مبدأ القوميات تعبير سياسي يعني شعور أكثرية الناس بالانتماء إلى أمة واحدة، لغةً وثقافةً وتقاليد، على نحو ينحصر فيه هذا الشعور بالولاء للأمة والاعتزاز بثقافتها وتاريخها وحقِّها عند فقهاء مثل مانشيني[ر] في إقامة دولتها الخاصة. أما فيما يخص الأمة العربية فيعني الاستقلال الوطني والقومي ثم الوحدة في دولة واحدة.
 
ويمكن القول إن مبدأ القوميات أصبح منذ أواخر القرن الثامن عشر قوة مهمة في تاريخ العالم. فقد ساعد هذا المبدأ شعوب أوربا على تغيير خريطتها مرات عدة، وخاصة منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم. كما أثّر هذا المبدأ في تشكيل خريطة كثير من الدول في إفريقيا وآسيا.
 
انتشر مبدأ القوميات اليوم بين كثير من الشعوب، وأثّر في تحويل الوطنية إليه، وخاصة في الأمم التي تعاني التقسيم على دول متعددة، كالأمة العربية التي بلغ عدد أعضائها في جامعة الدول العربية اثنتين وعشرين دولة، وهي تسكن في أنحاء الوطن العربي، وتخلص لهذا الوطن على الرغم من التجزئة التي خلّفها الاستعمار.
 
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد سبقت غيرها من الدول بالتعبير عن روحها القومية في توسعها وتنظيمها. وفي أوربا توحدت إيطاليا عام 1870 وألمانيا 1871. وكان نشوء النظام الفاشي في إيطاليا والنظام النازي في ألمانيا مبنياً على الاعتقاد بأن جنسيات هي أرقى من جميع الجنسيات الأخرى. لذلك وصف هذان النظامان بأنهما عنصريّان.
 
استطاع مبدأ القوميات وعوامل أخرى أن تحمّس في سبعينيات القرن العشرين شعوب أكثر من 80 دولة على الاستقلال وخاصة في إفريقيا وآسيا. واستطاع هذا المبدأ أيضاً أن يولّد التنافس بين الأمم، وخاصة في مجال المساهمة في بناء الحضارة الإنسانية.
 
ومبدأ القوميات، يدعم ويعزز المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة بشأن مقاصد المنظمة الدولية، فقد نصت الفقرة الثانية من هذه المقاصد على »إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن لكل منها تقرير مصيرها«.
 
ولا تعارض قطّ بين مبدأ القوميات وبين الديمقراطية، إذ يستطيع هذا المبدأ أن يتبنى الديمقراطية مذهباً سياسياً معبّراً عن إرادة الأمم في سلوكها الطريق القومي إذا ما حقق لها هذا الطريق مساهمتها في بناء الحضارة الإنسانية. إنّ مغزى التضامن القومي في حرب تشرين التحريرية في 6/10/1973، وكذلك وقفة الأمة العربية مع الشعب العربي في فلسطين في نضاله لتقرير مصيره، من الشواهد الموحدة للأمة العربية في تعبيرها عن فكرها وثقافتها.
 
لقد نشط مبدأ القوميات في بلاد الشام منذ بداية القرن العشرين سعياً وراء رفض عملية التتريك العثمانية، وتحقيق الحرية والاستقلال والوحدة في إطار وطن واحد للأمة العربية. وقد شارك العرب إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولى 1914 ـ 1918 أملاً في تحقيق مطامحهم، إلا أن الحلفاء نكثوا وعودهم للعرب، وقُسم المشرق العربي مابين الاستعمارين البريطاني والفرنسي بموجب معاهدة سايكس بيكو. وقد نشط هذا المبدأ بقيادة زعماء وأحزاب قومية.
 
أدى مبدأ القوميات إلى نشوء دول جديدة في قارات أمريكا وأوربا وإفريقيا وآسيا، وإلى إشعال ثورات عديدة، وإلى نشوء دساتير في بعض الدول الأمريكية والأوربية التي تبنت الثورة الصناعية، ومبدأ الاستعمار واختلاق الحروب العالمية (الحرب العالمية الأولى 1914 ـ 1918، والثانية 1939 ـ 1945، واستعمار فلسطين من قبل الصهيونية، والحرب الباردة). وفيها تم استغلال مبدأ القوميات وتحويل الوطنية وجعلها محركاً. وكان للحرب العالمية الأولى دور كبير في تطبيق مبدأ القوميات، وتعايشه مع العنصرية، وخاصة في إيطاليا وألمانيا.
 
إن مستقبل مبدأ القوميات مرتبط بقدرته على تحقيق آمال بعض الأمم التي تتبنّاه، وخاصة في النهضة والتوحد في إطار (الدولة ـ الأمة)، وهو مبدأ يتنافس مع الحركة الدينية التي تسعى إلى توسيع دائرتها، ولها قادتها وأحزابها.
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث