تعد ملحمة دانيل Danel من روائع الأدب الكنعاني القديم. فقد كشفت التنقيبات الأثرية في معبد بعل في تل رأس شمرة/أغاريت[ر] عام 1931 عن ثلاثة رُقم فخارية عليها كتابة مسمارية تعود إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد تتضمن أسطورة دانيل وابنه أقهات Aqhat، وربما كان كاتبها إيلوميلكو Iloumilkou. ومع عدم توافر النص الكامل لهذه الملحمة إلا أنها تتصف بالجودة والدقة والجمال.
 
تقول الأسطورة إن دانيل كان ملك هرنم (الهرمل) في شمالي البقاع، وكان يشكو عقمه وشوقه إلى الذرية. أدرك الإله بعل آلام دانيل وشكواه وأوصل معاناته إلى أبيه إيل El، فتجسدت بَرَكة الإله إيل وتمثّلت صورة المولود لدانيل وتكررت ثلاث مرات في أحلامه بطقس خاص بالتحريض والإثارة، فتشكل الجنين في رحم زوجته داناتاري. فرح دانيل ببشارة المولود الذي أسماه أقهات وأقام احتفالاً استمر سبعة أيام وغمر الفرح قلبه فكرّم القابلات الدينيات كوثاروت Kotharot اللواتي ساعدن في عملية الولادة. كبر الولد وصار شاباً، ثم قام الإله الحدّاد كوثار Kothar بزيارة دانيل زيارة وديّة وأهداه قوساً، فقدم دانيل القوس إلى ابنه وزوده ببعض النصائح المفيدة. رأت الربة عنات Anat القوس مع أقهات في أحد الاحتفالات فأرادت الحصول عليه بالذهب والفضة. رفض الشاب طلبها، فأخذت تساومه وتعرض عليه نعمة الخلود ومباهج حياة الآلهة، لكن أقهات رفض طلبها وعدَّ إغراءاتها أوهاماً، وكان حديثه مبطناً بالسخرية. 
 
امتعضت عنات لعدم انصياع أقهات لرغبة الآلهة، وانصرفت وهي تردد عبارات التهديد والتحذير من نتائج تجاوز الإنسان حدود اللياقة تجاه الأرباب. واتجهت إلى الرب إيل كي تنتزع منه موافقته على انتقامها من أقهات، فقابلها بالصمت والتهدئة، فأعدت خطة للثأر وطلبت من المحارب ياتبان Yatpan مساعدتها، كما أمرت النسور بتمزيق الشاب، وما كاد أقهات يستريح لتناول طعامه حتى قتله ياتبان ثم نهشته النسور.
 
أصاب الجفاف البلاد فانصرف دانيل  وابنته بوغات Pughat لأداء صلاة الاستسقاء عندما أبلغه مبعوثان نبأ وفاة وحيده أقهات، فملأ الحزن قلبه وبكى ومزّق ثيابه، وقدّم القرابين والعطور إلى الأرباب، وفتح قصره للنادبات والناحبات، وأخذ يبحث عن بقايا ابنه في أحشاء النسور. رقَّت عنات لحاله وأعربت عن رغبتها في إعادة الحياة إلى أقهات، وزعمت أن ياتبان قد تجاوز تعليماتها، واتجهت بوغات إلى ياتبان للانتقام منه لأخيها.
 
وتتوقف الملحمة فجأة عند هذه النقطة، فيحرم ضياع القسم الأخير من النص القراء من معرفة نهاية هذه الأسطورة التي تعد من أقدم تقاليد الخصب في الحضارات القديمة والتي أسهمت في إغناء الفكر الإنساني.

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث