم يتحدثون عنها من منطلقاتٍ وخلفياتٍ جد مختلفة.
 
ـ أما الكاتب والصحفي الأمريكي «توماس فريدمان» فقد جعل من العولمة قضية العصر الأولى؛ لأنه في قيادة الطليعة الداعية لها بحماسٍ شديدٍ، وقد تنامت شهرته بعد نشر كتابه المسمى: The Lexus and the Olive Tree:Understanding Globalization، وهذا العنوان وهو اسم يطلق على أحدث سيارة صنعت حتى تاريخه ينطوي على تسميةٍ رمزيةٍ لظاهرة العولمةLexus والقوى الراسخة التي سوف تواجهها؛ أي إن الصراع بين Lexus بصفتها الأحدث، الأسرع، الأقوى، وبين شجرة الزيتون بكل ما تعنيه من عراقة وأصالة؛ هو السمة المسيطرة على الحقبة التالية. وينطلق «فريدمان» في تحليلاته من التسليم بأن حقبة الحرب الباردة قامت على مبدأ توازن القوى، وإنه بعد نهايتها تعددت المسميات للحقبة التالية حتى جاءت العولمة، فتربعت عليها باسمها ومقوماتها، ثم يمضي لاستعراض المواقف المتباينة منها ويخلص إلى حتميتها.
 
ـ أما كوزكينمي Koskenniem: فيغوص إلى جوهر الظاهرة؛ أي غايتها القصوى في تنميط العالم بالنمط الغربي ـ الأمريكي خاصة بقوله: «إن هناك عدة أنماط فيما يتعلق بالثقافة المعاصرة، مثل أنماط العمارة والطعام، والحياة اليومية، والأثاث واللباس، كلها يمكن أن تغدو عالمية الوجود، وإن هذا سوف يترافق بتغيراتٍ في ظروف الحياة السياسية».
 
ـ وتناول Byers العولمة مفهوماً قائماً بذاته وشرع بتأصيله على هذا النحو، إذ إن العولمة، وفقاً لهذا التوجه، تظهر ببعدين رئيسين هما:
 
البعد الأول: يتناول العولمة ظاهرةٍ شموليةٍ universal phenomenon.
 
البعد الثاني: يتناول العولمة ظاهرة أحادية البعد.
 
بدأت العولمة بوصفها ظاهرةٍ شموليةٍ، منذ القرن التاسع عشر حينما بدأ الإرسال البرقي بنجاح في عام 1958، وعملية إنشاء «اقتصاد العالم» مازالت جاريةً حتى هذا اليوم، وهناك جوانب التعاون متعدد الأطراف، والعلاقات الثقافية التي تجد تحفظاتٍ عليها حتى داخل مجموعة الدول الغربية، فرنسا مثلاً. أما البعد الواحد فهو نهوض هذه الظاهرة على اقتصادات المنفعة وإحلال العلاقات الاقتصادية الليبرالية في جوانب العلاقات الإنسانية كلها.
 
ـ وتتناول «آن ماري بور لي» موضوع العولمة من زاويةٍ أثيرةٍ في الفكر القانوني الغربي المعاصر، هي زاوية الليبرالية بتجلياتها المختلفة. وفي عرضها لآراء ندوة بحثت في متغيرات المرحلة الراهنة من تاريخ التنظيم الدولي المعاصر، رجحت فيها كفة أنصار «الكانتية الجديدة» ـ (من كنت) هي بدعة غربية تمثلت في آراء «كنت» في العالمية الليبرالية ـ خلصت إلى بلورتها في ثلاثة أنساقٍ متصلة الجذور هي:
 
ـ أن عصر الأمم The age of nations قد انتهى وأن العصر التالي: عصر كوكب الإنسانية A global age of humanity.
 
ـ أنه حتى مع التسليم بأن عصر الأمم قد انتهى، فالبديل هو عصر الأمم الجديدة an age of new nations.
 
ـ أن الإطار الجيوبوليتكي للألفية الجديدة، لن يكون للعالمية، ولا للقومية ولكن للعالمية الليبرالية.
 

تعريف العولمة وانعكاسها في الفكر العربي

 
1ـ التعريفات الوصفية:
 
أ ـ عرّف بعضهم العولمة أنها: «أحد أشكال الهيمنة الغربية الجديدة، التي تعبر عن المركزية الأوربية في العصر الحديث، والتي بدأت منذ الكشوف الجغرافية في القرن الخامس عشر…، والعولمة تعبير عن مركزية دفينة في الوعي الأوربي تقوم على عنصرية عرقية، وعلى الرغبة في الهيمنة والسيطرة».
 
ب ـ وعرّفها آخرون أنها: «حدث كوني له بعده الوجودي، إنها ظاهرة جديدة على مسرح التاريخ، أوجدت واقعاً تغير معه العالم عما كان عليه بجغرافيته وحركته، بنظامه وآليات اشتغاله، بإمكانياته وآفاقه المحتملة».
 
ج ـ في حين أن هناك من يؤكد أن «التقليعة النظرية الوهمية المسماة عولمة هي الرأسمال الأمريكي + العسكرية الأمريكية = بلطجة من طرازٍ تقني رفيع، هكذا يتوسع الرأسمال الأمريكي وهو يحمل في يده مسدساً، إنه توسع نووي جديد».
 
2ـ التعريفات التحليلية للعولمة:
 
أ ـ من منطلق تحليلي عرّفها بعضهم بالقول «إن العولمة، من خلال السياسات الليبرالية الحديثة التي تعتمد عليها، إنما ترسم لنا صورة المستقبل بالعودة للماضي السحيق للرأسمالية. فبعد قرنٍ طغت فيه الأفكار الاشتراكية والديمقراطية ومبادئ العدالة الاجتماعية، تلوح الآن في الأفق حركة مضادة تقتلع كل ما حققته الطبقة العامة والطبقة الوسطى من مكتسبات. وليست زيادة البطالة، وانخفاض الأجور، وتدهور مستويات المعيشة، وتقلص الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة، وإطلاق آليات السوق، وابتعاد الحكومات عن التدخل في النشاط الاقتصادي وحصر دورها في «حراسة النظام»، وتفاقم التفاوت في توزيع الدخل والثروة بين المواطنين ـ وهي الأمور التي ترسم الآن ملامح الحياة الاقتصادية والاجتماعية في غالبية دول العالم ـ كل هذه الأمور ليست في الحقيقة إلا عودة لذات الأوضاع التي ميزت البدايات الأولى للنظام الرأسمالي إبان مرحلة الثورة الصناعية (1750ـ 1850)، وهي أمور سوف تزداد سوءاً مع السرعة، التي تتحرك بها عجلات العولمة المستندة إلى الليبرالية الحديثة ».
 
ج ـ واكتفى آخرون بتأكيد: «أن العولمة تتخذ أبعاداً كثيرة، غير أن التنميط uniformalization أو التوحيد unification الثقافي للعالم كله، حاز قصب السبق فيها عبر إعمال آليات استراتيجية الهيمنة والتبعية، باعتبارها الأوفى لتحقيق مبدأ التنميط. وبذلك أصبحت العولمة ـ وفقاً لهذا التوجه ـ تعني السيادة المطلقة ليس لنموذج اقتصادي وحسب، وإنما سيادة النظام الكوني الأمريكي الموحد عبر آلياته وأهدافه التي تؤكد على ذلك يوماً بعد يوم».
 
د ـ بيد أن هناك من يرى: «أن الأمركة Americanization ليست ثمرةً للعولمة، ولكنها أحد أركانها. فالعولمة ليست نظاماً عالمياً أو نموذجاً للحياة، نشأ نتيجة تفاعل طبيعي للثقافات العالمية، ولكنه نظام جديد من العلاقات بين الثقافات… نشأ في سياق صراع التكتلات الرأسمالية الكبرى على الهيمنة العالمية. إنه يعكس هذه الهيمنة في بنيته العميقة، ويكرس الموقع المتميز للولايات المتحدة فيها».
 
هـ ـ في حين أن هناك من يمضي إلى تأكيد أن: «العولمة هي حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء، في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ… باختصار، العولمة هي تسليع كل شيء  the commodification of everything بصورةٍ أو بأخرى».
 
و ـ والعولمة ـ كما يقرر آخرون ـ نظام عالمي جديد له أدواته ووسائله وعناصره وآلياته، التي أطاحت بالكيانات المؤدلجة التي كانت بمنزلة رموز مقدسة، وزعزعت دول السيادات القومية فباتت زاحفةً في طريقها نحو التعولم، وطالت العولمة ثقافات الشعوب وعاداتها وتقاليدها التي كانت إلى عهدٍ قريبٍ عوالم تكتنفها الغرابة والقداسة والخصوصية، ويصل أصحاب هذا الرأي إلى القول: «هكذا تأتي فلسفة العولمة لتجسد حصيلة كل ما حفل به التاريخ الحديث للبشرية، لتأسيس مجتمع عولمي جديد للإنسان يستمد جزءاً ـ حتى لو كان يسيراً ـ في منطلقاته مما حفل به القرن التاسع عشر كولونيالياً، ومما حفل به القرن العشرين إمبريالياً من أجل تأسيس القرن الحادي والعشرين «كابتالياً» بمعنى: «إذا كان الأول عسكرياً، وإذا كان الثاني سياسي؛  فإن الثالث سيكون لا محالة اقتصادياً بالدرجة الأساس». والعولمة تسير مسلحةً بالقنوات الفضائية والإلكترونيات والحاسبات والإنترنت ووسائل الاتصالات الجديدة والعلوم الفيزيائية والجينية والبيئية والطبيعية والاجتماعية… والثورة الموسوعية، التي دفعت «وليم ماركيز» إلى القول: «إن ما حققه الإنسان في السنوات العشرين الأخيرة يتفوق على منجزاته كلها عبر آلاف السنين».
 

آليات العولمة ومخاطرها على سيادة الدولة

 
1ـ انكماش مبدأ السيادة: يتعرض البناء القانوني لمفهوم السيادة، لاختبارٍ قاسٍ اليوم بوساطة الأنشطة العولمية عابرة الحدود، إذ أوشكت الدولة أن تغدو عاجزة عن ممارسة بعض اختصاصاتها، خاصة فيما يتعلق بالسيطرة على الأموال والسيولة النقدية ودوائر المعلوماتية، علاوة على أنها باتت مجبرة على أن تتخلى عن كثير من مظاهر السيادة كي تسهم مباشرة أو بشكلٍ غير مباشر في برنامج التجارة العالمية.
 
2ـ تنامي نزعة التفكك: أضحت نزعة التجزئة إحدى الأفكار المسيطرة على معظم سنوات العقد الأخير للقرن العشرين في أرجاءٍ كثيرةٍ من العالم، وقد ترافقت مع نهوض مفهومٍ جديدٍ للحرب، ألا وهي «الحـرب البينيـة»، إذ خلافاً للحروب التقليدية التي نشبت في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، لم تعد رحى الحرب تدور بين الدول، بل صارت تدور داخل الدول نفسها، حتى أوربا لم ينفعها ما كانت تدعيه من احترامٍ لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، وما تحيط نفسها به من منظماتٍ ومحاكمٍ تحمي الأمن والسلام فيها. بيد أن تلك الأحداث التي عصفت بأوربا ـ وأجزاء أخرى من العالم ـ ما كانت حدثاً عارضاً، لأنها جاءت نتيجةً استباقية لظاهرة العولمة. فالتجزئة التي تعدت الوحدة السياسية إلى معطيات الجغرافيا والتاريخ أيضاً، جعلت منها مؤشراً كاشفاً للحقائق التي نهض عليها التنظيم الدولي في شكله الجديد المتمثل في منظمة التجارة العالمية WTO [ر] وفي التعامل التجاري المعاصر المتمثل في الاحتكارات الغربية المتمثلة في الشركات المتعددة الجنسيات[ر].
 
إذن: فعالم اليوم يكابد العولمة وسيبقى يعاني آثارها، في حين ينعم بفيئها المستفيدون منها من قوى اقتصادية عظمى، وسيبقى الحال على هذا المنوال إلى أن يعود توازن القوى الاقتصادي ومن ثم السياسي ولايستطيع أحد أن يقدر متى يحدث ذلك.
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث