بسم الله الرحمن الرحيم

 

الابتلاء سُنّة ربانية: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء من الآية:35] والله عزَّ وجَلّ يَبتلِي مَن شاء مِن عباده بِما شاء مِن الضرّاء والسرّاء. فمَن صَبر ورضي، فَلَه الرضا، ومَن تسخّط، فعليه السّخط.

قال ابن المبارك: "مَن صَبَر، فما أقلّ ما يَصبر، ومَن جَزع فما أقل ما يَتَمَتّع".

ومَن ابْتُلِي؛ فليتذكّر أحوال الأنبياء والصالحين، وما مرّوا بِه مِن ابتلاء. وأن يَعلم أن البلاء الذي يُقرِّبه إلى الله خير له مِن النِّعمة التي تُبعده عن الله، وتُنسيه مَولاه.

والله عَزّ وَجَلّ إذا قَضى قَضاء أحبّ أن يُرضَى عن قَضائه.

قال ابن القيم فيما يتعلّق بالمصيبة: "ومِن علاجها: أن يَعلم أن أنفع الأدوية له مُوافقة ربه وإلَهَه فيما أحبه ورَضيه له، وأن خاصية الْمَحبّة وسِرّها: مُوافقة المحبوب؛ فمن ادّعى مَحبة محبوب ثم سَخِط ما يُحبه وأحب ما يَسخطه؛ فقد شَهد على نفسه بِكَذِبه، وتَمَقّت إلى مَحبوبه".

قال أبو الدرداء: "إن الله إذا قَضى قضاء أحب أن يُرضَى به".

وكان عمران بن حصين يقول في عِلّته: "أحبّه إليّ أحبّه إليه". وكذلك قال أبو العالية. وهذا دواء وعلاج لا يَعمل إلاّ مع الْمُحِبّين، ولا يمكن كل أحد أن يتعالَج به. اهـ.

ومِن فِقه المصيبة -أيًّا كانت- أن يَعلم المؤمن أنها خير له إن صَبَر واحتَسَب.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» (صحيح البخاري [5645]).

وكلّما عظُمَت المصيبة كلّما عظُم الأجر.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ» (جامع الترمذي [2396]، وسنن ابن ماجه [2396]، وصححه الشيخ الألباني، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: "إسناده جيد").

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دُعائه: «أَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ» (مسند أحمد [22069]، وسنن النسائي [1304/1]، وصححه الألباني).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ما يكون قبل القضاء فهو عَزم على الرضا لا حقيقة الرضا".

وسئل أبو عثمان الحيري النيسابوري عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ»، فقال: "لأن الرضا بعد القضاء هو الرِّضا". اهـ.

قال ابن رجب: "ومما يدعو المؤمن إلى الرضا بالقضاء: تحقيق إيمانه بمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلاّ كان خيرًا له؛ إن أصابته سَرّاء شكر، كان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر، كان خيرًا له، وليس ذلك إلاّ للمؤمن".

وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يوصيه وصية جامعة مُوجزة، فقال: «لَا تَتَّهِمِ اللهَ فِي شَيْءٍ قَضَى لَكَ بِهِ» (مسند أحمد [23157]).

قال أبو الدرداء: "إن الله إذا قضى قضاء أحب أن يُرْضَى به".

وقال ابن مسعود: "إن الله بِقِسطِه وعَدله جَعل الرَّوح والفَرح في اليقين والرضا، وجعل الْهمّ والحزن في الشك والسخط؛ فالراضي لا يتمنى غير ما هو عليه مِن شدة ورَخاء". كذا روي عن عمر وابن مسعود وغيرهما.

وقال عمر بن عبد العزيز: "أصبحت ومَالِي سرور إلاّ في مواضع القضاء والقدر".

فمن وَصل إلى هذه الدرجة، كان عيشه كُله في نعيم وسُرور. اهـ.

وقال ابن القيم: "والجزع والتسخط والتشكّي يَزيد في المصيبة، ويُذهب الأجر". اهـ.

 

ويُضاعَف الأجر مع شِدّة البلاء..

حَدّث أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه دَخَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مَوعُوك، عليه قَطيفة، فَوَضَع يده عليه، فَوَجَد حرارتها فوق القطيفة، فقال أبو سعيد: ما أشدّ حُمَّاك يا رسول الله! قال: «إنَّا كذلِكَ، يَشتدُّ علينَا البَلاءُ ويُضاعفُ لنَا الأجرُ»، فقالَ: يا رسولَ اللهِ أىُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً؟ قالَ: «الأنبياءُ ثمَّ الصَّالِحونَ، وقد كانَ أحدُهم يُبتلَى بالفَقرِ، حتَّى ما يجِدُ إلَّا العَباءةَ يجُوبُها فيلْبسُها، ويُبتلَى بالقُمَّلِ حتَّى يقتُلَه، ولأحدُهُم كانَ أشدَّ فرَحًا بالبَلاءِ، من أحدِكم بالعَطاءِ» (صحيح الأدب المفرد [395]).

ومعنى: يَجوبها، أي: يَقطعها ليلبسها.

 

يا صاحب الْهَمّ.. علامَ الْهَمّ..؟!

في وصية من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: «وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ» (جامع الترمذي [2305]، مسند أحمد [8210]).

وقد مرّ إبراهيم بن ادهم على رجل مهموم، فقال له إبراهيم: يا هذا إني سائلك عن ثلاث فاجبني.

فقال له الرجل: نعم.

فقال له إبراهيم: أيجري في هذا الكون شي لا يريده الله؟

فقال: لا.

قال: أينقص من أجلك لحظة كتبها الله لك في الحياة؟

قال: لا.

قال: أينقص رزقك شي قدّره الله؟

قال: لا.

قال إبراهيم: فعلامَ الْهَمّ إذن؟!

 

{قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:51].

يا صاحِب الْهَمّ.. والله إن الله أرحَم بِنا مِن أُمّهاتِنا. وأن ما كَتبَه الله عَزّ وَجَلّ لنا لا علينا.. وهو خير لنا {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} نعم. {لَنَا} ذلك أنه تبارك وتعالى {هُوَ مَوْلَانَا} وهو حسبنا {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.

وفي صحيح السُّنَّة: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (صحيح مسلم [2999]).

 

وفي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَشَكَرَ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَصَبَرَ، الْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِهِ» (مسند أحمد [1505]، وصححه الألباني، وحسّنه شعيب الأرنؤوط).

قال ابن حجر: "فكُلّ قَضاء الله للمُسلِم خَير". اهـ.

 

ورسالة إلى أهلنا في الشام وفي العراق واليمن وفي كل بلد مَحرُوب منكوب:

صبرًا صبرًا آل الإسلام وأهله..

لقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يَمُرّ بآلِ ياسِر وهم يُعذّبون، فما يَزيد على قول: «صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» (المستدرك على الصحيحين [5691]).

 

ومِن أوْسَع وأكبر أبواب الرضا عن الله وأقدارِه:

1- أن يَعلم المسلِم أَن «مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ» (مسند أحمد [28135])، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2- أن يَعلم الإنسان أن الله أرحَم به مِن أرحم الناس به، وهي الأم، كما في الصحيحين.

3- أن يَنظر الإنسان إلى ما أصابَه على أنه خير له؛ فإن الله عزَّ وجَلّ ما يَقضي للعبد قضاء إلاّ كان خيرا له.

4- وأن يَتيقّن أن ما صَرَف الله عنه أكبر مما أصابه، وأن الله لو يُؤاخِذ عباده بِما كَسَبَت أيديهم لَهَلَكوا، كما قال تبارك وتعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى} [النحل من الآية:61].

وأن ما أصابه مِن مُصيبة إنما هو بسبب بعض ذنوبه، وأن الله يَعفو عن كثير: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30].

5- أن يتذكّر الأجر العظيم الذي أعدّه الله للصابِرين، كما قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة من الآيات:155-157].

وما يُخلِفه الله على المؤمِن إذا صبر واحتَسَب وقال ما أُمِر به.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "المؤمن مأمور عند المصائب أن يَصبر ويُسَلِّم، وعند الذنوب أن يَستغفر ويَتوب. قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [غافر من الآية:55]، فأمَرَه بالصبر على المصائب، والاستغفار مِن الْمَعَائب". اهـ.

وتكون زيادة اليقين بِزيادة الإيمان بالله، وذلك بالإكثار مِن العَمَل الصالح؛ لأن مِن أعظم أسباب الثبات والرِّضَا عن الله تبارك وتعالى: العَمل الصالح.

قال الله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} [النساء من الآيات:66-68].

وقال تعالى عن الصلاة وأعمال الْبِرّ: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا . إِلَّا الْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ . وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ . لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ . وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ} [المعارج:19-27].

ومِن هنا كان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه أعظم الناس ثَبَاتا؛ لِمَا وَقَر في قَلبِه مِن تصديق، وصَدَّقَه عَمَله.

وهذا يَحتاج إلى قَسْر النَّفْس على الرِّضا وعدم السخط، ويحصل هذا بالتعوّد، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» (صحيح البخاري [1469]، وصحيح مسلم [1053]).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ» (المعجم الوسط [2663]، وصححه الألباني).

وأن يُعوّد الإنسان نفسه على الرضا والتسليم لأقدار الله تعالى، وإذا نَزَل به بلاء أو مُصيبة أن يقول ما أمَرَه الله به {قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة من الآية 156]، وأن يقول: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، ويُكثر مِن قول: حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

قال ابن القيم: "نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم أن يَقول عند جَرَيان القَضاء ما يَضَرّه ولا ينفعه، وأمَرَه أن يَفعل مِن الأسباب ما لا غِنى له عنه، فإن أعْجَزَه القَضاء قال: حسبي الله، فإذا قال حسبي الله بعد تَعَاطي ما أمَره مِن الأسباب قالَها وهو محمود فانتفع بالفعل والقول". اهـ.

 

ومما يُعين على ذلك:

1- أن يَعلم الإنسان أن التَّسخّط لا يُعيد مفقودا، ولا يَردّ قضاء، وإنما يَجلب شقاء! ولذلك: مَن رَضِي عن الله وأقدارِه؛ فَلَه الرِّضا، ومَن سَخِط فعليه السّخط.

قال ابن القيم: "قال بعض الحكماء: العاقل يَفعل في أول يوم مِن المصيبة ما يَفعله الجاهل بعد أيام، ومَن لم يَصبر صَبر الكرام سَلا سُلُو البهائم.. وقال الأشعث بن قيس: إنك إن صَبَرْتَ إيمانا واحتسابا وإلاَّ سَلَوْتَ سُلُوّ البهائم". اهـ.

2- أن الله يُحبّ أن يُرضى عنه وعن قضائه.

ومَتى رَضِي المؤمن بِقَضاء الله كُتِب له الأجر العظيم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي! فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ! فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ» (جامع الترمذي [1021]، وحسّنه الألباني بِمَجموع طُرُقه).

وقد أوْصَى النبي صلى الله عليه وسلم بِوَصِيّة جامِعة: وهي التسليم لله عزَّ وجَلّ، والرضا عن أقدارِه..

قال رجل: يا رسول الله، أيّ العمل أفضل؟ قال: «إِيمَانٌ بِاللهِ وَتَصْدِيقٌ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ»، قال الرجل: أكثرتَ يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَلِينُ الْكَلَامِ، وَبَذْلُ الطَّعَامِ، وَسَمَاحٌ، وَحُسْنُ خُلُقٍ» قال الرجل: أريد كَلمة واحدة، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَلَا تَتَّهِمِ اللهَ عَلَى نَفْسِكَ» (مسند أحمد [18093]).

وفي رواية له: «لَا تَتَّهِمِ اللهَ فِي شَيْءٍ قَضَى لَكَ بِهِ» (مسند أحمد [23157])..

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "لأن يَعضّ أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير مِن أن يقول لأمْر قضاه الله: ليت هذا لم يكن".

وقال ذو النون: "ثلاثة مِن أعلام التَّسليم: مُقابلة القضاء بالرضا، والصبر على البلاء، والشكر على الرخاء".

 

والرضا بالله رَبّا ومالِكًا ومُتصرّفًا، والرضا عن الله في أفعاله وفي شَرعه وبأقدَارِه يُورِث الجنة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» فَعَجِب لها أبو سعيد، فقال: أعدها عليّ يا رسول الله. فَفَعَل (صحيح مسلم [1884]).

قال أبو عبد الله بن خفيف: "الرضا قسمان: رِضا به، ورِضا عنه؛ فالرضا به مُدبّرًا، والرِّضا عنه فيما قَضى".

وقال أيضًا عن الرضا: "هو سكون القلب، إلى أحكام الرب، وموافقته على ما رَضي واختار. (نَقَلَه القرطبي في: الْمُفْهِم).

قَالَ أبو زيدٍ القرطبيُّ:

لا تجزَعنَّ لِمَكْرُوهٍ تُصَابُ بِهِ *** فَقَدْ يُؤدِيكَ نَحَوَ الصِّحَةِ المرضُ
واعْلَمْ بِأنَّكَ عَبْدٌ لا فِكَاكَ لَهُ *** والعَبْدُ لَيْسَ عَلَى مَولاهُ يَعْتَرِضُ

 

 

القصيم / شوال 1437 هـ.


المراجع

ar.islamway.net

التصانيف

فنون  أدب  أدب إسلامي