الآلية المؤازرة servomechanism هي منظومة تحكم كهربائية ميكانيكية ذات تغذية خلفية feedback تساعد على التحكم في حركة منظومات ميكانيكية كبيرة وتنظيمها باستخدام جهود ضئيلة في المشغِّل. وفيها يتم التحكم في الموضع والسرعة الخطيين أو الزاويين للجزء المتحرك من المنظومة.

لمحة تاريخية

إن أقدم أنواع الآلية المؤازرة المعروفة بدقة هي آليات التحكم في دوران دواليب الماء وما يماثلها من الأجهزة الآلية الميكانيكية التي شرحها العالم العربي بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري شرحاً مفصلاً وموثوقاً بعدد من الرسوم التوضيحية. ولقد عُرف العرب منذ العصر العباسي في القرن التاسع الميلادي بدقة صناعتهم للساعات التي ليست بالحقيقة إلا آلية مؤازرة للتحكم في الموضع والسرعة.
وفي القرن الثامن عشر اخترع العالم الإنكليزي جيمس واط James Watt المنظِّم ذا الكريات الذي استخدمت فيه خاصية القوة النابذة المركزية لتنظيم السرعة الزاويّة لدوران المحرك البخاري. وما يزال منظم واط مستخدماً حتى الوقت الحاضر في قيادة كثير من المنظومات الميكانيكية الدوّارة كمحركات الديزل الضخمة والعنفات المائية.
ولقد طُوِّر مفهوم الآلية المؤازرة بشكله المتقدم في الحرب العالمية الثانية حتى غدت أجهزة الرادار قادرة على ملاحقة الطائرات السريعة جداً. فعندما يلتقط الرادار هدفاً ما تتولد في الجهاز إشارة تبين لمنظومة التحكم مقدار انحراف حزمة أشعة الرادار عن الاتجاه الحقيقي للهدف. وتستمر منظومة التحكم هذه في تتبع المعلومات من دون انقطاع لإعادة توجيه الحزمة نحو الهدف، كما تستفيد آليات مؤازرة أخرى من مثل هذه المعلومات لتوجيه الأسلحة المضادة للطائرات التي تعمل بمساعدة الرادار.

خواص الآلية المؤازرة

الآلية المؤازرة هي حالة خاصة من منظومات التحكم ذات التغذية الخلفية المعروفة. ويستعمل مصطلح «المؤازرة» مقابلاً للبادئة servo في اللغات الأجنبية التي تستعمل غالباً في النظم الميكانيكية بدلاً من كلمة تغذية خلفية عندما يكون المتغير المتَحكَّم فيه هو الموضع، أو أحد مشتقاته، بالنسبة إلى الزمن. والغاية الأساسية من الآلية المؤازرة هي تحقيق هدف أو أكثر من الأهداف التالية:
ـ التحكم الدقيق في حركة محور أو جسم ما من دون الحاجة إلى الإنسان (تحكم آلي automatic control).
 
ـ الحفاظ على الدقة accuracy على الرغم من تغير الحمل الميكانيكي للمنظومة (ضبط regulation).
ـ التحكم في الأحمال الكبيرة التي تتطلب استطاعات عالية عن طريق إشارات قيادة مرجعية منخفضة الجهد (مكبر استطاعة power amplifier).
ـ التحكم في أحمال ميكانيكية وقيادتها بوساطة  دخل input ميكانيكي بعيد من دون ربط ميكانيكي بينهما (التحكم من بعد telecommand).
ويبين الشكل1 الأجزاء الرئيسية المكونة للآلية المؤازرة لمنظومة تحكم ذات دارة مغلقة بحلقة تغذية خلفية حيث ينتج العمل المؤثر في المنظومة المقودة من تضخيم الفرق بين القيمة المرغوب فيها لمعامل الخرج (إشارة الدخل المرجعية) والقيمة الفعلية للخرج output المتحكَّم فيه، فيتطور عمل المنظومة في كل لحظة تطوراً يتناقص الفرق فيه إلى قيمة صغيرة جداً مع وجود تغيرات في القيمة المتحكم فيها، ووجود مؤثر خارجي (تشويش خارجي) يؤثر في المنظومة المتحكم فيها. وقد يكون العمل المؤثر في هذه المنظومة عملاً تناسبياً بسيطاً أو تكاملياً أو تفاضلياً أو مجموعة من هذه الأعمال، وذلك للتوفيق بين شروط الاستقرار وسرعة الاستجابة والدقة، أما عنصر التشغيل أو المشغِّل فيكون محركاً كهربائياً أو هيدروليكياً hydraulic. وأما مضخم الفرق فقد يكون كهربائياً أو إلكترونياً أو مغناطيسياً أو بالهواء المضغوط pneumatic أو مختلطاً وقد تكون المسافة الموجودة بين عناصر القيادة والتحكم والآلية المتحكم فيها كبيرة أو كبيرة جداً، مثل حالة التحكم في المركبات الفضائية من المحطات الأرضية، وتسمى هذه العملية «التحكم من بعد» remote control أو telecommand.
 

الآلية المؤازرة للتحكم في السرعة والموضع

في منظومة التحكم في السرعة يكون المعامل المتحكّم فيه سرعة خطية أو زاوية، وتقاس السرعة الزاوية الفعلية للمنظومة إما بوساطة أجهزة ميكانيكية تعتمد على مبدأ القوة النابذة مثل واط ذي البطاقتين (الكرتين) وإما عن طريق أجهزة كهربائية مثل مقياس السرعة الزاوية الكهربائية ذي التيار المستمر أو المتناوب، الذي هو مولد كهربائي يولد جهداً يتناسب خطياً مع سرعة دوران محوره. وينشأ عن الموازنة بين جهد قياس سرعة الخرج الحقيقية وجهد المرجع المحدِّد للسرعة المرغوب فيها فرقُ جهدٍ يضمن، بعد تضخيمه تضخيماً مناسباً، تنظيم سرعة المحرك الكهربائي أو الهدروليكي المشغِّل للآلة المتحكم فيها 
 
ويبين الشكل 3 مخططاً مسبقاً لمنظومة التحكم في السرعة يكون فيه المحرك المؤازِر servomotor محركاً كهربائياً ذا تيار مستمر يتم التحكم فيه عن طريق وشيعة التحريض، كما يستعمل فيه مُقسِّم جهد خطي لاختيار سرعة الدوران المرغوب فيها wr حيث wr=kx كما أن k تمثل نسبة جهد مقياس السرعة المولّدي Uf على سرعة دوران المحرك الفعلية wo وكذلك فإن A هو مقدار تكبير المضخم الإلكتروني، أما e فتمثل إشارة الفرق بين الدخل المَرجِع Ue وجهد التغذية الخلفية Uf.
 
أما الآلية المؤازرة للتحكم في الموضع سواء كان التحكم خطياً أو زاوياً فلا تختلف كثيراً عن الآلية المؤازرة السابقة ولها المخطط نفسه المبين في الشكلين رقم 1 و2، ويستعاض فيها عن مقياس السرعة (حساس السرعة) في حلقة التغذية الخلفية بمقياس يحدد الموقع هو حساس للموقع position sensor كما تعدِّل إشارة الدخل المرجعية لتتناسب مع الموضع أو تدل عليه، ويبين الشكل رقم 4 مبدأ عمل مخطط آلية مؤازرة ميكانيكية للتحكم في دفة توجيه الطائرة. أما الشكل رقم 5 فيوضح مخطط آلية مؤازرة للتحكم من بعد في دفة توجيه سفينة.
 

الآلية المؤازرة الرقمية

كانت قياسات الموضع والسرعة، المشروحة سابقاً، على شكل جهود وتيارات كهربائية مستمرة يطلق عليها اسم الإشارات التمثيلية أما اليوم فإن معظم الآليات الحديثة تحتوي في موضع منها أو في عدة مواضع على أجهزة تصدر إشارات متقطعة من نوع آخر تسمى «الإشارات الرقمية» وتمثل بأعداد وأرقام ويستخدم فيها الترقيم العشري أو الثنائي أو المختلط. ولشرح فكرة الآلية المؤازرة الرقمية تؤخذ المنظومة الممثلة في الشكل 6، إذ يقوم الحاسوب الرقمي بتوليد تابع التعويض المناسب للمنظومة. ويكون الموصل البيني على مدخل الحاسوب مبدلاً تمثيلاً رقمياً A,D يقوم بتبديل إشارة الخطأ التمثيلية المستمرة بالدخل إلى إشارة متقطعة رقمية يمكن للحاسوب أن يعالجها مباشرة، أما عند خرج الحاسوب فيتولى مبدل رقمي تمثيلي D/A تبديل الإشارة الرقمية التي يصدرها الحاسوب إلى أوامر مناسبة لتشغيل الآلية المؤازرة، كما يستخدم مبدل (مقياس) سرعة عند خرج الآلية المؤازرة لإعطاء إشارة كهربائية تتناسب مع الموضع والسرعة الفعلية للآلية وتقارن مع إشارة الدخل (القيادة) عن طريق مضخم عمليات مناسب لإعطاء إشارة خطأ تدخل على المبدل التمثيلي الرقمي لتغلق الدارة، وتتغذى هذه المنظومة بتغذية خلفية سالبة.
 
هادي العرفي
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث