خلع الكتف.. تكراره قد يعيق ممارسة الحياة بشكل طبيعي آلام شديدة ربما تستدعي تغيري نوعية النشاط الرياضي أو التدخل الجراحي د. ياسر محمد البحيري يقع مفصل الكتف عند إلتقاء عظمة لوح الكتف بمنطقة أعلى عظمة العضد وهي منطقة معروفة لجميع الناس. ومفصل الكتف يكون عرضه للكثير من الإصابات نظراً لموقعه البارز وأيضاً لأن هذا المفصل يتمتع بمجال كبير من الحركة التي تمكن الإنسان من رفع يده إلى الأعلى وإلى الأسفل وإلى الأمام وإلى الخلف خلال الأنشطة اليومية المختلفة. ولكن هذا المجال الكبير من الحركة يكون على حساب نقص في ثبات المفصل، وهذا يؤدي إلى تعريض المفصل لمايعرف بالخلع في مفصل الكتف. وفي ما يلي سوف نستعرض هذا المرض وما هي أسبابه وكيفية تشخيصة وطريقة علاجه. أسباب الخلع في مفصل الكتف في الواقع أن خلع الكتف يحدث عندما يتحرك الجزء الأعلى من عظمة العضد والذي يشبه نصف الكرة ويرتبط بالجزء الخارجي من عظمة لوح الكتف من مكانه بحيث لا تعود الكرة قابعة في مكانها المقابل من عظمة لوح الكتف. هذا الخلع قد يكون نتيجة الحوادث المرورية أو نتيجة السقوط على اليد أو على الكتف أو بعد ممارسة الرياضات العنيفة التي يكون فيها احتكاك مباشر مثل رياضة كرة القدم أو أنواع المصارعة أو بعض ألعاب القوى. وفي بعض الأشخاص قد يحدث خلع للكتف نتيجة إصابة بسيطة مثل السقوط من على كرسي أو السقوط عند المشي وفي هذه الحالات يكون هناك سبب كامن لحدوث الخلع مع إصابة بسيطة كالتي ذكرناها. هذا السبب الكامن يكون بعض الأمراض الوراثية أو الجينية التي تؤدي إلى وجود إرتخاء في الأربطة والأوتار التي تحيط بمفصل الكتف مما يزيد من حالة عدم الثبات ويجعلها عرضة للخلع بعد إصابات طفيفة. وأخيراً فإنه في بعض الحالات النادرة قد يحدث خلع الكتف نتيجة حدوث تشنجات لدى المريض أو المريضة مما يؤدي إلى تقلص شديد في العضلات المحيطة بالكتف وعدم توازن في عملها مما يؤدي إلى خروج مفصل الكتف من مكانه الطبيعي. التشخيص في الغالبية العظمى من المرضى وعندما يكون الخلع في الكتف حاداً فإنه يتم إعطاء التاريخ المرضي لإصابة تمت في مرحلة ما قبل الخلع مثل السقوط أو ممارسة الرياضة أو غير ذلك. وعادة ما يشتكي المريض من آلام شديدة في منطقة الكتف والذراع و تشوه في وضعية الكتف وعدم القدرة على تحريك الكتف و يصبح الحل الوحيد للمريض لتجنب الألم هو أن يحمل ذراعه المصابة ويسندها باليد الأخرى. وفي هذه الحالات فإنه يتم عمل أشعة سينية للكتف في قسم الإسعاف وهذه عادةً ما تبين بوضوح وجود الخلع ووجود أي كسور قد تصاحبه في عظمة الساعد أو عظمة لوح الكتف. وفي بعض الحالات التي يكون هناك شك فيها أوعندما لايستطيع المريض تحمل الأشعة السينية، فإننا قد نلجأ إلى عمل أشعة مقطعية ذات دقة عالية في تشخيص الخلع أو الكسور المصاحبة. أما في الحالات المزمنة أو التي تعرف بمرض خلع الكتف المتكرر فإن تاريخ المرض يكون قديماً و عادةً مايشتكي المريض من أن الخلع حدث بعد إصابة طفيفة مثل خطة بسيطة أو عند رفع اليد أثناء ممارسة الرياضة أو السقوط على اليد. وفي هذه الحالات يكون الألم أقل شدة ولكن الأعراض تتكون أيضاً من عدم القدرة على تحريك الذراع بسهولة و تورم في منطقة الكتف. وفي هذه الحالات يتم أيضاً تشخيصها عن طريق الأشعات السينية ولكن قد يلجأ الطبيب إلى عمل أشعة رنين مغناطيسي تبين سبب حدوث الخلع المتكرر وتبين وجود الأربطة المتمزقة حول منطقة الكتف التي تؤدي إلى تكرر هذه الظاهرة. علاج الخلع في المرة الأولى عندما يحدث الخلع في مفصل الكتف لأول مرة فإنه بعد التشخيص الحالة يتم إعطاء المريض أو المريضة بعض المسكنات عن طريق الوريد وبعد ذلك يقوم طبيب الإسعاف أو طبيب العظام بإعادة المفصل إلى وضعه الطبيعي في غرفة الإسعاف عن طريق الشد على المفصل بطريقة معينة وعلى الذراع بطريقة معينة وبلطف وبتدرج إلى أن يعود المفصل إلى وضعه الطبيعي. بعد ذلك يتم عمل أشعة سينية للتأكد من أن المفصل عاد إلى وضعه الطبيعي ويتم فحص الأوردة والشرايين في المنطقة التي تحيط بالمفصل وإذا ما كان كل شيء سليماً وكانت الأشعة مطمئنة فإنه يتم وصف ربطة طبية للذراع والكتف المصابة يقوم المريض بلبسها لفترة لا تقل عن ستة أسابيع لكي يعطي الفرصة للأربطة والعضلات والأوتار المحيطة بالكتف بأن تلتئم بحيث لا تصبح هذه الظاهرة متكررة. وخلال هذه الستة أسابيع يجب عليه عدم ممارسة الرياضة وعدم استخدام الذراع المصابة وعدم رفع الكتف ويمكنه أخذ الأدوية المضادة للالتهابات والأدوية المسكنة عند اللزوم. أما في الحالات التي يصاحبها كسر أو شعر في العظام المحيطة بالكتف فإن العلاج يعتمد على شدة الكسر. فإذا كان الكسر بسيطاً وغير متزحزح فإن الخطة العلاجية هي نفسها كما ذكرنا سابقاً. أما في الحالات التي يكون الكسر فيها شديداً أو متزحزحاً أو تكون العظام متباعدة عن بعضها البعض فإنه يلزم التدخل الجراحي لتثبيت الكسر وإعادة العظام المتفتتة لوضعها الطبيعي وبعد ذلك يتم علاج الخلع عن طريق الربطة كما ذكرنا سابقاً. وفي الغالبية العظمى من حالات خلع الكتف الأولية فإن هذه الخطة العلاجية التي ذكرناها سابقاً لتكون ناجحة ويمكن للمريض ممارسة العلاج الطبيعي بعد فترة ستة أسابيع لعمل تقوية لعضلات وأوتار الكتف ويمكنه العودة للرياضة بعد فترة ثلاثة أشهر بإذن الله. وهذه الطريقة ناجحة في علاج 90% من الحالات. ويتم تنبيه المريض وخصوصاً الشباب الذين يمارسون الرياضة التي تتطلب رفع الذراع فوق الرأس مثل كرة السلة أو كرة الطائرة بأنه يجب الالتزام بتمارين تقوية عضلات الكتف ويجب محاولة تجنب الأوضاع التي قد تؤدي إلى حدوث الخلع في المستقبل لاسمح الله. الخلع المتكرر في مفصل الكتف في بعض الأحيان تكون الإصابة بالأربطة والأوتار المحيطة بالكتف شديدة جداً بحيث إن العلاج التحفظي الذي ذكرناه سابقاً لا يكفي ولا تلتئم خلاله الأوتار مما يؤدي إلى تكرار ظاهرة خلع الكتف لدى المريض المصاب. وفي هذه الحالة فإن المريض عادةً ما يأتي للإسعاف في فترات متكررة ويشتكي من أن مفصل الكتف خرج من مكانه وفي بعض الأحيان يتعلم المريض أن يعيده إلى مكانه الطبيعي وفي أحيان أخرى يضطر المريض إلى الاستعانة بالطبيب لإعادة المفصل إلى وضعه الطبيعي. وفي هذه الحالات ذات الخلع المتكرر فإن الإصابة تعيق المريض أو المريضة عن ممارسة الأنشطة الرياضية بل قد تعيقهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي وذلك نظراً لتعرضهم للخلع المتكرر عند بعض الأنشطة اليومية. وفي هذه الحالات يتم اللجوء إلى أشعة الرنين المغناطيسي لمعرفة حجم ومكان التمزق في الأربطة المحيطة بالكتف، وبعد ذلك يتم وضع خطة جراحية لعلاج الحالة. هذه الخطة الجراحية قد يتم عملها عن طريق فتحة جراحية في الجلد أو عن طريق المنظار الجراحي ولكن في جميع الحالات فإنها تتكون من ترميم وإصلاح وخياطة الأجزاء المتمزقة من الأوتار والأربطة التي تثبت الكتف وبعد ذلك يتم وضع الكتف في رابط أو جبيرة طبية لمدة ستة أسابيع بينما تلتئم هذه الأوتار التي تمت خياطتها. وبعد فترة الستة أسابيع يقوم المريض بعمل جلسات علاج طبيعي لتقوية عضلات الكتف ولإعادة المرونة والحركة الطبيعية لمفصل الكتف. وهذه الجراحة عادةً ماتستغرق حوالي الساعتين وهي ذات نسبة أمان عالية بإذن الله. وتبلغ نسبة نجاح هذه الجراحة في إزالة الخلع المتكرر في مفصل الكتف فوق 90% بإذن الله تعالى. إهمال العلاج في الواقع أن إهمال علاج خلع الكتف المتكرر يؤدي إلى سهولة حدوث الخلع في المستقبل مع مرور الوقت ويؤدي إلى ظهور خشونة مبكرة في مفصل الكتف وذلك قد يؤدي إلى آلام مبرحة مبكرة عند هؤلاء الأشخاص. بإضافة إلى ذلك فإن المفصل كل ما تعرض لحدوث الخلع فإن ذلك يشكل خطورة على الأوردة والشرايين والأعصاب التي تمر حول منطقة الكتف ويجعلها عرضة للإصابة. ولذلك فإن حالات الخلع المتكرر في مفصل الكتف يجب عدم إهمالها بل يجب تشخيصها بدقة وعمل الخطة العلاجية المناسبة لتفادي هذه المضاعفات في المستقبل بإذن الله. وفي كثير من الأشخاص فإن المريض المصاب بهذه المشكلة قد يضطر إلى تغير نشاطه الرياضي واستبدال الرياضة بنوع آخر في حال استمرت الأعراض وشكلت خطورة على الكتف لاسمح الله.

المراجع

www.talalzari.com/articles-action-show-id-1807.htmموسوعة الصحة والحياة

التصانيف

المعرفة