جنتيله دا فابريانو Gentile da Fabriano مصور إيطالي، يُعتقد أنه تتلمذ في مدينة أورفييتو Orvieto على يد رسامي المنمنمات. تكاد تفاصيل حياته تكون مجهولة تماماً، لكن بعض المصادر تشير إلى أنه كان في مدينة البندقية في عام 1408 يرسم جداريات أحد القصور التي لم يبق منها اليوم أي أثر، إلاّ أن تأثيره الفني في أسلوب مدرسة البندقية كان عظيماً. وقد عرف دا فابريانو كيف يستخلص من أساليب محترفات المدن الإيطالية التي جابها أسلوباً متماسكاً خاصاً به، يبدو اليوم أحد أهم نماذج الفن القوطي العالمي.
دا فابريانو: «عبادة المجوس» (1423م)
دأب الدارسون على ربط لوحات دا فابريانو بلوحات السجاد Tapisseries التي كانت معروفة في القرون الوسطى، ولعل مرد ذلك إقامته في مقاطعتي أومبريا Umbria وتوسكانا Toscana، حيث تألق فيهما النحت وصناعة الجواهر وصياغة الحلي وفن التطريز على القماش، وهي فنون لقيت صداها في تصويره وفي تصوير تلك الفترة، فضلاً عما تضمنته أعماله من أشخاص وحيوانات وأزاهير وعناصر تزيينية ازدحمت كلها في لوحاته بنَفَسٍ تجديدي. أقدم أعماله هي لوحة العذراء مع القديس نيقولا والقديسة كاترينة المحفوظة في متحف داهليم Dahlem في برلين.
أقام دا فابريانو في عام 1414 في مدينة بريشا Brescia، ثم في مدينة ڤيرونا Verona، حيث تتلمذ عليه المصور الإيطالي بيزانلّو Pisanello، وراح بعد ذلك يعمل في فلورنسة من عام 1422 حتى عام 1425 تخللتها إقامات قصيرة في مدينة سيينّا Sienna. وفي عام 1423 أنهى في كاتدرائية الثالوث المقدس Santa trinita أهم أعماله وأشهرها على الإطلاق، وهي «سجود ملوك المجوس أمام مهد يسوع»، واللوحة محفوظة اليوم في متحف الأوفيتشي Uffici في فلورنسة. أما لوحته في متحف اللوڤر بباريس التي تمثل مشهد منصة المذبح فقد صور فيها موكباً مهيباً باذخاً يتدافع فيه حشد من الشخصيات يمرون من تحت أقواس مذهّبة، فتجلت براعة دافابريانو في رسم أدق التفاصيل، ومهارته الفائقة في تصويره للأشخاص وثيابهم الفاخرة. وإن مشهد المذبح هذا، هو الذي روّج في فلورنسة لتيار التزيين الرهيف في التصوير، ودفع دا فابريانو إلى اقتراح مبدأ المنظور الخطي وتقليص حجم الأشكال التي تظهر من بعيد.
ولـ دا فابريانو أيضاً لوحتان للعذراء تحمل طفلها: رسم الأولى في المدة الواقعة بين عامي 1390 و1395، وهي اليوم محفوظة في متحف ستاتليش Staatliche في برلين، ورسم الثانية في المدة ما بين عامي 1400 و1410، وهي اليوم في صالة أومبريا الوطنية بمدينة بيروجيا. أما لوحته الرباعية Polyptyque Quaratesi التي رسمها في عام 1425 فقد توزعت في أربعة متاحف:
متحف لندن الوطني الذي يحتفظ باللوحة المركزية الرئيسة، ومتحف الأوفيتشي في فلورنسة، وفي معرض لوحات الفاتيكان، ومتحف واشنطن الوطني.
يُعد دا فابريانو أحد أهم أساتذة الفن القوطي المتأخر الذي يُعرف اليوم بالفن القوطي العالمي. وكان هذا الفن قد انتشر أول عهده وازدهر في محيط جغرافي يضم مدن سيينّا وأورفييتو وبيروجيا Perugia الواقعة جميعها وسط إيطالية وشماليها. ولم يبق من لوحاته إلا القليل، كما طالت عوادي الزمن معظم جدارياته. ولئن كانت أعماله الباقية قليلة فقد عرضت رؤية كاملة وشاملة عن لغته التصويرية.
تأثر بأعماله المصورون الإيطاليون: بلّيني[ر] Bellini وجامبونو Giambono ودل فيوري Jacobello del Fiore.
توفي جنتيله دا فابريانو في روما بعد وقت قصير من تزيينه كنيسة سان جيوفاني دي لاتران بجداريات أنهاها المصور بيزانلّو، ولكنها دُمرت في القرن السابع عشر فأعاد المهندس بورومينيBorromini ت(1599-1667) هندسة عمارتها.
نبيل اللو
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث