سلبيات الإنترنت 
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له ، وأشهد أن محمداً عبده  ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، إلى يوم الدين. 
لم تقتصر آثار الغزو الإعلامي على الفضائيات فقط ، بل تعدتها إلى شبكة الإنترنت ففيها من الإضرار الشيء الكبير مع فوائد لا يستهان بها لمن أراد الاستفادة منها .
ولما كان موضوع هذا البحث هو سلبيات الإنترنت فإننا سنوجز الإيجابيات ثم نسهب في ذكر السلبيات : 
أولاً: الفوائد: لا يستطيع أحد إغفال الفوائد التي حصل الناس عليها  على اختلاف مستوياتهم من خدمات هذه الشبكة ، وقد جاء في إحصائية أن أكثر من 70 % من المستخدمين قالوا أنها أفادتهم في حياته ، ويمكن تلخيص هذه الفوائد فيما يلي:
1-  قدمت خدمات جمة في مجال الاتصالات كافة : 
أ - سهَّلت الحصول على المعلومات من كبريات المكتبات العالمية . فمكتبة الكونغرس مثلاً تحتوي على 78 مليون كتاب يمكن عن طريق الشبكة الحصول على معلومات عنها.
ب - سهلت الاتصال بمراكز البحوث العالمية . 
ج - إرسال البريد بسرعة هائلة ، فبدلاً من أن يستغرق إرسال البريد أسبوعاً أو أسبوعين ، أصبح لا يستغرق إلا ثواني معدودة . 
د - انخفاض أسعار المكالمات ، 87 % من المستخدمين في أمريكا يقولون إنهم يستفيدون منها للاتصال بأقاربهم وأصدقائهم . 
2- مراقبة المحلات ، والبيوت ، والمدارس عن بعد ، للحفاظ عليها من السرقات ، أو ضبط العمل بها. فيمكنك متابعته من أي مكان بالاستفادة من كاميرات النقل فيستطيع التجار ورجال الأعمال متابعة ما يدور في مصانعهم وإدارتها عن بعد. والتحدث مع بعض موظفيهم ، ومن خلال هذه الخدمة يستطيع الأبوان متابعة ابنهما وهو في الفصل مع زملائه(1).
3- سهولة الحصول على الاستشارات الطبية.
4- الشراء السهل من المواقع المختصة بالبيع. فيمكنك الشراء والتسويق وأنت في المنزل!! ففي دقائق قليلة يمكنك شراء ما يحلو لك من أسواق عالمية وفي أي مكان(2).
5- استعراض السلع بسهولة والاطلاع عليها كالكتب وغيرها. 
6- سهولة التجارة عن طريقها.    
وعلى قدر ما فيها من المنافع فإن ثمة مساوئ وسلبيات كبيرة جداً منها:
1- إفساد عقائد المسلمين ، والقول على الله بغير علم : إن مسـتخدم شـبـكة المعلومات (الإنترنت) يجد أمامه كل المواقع ، ومما لا شك فيه أن أخطرها ما يتعلق بأمور العقيدة ، والإيمان ، وقد وجد الكفرة ، والمبتدعة ، وأهل الضلال ، الطريق إلى إفساد عقائد المسلمين ، وإضلالهم ، عـبر مواقعهم ، فنجد مواقع متخصصة للتشكيك بثوابت الإسلام باللغتين الإنجليزية والعربية ، وفي ذلك يقول الباحث الاجتماعي كريستوف فولف :  ((  إن الكنائس والفرق الدينية اكتشفت في الإنترنت وسيلة لنشر رسائلها )). وقد عثر كريستوف في ((  آلة البحث ))   ((   آلتافيستا/altavista )) على أربعة ملايين مادة في الشبكة بمجرد بحثه عن موقع تورد كلمة  (( الرب )) واستنتج بعدها أنه:  ((  ليس الجنس والإباحية هو ما يسود في الإنترنت ، وإنما العروض الكنسية ))(3).  وفي مجال الدعوة إلى اليهودية توجد مواقع تقدم خدمات متنوعة بالألمانية والإنجليزية والعبرية. إضافة إلى ربط مباشر بالإذاعات الإسرائيلية وقد وصل عدد مرتادي أحد هذه المواقع420 ألفاً في الشهر الواحد(4).
وأما المذاهب الهدامة الأخرى فهي أكثر من أن تحصى فهناك مواقع لأكثر المذاهب انحرافاً كـ ((شهود يهوه )) و ((ساينتولوجي )) و ((عبدة الشيطان )) و ((   منكري السنة النبوية تحت اسم : مدينة النور )) وموقع ((   النبي يونس: هولندي يدعي النبوة )) وموقع ((  لويس فرخان : المسلمون السود في أمريكا )) وهناك موقع ((   لأباطيل رشاد خليفة )) و((   الأحمدية )) و ((  القاديانية )) وغيرها الكثير(1).
كما لوحظ خوض مواقع كثيرة في مسائل كبيرة وأمور عظيمة من الدِّيـن , يـحجم عن الكلام فيها كبار العلماء حتى ينظروا ويبحثوا ويتشاوروا !! فإذا بمن لا يُعرف بعلم ، بـل مجـاهيـل العين لا يعرفون ، يتكلمون في قضايا الأمة المصيرية من غير نظرٍ ولا رويّةٍ , ومن غير بصيرةٍِ ولا بيّنةٍ , ولا دليلٍ واضحٍ من القرآن والسنّة، ويصدرون الفتاوى في مسائل التكفير ، والخروج على الحكام ، وقتل الأنفس المعصومة ، والممتلكات المحترمة ، بمجرد أفهامهم واستحسان عقولهم , ثم يأخذ بذلك عنهم من لا يحسن قراءة الفاتحة.
قال العلامة الألباني -رحمه الله- :  ((  وما أكثر هؤلاء ( الصغار ) الذين يتكلمون في أمر المسلمين بجهل بالغ ، الأمر الذي أكّد لي أننا في زمان تجلَّت فيه بعض أشراط الساعة التي منها قوله  : ((  وينطق فيها الرُّوَيْبِضَةُ.قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ ؟قال: الرجل التّافِهُ يتكلم في أمر العامة )) (2) ))(3). ولذا بوب على هذا الـحديث بقوله :  ((   أليس هذا زمانه ؟ ))(4). 
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل ظهر العلمانيون واللبراليون عبر مواقعهم يثيرون الشبهات حول بعض المسائل المتعلقة بالمرأة: (الحجاب، الاختلاط، عمل المرأة، ونحو ذلك) بل وصل الأمر ببعضهم إلى التهجم على ثوابت الدين والعلماء ومحاضن الدعوة وحلقات تحفيظ القرآن والحسبة، والقول بأن الأحكام الشرعية غير صالحة لمسايرة المدنية الحديثة!!  (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا)[الكهف:5]. 
ولم يسلم الأمر أيضاً من التطاول على ذات الله عز وجل عبر شبكات الإلحاد مثل :شبكة اللادنيين العرب) و (شبكة الملحدين العرب) !! (سبحن الله عما يصفون) [المؤمنون:91].
فحملات غسيل للدماغ وتغيير للقناعات تتم عبر الإنترنت ومالم تواجه بسياسات حازمة ومدروسة فإن الأمر قد يفضي إلا ما تحمد عقباه. 
صحيح أنه لوحظ بفضل الله انتشار المواقع الإسلامية المتميزة لنشر العقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة، ونشر السنة النبوية الصحيحة، وفتاوى كبار العلماء، والأبحاث العلمية الموثقة، ودحض شبهات المغرضين، كل ذلك من خلال مواقع كبار العلماء وطلاب العلم.لكن لا يزال عددها قليلا والحاجة ماسة إلى المزيد. والله الموفق.
2- إضـاعة الـوقـت : إن مما يدمي القلب ، ويمزق الكبد أسى وأسفاً: ما نراه اليوم عند المسلمين من إضاعة للأوقات فاقت حد التبذير إلى التبديد ، من خلال الوقت الذي يمضيه بعضهم أمام الشبكة العنكبوتية ، ويجدر بالمؤمن الذي يقدر قيمة الوقت وأهميته أن يعمره بفعل الخير ما استطاع إليه سبيلاً ، أما أن يضيعه فيما لا نفع فيه غالباً فهذا من السفه ، والذي يمضي وقته أمام هذه الشبكة ، سوف يناله من ضياع الوقت فيما لا ينفع الشيء الكثير ، كما هو مشاهد.
قال صاحب مقهى إنترنت:  ((  من أغرب الأمور ولعلك لا تصدقها.. لدينا زبون لا يذهب إلى المنزل إلا ساعة واحدة فقط يومياً ويقضي يومه بالكامل أمام الإنترنت ويتراوح عمره بين 29-32 سنة ، ويقضي معظم الوقت في المحادثة ))(1). وتشير إحصائية أجريت العام الفائت أن معدل ما يقضيه الشباب والفتيات في الخليج على أجهزة الكمبيوتر 4ساعات يومياً. وإن كان هذا المعدل في ارتفاع الآن!! وطبقاً لإحصاءات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر فقد وصل عدد الشباب من مستخدمي الإنترنت العرب نحو 1.5 % من مستخدمي العالم تقريباً، بينما يمثل مستخدمي الإنترنت 5% من إجمالي سكان العالم، وتمثل مصر والسعودية 50% من إجمالي عدد المستخدمين العرب تليهما الإمارات، والمحتوى العربي يمثل 1% من المحتوى العالمي(1).  
ولنا أن نتخيل كم من الساعات تهدر دون أن يستشعر هؤلاء أهمية الوقت ، فللوقت أهمية كبرى ولذلك عرف السلف على الوقت ، وتقدير قيمته وخطره ، فكانوا يحرصون على ألا يمر يوم  أو بعض يوم ، أو برهة من الزمان وإن قصرت ، دون أن يتزودوا منها بعلم نافع ، أو عمل صالح ، أو مجاهدة للنفس ،  أو إسداء نفع إلى الغير ، حتى لا تتسرب الأعمار سدى ، وتضيع هباء ، وتذهب جفاء ، وهم لا يشعرون(2). قال إبراهيم بن شيبان -رحمه الله- : ((  مَنْ حَفِظَ على نفسه أوقاته فلا يُضيِّعُها بما لا يرضاه الله فيه حَفِظَ الله عليه دينه ودنياه ))(3). وقال الحسن البصري -رحمه الله-: (( من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه!! )) (4).  
3- الكذب وتبادل الألفاظ والمناظر التي تجر إلى الفاحشة وإثارة الغرائز : فإن أكثر من 70 % من مستخدمي مواقع المحادثة (chatting) أو ما يسمى بغرفة (الدردشة) يكذبون ويعطون معلومات كاذبة عن أنفسهم ، ينخدع بها البعض.قال النبي : ((   إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا )) (5). 
بل قد يتجاوز بعضهم الأدب ويتحاور بألفاظ فاحشة ، بعض الشباب يصرح أنه لوطي وشاذ!!! فضلاً عن محادثة الفتيات بألفاظ تقشعر منها الأبدان لا يرضاها لأخته ولا لأمه ولا لعمته ولا لخالته ولا لابنته!!
كما بدأت المرأة بمحادثة الشباب بألفاظ تخدش الحياء وتؤذي العفاف ويستحيي منها الرجال ، تراسل من تشاء أينما كان حتى ولو كان في أبعد البلدان. وصل الأمر إلى أنها بواسطة العدسات تستطيع أن ترى من يحادثها ويراها على أي وضع يشاءان دون حياء من الله ؟!!! عن أبي مسعود  قال: قال النبي  : ((   إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستحي فافعل ما شئت ))(1).
هذه القصة لإحدى ضحايا الدردشة عبر الإنترنت:  (( تقول: أطلقها صرخة من الأعماق إلى بنات جنسي وإلى كل بنت بعدم التعرف أو إقامة علاقة مع شاب عن طريق الإنترنت، والذي يبدو في البداية لذة وسعادة ولكن نهايته حسرة وندامة.. فحذار ثم حذار من العبث وإساءة استخدام هذا الجهاز.. فأنا ضيعت نفسي وسمعتي بسبب سوء استخدامي له ، وبدأ الأمر بخطأ صغير، ثم كبر وتوسع حتى وقعت ضحية في النهاية بسبب حمقي وجهلي وعدم إدراكي لعواقب الأمور، وإليكم حكايتي وأرجو وأتمنى أن تكون درساً تستفيد منه كل فتاة تقرأ حكايتي هذه. في البداية كنت أتسلى بهذا الجهاز بالساعات وأحياناً أستفيد منه في إثراء معلوماتي والدخول في مواقع بهدف التعرف وتكوين صداقات مع فتيات من كل بلد إلى أن تعرفت خطأ على شاب من إحدى الدول المجاورة، وكانت البداية مجرد تعارف ودردشة حتى بت أعشق الإنترنت بكلامه ، من أجله فهو شاب عذب الكلام حلو الأسلوب.. يطلق النكات اللطيفة روحه مرحة بحيث يجعل من يحدثه لا يمل منه، وبقينا على هذه الحال لمدة ثلاثة أشهر حتى تبادلنا أرقام الهواتف، وبدأنا نتحدث في اليوم عدة مرات حتى وقعت في حبه. وكان يقول لي: إنني أول حب في حياته وإنني محور تفكيره وانشغاله و.. و.. إلى غير ذلك من الكلام المعسول الذي يلامس روحي وكياني حتى أصبحت لا أرى الحياة بدونه.. رغم أنني لم أره ولم يرني وتبادلنا الصور وكان وسيماً للغاية.. واندهش هو بجمالي الباهر.. لأنني بالفعل فائقة الجمال بشهادة من يراني المهم أنه عرف عني كل شيء.. وأنا كذلك عرفت كل تفاصيل حياته.. وكان يتشوق لرؤيتي ولقائي.. ولم أكن أنا أقل شوقاً منه لذلك بل كنت أتمنى أن ألقاه وجهاً لوجه.. وبالفعل رتبنا هذا اللقاء في إحدى الدول العربية حيث سافرت مع والدتي إلى هناك للعلاج وطار هو أيضاً من أجلي..  من أجل اللقاء وجهاً لوجه ورشف الحب والغرام في هذا البلد تقابلنا وخرجنا سوياً و.. وفعلنا ما يغضب الله سبحانه وتعالى.. وما كنت أفكر بسوء ما أفعله ولا بعواقبه وما كنت أفكر بسمعتي ولا بسمعة أهلي ووالدتي المريضة التي أتت من أجل العلاج ، كل هذه الأمور غابت عن ذهني ووعيي تحت وطأة الحب والنشوة مع هذا الشاب.. ولم يخطر ببالي فكرة الزواج إلى أن وجدت نفسي متعلقة به جداً ولمحت له بالفكرة ولكنه ارتبك وتغيرت ملامحه.. فقلت له: أتحبني؟
قال: نعم.. لكني لا أفكر فيك كزوجة.
قلت له: لماذا؟ فأنا أحبك وأنت تحبني.. وما المانع من تتويج حبنا بالزواج؟
قال: سوف أفكر بالأمر.. ولا تتعجلي.. لكن بعد ذلك تغيرت معاملته معي.. بل وتهرب مني.. وسألته عن سبب تغيره؟
قال: يتهيأ لك ذلك.
وفاتحته في أمر الزواج مرة أخرى.. فصرخ قائلاً: لا أريدك زوجة ولا أريدك الآن حبيبة اغربي عن وجهي.. فذهلت من ردة فعله وكلامه الجارح ، ثم استطرد قائلاً: لا يشرفني أن تكوني زوجة وإنما عشيقة فقط.
ولم أتمالك نفسي وانفعلت بشدة.. فبصقت في وجهه، ثم أخذت كوباً فرميته عليه وانصرفت إلى البيت فبكيت بحرقة وألم واسودت الدنيا في عيني.. وعدت ووالدتي من السفر والحزن يلازمني وليت الأمر انتهى عند هذا الحد وكفى، لكن هذا الخسيس لم يتركني وإنما أراد الانتقام مني عندما بصقت في وجهه وضربته بالكوب.. ورأى في ذلك إهانة شديدة له.. فأراد رد الاعتبار لنفسه وكرامته.. ولكن بطريقة خسيسة حيث أبلغ أخي بالتفصيل عن علاقتنا مع الأدلة والبراهين.. وأنا لا مجال لدي للإنكار.. فقد كان كل شيء واضحاً وملموساً كما أشرت؛ لأنه يعرف كل تفاصيل حياتي وحياة أهلي.. لم أخف عنه شيئاً، صفحة مفتوحة أمامه.. وجاء أخي يصرخ بأعلى صوته ، فشدني من شعري بقوة ولطمني لطمة شديدة على أذني حتى فقدت سمعي.
وبعد ذلك حرمت من أشياء كثيرة.. وأهمها ثقة أهلي بي، فمنعت من إكمال تعليمي الجامعي، حتى الإنترنت فيما يفيد، وأنا ما زلت الآن في الحادية والعشرين من عمري. أخي معذور فيما فعل معي.. ولا ألوم إلا نفسي ، عصيت ربي ، خنت ثقة أهلي بي ولم أكن جديرة بهذه الثقة.. فجلبت لي ولهم الفضيحة والعار.. أدعو الله أن يتوب علي ويجعل لي مخرجاً)).
هذه ليست غلطة الإنترنت فحسب بل نحن الذين لم نحسن استخدامها أيضاً، نحن الذين نترك الخير والفائدة العظيمة ونبحث عن الشر وما هو منافٍ لأخلاق المسلم ، إن الشر كل الشر في الفراغ الذي لم نحسن استغلاله فعاد علينا بالوبال ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل . 
كما أن بعض المواقع يبث دعايات مثيرة وشائعات كاذبة ، عن موت فلان، أو تدهور في أسعار الأسهم ، أو اختفاء السلعة الفلانية ، أو إشاعة عن وجود سفاح نساء في منطقة كذا حتى يثير الرعب في قلوب الناس!! وأمثلة ذلك كثيرة.
   ولم يقف الأمر إلى هذا الحد بل ظهر أخيراً موقع عبر الإنترنت لتبادل الشتائم والصفات القبيحة، والدعوة إلى الكراهية بين الناس، فقد جاء في جريدة "عكاظ الأسبوعية" تحت عنوان:("الهيت بوك" .. تبادل الشتائم والصفات القبيحة إلكترونياً): الدخول إلى "عالم الشر" على الإنترنت، بات أمراً سهلاً، حيث يمكن للمستخدم أن يجد في دقائق معدودات "الأعضاء الأعداء" الذين سيكرهونه دون أيه معرفة مسبقة به، وتبدأ عملية مبادلة الشتائم والألفاظ والصفات القبيحة!! وأغرى نجاح موقع (الفيس بوك) الإلكتروني الذي يدعو إلى التواصل واكتساب الصدقات، هواة الكراهية لإنشاء موقع مضاد يدعو للكراهية أسموه (الهيت بوك).
وعكس قيم التعرف على الآخر وإبداء النية الحسنة، بات الموقع الجديد يدعو لكراهية كل شيء، بل يحض من يعتبرهم عشاق الكراهية إلى الانتماء له للتعبير صراحة عما تكنه أنفسهم تجاه الآخرين. 
ومن الوهلة الأولى يبدو الموقع ملائماً لعشاقه، إذ يسيطر اللون الأحمر الدموي على صفحات البداية كرمز للشر، فيما الشعار البارز يعني "كره كل شيء بالتساوي"، و"الكره مجاناً".
أما مسجلو العضوية فعليهم أن يختاروا الصفات الذميمة الأقرب لأنفسهم مثل: هل أنت فاشل .. متلاعب .. كاره .. أم تافه؟ فيما المهن التي يختارها الأعضاء تاجر مخدرات، أو ربة منزل يائسة...إلخ
أما ماذا تكره؟ يمكن أن تتنوع بين الأفلام السينمائية الساقطة والماجنة، البرامج التلفزيونية المزعجة، الموسيقى، أنواع الطعام، الكتب، والعلامات التجارية"(1).   
  
4 - العزلة والانطوائية والتفريط في أداء الحقوق : فبـعضهم يقـضي 16ساعة يومياً على الإنترنت ، مما يبعده عن أسرته وزوجته ، وأولاده ، ووالـديه ، وأقاربه ، ويجعله يقصَّر في حقوقهم التي أوجبها الله عليه ، فضياع لحق الزوجة ، مـن النفقة ، وحسن المعاشرة ، وضياع لحق الأولاد من الرعاية والنصح والتوجيه بل والنفقة أيضاً ، قال  : ((   ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة ))(2) وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله  : (( كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قـوته ))(3). وقد يصل الأمر إلى التسبب في عقوق الوالدين ، وقطع الأرحام والله تعالى يقول : (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ) [محمد:22]. وفي استبيان وزعته مجلة سعودية أكد40% من رواد المقاهي أن الإنترنت أثر على علاقاتهم الاجتماعية وجعلهم أكثر انعزالاً من ذي قبل(4).
وكثير من الزوجات بدأن يشتكين من أزواجهن الذين يقتلون أوقاتهم ويضيعون حقوق أسرهم بسبب العكوف على الإنترنت. 
حالات كثيرة وصلت إلى الطلاق بسبب زهد الزوج في زوجته ؛ لأنه يرى ويحادث من هي أجمل منها وأكثر فتنة وإغراءً .
إن إنشغال الزوجين أو احدهما بالإنترنت أحد أسباب الجمود في العلاقة الزوجية ، ويعد من أبشع الأساليب التي يستخدمها الزوج في معاقبة زوجته ولو من غير قصد ، وقد أشارت بعض الدراسات التي خرجت بها إحدى الجامعات الأمريكية إلى أن الأزواج المشغولين بجهاز الإنترنت لا يتحدثون مع بعضهم البعض إلا بمعدل خمس دقائق يومياً ، فهو مشغول طوال اليوم ويكون في البيت مشغولاً أيضاً. هذه هي ضريبة الجلوس أمام الإنترنت حيث تكون الضحية الأولى فيها الحوار والألفة بين الزوجين. وتقول إحدى الزوجات تصف زوجها :  ((  إنه كالحجر الصلد ، معظم حواراتنا تتحول تدريجياً إلى شجار ونزاع ، لا يعرف كيف يعبر عن أي مشاعر إلا بالغضب. كلما حاولت أن أجره نحو حديث ما يجيب بكل برود ، والسبب كما تعلمون انشغاله الدائم بالإنترنت ، حتى إنني أشعر أحياناً بأني معزولة عن عالمه وغير معترف بوجودي في المنزل )).
وفي دراسة أجرتها منظمة (أنقذوا أطفالنا) العالمية، تبين أن تكنولوجيا الاتصال الحديثة خلفت جيلاً يعاني الوحدة وعدم القدرة على تكوين صداقات،وجاءت النتائج بعد استطلاع أجراه الباحثون على عينة من 100 معلم حيث أكد 70% منهم أن قضاء أوقات طويلة تصل لدرجة الإدمان بشكل منفرد مع شبكة الإنترنت قد أثر سلبياً على مهارات الأطفال الاجتماعية(1).  
5 - تدني مستوى التحصيل العلمي لدى الطلاب : يشير بعض التربيين إلى أن بعض الطلاب يجلسون في الفصول الدراسية وهم في شرود دائم وأذهانهم خارج القاعة ، وكثير من طلبة الجامعات أضاعوا حصص المحاضرات لانشغالهم بها. 
يخططون ويفكرون في كيفية الرد على رسائل الصداقة ، أو سبـل تقويتها ، أو كيفية السفر لملاقاة الأصدقاء وما إلى ذلك . 
6- السرقة : فقد تتم سرقة أموال البنوك بعد أن يستغل السارق رقم البطاقات الائتمانية عن طريق الإنترنت. فالسطو على  البنوك لم يعد يتطلب تلك الإجراءات والاستعدادات التي تشاهد في أفلام الجريمة، أو حتى التي طبق بعضها في الواقع، فلم يعد الأمر بحاجة إلى عصابة كاملة وغير ذلك، بل يكفي فرد واحد ليقوم بذلك دون أن يغادر منزله.  ففي عام 2003م كشفت السلطات الإماراتية عن متهم آسيوي قام باختلاس حسابات مصرفية من البنوك باستخدام أجهزة مقاهي الإنترنت، حيث قام المختلس بتنفيذ 14 عملية سحب من حسابات شخصية ومصرفية لضحاياه وصلت قيمتها إلى 300 ألف درهم إماراتي- تعادل 82 ألف دولار- بعد أن تمكن من الحصول على أرقام حساباتهم المصرفية. 
المتهم يعمل مهندس كمبيوتر وعمره 31 عاماً واستخدم مقاهي الإنترنت لإتمام جرائمه التي امتددت إلى عشرة بنوك إماراتية وفي دول آسيوية وأوربية. وتوصل الخبراء إلى أن الجاني قام باستغلال أحد مقاهي الإنترنت للقيام بعمليات الاختلاس الإلكترونية من هذه الحسابات وتحويلها إلى حسابات وهمية كان قد أعدها مسبقاً عن طريق أنظمة فتح الحسابات الإلكترونية(1). وفي بنك لويدز في أمستردام قام شاب عمر 26 عاماً بتحويل مبلغ 8.4 مليون دولار عبر نظام الحوالات العالمية من فرع هذا البنك في نيويورك إلى حساب في بنك آخر في سويسرا. وفي مدينة الإسكندرية تزعم شاب عصابة من (الهاكرز) تضم  خمس أشخاص للاستلاء على حسابات بطاقات (( فيزا )) الخاصة بعملاء البنوك. ومن الطريف ما قام به الشاب الفرنسي جان كلود فقد استطاع تصميم بطاقة صرف آلي وسحب بها مبلغاً من أحد البنوك ثم ذهب إلى البنك وأعاد إليه المبلغ وأخبرهم أنه فعل ذلك ليؤكد لهم أن نظام الحماية في بطاقات الصرف الخاصة بالبنك ضعيف يمكن اختراقه، إلا أن ذلك لم يمنع الشرطة الفرنسية من إلقاء القبض عليه ومحاكمته. وفي دراسة كندية أجرت مقارنة بين السطو المسلح والسطو الإلكتروني على البنوك فاكتشفت أن معدل الخسارة الناجمة عن جريمة السطو المسلح على البنك يصل إلى 3200 دولار للحالة الواحدة، ترتفع إلى 23500 دولار في حالة السطو عبر الغش والخداع، وتقفز إلى 430 ألف دولار في حالة السطو الإلكتروني. ليس هذا فحسب بل تنخفض معدلات ضبط الجناة من 95 % في حالة السطو المسلح إلى 5% في حالة السطو الإلكتروني، أما ملاحقة الجناة قضائياً فلا تتجاوز 1% من حالات السطو الإلكتروني(1).   
وكذلك عمليات القرصنة ودخول المتطفلين على أجهزة غيرهم، والعبث بالمعلومات الموجودة، والغش التجاري وغير ذلك. فقد تجاوزت خسائر الشركات الصناعية والتجارية في بريطانيا من جرائم الإنترنت 1.1 مليار جنيه إسترليني. أما مكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكية ( F B I ) فقدر حجم الخسائر الناجمة عن الجرائم الإلكترونية في أمريكا بحوالي 10 مليارات دولار سنوياً عام 1998 ارتفعت إلى 14 مليار عام 2004، والمثير أن 17% فقط من الضحايا يبلغون عن هذه الجرائم التي يصل معدلها إلى ألف جريمة يومياً. معهد أمن المعلومات أجرى دراسة مسحية بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفدرالية على 538 مؤسسة وشركة أمريكية فتبين أن 85% منها تعرضت لاختراقات إلكترونية، 7% منها جاءت عبر الإنترنت، و65% منها ألحقت خسائر مادية بالمؤسسة. ولم يتمكن سوى 35% من الشركات من حصر هذه الخسائر. ولم يكن غريباً والأمر كذلك أن يطلب الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في يناير عام 2000م من الكونجرس تخصيص 2 مليار دولار لمكافحة جرائم الإنترنت. الأمر الذي يجعل العالم  أمام ملامح جديدة لجرائم جديدة في عصر جديد، جرائم تختلف عما عهدناه من قبل إذ يسهل إخفاء معالمها بالقدر الذي يصعب تتبع مرتكبيها فهم يسبحون بين مليار مستخدم لشبكة الإنترنت لا تقف دونهم حدود دولية ولا يمنعهم بعد المكان ولا اختلاف المواقيت من ارتكاب جرائمهم، وهم ذوو حرفية عالية تمكنهم من التغلب على كل إجراءات الحماية الإلكترونية(2). 
7- قتل النفس بد عوى اليأس من الحياة : فهناك مواقع تدعو إلى الانتحار ينشر فيها عشرات الطرق في كيفية الانتحار !! والله تعالى يقول: (وَلاَ تَقْتُلُوَاْ أَنْفُسَكُم ) [النساء:29]، وعن أبي هريرة  عن النبي  قال:  ((  من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا )) (1).  
وقد انتحر أناس بالفعل متأثرين بهذه الدعوات، فقد اعتقلت الشرطة في إحدى مدن ولاية أوريجن الأمريكية شاباً عاطلاً عن العمل عمره 26 عاماً استخدم أحد مواقع الدردشة على الإنترنت لتنظيم انتحار جماعي فيما يسمى بعيد الحب لمن لم يوفق في حياته العاطفية(2)!!
8-وهناك مواقع متخصصة بالميسر تعلم المرتادين كيفية المقامرة عبر الإنـترنت وق: قـال تـعـالى(ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )[المائدة:90].      
9- المخاطر الأمنية: فقد يقع بعض الشباب في مخاطر استقطابهم من قبل بعض أجهزة الاستخبارات ، أو الحصول منهم على معلومات قد تضر بلدانهم دون أن يعلموا أنهم ضحية عملاء مخابرات أجنبية. بل أن بعض هذه المواقع تعلم كيفية صناعة القنابل اليدوية ، مما يساعد على تنمية وسائل التخريب والأعمال الإرهابية. كما أن بعضها ينشر كيفية توجيه الفيروسات على أجهزة الآخرين وتدمير الذاكرات ، وهناك ما يسمى بـ ( الهاكرز أو كراكزر )حيث يقومون بالتجسس على مواقع الوزارات ، والمنشئات الحكومية ونحوها في بعض البلدان أو تدمير هذه المواقع. ومن ذلك ما قام به شاب أمريكي يبلغ من العمر 23 عاماً حيث أطلق فيروساً باسمه دمر 6 آلاف نظام عبر الإنترنت بينها أجهزة عدد من المؤسسات الحكومية بخسائر بلغت مائة مليون دولار، عوقب على إثرها بالسجن لمدة 3 سنوات. وشاب آخر يعمل مصمم ومبرمج فصل من عمله، فما كان منه إلا أن أطلق قنبلة إلكترونية ألغت كافة التصاميم وبرامج الإنتاج لأحد أكبر مصانع التقنية العالية في نيوجرسي التي تعمل لحساب وكالة الفضاء NASA  والبحرية الأمريكية. كما قامت مجموعة من الشباب الأمريكي أطلقوا على أنفسهم  (( الجحيم العالمي)) تمكنوا من اختراق مواقع  (( البيت الأبيض )) ، و (( المباحث الفيدرالية ))، و ((  الجيش )) ،  و ((  وزارة الداخلية )) لكنهم لم يخربوا تلك المواقع بل اقتصر دورهم على إثبات ضعف نظام الحماية في تلك المواقع(1).
10- المواقع الإباحية: مما لا شك فيه أن هذه المواقع من أخطر المواقع تأثيراً على شباب الأمة. فهناك أكثر من 350 مليون موقع على الشبكة في كافة المجالات والتخصصات. أغلب هذه المواقع مفيد ونافع في شتى أنواع العلوم 2%  فقط مواقع إباحية ، وبعملية حسابية بسيطة يظهر لدينا أن الاثنين بالمائة تساوي: 7 مليون موقع إباحي مبثوثة على كافة أنحاء الشبكة ، وكل ثلاث دقائق يفتتح موقع جديد على مستوى العالم وبكافة التخصصات ، 90 % من المستخدمين يدخلون على الـ 2% هذه.   
لذا استغل أعداء الأمة هذه الشبكة لمحاربتها في دينها وأخلاقها فوُجِّهت وجهة منحرفة عبر خطوات مدروسة ومنظمة مستهدفين بذلك شباب وفتيات المسلمين مصداقا لقوله تعالى : ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) [النساء:89] والمدهش أن بعض هذه المواقع يملكه عرب مسلمون كرسوا أنفسهم لنشر الفاحشة وغفساد المسلمين دون وازع أخلاقي أو مانع أدبي أو خشية من عقوبة ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) [النور:19]. 
وهذه المواقع في غاية الخطورة ، بل هي من أسلحة الدمار الشامل التي تقضي على الأخلاق ، وإذا كنا قد نهينا عن وصف المراة لتبدو محاسنها فكيف بمن يعرضون النساء عاريات كما خلقهن الله بل ويمارس الفاحشة مع الرجال عن عبد الله بن مسعود  قال النبي :"لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها"(1). والمعنى: فتنعتها أي فتصف نعومة بدنها وليونة جسدها وكأنه ينظر إليها فيتعلق قلبه بها ويقع بذلك فتنة والمنهي في الحقيقة هو الوصف المذكور(2).  
قال ابن حجر -رحمه الله-:" قال القابسي: هذا أصل لمالك في سد الذرائع فإن الحكمة في هذا النهي خشية أن يعجب الزوج الوصف المذكور فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة"(3). وقال الحافظ أبو بكر العامري -رحمه الله-:"فانظر -رحمك الله- كيف نهى عن وصف المرأة المرأة لزوجها صفة امرأة أجنبية لئلا تسمو الفتنة إليها؛ لأن الوصف يقوم مقام النظر، كل ذلك احتياط وزجر عن النظر  وما يدانيه"(4). وقال الشيخ علي بن عطية بن الحسن الحموي -رحمه الله-:"فصلى الله وسلم على منقذ العباد من الردى، نبي الرحمة والهدى، تالله لقد صدق؛ لأن الرجل الأجنبي إذا سمع وصف امرأة أجنبية تشكلت في قلبه، وانطبعت في مرآة نفسه، ويوحي الشيطان، لعنه الله له عند ذلك كلاماً من غروره وأمانيه، ويَحُول بينه وبين تقوى الله ومَرَاضيه، وتَخْطُر له هنالك خواطر قبيحة، وهواجس ذميمة،  فتارة بالزنا، والفحشاء..."(5). ثم أخذ في ذكر غير ذلك من المخاطر التي تقع نتيجة التفكير في المرأة إلى أن قال:"وكل ذلك من الواقعات التي رأينها وبلغتنا في زماننا هذا العجيب!!". فإذا كان هذا يحدث نتيجة التفكير في امرأة عن طريق الوصف فما حال زمننا الذي تعدى ذلك إلى المشاهدة بالصوت والصورة!! فهذا مما لا شك فيه مفاسده أعظيم كما هو مشاهد!!
وهناك دعاة ومروجون لهذه المواقع ، بعضها الدخول إليه مجاني بلا مقابل!! والبعض الآخر يتقاضى مقابل كل صورة ماجنة مبلغا من المال!! وقد يصل ما يدفعه الشاب الواحد أكثر من خمسمائة ريال شهرياً على الصور فقط !! 
بعض المواقع يفتح للمستخدم مواقع جديدة مجانية وهذه أكثر المواقع خطورة وإباحية !!كل ما يمكن أن يتخيله الإنسان من أنواع الفواحش موجود!! 
بعض المواقع يرشد إلى أنواع من الحيوانات التي تمارس معها الفاحشة ، كالكلاب والحمير والقردة والخنازير!! وعنونوا لبعض المواقع بأسماء يُستحيا من ذكرها!!! 
ففي مصر قامت شرطة الآداب بمراقبة 10 آلاف شاذ ومن يعلنون عن عناوينهم على الإنترنت ويبدون استعدادهم لممارسة الفجور، لكن الشرطة لم تستطع إحالتهم إلى المحاكم؛ لأنها لم تستطع إصدار إذن من النيابة لمعاقبتهم؛ لأنهم يمارسون فعلتهم الشنعاء من مواقع خاصة. أما تنظيم الشواذ الذي ألقي عليه القبض بالفعل، فقد تجاوزوا الدعوة والتعارف على الإنترنت إلى الالتقاء الفعلي وهو ما مكن الشرطة من إحالتهم إلى القضاء(1).      
إن كثير من شبابنا وقعوا ضحية المؤامرة الماكرة والتوجيه الخبيث بلا وعي ولا تفكر ولا توجيه سديد ، فبدأ كثير من المراهقين والمراهقات يتداولون كيفية الدخول إلى المواقع المحجوبة والممنوعة بأسهل الطرق والوسائل وتبادلوا عناوينها كهدايا قيِّمة تعاوناً على الإثم والعدوان والله عز وجل يقول:( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [المائدة:2] ، كما أخذوا يتبادلون أشرطة الكمبيوتر المحملة بالصور العارية والأفلام الجنسية من جراء هذه المواقع!! 
إن النظر إلى الصور المحرمة أمر يؤجِّج الشهوات ويشعل نار الفتنة والغريزة التي قد تؤدي إلى الكفر الأكبر بسبب العشق والتعلق بالمحبوب والشوق إلى رؤيته ، قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:  ((   وعلامة هذا العشق الشركي الكفري:  أن يُقدم العاشق رضى معشوقه على رضى ربه ، وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحظه، وحق ربه وطاعته ؛ قدم حق معشوقه على حق ربه وآثر رضاه على رضاه ))(1). والقصص في ذلك كثيرة. 
كم من محتضر يقال له :  ((   قل لا إله إلا الله )) ، فيهتف باسم معشوقته!! 
كم من قائل : إنه سيترك الصلاة والصيام ، ويتفرغ لعبادة حبيبته!! 
وكم من مشتاق لرؤية خليلته يسجد لها عندما يراها!!
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- :  ((   وربما صرح العاشق منهم بأن وَصْلَ معشوقه أحب إليه من توحيد ربه ،كما قال العاشق الخبيث:
يَتَرَشّـَفْنَ مِنْ فَمِي رَشَفَاتٍ                   هُنَّ أحْلَى فِيِه مِنَ التـَّوْحِيدِ
وكما صرح الخبيث الآخر أن وصل معشوقه أشهى إليه من رحمة ربه له - فعياذاً بك اللهم من هذا الخذلان- فقال:
وَصْلـُكِ أشهى إلى فؤادي             مِنْ رَحْمَةِ الخالق الجَلِـيلِ ))(2).
وقال أيضاً -رحمه الله-: ((  فإن عشق الصور المحرمة نوع تَعَبُّدٍ لها ، بل هو من أعلى أنواع التعبد ، ولا سيما إذا استولى على القلب وتمكّن منه ؛ صار تتَيُّماً – والتتيم : التعبد- ، فيصير العاشق عابداً لمعشوقه ، وكثيراً ما يغلب حبه وذكره والشوق إليه ، والسعي في مرضاته ، وإيثار محابه على حب الله وذكره ، والسعي في مرضاته ، بل كثيراً ما يذهب ذلك من قلب العاشق بالكلية ، ويصير متعلقاً بمعشوقه من الصور -كما هو مشاهد- ، فيصير المعشوق هو إلهه من دون الله عز وجل يقدم رضاه وحبه على رضى الله وحبه، ويتقرب إليه ما لا يتقرب إلى الله ، وينفق في مرضاته ما لا ينفقه في مرضاة الله ، ويتجنب من سخطه ما لا يتجنب من سخط الله تعالى، فيصير آثر عنده من ربه:  حباً ، وخضوعاً ، وذلاً ، وسمعاً ، وطاعة )) (3). 
وقد تنبه العقلاء في الغرب إلى خطورة المواقع المنحلة فمنعوا أطفالهم منها بعدما ذُُهِلوا بما رأوه من شدة الإباحية والجنس.
26 % من الآباء يقيدون وصول أطفالهم إلى هذه المواقع ، 87 % منهم يشكّون في فائدة الشبكة لأطفالهم بسبب كثرة الأضرار الموجودة.
وظهرت نداءات كثيرة في أمريكا تطالب الكونغرس بل وتضغط على الرئيس الأمريكي بوضع حد لهذه المواقع ، وفي بريطانيا نفس المطالب، وفي ألمانيا أقفلت السلطات شركات تتعامل مع مواقع إباحية ، وفي الصين يمنع الأفراد من الاشتراك بالشبكة إلا بعد الحصول على إذن من الشرطة ، وأشد العقوبات توقَّع على المخالفين ، وتجرم اليابان وكوريا وفيتنام تصفح المواقع الإباحية(1).  
والمؤسف أن الحصول على خدمة هذه الشبكة بات في تناول الجميع ، فلا يحتاج الأمر إلا امتلاك جهاز الكمبيوتر بل يمكن ذلك عن طريق مقاهي الإنترنت التي انتشرت بشكل كبير جداً وتتنافس على تخفيض الأسعار. 
وبات معظمها مواخير للفساد يرتادها المراهقون والمراهقات ينظرون إلى ما يندى منه الجبين وتدور على رؤوسهم الشيشة والجراك . 
أكثر من 90 % ممن يرتادون المقاهي يدخلون إلى المواقع المحرمة باحثين عن الجسد العاري والشهوة الرخيصة والجنس المروع الذي لا يمكن أن يصفه أحد. 
لقد جرَّت هذه الاستخدامات السيئة على المسلمين ويلات ومآسٍ كثيرة.فبدأ الآباء والأمهات يشكون من سلوك وتصرفات أبنائهم وبناتهم . وبدأ المدرسون والمدرسات والمدراء ينقلون عن الطلاب بعض ما يستحيا من نقله فضلاً عن وصفه.  
ويمكن علاج سلبيات شبكة الإنترنت ، وظاهرة المقاهي فيما يلي :  
1- من كان في غنى عن الشبكة فليستغنِ. 
2- إذا اضطر للخدمة فلا يدخلها البيت. 
3- الاقتصار على المفيد من البرامج ، ولمن يستفيد فقط. 
4- محاولة الحد من ظاهرة المقاهي ما أمكن إلى ذلك سبيلاً. 
5- مناصحة أصحاب المقاهي وتذكيرهم بالله واليوم الآخر.
6- لا يجوز تأجير المحلات لمن يفتتح هذه المقاهي إلا إذا ضبطت بضوابط الشرع.
7- إلزام الشركات الرئيسية المزودة للخدمة بوضع أجهزة الحجب للمواقع الممنوعة .  
8- إلزام أصحاب المقاهي بمنع المستخدمين من الدخول على المواقع الممنوعة .
9- إلزامهم بوضع شاشات الأجهزة لتكون واضحة للناس والمارة وعدم وضع قواطع بين الأجهزة . 
10- معاقبة كل موظف يرشد إلى المواقع الإباحية أو يسمح بالدخول عليها . 
11- تحديد فترات معينة لفتح وإغلاق المقاهي في وقت مبكر . 
12- تشديد الرقابة على المقاهي والتفتيش المستمر وإلزام أصحابها بمراقبة المستخدمين عبر أجهزة التحكم الرئيسية . 
13- على كل مستخدم لهذه الشبكة أن يتقي الله تبارك وتعالى فهو مسئول عن كل حركة وسكنة يقوم بها( ولا تقف ما ليس ل كبه علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا). [الإسراء:36] . 
14- الحذر من خطوات الشيطان ، فقد يوحي للمستخدم  بأن يشترك في هذه الخدمة لأجل الدعوة إلى الله ثم يجرُّه إلى مواقع الفحش والإباحية. كم من مستخدم أقنع نفسه لأول مرة أنه سيتجنب المواقع السيئة ثم جره الشيطان شيئاً فشيئاً حتى أصبح لا يمكنه الاستغناء عنها. فلا بد من العزم الصادق ومراجعة النية وتجديدها قبل الولوج في هذا الباب. 
15- على الآباء تجنيب الصغار والمراهقين والمراهقات تصفح هذه الشبكة لأنها تشكل خطراً كبيراً عليهم.  
16- التعاون والتكاتف مع الجهات المسؤولة عن إغلاق المواقع الفاسدة وذلك بإرشادها ودلالتها على عناوين هذه المواقع. 
17- التحذير من هذه المواقع وإسداء النصيحة لمن يتولى الترويج لها والدلالة على أماكنها .
وتبذل مدينة الملك عبد العزيز للتقنية والعلوم جهوداً جبارةً مشكورةً في هذا المجال إذ يبلغ مجموع ما تغلقه من مواقع يومياً مائة موقع.
الهجمة شرسة وقوية والحاجة ماسة إلى توظيف إمكانيات أكبر في محاربة هذه الظاهرة.  
18- على كل أب وأم أن يحسنوا توجيه أولادهم وتربيتهم على منهج الله وشرعه. قال r : ((  كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، والأمير راع ، والرجل راع على أهل بيته ، والمرأة راعية على بيت زوجها  وولده ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ))(1).
 19- إغلاق مقاهي الإنترنت للنساء ، فما تجره من ويلات أكبر من المصالح الموهومة والمزعومة. 
20- إذا احتاجت باحثة أو راغبة في الإطلاع على معلومات ما فبإمكان ذويها إحضارها لها فالأمر بسيط وميسر . 
 21- منع الأولاد من وضع أجهزة الحاسوب في غرف نومهم ، بل تكون في صالة ، أو غرفة يدخل إليها أفراد العائلة بكثرة حتى يمكن مراقبة ما يرونه. 
 22- توعية الوالدين وتزويدهم بالمعلومات اللازمة عن هذه الشبكة. فهناك برامج وقائية توضع في جهاز الحاسوب ، مهمتها حجب المواقع الماجنة. أهـم هذه البـرامج : بـرنـامج اسـمه  ((   سايبر باترول )) ( syberpatrol ) أي شرطي    الشبكة ، يضمن رقابة كاملة 100 % . كلما حاول أحد الدخول إلى موقع إباحي فإن البرنامج يمنعه من ذلك وهناك برامج أخرى . 
وقد نـشر موقـع www0cyberpattvol0com بعض أوامر الرقابة التي تبيح لك كيفية التحكم والنفاذ إلى شبكة الويب وبالتالي ضبط تصفح أولادك   للإنترنت(2). كما ظهر برنامج جديد يحمل اسم مايكروسوفت فور كيدز microsoftplus!forkids وهو برنامج يقوم بتحديد البرامج التي يستخدمها الأطفال للدخول على الإنترنت حيث لا يسمح بدخول أي برامج أخرى غير محددة لهم يأتي هذا البرنامج في ظل الحاجة الشديدة لمتابعة الأطفال أثناء اتصالهم بالإنترنت لتحذيرهم من المواقع المفسدة والأمور السيئة .
وقد تيقظ العالم أخيراً لخطر الإنترنت على الشباب فواجهت كوريا الجنوبية إدمان الإنترنت بالمعسكرات الرياضية، أما الصين فواجهته بالعيادات الطبية. فقد جاء في جريدة الأهرام المصرية تحت عنوان:(إدمان الإنترنت .. خطر جديد على الشباب):"إذا كانت كوريا الجنوبية ابتكرت محاولة جديدة لمواجهة إدمان الشباب لاستخدام الإنترنت، والعمل على الحد من أضراره عليهم، فأقامت معسكراً يشبه معسكرات التدريب العسكرية، ويهتم التركيز فيه على التدريبات البدنية التي تمتص طاقة الشباب، بالإضافة إلى جلسات علاج نفسي جماعي وورش للأعمال اليدوية كالنجارة وصناعة الفخار. كما قامت الصين بشن حملة ضد إدمان المراهقين للإنترنت، وتم تحديد الفترات التي يقضيها كل مراهق عمره أقل من 18 عاماً داخل مقاهي الإنترنت، بحيث يكون لكل واحد فترة واحدة لا تتكرر، ويتم تغريم صاحب المقهى في حالة مخالفة الأوامر، كما تم إنشاء عيادات متخصصة لعلاج إدمان الإنترنت تعتمد على تعويد الشباب على عدم التعامل مع الإنترنت وتغيير عاداته اليومية، وقامت وسائل الإعلام بعرض قصة الشاب الصيني (17سنة) الذي لقى حتفه بسبب الجلوس أمام الإنترنت قرابة أسبوع، وكان عرض هذه القصة كنموذج لنهاية مدمن الإنترنت .
ولعل هذا التحرك من هذه البلاد يستوقفنا ويجعلنا نتساءل ألست البلاد الإسلامية أحوج إلى أن تضع ضوابط وحدود لمواجهة هذه المشكلة وفقاً لتعاليم ديننا الحنيف لاستخدام الإنترنت فيما يفيد ولا يضر. فوجود الآثار السلبية للإنترنت أن نتوقف عن استخدامه بل يجب التوعية بالاستخدام الأمثل. 
أسأل الله أن يوفقنا للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً ، وأن يهدينا صراطه المستقيم إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
 
 

المراجع

موقع تسعة

التصانيف

أبحاث