شكلت واحة سوكنة مع هون ، وودَّان وزلة، والفقها حيزاً جغرافياً يعرف بمنخفض الجفرة ، حيث تقع سوكنة على دائرة عرض 44َ 40َ 92ْ شمالاً وخط طول 03َ 84َ 51ْ شرقا ً وترتفع عن مستوي سطح البحر بنحو 315 متراً . وتمتد المدينة مع الواحات المجاورة لها على خط طولي من الشمال الي الجنوب يقدر طوله بحوالي 60 كيلوا متر، يبدأ من ودّان شمالاً ، ومنتهياً بواحة سوكنة جنوباً ، ولهذا يمكن القول بأن تلك الواحات تقع في إطار منخفض واحد بالرغم من انحراف سوكنة في اتجاه الجنوب الغربي قليلاً. وتعتبر سوكنة البوابة الجنوبية لواحات منخفض الجفرة وتقع في سهل فسيح يمتد صوب الشرقويبلغ إجمالي مساحتها حوالي ( 2000 ) كم2 تقريبا.
أما بالنسبة لتخوم سوكنة ، فهي واقعة في جنوبي مدينة سرت شأنها شأن الواحات المجاورة لهاعلى مسافة تقدر بـ 280كم ، وكذلك واقعة في الجنوب الشرقي لمدينة طرابلس بمسافة تقرب من 769 كم  وتقع أيضا في اتجاه الشمال الشرقي لمدينة مرزق بمسافة تقدر بـ 380كم، أما من ناحية الشمال تحدها جبال ودّان وهون والمشرق والتي تعتبر حدوداً طبيعية لها ومن الغرب تحدها الحمادة الحمراء والكثبان الرملية ، التي شكلت حماية طبيعية لها ومن الجنوب مرتفعات السوداء. 
ويذكر الحشائشي أن من بين ودّان وسوكنة مرحلة ثم تأتي هون شرقي هذه الواحةفخلال رحلة الحشائشي قدّر المسافة الواقعة بين سوكنة وطرابلس ، وذكرها بان المسافة تكون ( 12 ) يوماً سيراً بالقافلة النشيطة ، وبالإضافة بأنها تبعد عن أبو نجيم بأربعة مراحل ، وعن بنى وليد ثمانية مراحل سيراً بالقافلة . 
       ومن المعروف بأن مناخ واحات الجفرة شكل عام مناخ صحراوي حيت ترتفع درجات الحرارة ويسود الجفاف في فصل الصيف ، وتنخفضً الحرارة في فصل الشتاءويبلغ متوسط دراجات الحرارة السنوية تقدر بـ 30 درجة دراجات الحرارة 
       من جهة أخرى فان كميات الأمطار الموسمية على تلك المنطقة قليلة ، وفي الغالب لا تسقط إلا نادراً وإذا سقطت فأنها تسبب سيولاً وانزلا قات أرضية في نطاق الأودية الموجودة بتلك المنطقة ، أما الرياح السائدة فهي الرياح التجارية الجافة والرياح الجنوبية الشرقية بالإضافة إلى رياح القبلي الجنوبية الساخنة التي تهب في نهاية فصل الربيع واؤائل الصيف .
أما أراضي سوكنة فيغلب عليها الطابع الصحراوي الجاف إلا أن أجزاء منها تشكل مناطق زراعية مروية محدودة المساحة والتي يرجع تواجدها إلي توفر مياه الآبار السطحية والعيون الجارية ، كما تغطي الكثبان والترب الرملية مساحات شاسعة من الواحة
والجدير بالذكر أن تربة المنطقة رملية تختلط أحيانا بتكوينات كلسية أو تغطيها التكوينات الحصويةوفي الغالب يكون تحتها طبقة صخرية صلبة خاصة عندما تقع في السهول الحصوية .
اشتهرت سوكنة بأشجار النخيل التي تنموا بكثافة في تلك الواحة بالنظر إلي قرب المياه الجوفية ، مما ساعدا سكانها الاهتمام بزراعة النخيل ، وقد ذكر الإدريسي في هذا الصدد " وأما أرضي ودّان فإنها جزائر نخل متصلة بين غرب وشمال إلى ناحية البحر....." ، ونفهم من ذلك وجود إعداد كبيرة من أشجار النخيل في واحات الجفرة ، وأن سوكنة من بين هذه الواحات تميزت بأجود أنواع التمور وفقاً لما قاله الرحالة الأوربيون ( دنهام ـ كلابرتون ـ واودني ،رولفس ) علي سبيل المثال 
وبطبيعة الحال فقد تأقلم سكان سوكنة بظروف الواحة وتميزوا بالصناعات السعفية من جريد النخيل لحفظ التمور من التلف ، والأتربة ، إلى جانب هذا قاموا بتعبئة التمور في الأدوات السعفية وكبسها ، والتي كان المرتحلون وتجار القوافل ينقلونها معهم كأحد الوجبات الرئيسية في غذائهم.
إضافة إلي اهتمامهم بأشجار النخيل فقد مارس سكان هذه الواحة ببعض المزروعات المحصولية للاكتفاء الذاتي، مثل زراعة الشعير ، والقمح ، والذرة ، والقصب وبالإضافة إلى الخضراوات الصيفية مثل الطماطم والفلفل والبصل والثوم والبقوليات ، والبطيخ والدلاع ، وغيرها من المزروعات التي يزرعونها سكان سوكنة
 

نشأة مدينة سوكنة:

سوكنة ربما أشتق هذا الاسم من السكون أو سكنى بمعنى استقر أو ربما يرجع أصل هذه التسمية إلى السكان الرَّحل اللذين يتخذونها مكان لسكناهَم خلال فترات الجفاف أو جني محصول التمور ، ويزعمون بأنها ملاذ للمسافرين والغرباء وتستقيل بكل ترحاب كل من يأتيها إلا إننا نفتقر إلى نص تاريخي يحدد فيها جذور التسمية ، وما هذه إلا أراء افتراضية تهدف إلي الوصول إلى الصواب ، ويرجح بأن لفظ سوكنة أطلقه سكان البدو عليها نظراً لترددهم عليها .
أما نشأة المدينة فلم نصل من خلال المصادر والمراجع التاريخية المتاحة الوصول إلى تحديد الفترة الزمنية لتأسيسها والمتداول في تلك المراجع أنها مدينة قديمة وتدخل في إطار واحات الجفرة . 
وهناك إشارة من الإدريسي بأن واحات ودّان هي أكثر الأراضي التي شيدت فيها المباني ، والقصور ، إلى درجة بقاء الملك فيها متوارثاً .
إلا أن حسن الوزان يصف المنطقة بطريقته على عكس الإدريسي إذ يقول" ودّان قرية في صحراء نوميديا .... يسكنها قوم خشنون فقراء لا ينبت فيها غير قليل من التمر، ولا موارد للسكان ...ولون بشرتهم أقرب إلى السواد منه إلى البياض " 
هناك نص أورده رولفس عن الجبال السوداء التي على سفوحها تقوم سوكنة من الجنوب ذاكراً بان الرومان هم الذين جاؤا لتك المكان في الوقت ذاته ، إن بلينوس الروماني قد وصف تلك الجبال وأطلق عليها اسم "أتر " 
وذكر الحميري بأنها تابعة لإقليم برقة وترى إحدى الروايات بأنها من ضمن واحات الجفرة وفي اغلب الأحيان كانت تتبع إقليم فزان في العهد القديم ، ولا تصل فزان ـ وهي أخر منطقة كبيرة ، يكثر فيها السكان ، وبها قصور وقرى كبيرة ، وهي عامرة بتجار والناس ، فمنهم الأغنياء يملكون النخيل ، والأموال ـ إلا من الناحية الإدارية .
وهكذا بقيت سوكنة على ماهي عليه في كونها ذات حكم وراثي حتى إلى أن جاءها الفتح الإسلامي لفتحها ونشر الدين الإسلامي في هذه البقاعففتحت هذه المدينة على يد القائد بسر بن أبي أرطاة خلال عام 23هـ وتركها إلى أن نقض أهلها العهد المبرم بينهم ، وبقوا على حالهم حتى إلى أن جاهم عقبة بن نافع الفهري سنة 24هـ وفتحها عنوة و فرض عليها كما على الواحات الأخرى ، وبتالي دخلت سوكنة في الحضيرة الإسلاميةوعندما جاءها الفاتحون كانت تابعة لواحات ودّان التي تدير شؤنها.
أن موقع مدينة سوكنة الوسط له بالغ الأهمية بالنسبة لحركة طرق القوافل التجارية في العهود القديمة ، والحديثة، حيث تعتبر همزة وصل بين المدن ، ومناطق الساحلية بمدن ووحات الصحراوية الجنوبية.
وبحكم موقع هذه الواحة الصغيرة مكنها أن تكون مركزا مهما متمثله في الأتي:-
أولا: فهي منطقة تتوقف عندها رحلات القوافل التجارية المتجهة شمالا أو جنوبا ، وبها تستريح القوافل من تعب الطريق .
ثانيا: أضفت عليها صفة الآمان والطمأنينة، والتي غدة مقصد لكل رحلات القوافل، وملجأ لكل شارد ووارد، للمكوث فيها، ومنها يتزودون بالماء، والمؤن، والبضائع حتى تمكنهم من سد قوتهم في الطريق .
ثالثا : ساهم سكانها في تأجير إبلهم لرجال القوافل، وبالإضافة مدهم بالأدلاء، والأسلحة، وغيرها من الأدوات التي تمكنهم من مواصلة المشوار.
رابعا : كانت مركزا تجاريا صغيرا يتم فيها التبادل التجاري بين السكان المحليين وتجار القوافل ، والشراء مع تجار، وسكان سوكنه، أو يتم شرائها من قبل تجار سوكنة ونقلها لمدن السواحل .
         كذلك كانت على خط طرابلس بورنو تشاد، الذي يعرف بنشاطه وحركته المتواصلة، ولأمن طريقها، وقصر المسافة .
         كما أسهمت في تفعيل حركة القوافل التجارية من بلاد السودان الصحراوية إلي طرابلس، وبرقة، ومنها إلي أسواق أوروبا وبالعكس .
   
وتتضح لنا من خلال طرق القوافل إنها لم تقتصر على وقوعها في منتصف طريق طرابلس تشاد فحسب، بل ربطت الطريق الشرق بالغرب، والمتمثلة في رحلات الحج والتجارة من بلاد المغرب، إلي طرابلس ثم تصل إلي سوكنه، والواحات الشرقية، وتتجه صوب مصر قاصدة بيت الله الحرام .
وعلى الرغم من صغر المساحة الزراعية إلا إنها ساهمت بمحاصيلها ولا سيما التمور التي تنتجها بتمويل القوافل ، وذلك بالمقايضة أو الشراء مع تجار القوافل التي ترسوا في سوكنه .
احتضنت سوكنه الكثير من السكان الجدد فمنهم عربا، وسكان أصليين (بربر) وزنوجا، وغيرهم، وتأقلموا بأجوائهاناهيك عن استقبال الكثير من المهاجرين من الواحات المجاورة مثلا كأوجلة أولئك الذين تعرضوا إلي هجوم من قبل قوات عثمان الساقزلي وبتالي اضطروا إلي النزوح إلي سوكنه .
ومن جهة أخرى اشتهرت سوكنه بأنواع من الإبل، وخاصة المهري أو المهاري السريع، والماعز، والنعام* الذي يتم اصطياده من سوكنه كانت لها أثر في حركة تجارة القوافل، والتي تنقل إلي أماكن أخرى .
وبالتالي يمكننا إعطاء شرحا مبسط حول الطريق التجاري المعروف بوسط الإيالة الطرابلسية، وهو طريق طرابلس أتشاد. 
في الفترة القديمة يعرف بطريق الجرامنت أو بطريق برنوح بورنوا. والتي تبدأ من مركز الإيالة بطرابلس، وتتجه إلي ترهونة ثم إلي وادي بنى وليد، وتسير صوب أبونجيم، وتصل بعد ذلك إلي سوكنه، مركز الاستراحة والأمان، وبالتالي تنطلق إلي بئر القطيفة، وصولا إلي أم العبيد، والزيغن، وسمنو، وسبها ، وتصل إلي مركز الاستراحة الثاني وهو مرزق ثم إلي مستوتة، و القطرون، وتجرهي، وثم تصل إلي خرقة الواعر، وإلي زاهاية، وتصل بلاد التبو، ميرآدم، ودامرقوا
وبالتالي تصل إلي المحطة الأخيرة، وهي بورنوا نيجيريا.
ويمكن القول أن الطريق وسط الأيالة قد سلكه العديد من الرحالة سوى أكانوا عربا أو أوروبيين، وتتبعوا محطات هذه الطريق ذهابا وايبا . ومن بينهم الرحالة العربي الحشائشي، الذي وصف لنا ملامح الطريق، والمسافة بين كل مرحلة، من سوكنه، و أبونجيم حوالي أربعة مراحل ، ومن أبونجيم إلي بني وليد أربعة مراحل، ومن بنى وليد إلي مدينة طرابلس أربعة مراحل هي الأخرى.
ومن خلال مما سبق نفهم من كلامه أن المسافة من سوكنه إلي طرابلس = 12 يوم وبتالي نجمع المرحلة الأولى + المرحلة الثانية+ المرحلة الثالثة أي 4+ 4+4= 12 يومان وهكذا نستنتج بأن المرحلة الواحدة= يوما كاملا سيرا بالقافلة ويتضح من بين كل منطقة ومنطقة أربعة مراحل، أي = أربعة أيام سيرا بالقوافل التجارية.
وبالإضافة إلي أن هذا الطريق قد مرت منه البعثة الإنجليزية سنة 1819م بقيادة سميث، وجوزيف ريتشي، والقبطان ليون، ومعهم الدليل محمد المكينى وبدأ انطلاق الرحلة من طرابلس إلي غريان ، إلي بني وليد، ثم أبونجيم، وسوكنه، وواصلوا إلي سبها، ثم إلي مرزق، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي لقوها إلا إنهم أرادوا معرفة المشقة والمعاناة التي تلاقيها رحلة القوافل التجارية.
 
كانت مدينة مرزق – في منتصف الطريق تقريبا- محطة وقوف القوافل التجارية، وقوافل السودانية، عند خروجها من طرابلس إلي الجنوب .
 
وكذلك مدينة سوكنة هي المحطة الثانية للوقف تلك القوافل بعد مرزق في حالة تكون القافلة متجهة صوب طرابلس، والمحملة بالعبيد والبضائع، وفي هذا المكان بتزودون بما يلزمهم من مؤن ومن ثم تواصل سيرها حتى طرابلس ، وفق الطريق الذي ذكرناه أنافا .
أما الرحالة الألماني غيرهارد رولفس فقد قام برحلة صحراوية سنة 1847م فسلك الطريق غرب الأيالة- الذي يبتدئ من طرابلس، باتجاه غريان، ومزده، والقريات وبراك ، وسبها وصولا إلي مرزق –وصولا إلي القطرون وتجرهى، وحينها سار صوب الشمال بقيادة الدليل وخبير الصحراء محمد القطروني، وبتالي وصل واحات الجفرة، وهناك قد شرح لنا عن أوضاع سوكنة، وطبيعتها وتخومها، ومن تلك الواحات إلي أبونجيم ثم العودة إلي طرابلس عبر الطريق وسط الأيالة إذا يمكن القول أن رحلته داخل البلاد فهي على شكل مثلث تقريبا .
ليس هذا فحسب بل جاء الرحالة ناختيغال إلي طرابلس راغبا في الكشف عن طرق القوافل والمدن الصحراوية، فكان بصحبته محمد القطرونى الدليل الصحراوي المعروف فكان تاريخ انطلاقه في 17/فبراير/ سنة 1850م ، وسار عبر الطريق وسط الإيالة ومر على سوكنة حتى وصل مرزق في 27/ مارس / سنة 1850م ، والذي وضح فيها المناطق والتجارة، وطرق القوافل ، والسكان والتي تعتبر مصدرا مهما في معرفة الطريق وسط الإيالة، وفزان.
كما قام الشاب الألماني Vogel فوجل سنة 1852م برحلة استكشافية وانطلاق هذه الرحلة في 20 يونيو ، حتى وصل فزان في 5 أغسطس، ومر على سوكنة أثناء ذهابه، وتمكن من المسير بعد مرزق إلي القطرون، وتجرهي، وديار التبو، وإلي طريق بلما وبتالي تمكن الوصول إلي وادي النيجرية وهناك انتهت حياته .
فواحة سوكنة كانت تمر بها قوافل الحجيج المغاربة، وبها نستربح القافل، والتزود بالماء والمؤن ، ثم تتجه صوب زلة أوجلة ، حتى تصل إلي الجغبوب وسبوه، وتدخل الأراضي المصرية، قاصدة بيت الله الحرام .
دور الآبار ومحطات المياه في دعم حركة طرق القوافل التجارية.
أولا: مواقع الآبار ومحطات المياه في سوكنة.
فمن المعروف أن بواحة سوكنة العديد من الآبار والتي لا يزيد عمقها تقريباً عن 5 أمتار، حيث كانت القوافل تستخدمها لسقي حيواناتهم وغيرها ، فيوجد منها داخل المدينة لقرب المياه الجوفية، ، ومنها في ضواحي المدينة، والتي تعتمد على كميات مياه الأمطار ، ويستفيدون منها سكان سوكنة بدرجة الأولي .
وبالإضافة كان رجال القوافل العابرة أو المحلية يتزودون من خلالها بالماء وسقي أبلهم، وملئ قربهم بالماء لسد رمقهم ، والتي بدورها تحتفظ ببرودة الماء في فيافي الصحراء.
ألا أناني أود إن أنوه على أن جلود المعز دورا مهما في حركة القوافل التجارية كيف؟ فبواسطة ( القربة) التي تملأ بالماء وتحمل على ظهور الجمال تسد ركب القوافل بالماء وسد حاجاتهم في الطريق، كذلك فبواسطة ( العُكة) المصنوعة من جلد الماعز لها دورا في حفض السمن ، والزبد لإستعماله في أثناء الطريق.
وأخيرا فبواسطة ( المزود الدقيق) الذي يحتوى على كيلوات من الدقيق لاستعماله في طعامهم، كالخبز وغيرها لان في تلك الفترة لا توجد حوافض لدقيق.
زودت سوكنة قديما وحديثا ركب القوافل بالماء، والغذاء، والمؤن وبضائع من مدينة سوكنة أثناء نزولها بهذه الواحة  ويتزود ركبها بماء أبارها ومنها بئرا الرشيدية، ولاهيقية والعلقة والرجل، والعشيرية، في وادي نيفة وبالإضافة إلي بئر زمام في وادي زمام ومن خلالها يتزودون بها الرعاة القوافل . 
كانت مياه آبارهم تستخرج عن طريق جر الجمال، أو الأبقار، أو الحمير البكرات ثم تتم إخراج الماء إلي الخارج بطريقة بدائية كانت معرفة في السابق.
 
المواجن والآبار، والعيون والأودية كانت نقطة جذاب لقوافل نحوها للتزود بالمياه ، إضافة إلي وجود الكلاء ، الذي يعتبر الغذاء ألأساسي للإبل ، وبها تستظل رجال القافلة ، وبتالي يمكننا عرض موجز عن الآبار ومحطات المياه من طرابلس إلي سوكنة مبتدءا بطرابلس، وسط عين زاره بها بعض المستنقعات صغيرة والمحطات مائية. 
ناهيك عن النباتات الطبيعية والراعي بين هذه المنطقة وترهونة، حيث يوجد بها بئر في ملغة ( أو فم ملغة التي يعرف اليوم) ربما أنه من خلاله تتزود القافلة بالمياه للوصول المحطة التالية. 
من ترهونة إلي بني وليد، هناك طريقان مختصران الأولي الانحناء قليلا إلي جهة الشرق والتي بها عين وادي الشرشارة التي كانت سابقا غامرة بالماء العين، وبها العديد من السواحل التي تعبأ من مياه الأمطار العذبة. ربما تستقر فترة قليلة وتتوجه جنوبا حتى تصل إلي وادي بني وليد .
أما الطريق الثاني فيتجه من ابيار ملغة مارة بوادي تنزيوة، وبه وقرب هذا الوادي إلي يومنا هذا عددا من المواجن وأصبح بعضها خرابا كانت تملا بمياه الأمطار وتصل القافلة إلي وادي بني وليد، الذي كان هو الأخر فيه، بعض المواجن الصالحة للشرب، وبالوادي أشجار من الزيتون، والعنب والرمان، وغيرها من الأشجار الطبيعية، التي تنموا بالوادي 
ثم تأتي مرحلة طريق بني وليد إلي أبونجيم وهو أقصر الطرق إلي سوكنة، ففي هذه المنطقة غنية بالمراعي، ومصادر المياه، التي تعتمد على الأمطار وما بين بني وليد، وأبوالنجيم العديد من الآبار ونذكر منها على سبيل المثال، يوجد ماجنين قرب قصر ميمون، وأبيار تسمى سقنة والعويجة، وبئر شظية، وكذلك بئران للماء في وادي سقنة ويعرفون بإسم بوشيبة، وبوطالع
وتمتد الطريق حتى الوصول إلي وادي زمزم الذي به بئر يعرف باسمه، وفيه أشجار كثيرة التي ربما كان رجال القوافل يستظلون تحتها من حر الشمس، وثم الوصول إلي منطقة أبوالنجيم، خلا هذه الأرض يوجد بها وادي بي الكبير أيضا هو الأخر فيه بئر بقلة عندي مجرى الوادي . 
ثم تأتي المرحلة بعد أبوالنجيم للوصول لسوكنة وهي طريق فاطمية وبها ست "6" آبار صالحة لشرب، وقد تكون هذه الآبار قد استفادة منها القوافل أثناء العبور الطريق وبالأخص بئر فاطمية والتي عرف عنه بمائها العذب ويحتوى على أحواضا لسقاية الحيوانات، هذا إلي جانب المنطقة التالية التي بها مراعي والاستثمار وتعرف بمنطقة بوعتلة والتي بها عددا من الآبار الصالحة للاستعمال. وأهمها بئر الطار نسبة إلى الجبال القريبة منه، بجبال الطار أو ( الطيار) وقبل الوصول إلي عين الحمام، تلك المنطقة تكثر بها النباتات الطبيعية والأعشاب وبتالي تأتي عين الحمام( ربما لكثرة الحمام بها عرفت بهذا الاسم) وعلى تخومها أشجار النخيل والنباتات وصالحة لشرب وخلالها تتفرع عدة طرق تجارية محلية تذهب إلي هون،وودان، وغيرها .
وهكذا تتبعنا هذا الطريق حتى الوصول إلي سوكنة والتي عرف عنها باستقرار منها ووفرة مياها و انشغال أهلها ببعض الزراعات التي يسقونها من مياه الآبار بواسطة ألآت تدور تعرف بالقواديس، وفي خلال التاريخ الحديث، أسس سنة 1963م في بئراً ارتوازيا لتوفير كميات كثيرة من المياه في المنطقة .
وفي منتصف الطريق بين سوكنة ومرزق هناك بئر مشهور تزود منه المرتحلون القادمون، والراجعون وهو بئر القطيفة، وتمر ببعض المناطق حتى الوصول إلي مرزق.
قيل تنتشر بعض الآبار في مرزق، حتى تمسة، والقطرون التي كانت عونا للقوافل التجارة.
تجار سوكنة، ومكانتها في دعم تجارة القوافل، والسلع التي تأتي عن طريقها.
أولا: تجار سوكنة.
تميزت مدينة سوكنة بكونها أحد المحطات التجارية في التاريخ، واشتهرا تجارها و عرفوا باسمها وبفعل نشاطهم، وخبرتهم في طريق القوافل التجارية الصحراوية وعلاقتهم الوطيدة مع تجار البلدان الجنوبية، والساحلية مكنهم أن يتميزوا بمكانه عند التجار الأخيرين، وبتالي أصبحوا معروفين بتجارتهم مع طريق بلاد السودان، إلي درجة حتى قبل" إن أكثر تجار السودان أنجبتهم بلدة سوكنة" 
لم يكن علاقاتهم مع المناطق الصحراوية كوادي، وكانم ومرزق وغيرها فحسب وإنما وطدوا علاقاتهم مع مناطق برقة، وطرابلس ، والواحات المجاورة ولاسيما علاقاتهم مع مصر، وبعض رجال الأتراك باستانبول  
        ونذكر منهم على سبيل المثال الحاج محمد السنوسي الغزالي، والحاج حسين بن أبي بكر أبي عائشة، ومحمد أفندي باشالة، والتاجر أحمد الغالي السوكني، والحاج عبد الله شقيق محمد السنوسي الغزالي، والأخيرين هما أكثر شهرة ولهم علاقات قوية مع طرابلس، ودار السعادة بإستانبول بدليل الخطاب الذي بعثه سليمان بن عثمان من دار السعادة إلي محمد الغزالي يطلب العون والمساعدة إليه وذلك نظرا للحريق الذي أصاب كثير من منازل في إستانبول، ولذلك طلبوا العون من صديقهم محمد الغزالي، هذا من جانب وكذلك علاقاتهم مع تجار طرابلس وامتلاكهم ممتلكات خاصة بهم هناك .0
نشاطها في دعم حركة القوافل: ـ
ومن المعروف أنها كانت محطة تجارية ولا تقل أهميتها عن مرزق ولها لدور في دعم حركة القوافل، من حيث تزويد التجار بالمؤن والماء والأسلحة والإدلاء، كما ذكر سابقا.
 
ناهيك بتزويدهم بإبل جديدة وكانت تتم في العادة بتأجيرها لهم، والتي قيل أن معدل حمولة الجمل التي ينقلها تقدر بـ ( ثلاثة قناطير) . أما رولفس ذكر بأنه لا يحمل سوى قنطارين ليس إلا، ومهما يكن من أمر فإن الجمل يحمل من قنطارين إلي ثلاث، والله أعلم 
وبذلك نضع الجدول التالي لفهم حمولة الجمل والمسافة وأجرة الجمل ونوع العمل وهو كالآتي:-
الدابة الحمولة المرحلة الأجرة نوع العملة ملاحظات
جمل  أو  قناصر بضائع من طرابلس إلي سوكنة 6 تالرات بوطيرا علما بأن الجمل يقطع في الصحراء 30 كيلو متر تقريبا في اليوم جمل  أو  قناصر بضائع من سوكنة إلي مرزق 6 تالرات بوطيرا جمل  أو  قناصر بضائع من مرزق إلي تجرهي تالر واحد بوطيرا جمل  أو  قناصر بضائع من تجرهي إلي كاوز 5 تالرات بوطيرا  أو  قناصر بضائع من طرابلس حتى بورنو 23تالرات بوطيرا  .
جمل  أو  قناصر بضائع من كاوار حتى بورنو 23تالرات بوطيرا أما الديناصوري ذكر بأن الجمل تكون حمولته لا تزيد عن 150 كيلو جراما.
دعمت سوكنة حركة التجارة من خلال منتجاتها. من الأطباق، والأواني السعفية وأجود أنواع التمور .
وكذلك الجلود الماعز المدبوغة ، والحصائر، والصناعات الحرفية البدائية. وكذلك ريش النعام الذي كان موجودا بسوكنة. ناهيك عن الجمال المهرية الممتازة التي كانت تربى في هذه المنطقة.
 
أما السلع التي تأتي في المناطق الصحراوية، وتمر عبر سوكنة إلي الشمال، وتتمثل في الرقيق من الصنفين والتي تأتي من بورنو، العاج، والذهب المسحوق( التبر) والجلود والمسك، وقرون الخرتيت.
ومن وداي جلود الفهود، وريش وبيض النعام والعبيد وبعض الصناعات الصحراوية....الخ، التي تمر عبر سوكنة إلي المناطق الساحلية.
 
كما تمر على سوكنة البضائع المناطق الساحلية إلي الجنوب، وتتمثل في الأقمشة بأنواعها، كالحرير، والعطور، والخيوط، والورق، والسكر والقهوة، والشب، والصبغة الحمراء والزجاجيات، والمصنوعات الخشبية والحديدية . وبالإضافة إلي أغطية الرأس، وملابس القطنية، والبارود و الأسلحة، والسيوف والأعشاب الطبية والتوابل، والملح وزيت الزيتون والصناعات الحصائر والفخار وغيرها فكانت معظمها طرابلسية وبرقاوية، والأخرى أوروبية                                                                      
                                                                    
                                                                    
                                            
 

المراجع

موسوعة الجغرافيا دراسات وابحاث

التصانيف

تصنيف :جغرافيا