الفعل اللازم والفعل المتعدي

 
 
 
ينقسم الفعل من حيث اللزوم والتعدي إلى قسمين : ـ
 
أ ـ الفعل اللازم .     ب ـ الفعل المتعدي .
 
 
 
الفصل الأول
 

أولا ـ الفعل اللازم

 
تعريفه وأنواعه : ـ
 
     هو كل فعل لا يتجاوز فاعله ليأخذ مفعولا به ، بل يكتفي بالفاعل .
 
وهذا النوع من الأفعال مما لا يتعدى فاعله مطلقا ، أي لا ينصب مفعولا به البتة ، ولا يتعدى لمفعوله بحرف الجر أيضا ، لأنه لا يتوقف فهمه إلا على الفاعل وحده ، ومن هذا النوع الأفعال التالية :
 
      طال ، حَمُر ، شَرُف ، ظَرُف ، كَرُم ، نهم ، راح ، اغتدى ، انصرف ، حَسُن ، تدحرج ، تمزق ، وسخ ، دنس ، أنكر ، انفلج ، احمرّ ، اسودّ ، ابيضّ ، اصفرّ ، اقشعرّ ، اطمأنّ ، احرنجم ، اشمخرّ ، وما شابهها .
 
ومن أمثلتها : طال الوقت . واحمرّ البلح ، وشَرُف الرجل ، واغتدت الطير .
 
ونحو قوله تعالى : { وحسن أولئك رفيقا }1 .
 
وقوله تعالى : { حسنت مستقرا ومقاما }2 . 11 ـ ومنه قول امرئ القيس : 
 
     وقد أغتدي والطير في وكناتها     بمنجرد قيد الأوابد هيكل
 
ومن الأفعال ما جاء متعديا ، ولازما ، وهذا النوع يكثر في الأفعال الثلاثية المكسورة العين ـ من باب فَعِلَ ـ فإن دلت هذه الفعال على علل وأحزان وأمراض ، وأضادها كانت لازمة . نحو : مرض محمد ، وسقم الرجل ، وحزن علي ، وبطر الجائع ، وشهب الثوب ، وفرح الناجح ، وفزع الطفل .
 
ــــــــــــــــ
 
1 ـ 69 النساء . 2 ـ 76 الفرقان .
 
 
 
وإن دلت على غير ما سبق جاءت متعدية بنفسها .
 
نحو : ربح محمد الجائزة ، وكسب الرجل القضية ، ونسي المريض الدواء ، وسمع الملبي النداء ، وشرب الظامئ الماء .
 
       ومن الفعال اللازمة ما يتعدى لمفعوله بوساطة حرف الجر ، وهذا النوع من الأفعال لا يعتبر متعديا على الوجه الصحيح ، لأن الجار والمجرور الذي تعدى له الفعل اللازم لا يصح أن يكون مفعولا به ، وإنما الحق به لأن إعرابه الصحيح هو الجر .
 
نحو : مررت بخالد ، وسلمت على الضيف ، وذهبت إلى مكة ، وسافرت إلى الشام ، وتنزهت في الطائف .
 
فمتمم الجملة في الأمثلة السابقة هو الجار والمجرور ، وقد جعله البعض في موضع النصب على المفعولية ، وكأنهم علقوا شبه الجملة بمحذوف في محل نصب مفعول   به ، وأرى الصواب أن شبه الجملة متعلق بالفعل قبله .
 
      فالأصل في تعلق الجار والمجرور هو الفعل ، أو ما يشبهه ، كاسم الفاعل ، أو اسم المفعول ، أو الصفة المشبهة ، وإذا حذف المتعلق وكان كونا عاما فلا يخرج المتعلق عن واحد من المواضع الآتية :
 
1 ـ الخبر . نحو : الكتاب في الحقيبة .
 
فالجار والمجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر المبتدأ .
 
2 ـ الحال . نحو قوله تعالى : { فأتبعهم فرعون بجنوده }1 .
 
فبجنوده شبه الجملة متعلق بمحذوف في محل نصب حال من فرعون .
 
109 ـ ومنه قوله تعالى : { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء }2 .
 
فقوله : إلى هؤلاء جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال من الضمير في " يذكرون " .
 
ــــــــــــ
 
1 ـ 90 يونس . 2 ـ 143 النساء .
 
 
 
3 ـ الصفة . نحو : شاهدت رجلا على دابته .
 
على دابته جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب صفة لرجل .
 
4 ـ صلة الموصول 110 ـ نحو قوله تعالى : { ويشهد الله على ما في قلبه }1 .
 
في قلبه جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة ما .
 
      مما سبق يتضح لنا أن العامل في الجار والمجرور إما أن يكون الفعل ، أو شبهه كما ذكرنا . نحو : ذهب محمد إلى السوق .
 
ونحو : علي ذاهب إلى السوق .
 
وإما أن يكون العامل محذوفا ، ونقدره كما هو في الأمثلة السابقة بـ " استقر ، أو حصل ، أو كان ، أو مستقر ، أو حاصل ، أو كائن " ، ما عدا الصلة فنقدره فيها بـ " استقر ، أو حصل ، أو كان " لأنها لا تكون إلا جملة ، أو شبه جملة .
 
      وقال أكثر النحاة أن أغلب الأفعال اللازمة تكون قاصرة عن التعدي للمفعول به بنفسها ، أو لا تقوى على الوصول إلى المفعول به بذاتها فقووها بأحرف الجر ، وأطلقوا على تلك الأحرف أحرف التعدي ، ومنها : الباء ، واللام ، وعن ، وفي ،   ومن ، وإلى ، وعلى .
 
111 ـ نحو قوله تعالى : { ذهب الله بنورهم }2 .
 
وقوله تعالى : { يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين }3 .
 
 وقوله تعالى : { وإن جنحوا للسلم }4 . وقوله تعالى : { وكفر عنا سيئاتنا }5 .
 
وقوله تعالى : { ويسارعون ي الخيرات }6 .
 
وقوله تعالى : { ويسخرون من الذين آمنوا }7 .
 
 وقوله تعالى : { فحق علينا قول ربنا }8 .
 
ـــــــــــــــــــــ
 
1 ـ 204 البقرة . 2 ـ 17 البقرة .
 
3 ـ 61 التوبة . 4 ـ 61 الأنفال . 5 ـ 193 آل عمران .
 
6 ـ 114 آل عمران . 7 ـ 212 البقرة . 8 ـ 31 الصافات .
 
 
 
وقوله تعالى : { فاهدوهم إلى صراط الجحيم }1 .
 
والفعل أهدى متعد لمفعولين الثاني منهما بحرف الجر وهو : إلى صراط .
 
       وخلاصة القول أننا لا ننكر تعدي بعض الأفعال بوساطة أحرف الجر سواء أكانت لازمة ، أم متعدية بنفسها .
 
نحو قوله تعالى : { إنّا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا }2 .
 
وقوله تعالى : { هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب الله }3 .
 
وغيرها من الشواهد التي ذكرناها آنفا وهي كثيرة في كلام الله جل وعلا ، وفي أدب العرب شعرا ، ونثرا .
 
      غير أن هذا التعدي يكون في حصول المعنى ، وارتباط الجار والمجرور في دلالته بالفعل لكي نصل إلى المعنى المراد من خلال البناء ، أو التركيب اللغوي ، بدليل أن هنالك أفعالا لا تحتاج في تعديها إلى مفعولها لحرف الجر ، ومع ذلك تعدت إلى مفعول آخر بالحرف ، وقد أوردنا على ذلك بعض الأمثلة .
 
      والذي نراه أن تعدي الفعل إلى مفعوله بوساطة حرف الجر لا علاقة لها بالوضع الإعرابي للجار والمجرور ، ولا تأثير للفعل فيه إعرابيا .
 
فعندما نقول : ذهب محمد إلى المدرسة ، أو جاء الرجل من المسجد .
 
فلا علاقة إعرابية بين الفعل وشبه الجملة . إذ لم يعمل الفعل فيها النصب في الظاهر ، كما يعمل في المفعول به ، ونحوه ، وهذا هو الوجه الأيسر . ويكفي أن تكون العلاقة بين الفعل وشبه الجملة علاقة معنى . إذ إن الجار والمجرور متعلق في دلالته بالفعل ، أو ما شابهه ، أو بالمحذوف كما أوضحنا .
 
      ولتأكيد تعدي الفعل اللازم إلى المفعول به بوساطة حرف الجر جعل النحاة من هذه الفعال أفعالا لا تستغني عن حرف الجر لتعديها إلى المفعول به ، ولا
 
ـــــــــــــــــ
 
1 ـ 23 الصافات . 2 ـ 83 مريم .
 
 3 ـ 10 الصف .
 
 
 
يجوز حذفه منه إلا لضرورة . نحو : مررت بأخي ، ونزلت على محمد .
 
إذ لا يصح حذف حرف الجر منها إلا ضرورة .
 
واعتبروا حرف الجر كالجزء من ذلك الاسم لشدة اتصال الجار بالمجرور ، أو هو كالجزء من الفعل لأنه به وصل معناه إلى الاسم فلو انحذف لاختل معناه .
 
    ومن الأفعال ما يصح حذف حرف الجر من متعلقها للتخفيف ، أو للاضطراد .
 
فالحذف للتخفيف ، نحو : سافرت مكة ، ودخلت المسجد .
 
فـ " مكة ، والمسجد " منصوبان على نية حذف حرف الجر .
 
12 ـ ومنه قول جرير :
 
        تمرون الديار ولم تعوجوا        كلامكم عليّ إذن حرام 
 
       والحذف للاضطراد يكون مع أن المصدرية وفعلها ، وأن المشبهة بالفعل ومعموليها .
 
نحو : طمعت في أن أراك ، وطمعت أن أراك .
 
ونحو : عجبت من أنك انقطعت عنا ، وعجبت أنك انقطعت عنا .
 
    كما وردت بعض الفعال مما يجوز فيها التعدي بنفسها تارة ، وتارة بحرف الجر ، ومنها : شكر ، تقول : شكرتك ، وشكرت لك .
 
112 ـ ومنه قوله تعالى : { واشكروا لي ولا تكفرون }1 .
 
ومنها : نصح ، ووزن ، وعدد ، وكال ، وجاء ، وغيرها .
 
فتقول : نصح المعلم الطالب ، ونصحت للطالب .
 
ومنه قوله تعالى : { ونصحت لكم }1 .
 
وتقول : جئت محمدا ، وجئت إلى محمد . وهذه الأفعال سماعية لا ينقاس عليها .
 
ــــــــــ
 
1 ـ 152 البقرة . 
 
2 ـ 79 الأعراف .
 
 

نماذج من الإعراب
 
 
 
11 ـ قال الشاعر :
 
     وقد اغتدي والطير في وكناتها      بمنجرد قيد الأوابد هيكل
 
وقد : الواو حرف استئناف ، قد حرف تحقيق مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
 
اغتدي : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل . والفاعل ضمير مستتر فبه وجوبا تقديره : أنا .
 
والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب استئنافية .
 
والطير : الواو واو الحال ، الطير مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة .
 
في وكناتها : جار ومجرور وشبه الجملة متعلق بمحذوف في محل رفع خبر ، ووكنات مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
 
والجملة الاسمية في محل نصب حال من الفاعل في " أغتدي " والتقدير : أغدوا إلى الصيد ملابسا لهذه الحالة ، والرابط الواو .
 
بمنجرد : الباء حرف جر ، منجرد اسم مجرور بالباء ، والجر والمجرور متعلقان بـ " أغتدي " ، ومنجرد صفة لموصوف محذوف وهو اسم فاعل ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو يعود على فرس الشاعر .
 
قيد الأوابد : قيد صفة ثانية للموصوف المحذوف ، وقيد مضاف والأوابد مضاف   إليه وهو من باب إضافة الوصف لمعموله ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا  تقديره : هو يعود على الفرس .
 
هيكل : صفة ثالثة للموصوف المحذوف مجرور بالكسرة .
 
والشاهد قوله : أغتدي . فهو فعل لازم يكتفي بفاعله ولا يتعدى للمفعول به لا بنفسه ،ولا بوساطة حرف الجر .
 
109 ـ قال تعالى : { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء }
 
مذبذبين : حال منصوبة بالياء من الضمير في " يذكرون " {1} ، ومسوغ مجيئه حالا لأنه اسم مشتق .
 
بين ذلك : بين ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بمذبذبين ، وهو مضاف ، وذا اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ، واللام للبعد ، والكاف حرف خطاب مبني على الفتح . ويصح إعراب " ذلك " ككلمة واحدة مبنية على الفتح في محل جر بالإضافة . ومثلها أسماء الإشارة المتصلة بالكاف .
 
لا إلى هؤلاء : لا نافية لا عمل لها ، إلى هؤلاء جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال .
 
ولا إلى هؤلاء : الواو حرف عطف ، وما بعدها معطوف على ما قبلها .
 
وتقدير الحال : لا منسوبين إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء .
 
 
 
110ـ قال تعالى : { ويشهد الله على ما في قلبه }
 
ويشهد : الواو حرف عطف على الوجه الأرجح ـ وسنبين ذلك ـ وقيل   استئنافية ، ويشهد فعل مضارع مرفوع بالضمة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو ، يعود إلى " من " . الله : لفظ الجلالة مفعول به منصوب .
 
على ما : على حرف جر ، ما اسم موصول مبني على السكون في محل جر ، وشبه الجملة متعلق بـ " يشهد " .
 
في قلبه : جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة ما ، أو صفة لها إن اعتبرنا " ما " نكرة موصوفة ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
 
وجملة : يشهد ... إلخ معطوفة على جملة يعجبك في أول الآية { ومن الناس من
 
ــــــــــــــــــــــــــ
 
1 ـ مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي ج1 ص 211 .
 
 
 
يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله ... } الآية .
 
ويصح أن تكون جملة : يشهد في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وهو يشهد ، والجملة الاسمية من المبتدأ المحذوف وخبره " وهو يشهد " في محل نصب حال من الفاعل في " يعجبك " والرابط الواو والضمير .
 
وما ذكرنا من  إعراب لجملة " وهو يشهد " يجعل الواو حالية ، وليست استئنافية ، ولا عاطفة ، وإن اكتفينا بإعراب " يشهد " كما بيناه آنفا تكون الواو عاطفة ، وهو أرجح الأقوال . وإن جعلنا الواو للاستئناف كانت جملة " يشهد " لا محل لها من الإعراب مستأنفة ، ولا أرى ذلك لأن الكلام غير منقطع لا لفظا ، ولامعنى ، بل هو متصل بالعطف والمعنى .
 
ومن الناس من الله يعلم أن ما في قلبي موافق لما في لساني ، وهو معطوف على " يعجبك " كما ذكر ذلك صاحب روح المعاني {1} .
 
 
 
111 ـ قال تعالى : { ذهب الله بنورهم }
 
ذهب : فعل ماض مبني على الفتح ، لا محل له من الإعراب .
 
الله : لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة .
 
بنورهم : جار ومجرور متعلقان بـ " ذهب " والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
 
ومن قال بتعدية الفعل اللازم إلى المفعول به بواسطة حرف الجر ، يعرب الجار والمجرور " بنورهم " في محل نصب مفعول به ، واظن أن فساده ظاهر .
 
ويتضح إعراب بعض المعربين في جعل الجار والمجرور متعلقا بمحذوف مفعول به ، سواء أكان الفعل متعديا بنفسه ، أو لازما في مثل إعرابهم لقوله تعالى ــ بقية الآية السابقة ــ { وتركهم في ظلمات يعمهون } .
 
ـــــــــــــــــــ
 
1 ــ روح المعاني ج2 ص 95 للألوسي .
 
 
 
       فمنهم من جعل الفعل ترك متعديا لمفعولين أحدهما بنفسه ، والآخر بوساطة حرف الجر ، فأعربوا الضمير في " وتركهم " في محل نصب مفعول به أول ، وفي ظلمات جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول به ثان لـ " ترك " ، باعتبار ترك بمعنى  " صير " {1} .
 
ومنهم من اعتبر ترك متعديا لمفعول به واحد ، وهو الأوجه .
 
وأعرب " في ظلمات " جار ومجرور متعلقان بالفعل {2} ، وجملة يبصرون في آخر الآية في محل نصب حال من الضمير في " تركهم " .
 
      ومنهم من جعل جملة يبصرون في محل نصب مفعول به ثان ، ولا أرى ذلك   صوابا ، لأن الصواب نصبه على الحالية {3} .
 
      وخلاصة القول أن الفعل " ترك " في هذا الموضع لم يتضمن معنى " صير " ، وإنما هو بمعنى الطرح والتخلي عن الشيء ، كترك العصا ، أو ترك الوطن ، وما إلى ذلك ، وعليه اكتفى بمفعول به واحد ، وهو ضمير الغائب المتصل به ، والجار والمجرور متعلق بترك وليس مفعولا به ثانيا .
 
     غير أن العكبري جعل " ترك " في هذا الموضع بمعنى " صير " ، واعتبر الجار والمجرور هو المفعول الثاني ، وجملة يبصرون حال ، هذا أحد الوجوه ، والوجه الأخر عنده : أنه جعل يبصرون هو المفعول الثاني ، وفي ظلمات ظرف متعلق بالفعل ترك ، أو يبصرون ، وجوز أن يكون شبه الجملة في محل نصب حال من الضمير في يبصرون ، أو من المفعول به الأول {4} ، وعليه لا ندري أين الصواب .
 
ـــــــــــــــ
 
1 ـ تفسير القرآن الكريم وإعرابه للشيخ محمد طه الدرة مجلد 1 ج 1 ص 44 .
 
2 ـ دروس في إعراب القرآن الكريم للدكتور عبده الراجحي ج3 ص 25 .
 
3 ـ مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي ج1 ص 80 ، وإعراب القرآن للنحاس ج1 ص 193 .
 
4 ـ إملاء ما من به الرحمن للعكبري ج1 ص 21 .
 
 
 
سافرت مكة .
 
سافرت : فعل وفاعل .
 
مكة : منصوب على تقدير حرف الجر المحذوف ، وأصله : سافرت إلى مكة .
 
 
 
12 ـ قال الشاعر :
 
      تمرون الديار ولم تعوجوا        كلامكم عليّ إذن حرام
 
تمرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعله .
 
الديار : منصوب على نزع الخافض ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة ، وأصله تمرون بالديار ، وجملة تمرون ابتدائية لا محل لها من الإعراب .
 
ولم تعوجوا : الواو للحال ، ولم حرف نفي وجزم وقلب ، وتعوجوا فعل مضارع مجزوم بلم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة في محل رفع   فاعل ، وجملة تعوجوا في محل نصب حال .
 
كلامكم : مبتدأ ، والكاف في محل جر بالإضافة .
 
علىّ : جار ومجرور متعلقان بحرام .
 
إذن : حرف جواب وجزاء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
 
حرام : خبر مرفوع بالضمة .
 
الشاهد قوله : تمرون الديار ، حيث حذف حرف الجر ، وأوصل الفعل اللازم إلى السم الذي كان مجرورا فنصبه ، والأصل : تمرون بالديار .
 
 
 
112 ـ قال تعالى : { واشكروا لي ولا تكفرون } .
 
واشكروا : الواو حرف عطف ، اشكروا فعل أمر مبني على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل ، والجملة معطوفة على ما قبلها .
 
لي : جار ومجرور متعلقان بـ " اشكروا " ، وهذا هو الوجه الصحيح في إعراب الجار والمجرور سواء أكان الفعل متعديا أو لازما .
 
والفعل شكر ذكرنا أنه يتعدى بنفسه ، فنقول : شكرتك على صنيعك ، ويتعدى بحرف الجر كما هو في الآية السابقة ، وفي رأيي المتواضع أن التعدي هنا لا يتجاوز   المعنى ، أما العمل في مواضع إعراب الجار والمجرور فلا . إذ لا ينبغي أن نقول : والجار والمجرور في محل نصب مفعول به ، فإعرابه جارا ومجرورا وتعلقه في المعنى بعامله يكفي ، والله أعلم .
 
ولا تكفرون : الواو عاطفة ، ولا ناهية جازمة ، تكفرون مجزوم بلا ، وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والنون للوقاية ، والياء المحذوفة لمناسبة فواصل الآي في محل نصب مفعول
 
به ، والكسرة المرسومة تحت النون دليل عليها ، إذ الأصل تكفرونني ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، والجملة معطوفة على ما قبلها .
 
  
 

ثانيا ـ الفعل المتعدي

 
 
 
تعريفه : كل فعل يتجاوز فاعله ليأخذ مفعولا به أم أكثر ، إذ إن فهمه لا يقف عند حدود الفاعل ، بل لا بد له من مفعول به ليكمل معناه بلا وساطة .
 
نحو : أكل الجائع الطعام ، وكسر المهمل الزجاج .
 
أنواعه : ـ
 
ينقسم الفعل المتعدي إلى ثلاثة أنواع : ـ
 
1 ـ فعل يتعدى إلى مفعول به واحد . وسنتحدث عنه مع المفعول به .
 
2 ـ فعل يتعدى إلى مفعولين ، وهذا النوع من الفعال ينقسم بدوره إلى قسمين :
 
أ ـ ما يتعدى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر .
 
ب ـ ما يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر .
 
3 ـ فعل يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل .
 
 
الأفعال المتعدية لمفعولين
 
 
تنقسم الأفعال المتعدية لمفعولين إلى قسمين : ـ
 
1 ـ أفعال تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر .
 
2 ـ أفعال تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر .  
 
أولا ـ الأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر .
 
 
 
" ظن وأخواتها "
 
تنقسم ظن وأخواتها إلى ثلاثة أنواع : ـ
         النوع الأول يشمل الأفعال التالية : رأى  علم ـ وجد ـ درى ـ تعلم ـ ألفى . وهذه الأفعال تدل على اليقين .
 
        النوع الثاني ويشمل الأفعال التالية : ظن ـ خال ـ حسب ـ زعم ـ عد ـ حجا ـ هب . وتسمى هذه الأفعال أفعال الرجحان . والنوعان معا يطلق عليهما أفعال القلوب. 
 
         النوع الثالث ويشمل الأفعال التالية : صير ـ جعل ـ وهب ـ تخذ ـ اتخذ ـ  ترك ـ  رد . وهذا النوع يعرف بأفعال التحويل .
 
فالأفعال التي سميت بأفعال اليقين أطلق عليها هذا الاسم لأنها تفيد تمام الاعتقاد واليقين ، والتأكد بمعنى الجملة التي تدخل عليها .
 
ومن أمثلتها : رأيت الصدق خير وسيلة للنجاح في الحياة .
 
113 ـ ومنه قوله تعالى : { أ فمن زين له سوء عمله فرآه حسنا }1 .
 
وقوله تعالى : { إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى }2 .
 
وقوله تعالى : ( ولكني أراكم قوما تجهلون }3 .
 
فالمفعولان في الآية الأولى هما : ضمير الغائب " الهاء " ، و " حسنا " . وفي الآية
 
الثانية ضمير الغيبة " الهاء " ، وجملة استغنى . وفي الآية الثالثة : ضمير المخاطب   " الكاف " ، وقوما .
 
وتأتي رأى بصرية بمعنى أبصر الشيء بعينه فتتعدى لمفعول واحد فقط .
 
نحو : رأيت عليا .
 
ـــــــــــــــ
 
1 ـ 8 فاطر . 2 ـ 7 العلق .   
 
3 ـ 29 هود .
 
 
 
114 ـ ومنه قوله تعالى : { فلما جن عليه الليل رأى كوكبا }1 .
 
وقوله تعالى : { فلما رأى قميصه قد من دبر }2 . 
 
فـ " رأى " في الآيتين السابقتين تعنى المشاهد بالعين المجردة ، لذلك تعدت إلى مفعول به واحد وهو : " كوكبا " في الآية الأولى ، و " قميصه " في الآية الثانية .
 
وقد تتضمن رأى معنى الظن " ظن "  .
 
115 ـ نحو قوله تعالى : { إنهم يرونه بعيدا }3 .
 
وتأتي رأى بمعنى الرأي والتفكير ، فتنصب مفعولا به واحدا .
 
نحو : رأى المُشرِّع حل الشيء وحرمته .
 
ومثال علم : علمت محمدا أخاك .
 
116 ـ ومنه قوله تعالى : { فإن علمتموهن مؤمنات }4 .
 
وقوله تعالى : { فعلموا أن الحق لله }5.
 
وقوله تعالى :{ ولتعلم أن وعد الله حق }6 .
 
وتأتي علم بمعنى عرف فتنصب مفعولا واحدا فقط .
 
117 ـ نحو قوله تعالى { قد علم كل أناس مشربهم }7 .
 
وقوله تعالى : { كل قد علم صلاته وتسبيحه }8 .
 
فـ " مشرب ، و " صلاة " كل منهما وقع مفعولا به لعلم في الآيتين .
 
ومثال وجد : وجدت العلم نافعا .
 
ومنه قوله تعالى : { ووجدك ضالا فهدى }9 .
 
ـــــــــــــــ
 
1 ـ 76 الأنعام . 2 ـ 28 يوسف .
 
3 ـ 6 المعارج . 4 ـ 10 الممتحنة .
 
5 ـ 75  . 6 ـ 13 .
 
7 ـ 60 البقرة . 8 ـ 41 النور .
 
 9 ـ 6 الضحى .
 
 
 
وقوله تعالى : { ووجدك عائلا فأغنى }1 .
 
وقوله تعالى : { وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين }2 .
 
فـ " وجد " في الآيات السابقة بمعنى علم لذا نصبت مفعولين وهما : ضمير المخاطب " الكاف " ، وضالا في الآية الأولى . وضمير المخاطب " الكاف " ، وعائلا في الآية الثانية ، وأكثرهم ، والفاسقين في الآية الثالثة .
 
13 ـ ومثال درى قول الشاعر * :
 
        دُريت الوفيَّ العهدَُِ يا عرو فاغتبط      فإن اغتباطا بالوفاء حميد
 
فـ " التاء " في دريت في محل رفع نائب فاعل لكون الفعل مبني للمجهول ، وهي المفعول به الأول ، والوفي مفعول به ثان .
 
ودرى الناصبة لمفعولين لا تكون إلا بمعنى علم ، واعتقد .
 
نحو : درى الرجل المر سهلا .
 
فإن كانت بمعنى خدع ، أو حك نصبت مفعولا به واحدا .
 
نحو : درى اللص الرجل .
 
ومثال تعلم ـ وهو فعل جامد ـ بمعنى علم واعتقد 14 ـ قول زياد بن سيار :
 
        تعلم شفاء النفس قهر عدوها       فبالغ بلطف في التحيل والمكر
 
وقول الآخر * :
 
       تعلم أن خير الناس طرا      قتيل بين أحجار الكُلاب
 
فـ " شفاء ، و قهر " مفعولان لتعلم في شطر البيت الأول ، و " أن " ومعموليها سدت مسد المفعولين في البيت الثاني .
 
ومثال ألفى الناصبة لمفعولين إذا كانت بمعنى علم ، واعتقد ، ووجد :
 
ألفيت عليا مسافرا . 118 ـ ومنه قوله تعالى : { وألفيا سيدها لدى الباب }3 .
 
ـــــــــــــــــــ
 
1 ـ 8 الشرح . 2 ـ 102 الأعراف .
 
3 ـ 25 يوسف .
 
 
 
وقوله تعالى { قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا }1 .
 
      ويجوز أن يكون الفعل " ألفى " في الآيتين السابقتين ناصبا لمفعول به واحد ، إذا اعتبرنا الظرف في الآية الأولى متعلقا بالفعل ، وكذلك الجار والمجرور في الآية الثانية .
 
      وقد ذكر صاحب البحر المحيط أن في تعدي " ألفى " إلى مفعولين خلاف ، ومن منع جعل الثاني حالا ، والأصح كونه مفعولا لمجيئه معرفة ، وتأويله على زيادة اللف واللام خلاف الأصل {2} .
 
        أما أفعال الرجحان فقد سميت بهذا الاسم لكونها ترجح اليقين على الشك وهي : ظن : نحو : ظننت الجو معتدلا .
 
119 ـ ومنه قوله تعالى : { وإني لأظنك يا فرعون مبتورا }3 .
 
وقوله تعالى : { وما أظن الساعة قائمة }4 .
 
وقوله تعالى : { وإني لظنه كاذبا }5 .
 
وتأتي ظن بمعنى اتهم فتنصب مفعولا واحدا .
 
نحو : سرق لي كتاب فظننت محمدا ، أي : اتهمته .
 
خال : نحو : خلت الكتاب جديدا .
 
فإذا جاءت بمعنى اشتبه تعدت لمفعول به واحد . نحو : خالت على أحمد الأمور .
 
وحسب : نحو : حسبت الأمر هينا .
 
120 ـ  ومنه قوله تعالى : { لا تحسبوه شرا لكم }6 .
 
وقوله تعالى : { فلما رأته حسبته لجة }7 .
 
وقوله تعالى : { إذا رايتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا }8 .
 
ـــــــــــــــــ
 
1 ـ 170 البقرة . 2 ـ البحر المحيط ج1 ص477 .
 
3 ـ 102 الإسراء . 4 ـ 36 الكهف . 5 ـ 37 غافر .
 
6 ـ 11 النور . 7 ـ 44 النمل . 8 ـ 19 الإنسان .
 
 
 
     أما إذا جاءت بمعنى عدَّ فلا تتعدى إلا لمفعول به واحد ، وتكون مفتوحة السين .
 
نحو : حسَبت الدراهم . بمعنى : عددتها .
 
زعم : تأتي بمعنى ظن . نحو : زعمت الدرس سهلا .
 
121 ـ ومنه قوله تعالى : { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا }1 .
 
ويلاحظ أن المصدر المؤول من أن ومعموليها قد سد مسد مفعولي زعم .
 
عد : بمعنى ظن ، نحو : عددتك صديقا وفيا .
 
15 ـ ومنه قول النعمان بن بشير الأنصاري :
 
      فلا تعدد المولى شريكك في الغنى        ولكنّما المولى شريكك في العُدْم
 
فالمولى ، وشريك مفعولان للفعل تعدد .
 
فإن لم تكن بمعنى ظن نصبت مفعولا به واحدا . نحو : عددت النقود .
 
حجا : وتفيد رجحان وقوع الشيء . 16 ـ كقول تميم بن أبي مقبل :
 
           قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة       حتى ألمت بنا يوما ملمات
 
فـ " أبا ، و أخا " مفعولان لـ " أحجو " مضارع حجا .
 
هبْ : فعل أمر بمعنى ظن . نحو : هب محمدا أخاك .
 
فإن كانت بمعنى وهب ، أو أعطى نصبت مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر .
 
نحو : هِب الفائز جائزة . وهي حينئذ بكسر الهاء .
 
وإن كانت بمعنى الخوف والهيبة ، اقتصرت على مفعول به واحد .
 
نحو : هب المعلم . أي : اخش المعلم وهبه .
 
ــــــــــــ
 
1 ـ 7 التغابن .
 
 
 
نماذج من الإعراب
 
 
113 ـ قال تعالى : { أ فمن زين له سوء عمله فرآه حسناً } 8 فاطر .
 
أ فمن : الهمزة للاستفهام الإنكاري ، والفاء حرف عطف ، ومن اسم موصول في محل رفع مبتدأ ، وخبره محذوف دل عليه سياق الكلام ، والتقدير كمن هداه الله ، وأعرب البعض " من " اسم شرط ، وجواب الشرط محذوف تقديره : ذهبت نفسك عليهم حسرة .
 
زين : فعل ماض مبني للمجهول ، وجملة زين لا محل لها من الإعراب صلة من على الوجه الأول ، وفي محل جزم فعل الشرط على الوجه الثاني .
 
له : جار ومجرور متعلقان بزين . سوء : نائب فاعل ، وهو مضاف .
 
عمله : مضاف إليه ، وعمل مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة .
 
فرآه : الفاء حرف عطف ، ورأى فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به أول ، وجملة رأى معطوفة على جملة زين . حسناً : مفعول به ثان لرأى ، لأن رأى قلبية .
 
وجملة من زين معطوفة على ما قبلها . 
 
 
 
114 ـ قال تعالى : { فلما جن عليه الليل رأى كوكباً } 76 الأنعام .
 
فلما جن : الفاء حرف عطف ، ولما حينية أو رابطة ، وجن فعل ماض مبني على الفتح ، وجملة جن معطوفة على جملة قال إبراهيم لأبيه في الآية التي قبلها .
 
عليه : جار ومجرور متعلقان بجن . الليل : فاعل مرفوع بالضمة .
 
وجملة جن في محل جر بالإضافة للظرف لما على الوجه الأول ، أو لا محل لها من الإعراب على الوجه الثاني .
 
رأى : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ، وجملة رأى لا محل لها من الإعراب ، جواب شرط غير جازم على الوجه الأول أيضاً .
 
كوكباً : مفعول به منصوب بالفتحة ، ورأى بصرية .
 
 
 
115 ـ قال تعالى : { إنهم يرونه بعيداً } 6 المعارج .
 
إنهم : إن واسمها . يرونه : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به أول .
 
وجملة يرونه في محل رفع خبر إن . والرؤيا قلبية " علمية " .
 
بعيداً : مفعول به ثان منصوب بالفتحة .
 
وجملة إنهم يرونه لا محل لها من الإعراب تعليلية .
 
 
 
116 ـ قال تعالى : { فإن علمتموهن مؤمنات } 10 الممتحنة .
 
فإن : الفاء حرف عطف ، وإن شرطية جازمة لفعلين .
 
علمتموهن : فعل ماض ، وتاء المتكلم في محل رفع فاعل ، ونون النسوة في محل نصب مفعول به أول ، والجملة في محل جزم فعل الشرط .
 
مؤمنات : مفعول به ثان منصوب بالكسرة ، لأنه جمع مؤنث سالم .
 
 
 
116 ـ قال تعالى : { قد علم كل أناس مشربهم } 60 البقرة .
 
قد علم : حرف تحقيق ، علم فعل ماض .
 
كل أناس : كل فاعل مرفوع بالضمة ، وأناس مضاف إليه مجرور بالكسرة .
 
مشربهم : مفعول به ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة ، وعلم هنا بمعنى عرف تنصب مفعول به واحد ، والجملة لا محل لها من الإعراب مستأنفة .
 
 
 
قال تعالى : { وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } 102 الأعراف .
 
وإن : الواو حرف عطف ن وإن مخففة من الثقيلة لا عمل لها على قلة ، ويجوز أن تكون عاملة واسمها ضمير الشأن المحذوف .
 
وجدنا : فعل وفاعل . أكثرهم : مفعول به ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة
 
لفاسقين : اللام الفارقة ، وفاسقين مفعول به ثان لوجدنا .
 
 
 
13 ـ قال الشاعر :
 
       دُريت الوفي العهدَُِ يا عرو فاغتبط        فإن اغتباطا بالوفاء حميد
 
دريت : فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء نائب فاعل ، وهو المفعول به الأول .
 
الوفي : مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة . وجملة دريت لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
 
العهد : يجوز جره على الإضافة ، ونصبه على التشبيه بالمفعول به ، ورفعه على الفاعلية ، لأن قوله الوفي صفة مشبهة ، والصفة المشبه يجوز في معمولها الأوجة الثلاثة التي سبق ذكرها .
 
يا عرو : يا حرف نداء ، وعرو منادى مرخم يجوز بنائه على الضم وعلى الفتح ، حذفت تاؤه ، وأصله عروة .
 
فاغتبط : الفاء حرف عطف ، واغتبط فعل أمر مبني على السكون ، وفاعلة ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت . والجملة معطوفة على دريت لا محل لها من  الإعراب .
 
فإن اغتباطا : الفاء للتعليل ، وإن حرف مشبه بالفعل واغتباطا اسم إن منصوب .
 
بالوفاء : جار ومجرور متعلقان متعلقان باغتبط ، أو بمحذوف في محل نصب صفة لاغتباطا .
 
حميد : خبر إن مرفوع .
 
الشاهد قوله : دريت الوفي العهد ، فإن درى فعل دال على اليقين ، وقد نصب الشاعر به مفعولين ، أحدهما التاء التي وقعت نائبا للفاعل ، والثاني قوله الوفي .
 
 
 
14 ـ قال الشاعر :
 
       تعلمْ شفاء النفس قهر عدوها       فبالغ بلطف في التحيل والمكر
 
تعلّمْ : فعل أمر مبني على السكون بمعنى أعلم ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا   تقديره : أنت .
 
شفاء : مفعول به أول منصوب بالفتحة ، وهو مضاف .
 
النفس : مضاف إليه مجرور بالكسرة .
 
قهر عدوها : قهر مفعول به ثان ، وهو مضاف ، وعدوها مضاف إليه مجرور ، وعد مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة .
 
فبالغ : الفاء للتفريع ، حرف مبني لا محل له من الإعراب ، وبالغ فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت .
 
بلطف : جار ومجرور متعلقان ببالغ .
 
في التحيل : جار ومجرور متعلقان بلطف ، أو بمحذوف صفة له .
 
والمكر : الواو حرف عطف ، والمكر معطوف على التحيل مجرور مثله .
 
الشاهد قوله : تعلم شفاء النفس قهر عدوها ، حيث ورد فيه تعلم بمعنى أعلم ، وأعلم ينصب مفعولين كما ورد ذكره .
 
 
 
118 ـ قال تعالى : { وألفيا سيدها لدى الباب } 25 يوسف .
 
وألفيا : الواو حرف عطف ، وألفيا فعل وفاعل .
 
سيدها : مفعول به ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة .
 
لدى : ظرف مكان في محل نصب مفعول به ثان ، ولدى مضاف .
 
الباب : مضاف إليه مجرور بالكسرة . والجملة معطوفة على ما قبلها .
 
 
 
119 ـ قال تعالى : { وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً } 102 الإسراء .
 
وإني : الواو حرف عطف ، وإن واسمها .
 
لأظنك : اللام مزحلقة ، وأظن فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً  تقديره :  أنا ، والكاف في محل نصب مفعول به أول ، وجملة لا أظنك في محل رفع خبر إن .
 
يا فرعون : يا حرف نداء ، فرعون منادى مبني على الضم .
 
مثبوراً : مفعول به ثان لأظن ، وجملة إن وما في حيزها معطوفة على ما قبلها .
 
 
 
120 ـ قال تعالى : { لا تحسبوه شراً لكم } 11 النور .
 
لا تحسبوه : لا ناهية ، وتحسبوه فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، وضمير الغائب المتصل في محل نصب مفعول به أول . شراً : مفعول به ثان منصوب بالفتحة .
 
لكم : جار ومجرور متعلقان بشر .
 
 
 
121 ـ قال تعالى : { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا } 7 التغابن .
 
زعم : فعل ماض مبني على الفتح . الذين : اسم موصول في محل رفع فاعل .
 
كفروا : فعل وفاعل ، وجملة كفروا لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
 
أن : مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن المحذوف ، والتقدير : أنهم .
 
لن : حرف نرف نفي ونصب واستقبال .
 
يبعثوا : فعل مضارع منصوب بلن ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، والجملة الفعلية في محل نصب خبر أن ، وجملة أن واسمها وخبرها في محل سدت مسد مفعولي زعم .
 
  
 
15 ـ قال الشاعر :
 
   فلا تعدد المولى شريكك في الغنى       ولكنّما المولى شريكك في العُدْم
 
فلا تعدد : الفاء حرف عطف ، ولا ناهية ، وتعدد فعل مضارع مجزوم بلا ، وعلامة جزمه السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت .
 
المولى : مفعول به أول منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر .
 
وجملة تعدد معطوفة على ما قبلها . 
 
شريكك : مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة ، وهو مضاف ، والكاف ضمير المخاطب في محل نصب مفعول به ثان .
 
في الغنى : جار ومجرور متعلقان بشريك .
 
ولكنما : الواو حرف استئناف ، ولكن حرف استدراك لا عمل له ، وما كافة .
 
المولى : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة .
 
شريكك : خبر مرفوع بالضمة ، وشريك مضاف والكاف في محل جر بالإضافة .
 
في العدم : جار ومجرور متعلقان بشريك . وجملة لكنما وما بعدها لا محل لها من الإعراب .
 
الشاهد قوله : فلا تعدد المولى شريكك ، حيث جعل عد بمعنى ظن ونصب بمضارعه مفعولين هما المولى وشريك .
 
 
 
16 ـ قال الشاعر :
 
      قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة       حتى ألمت بنا يوما ملمات
 
قد كنت : قد حرف تحقيق ، وكنت كان واسمها في محل رفع .
 
أحجو : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، جملة أحجو في محل نصب خبر كان .
 
أبا عمرو : أبا مفعول به أول منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف وعمرو مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة تحت الراء ، والواو في عمرو زائدة خطا لا نطقا فانتبه .
 
أخا ثقة : أخا مفعول به ثان منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة، وأخا   مضاف ، وثقة مضاف إليه مجرور ، في رواية " أخاً " بالتنوين تكون أخاً منصوبة بالفتحة الظاهرة لأنها معربة بالحركات الظاهرة لتجردها من الإضافة ، وتكون " ثقة " صفة لها منصوبة بالفتحة الظاهرة فتدبر .
 
حتى ألمت : حتى حرف جر وغاية ، وألمت فعل ماض ، والتاء للتأنيث .
 
بنا : جار ومجرور متعلقان بألمت .
 
يوما : ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بألم .
 
ملمات : فاعل ألمت مرفوع بالضمة .
 
الشاهد قوله : أحجو أبا عمرو أخا ، حيث استعمل الفعل المضارع " أحجو " من حجا بمعنى الظن ، ونصب به مفعولين هما : أبا وأخا .
 
ولم يذكر أحد من النحاة أن " حجا يحجو " يتعدى إلى مفعولين غير ابن مالك . (1)
 
 ـــــــــــــ
 
1 ـ انظر حاشية الأشموني على شرح الصبان لللألفية ، ومعه شرح شواهد العيني ج2 ص23
 
وانظر أوضح المسالك لابن هشام ج 1 ص 298 .
 
 
 

أفعال التحويل

 
 
 
صير : نحو : صير الحائك القماش ثوبا .
 
جعل : نحو : جعل النجار الخشب بابا .
 
122 ـ ومنه قوله تعالى : { الذي جعل لكم الأرض فراشا }1 .
 
 وقوله تعالى : { وجعل الليل سكنا }2 .
 
 وقوله تعالى : { هو الذي جعل الشمس ضياء }3 .
 
فإن كانت بمعنى أحدث ، وأنشأ نصبت مفعولا واحدا .
 
123 ـ نحو قوله تعالى { وجعل الظلمات والنور }4 .
 
وإن كانت بمعنى خلق نصبت مفعولا واحدا أيضا .
 
نحو قوله تعالى : { وجعل منها زوجها }5 .
 
124وقوله تعالى : { وهو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه }6 .
 
وكذلك إذا كانت بمعنى وضع فلا تنصب إلا مفعولا واحدا .
 
125 ـ نحو قوله تعالى : { يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق }7 .
 
أي : يضعون أصابعهم في آذانهم .
 
وهب : وهي بمعنى صير : نحو : وهبني الله فداك . والمعنى : صيرني فداك .
 
ويأتي وهب بمعنى منح ، أو رزق ، فيتعدى لمفعولين أحدهما بحرف الجر .
 
126 ـ نحو قوله تعالى : { ووهبنا له إسحق }8 .
 
وقوله تعالى : { وهب لي على الكبر إسماعيل }9 .
 
ووهب في هذا الموضع مثل " هدى " حين تتعدى للمفعول الثاني بحرف الجر ،
 
فلا تكون ناصبة لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر .
 
ــــــــــــــــ
 
1 ـ 22 البقرة . 2 ـ 96 الأنعام . 3 ـ 5 يونس .
 
4 ـ 1 الأنعام . 5 ـ 189 البقرة . 6 ـ 67 يونس .
 
7 ـ 19 البقرة . 8 ـ 27 العنكبوت . 9 ـ 29 إبراهيم .
 
 
 
127 ـ نحو قوله تعالى : { وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا }1 .
 
وقوله تعالى : { وهديناهم إلى صراط مستقيم }2 .
 
كما يتعدى هدى بنفسه إلى المفعولين .
 
128 ـ نحو قوله تعالى : { وقد هدانا سبلنا }3 .
 
وقوله تعالى : { وهديناه النجدين } 4 .
 
تخذ : بمعنى جعل وصير . نحو : تخذتك صديقا .
 
اتخذ : بمعنى صير . نحو : اتخذت الكتاب صديقا .
 
129 ـ ومنه قوله تعالى : { واتخذ الله إبراهيم خليلا }5 .
 
وقوله تعالى : { أ فاتخذتموهم سِخريا }6 . وقوله تعالى : { اتخذوا دينهم لعبا }7 .
 
وتأتي اتخذ بمعنى صنع وعمل فتنصب مفعولا واحدا .
 
130 ـ نحو قوله تعالى : { أم اتخذوا آلهة من الأرض }8 .
 
والمعنى : صنعوا ، أو صوروا ، أو جعلوا آلهة أصناما من الأرض {9} .
 
ومنه قوله تعالى : { يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا }10 .
 
ترك : بمعنى صير . 131 ـ نحو قوله تعالى : { فأصابه وابل فتركه صلدا }11
 
132 ـ وقوله تعالى : { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض }12 .
 
المفعول الأول في الآية السابقة : بعضهم ، والمفعول الثاني : الجملة الفعلية : يموج . وتأتي ترك بمعنى خلف وخلى فتنصب مفعولا واحدا .
 
نحو قوله تعالى : { وتركنا يوسف عند متاعنا }13 .
 
ــــــــــــــــــــ
 
1 ـ 43 الأعراف . 2 ـ 87 الأنعام . 3 ـ 12 إبراهيم .
 
4 ـ 10 البلد . 5 ـ 125 النساء . 6 ـ 110 المؤمنون .
 
7 ـ 70 الأنعام . 8 ـ 21 الأنبياء .
 
9 ـ البحر المحيط ج6 ص304 . 10 ـ 27 الفرقان .
 
11 ـ 264 البقرة . 12 ـ 99 الكهف . 13 ـ 17 يوسف .
 
 
 
وقوله تعالى : { أو تركه يلهث }1 .
 
فـ " عند متاعنا " متعلق بالفعل ، و " يلهث " في محل نصب حال .
 
ومنه قوله تعالى : { وتركهم في ظلمات لا يبصرون }2 .
 
فيجوز في " ترك " أن تكون بمعنى " خلاهم " فلا يتعدى إلا إلى مفعول به واحد ، وهو الضمير المتصل بالفعل  هاء الغيبة ، فتكون في ظلمات ولا يبصرون
 
حالين من الضمير في تركهم {3} .
 
رد : بمعنى صير .
 
133 ـ نحو قوله تعالى : { لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا }4 .
 
وقوله تعالى : { يردونكم بعد إيمانكم كافرين }5 .
 
وقوله تعالى : { ثم رددناه أسفل سافلين }6 .
 
ـــــــــــــــــــ
 
1 ـ 176 الأعراف . 2 ـ 17 البقرة .
 
3 ـ أمالي ابن الحاجب ج1 ص143 .
 
4 ـ 109 البقرة .
 
5 ـ 100 آل عمران .
 
6 ـ 5 التين .
 
 
 
نماذج من الإعراب
 
 
122 ـ قال تعالى : ( الذي جعل لكم الأرض فراشا ) 22 البقرة
الذي : اسم موصول في محل نصب صفة ثانية لربكم . 
جعل : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو .
 
والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
 
لكم : جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال ، لأنه كان في الأصل صفة لفراشا ثم تقدم عليها . الأرض : مفعول به أول لجعل .
 
فراشا : مفعول به ثان .
 
 
 
123 ـ قال تعالى : ( وجعل الظلمات والنور ) 1 الأنعام .
 
وجعل : الواو حرف عطف ، وجعل فعل ماض بمعنى أحدث يتعدى لمفعول به واحد ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو .
 
الظلمات : مفعول به منصوب بالكسرة . وجملة جعل عطف على ما قبلها .
 
والنور : الواو حرف عطف ، والنور عطف على الظلمات .
 
 
 
124 ـ قال تعالى : ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ) 67 يونس .
 
هو الذي : هو ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ، والذي اسم موصول في محل رفع خبر . جعل : فعل ماض بمعنى خلق ينصب مفعولا به واحدا ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو ، وجملة جعل لا محل لها صلة الموصول .
 
لكم : جار ومجرور متعلقان بجعل .
 
الليل : مفعول به منصوب بالفتحة .
 
لتسكنوا : اللام حرف تعليل وجر ، وتسكنوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد لام
 
التعليل ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو في محل رفع فاعل .
 
والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام ، وشبه الجملة متعلقة بمحذوف في محل نصب مفعول لأجله ، وإن اعتبرنا جعل بمعنى التصيير فشبه الجملة يكون في محل نصب مفعول به ثان .
 
فيه : جار ومجرور متعلقان متعلقان بتسكنوا .
 
 
 
125 ـ قال تعالى : ( يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق ) 19 البقرة .
 
يجعلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، وجعل هنا بمعنى وضع تنصب مفعولا به واحدا .
 
أصابعهم : مفعول به ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
 
وجملة يجعلون لا محل لها من الإعراب مستأنفة مسوق للإجابة عن سؤال مقدر .
 
في آذانهم : جار ومجرور ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه ، وشبه الجملة متعلق بمحذوف في محل نصب حال من أصابعهم ، أو في محل نصب مفعول به ثان إن كانت جعل هنا تنصب مفعولين .
 
من الصواعق : من حرف جر سببي ، والصواعق اسم مجرور والجار والمجرور متعلقان بيجعلون .
 
 
 
126 ـ قال تعالى : ( ووهبنا له إسحق ) 27 العنكبوت .
 
ووهبنا : الواو حرف عطف ، ووهبنا فعل وفاعل ، وهو يتعدى لمفعولين أحدهما يتعدى له بحرف الجر .
 
له : جار ومجرور متعلقان بوهبنا .
 
أو هما في محل نصب مفعول به أول لوهب .
 
إسحق : مفعول به ثان . وجملة وهبنا معطوفة على ما قبلها .
 
 
 
127 ـ قال تعالى : ( وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا ) 43 الأعراف .
 
وقالوا : الواو حرف عطف ، وقالوا فعل وفاعل ، والجملة عطف على ما قبلها .
 
الحمد لله : الحمد مبتدأ ، ولله جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول .
 
الذي : اسم موصول في محل صفة لله .
 
هدانا : فعل ماص ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، ونا المتكلمبن في محل نصب مفعول به ، وجملة هدانا لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
 
لهذا : جار ومجرور متعلقان بهدانا .
 
 
 
128 ـ قال تعالى : ( وقد هدانا سبلنا ) 12 إبراهيم .
 
وقد هدانا : وقد حرف تحقيق ، وهدانا فعل ماض ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو .
 
سبلنا : سبل منصوب على حذف حرف الجر " بنزع الخافض " ، وسبل مضاف والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه . ويصح أن يكون سبلنا مفعول به ثان لهدى .
 
 
 
129 ـ قال تعالى : ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) 125 النساء .
 
واتخذ : الواو حرف اعتراض ، واتخذ فعل ماض مبني على الفتح .
 
الله : لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة .
 
إبراهيم : مفعول به أول منصوب بالفتحة .
 
خليلا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة .
 
وجملة اتخذ وما بعدها لا محل لها من الإعراب اعتراضية فائدتها التوكيد على تقريب إبراهيم وتمييزه بأن الله اتخذه خليلا .
 
 
 
130 ـ قال تعالى : ( أم اتخذوا آلهة من الأرض ) 21 الأنبياء
 
أم واتخذوا : هي المنقطعة العاطفة وتفيد الإنكار ، واتخذوا : فعل وفاعل ، واتخذ بمعنى صنع وعمل تنصب مفعولا واحدا .
 
آلهة : مفعول به منصوب بالفتحة .
 
من الأرض : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب صفة لآلهة .
 
 
 
131 ـ قال تعالى : ( فأصابه وابل فتركه صلدا ) 264 البقرة .
 
فأصابه : الفاء حرف عطف ، عطفت أصابه على متعلق عليه ، والتقدير : استقر عليه فأصابه . وأصاب فعل ماض ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به مقدم على فاعله . وابل : فاعل أصاب مؤخر .
 
فتركه : الفاء حرف عطف ، وترك فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، والضمير المتصل بتركه في محل نصب مفعول به أول .
 
صلدا : مفعول به ثان لترك . وجملة ترك معطوفة على ما قبلها .
 
 
 
132 ـ قال تعالى : ( وتركنا يوسف عند متاعنا ) 17 يوسف .
 
وتركنا : الواو حرف عطف ، وتركنا فعل وفاعل ، والجملة معطوفة على ذهبنا .
 
يوسف : مفعول به منصوب بالفتحة .
 
عند متاعنا : عند ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بترك ، وعند مضاف ومتاعنا مضاف إليه ، ومتاع مضاف ، والضمير المتصل به في محل جر مضاف إليه .
 
 
 
133 ـ قال تعالى : ( لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ) 109 البقرة .
 
لو يردونكم : لو مصدرية ، ويردونكم فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، والكاف في محل نصب مفعول به أول ، والمصدر المؤول من لو والفعل المضارع في محل نصب مفعول به " ود " في أول الآية .
 
من بعد إيمانكم : من بعد جار ومجرور متعلقان بيردون ، وبعد مضاف ، وإيمان مضاف إليه ، وإيمان مضاف ، والكاف في محل جر بالإضافة .
 
كفارا : مفعول به ثان ليردونكم منصوب بالفتحة .
 
 
 
ثانيا ـ الأفعال التي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر
 
 
 
      من الأفعال المتعدية لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر الآتي :
 
كسا : نحو : كسوت البائس ثوبا .
 
134 ـ ومنه قوله تعالى : { فكسونا العظام لحما }1 .
 
وقوله تعالى : { ثم نكسوها لحما }2 .
 
قال أبو حيان : كسا : يكسو وفعله يتعدى إلى اثنين . تقول : كسوت زيدا ثوبا ، وقد جاء متعديا إلى واحد {3} .
 
17 ـ كقول الشاعر :
 
     وأركب في الروع خيفانة     كسا وجهها سعف منتشر فـ " كسا " بمعنى غطى ، فتعدى إلى واحد .
 
ألبس : نحو : ألبس الفنان ضفة النهر حللا سندسية .
 
سأل : نحو : سأل الفقير الغنى مالا .
 
135 ـ ومنه قوله تعالى : { يا قوم لا أسألكم عليه مالا }4 .
 
وقوله تعالى : { قل لا أسألكم عليه أجرا }5 .
 
وقوله تعالى : { فقد سألوا موسى أكبر من ذلك }6 .
 
أعطى : نحو : أعطيت الفقير ريالا .
 
136 ـ ومنه قوله تعالى : { قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه }7 .
 
أطعم : نحو : أطعمت الجائع خبزا .
 
137 ـ ومنه قوله تعالى : { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا }8 .
 
ــــــــــــــــــــ
 
1 ـ 14 المؤمنون . 2 ـ 259 البقرة .
 
3 ـ البحر المحيط ج2 ص206 . *
 
4 ـ 29 هود . 5 ـ 90 الأنعام .
 
6 ـ 153 النساء . 7 ـ 50 طه . 8 ـ 8 الإنسان .
 
 
 
وقوله تعالى : { من أوسط ما تطعمون أهليكم }1 .
 
فالمفعول الأول لتطعمون محذوف ، وتقديره : تطعمونه {2} .
 
سقى : نحو : سقيت الظامئ ماء .
 
138 ـ ومنه قوله تعالى : { وسقاهم ربهم شرابا طهورا }3 .
 
علَّم : نحو : علمت الطالب درسا .
 
ومنه قوله تعالى : { وعلم آدم الأسماء كلها }4 . وقوله تعالى : { علمه البيان }5 .
 
139 ـ وقوله تعالى : ( علم الإنسان ما لم يعلم }6 .
 
فـ " الإنسان " مفعول به أول و " ما " الموصولة في محل نصب مفعول به ثان .
 
زود : نحو : زودت المسافر قوتا .
 
      من جميع الأمثلة السابقة نلاحظ أن ما تعدت إليه الأفعال من مفاعيل لم يكن أصله المبتدأ والخبر ، لأننا إذا فصلنا الفعل الناقص عن بقية الجملة ، نجد أن الجملة لا تعطينا مدلول الابتداء ، والإخبار ، لأنها ناقصة المعنى ، ويكمل معناها بإدخال الفعل عليها ليعمل في ركنيها النصب ، ويكون المفعول الأول فاعلا في المعنى .
 
ـــــــــــــــــــــ
 
1 ـ 89 المائدة .
 
2 ـ البحر المحيط ج4 ص10 .
 
3 ـ 21 الإنسان . 4 ـ 31 البقرة .
 
5 ـ 2 الرحمن . 6 ـ 5 العلق .
 
 
 
نماذج من الإعراب
 
 
134 ـ قال تعالى : ( فكسونا العظام لحما ) 14 المؤمنون .
فكسونا : الفاء حرف عطف ، وكسونا فعل وفاعل .
 
العظام مفعول به أول منصوب بالفتحة . لحما : مفعول به ثان منصوب بالفتحة .
 
وجملة كسونا معطوفة على ما قبلها .
 
 
 
17 ـ قال الشاعر :
 
     وأركب في الروع خيفانة        كسا وجهها سعف منتشر
 
وأركب : الواو حسب ما قبلها ، وأركب فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا .
 
في الروع : جار ومجرور متعلقان بأركب .
 
خيفانة : مفعول به منصوب بالفتحة .
 
كسا : فعل ماض مبني على الفتح بمعنى غطى ينصب مفعول به واحد .
 
وجهها مفعول به منصوب بالفتحة لكسا ، وهو مضاف وهاء الغائب في محل جر مضاف إليه .
 
سعف : فاعل مرفوع بالضمة : منتشر : صفة مرفوعة لسعف . 
 
 
 
135 ـ قال تعالى : ( ويا قوم لا أسألكم عليه مالا ) 29 هود .
 
ويا قوم : الواو حرف عطف ، ويا حرف نداء ، وقوم منادى مضاف منصوب بالفتحة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة ياء المتكلم المحذوفة ، وقوم  مضاف ، والياء في محل جر مضاف إليه .
 
لا أسألكم : لا نافية لا عمل لها ، وأسألكم فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به أول .
 
عليه : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال من المفعول به .
 
أجرا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة .
 
 
 
136 ـ قال تعالى : ( قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلْقه ) 50 طه .
 
قال : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو .
 
ربنا : مبتدأ ، ورب مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
 
الذي : اسم موصول في محل رفع خبر . والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول . أعطى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو . وجملة أعطى لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
 
كل شي : كل مفعول به منصوب ، وكل مضاف ، وشئ مضاف إليه مجرور .
 
خلقه : مفعول به ثان منصوب بالفتحة . وقيل : خلقه " أول مفعولي أعطى ، وقدم للاهتمام به ، أي أعطى خليقته ، وكل شئ ثانيهما .
 
وقرئ " خَلَقه " على أنه فعل ، والمفعول الثاني لأعطى محذوف للعلم .
 
 
 
137 ـ قال تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ) 8 الإنسان .
 
ويطعمون : الواو حرف عطف ، ويطعمون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعله ، والجملة معطوفة على يوفون ويخافون .
 
الطعام : مفعول به منصوب بالفتحة .
 
على حبه : على حرف جر يفيد المصاحبة ، وحبه اسم مجرور ، وحب مصدر مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه من إضافة المصدر إلى
 
مفعوله ، وشبه الجملة متعلق بمحذوف في محل نصب حال من الطعام ، والتقدير محبين له ، فالضمير في حبه على الطعام ، أي مع اشتهائه .
 
مسكينا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة .
 
 
 
138 ـ قال تعالى : ( وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) 21 الإنسان .
 
وسقاهم : الواو حرف عطف ، وسقاهم فعل ماض ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به أول . ربهم : فاعل ، وهو مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة . وجملة سقاهم معطوف على جملة حلّوا .
 
شرابا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة .
 
طهورا : صفة لشراب منصوبة بالفتحة .
 
 
 
139 ـ قال تعالى : ( وعلّم آدم الأسماء كلها ) 31 البقرة .
 
وعلم : الواو حرف عطف ، وعلم فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، وجملة علم معطوفة على جملة محذوفة تقديرها : فجعل في الأرض خليفة وسماه آدم . آدم : مفعول به أول منصوب بالفتحة الظاهرة .
 
الأسماء : مفعول به ثان منصوب . كلها : توكيد معنوي منصوب بالفتحة أ وكل مضاف ، والضمير المتصل قي محل جر مضاف إليه .
 
 
 
ثالثا ـ الأفعال المتعدية لثلاثة مفاعيل
      من الأفعال المتعدية لثلاثة مفاعيل الآتي : ـ
 
أرى ـ أعلم ـ حدَّث ـ نبَّأ ـ أنبأ ـ خبَّر ـ أخبر .
 
تنقسم الأفعال السابقة إلى قسمين :
 
1 ـ منها ما يتعدى لثلاثة مفاعيل بوساطة الهمزة التي تعرف بهمزة النقل ، أو التعدية وهي
 
الفعلين : أرى ، وأعلم .
 
نحو : أرى والدك زيدا خالدا أخاك .
 
ونحو : أعلمت عليا محمدا مسافرا .
 
فالمفعول الأول من هذه المفاعيل في المثالين السابقين كان في الأصل فاعلا ، وذلك قبل أن يتعدى الفعل بالهمزة ، وأصل الكلام :
 
رأى زيد خالدا أخاك . وعلم عليّ محمدا مسافرا .
 
وقد يكون من " أرى " الناصبة لثلاثة مفاعيل .
 
140 ـ قوله تعالى : { كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم }1 .
 
فالفعل " يرى " مضارع " أرى " ، ومفعوله الأول الضمير المتصل به ، وأعمالهم مفعوله الثاني ، وحسرات مفعوله الثالث كما ذكر الزمخشري {2} . وقيل حسرات حال {3} .
 
141 ـ وقوله تعالى : { فأروني ماذا خلق الذين من دونه }4 .
 
فالضمير في " أروني " مفعول به أول ، وجملة : ماذا ... إلخ سدت مسد المفعولين الآخرين . ومثله قوله تعالى : { أروني ماذا خلقوا من الأرض }5 .
 
فجملة الاستفهام سدت مسد المفعولين الآخرين ، والضمير في " أروني " المفعول الأول {6} .
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
 
1 ـ 167 البقرة . 2 ـ الكشاف للزمخشري ج1 ص212 .
 
3 ـ البحر المحيط ج1 ص475 ، وإملاء ما من به الرحمن للعكبري ج1 ص41 .
 
4 ـ 11 لقمان . 5 ـ 4 الأحقاف . 6 ـ إعراب القران المنسوب للزجاج ص469 .
 
 
 
     أما الأفعال الخمسة الأخرى فتتعدى إلى ثلاثة مفاعيل بلا وساطة ، وهي :
 
حدَّث : نحو : حدت إبراهيم محمدا موجودا .
 
نبَّأ : 18 ـ كقول كعب بن زهير :
 
        نبئت أن رسول الله أوعدني    والعفو عند رسول الله مأمول
 
نبئت : فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء في محل رفع نائب فاعل ، وهي المفعول الأول في الأصل ، وأن واسمها وخبرها سدت مسد المفعولين الآخرين .
 
      قال أبو حيان الأصل في : نبَّأ ، وأنبأ أمن يتعديا إلى واحد بنفسيهما ، وإلى اثنين بحرف الجر ، ويجوز حذفه ، فتقول : نبَّأت به ، ونبَّأنيه ، فإذا ضمنت معنى " أعلم " تعدت إلى ثلاثة مفاعيل {1} .
 
19 ـ كقول النابغة الذبياني :
 
      نبئت زرعة والسفاهة كاسمها     يهدي إلي غرائب الأشعار
 
نبئت : فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء نائب فاعله وهي المفعول الأول في   الأصل ، وزرعة المفعول الثاني ، والجملة الفعلية : يهدي ... إلخ في محل نصب المفعول به الثالث .
 
ويجوز أن يكون منه قوله تعالى : { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم }2 .
 
فـ " عبادي " مفعول به أول ، وأن مع معموليها سدت مسد المفعولين الآخرين ، إذا اعتبرنا نبئ متعديا لثلاثة مفاعيل ، فإن لم يتعد لثلاثة سدت أن مع معموليها مسد المفعول به الثاني .
 
أنبا : نحو : أنبأت محمدا عليا قادما .
 
ومنه قول الأعشى :
 
      وأُنبِئتُ قيسا ولم أبلُهُ    كما زعموا خيرا أهل اليمن
 
فـ " أنبئت " فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء في محل رفع نائب فاعل ، وهي المفعول الأول
 
ـــــــــــــــ
 
1 ـ البحر المحيط ج7 ص290 . 
 
2 ـ 49 الحجر . 
 
 
 
 في الأصل ، قيسا مفعول به ثان ، وخيرا مفعول به ثالث .
 
ويجوز أن يكون منه قوله تعالى : ( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين }1 .
 
قال أبو حيان : الجملة الاستفهامية في موضع نصب لأنبئكم ، لأنه معلق ، لمجيئه  بمعنى أعلمكم ، فإن قدرتها متعدية لاثنين كانت سادة مسد المفعول الثاني ، وإن قدرتها متعدية لثلاثة كانت سادة مسد المفعول الثاني والثالث {2} .
 
والضمير المتصل بالفعل في محل نصب المفعول الأول .
 
خبَّر : نحو : خبرت الطلاب أن الامتحان غدا .
 
أخبر : نحو : أخبرت والدي عليا قادما .
 
 
 
فوائد وتنبيهات
أولا ـ يمكن تعدية الفعل إذا كان لازما بواحدة مما يأتي :
 
1 ـ الهمزة ، نحو : جلس الطالب . نقول : أجلست الطالب .
 
فأصبح الفاعل مفعولا لتعدي الفعل بوساطة همزة التعدية " النقل " ، وفي هذه الحالة تعدى الفعل لمفعول به واحد لأنه لازم في الأصل .
 
وإذا كان الفعل متعديا في الأصل إلى مفعول به واحد تعدى بالهمزة إلى مفعولين ، وإذا كان متعديا لمفعولين يتعدى بالهمزة إلى ثلاثة مفاعيل .
 
مثل : علم وأعلم ، ورأى وأرى .
 
2 ـ تضعيف عين الفعل نحو : عظم القائد . نقول بعد التضعيف : عظمت القائد . فعندما ضعفنا عينه تعدى إلى المفعول الذي كان في الأصل فاعلا .
 
3 ـ يتعدى الفعل إذا كان لازما بنقله من زنة " فعل " إلى " فاعل " .
 
نحو : مشى صاحب الخلق الحسن . نقول : ماشيت صاحب الخلق الحسن .
 
ومن زنة " فعل " إلى " استفعل " . نحو : خرج الماء من البئر .
 
ــــــــــــــــــــــــــ
 
1 ـ 221 الشعراء .  2 ـ البحر المحيط ج7 ص48 .
 
 
 
نقول : استخرجت الماء من البئر .
 
ثانيا ـ يمكننا نصب الاسم بعد الفعل اللازم ، إذا كان مجرورا بحرف الجر ، ثم حذفنا حرف الجر ، فينصب على حذف حرف الجر ، أو نزع الخافض كما يسميه النحاة . والفعل في هذه الحالة لا يكون متعديا .
 
142 ـ نحو فوله تعالى : { واختار موسى قومه سبعين رجلا }1 .
 
فـ " موسى " منصوب على نزع الخافض ، والتقدير : من قومه .
 
ومنه قوله تعالى : { وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم }2 .
 
الطلاق : منصوب على نزع الخافض ، لأن عزم تتعدى بـ " على " ، أو تضمينها معنى " نوى " {3} .
 
ومنه قوله تعالى : { فتيمموا صعيدا طيبا }4 .
 
صعيدا : يجوز أن تكون مفعولا به ، ويجوز فيها النصب على حذف حرف الجر  الباء ، والتقدير : بصعيد {5} .
 
20 ـ ومنه قول الشاعر :
 
      تمرون الديار ولم تعوجوا     كلامكم عليّ إذن حرام
 
والتقدير : تمرون بالديار ، فنصبه على تقدير حرف الجر المحذوف .
 
غير أن هذا النوع من نصب الاسم بعد حذف حرف الجر سماعي لا ينقاس عليه .
 
ومن الأفعال التي ينتصب بعدها الاسم على نزع الخافض : اختار ، واستغفر ،   وأمر ، وكنى ،
 
ودعا ، وزوج ، وصدق .
 
ــــــــــــــــــــــ
 
1 ـ 155 الأعراف . 2 ـ 227 البقرة .
 
3 ـ البحر المحيط ج2 ص183 .
 
4 ـ 43 النساء .
 
5 ـ إملاء ما من به الرحمن للعكبري ج1 ص101 .
 
 
 
نماذج من الإعراب
 
 
140 ـ قال تعالى : { كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات } 167 البقرة .
كذلك : جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف ، والتقدير : إراءة مثل تلك الإراءة ، واختار سيبويه النصب على الحال وهو صحيح .
 
يريهم : فعل مضارع ، والرؤيا هنا تحتمل أن تكون بصرية فتتعدى لمفعولين ، الأول ضمير المتصل في الفعل يريهم . الله : لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة .
 
أعمالهم : مفعول به ثان منصوب ، وهو مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة .
 
ويحتمل أن تكون يريهم قلبية وهو الأرجح ، فتتعدى لثلاثة مفاعيل ، وعليه يكون مفعولها الثالث حسرات منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة .
 
 
 
141 ـ قال تعالى : { فأروني ماذا خلق الذين من دونه } 11 لقمان .
 
فأروني : الفاء هي الفصيحة ، وأروني فعل أمر مبني على حذف النون ، ينصب ثلاثة مفاعيل ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، والنون للوقاية ، وياء المتكلم في محل نصب مفعول به أول .
 
ماذا : اسم استفهام في محل نصب مفعول به مقدم لخلق ، ويجوز أن تكون ما اسم استفهام في محل رفع مبتدأ ، وذا اسم موصول في محل رفع خبر .
 
خلق : فعل ماض مبني على الفتح . الذين : فاعل مرفوع بالضمة .
 
من دونه : جار ومجرور ، ودون مضاف ، والضمير في محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة لا محل له من الإعراب صلة الذي .
 
وجملة خلق لا محل لها من الإعراب صلة ذا الموصولة على الوجه الثاني .
 
وجملة الاستفهام المعلقة " ماذا خلق " سدت مسد مفعولي أروني .
 
ويجوز أن تكون بمعنى أخبروني فتتعدى لمفعولين فقط ، الأول الضمير المتكلم المتصل بها ، والثاني الجملة الاستفهامية ، والوجه الأول أحسن .
 
 
 
18 ـ قال الشاعر :
 
        نبئت أن رسول الله أوعدني        والعفو عند رسول الله مأمول
 
نبئت : فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء في محل رفع نائب فاعل ، وهي في الأصل المفعول الأول لنبأ ، وجملة نبئت لا محل لها من الإعراب ابتدائية .
 
أن رسول : أن حرف مشبه بالفعل ، ورسول اسمها منصوب ، وهو مضاف .
 
الله : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور .
 
أوعدني : أوعد فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو ، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة . وجملة أوعدني في محل نصب خبر أن .
 
وجملة أن ومعموليها سدت مسد المفعولين الثاني والثالث لنبأ .
 
والعفو : الواو للحال ، أو عاطفة ، والوجه الأول أحسن ، والعفو مبتدأ مرفوع .
 
عند رسول الله : عند ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بمأمول الآتي ، وعند مضاف ، ورسول مضاف إليه مجرور ، وسول مضاف ، والله مضاف إليه .
 
مأمول : خبر مرفوع بالضمة .
 
الشاهد قوله : نبئت أن رسول الله أوعدني ، حيث أعمل الفعل نبأ في ثلاثة مفاعيل هي : تاء الفاعل التي كانت في الأصل المفعول به الأول ، وأن ومعموليها التي سدت مسد المفعولين الثاني والثالث .
 
 
 
19 ـ قال الشاعر :
 
        وأنبأت قيساً ولم أبلُه        كما زعموا خيراً أهل اليمن
 
وأنبئت : الواو حرف عطف ، وأنبئت فعل ماض مبني للمجهول ، والتاء في محل رفع نائب فاعل وهو المفعول به الأول . والجملة معطوفة على ما قبلها .
 
قيسا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة .
 
ولم أبله : الواو للحال ، ولم حرف نفي وجزم وقلب ، وأبله فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة الواو ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به .
 
والجملة في محل نصب حال .
 
كما : الكاف حرف جر ، وما إما موصولة في محل جر ، وإما مصدرية .
 
زعموا : فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة ما على الوجه  الأول ، وعلى الوجه الثاني تكون ما وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحر الجر الكاف ، والتقدير : كزعمهم .
 
خير اليمن : خير مفعول به ثالث لأنبئت ، وخير مضاف ، واليمن مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وسكن لأجل الوقف .
 
الشاهد قوله : وأنبئت قيسا … خير ، حيث نصب بالفعل أنبأ ثلاثة مفاعيل هي : تاء المتكلم الواقعة نائب فاعل ، وقيسا ن وخير .
 
 
 
142 ـ قال تعالى : { واختار موسى قومه سبعين رجلاً } 155 الأعراف .
 
واختار : الواو حرف استفهام ، واختار فعل ماض مبني على الفتح .
 
موسى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف ، والجملة لا محل لها من الإعراب مستأنفة مسوقة لسرد قصة اللذين لم يعبدوا العجل .
 
قومه : منصوب على نزع الخافض ، والتقدير : من قومه ، فحذف الجار وأوصل الفعل . سبعين : مفعول به ثان ، لأن الفعل اختار يتعدى إلى مفعولين ، أحدها بنفسه والآخر بوساطة حرف الجر . رجلاً : تمييز منصوب بالفتحة .
 
 
 
20 ـ قال الشاعر :
 
        تمرون الديار ولم تعوجوا         كلامكم علي إذن حرام
 
تمرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
 
الديار : منصوب على نزع الخافض ، وأصله تمرون بالديار .
 
ولم تعوجوا : الواو للحال ، ولم حرف نفي وجزم وقلب ، وتعوجوا قعل مضارع مجزوم بل ، وعلامة جزمه حذف النون ، والواو قي محل رفع فاعل ، والجملة في محل نصب حال .
 
كلامكم : مبتدأ مرفوع بالضمة ، وكلام مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة . علىّ : جار ومجرور متعلقان بحرام .
 
إذن : حرف جواب وجزاء لا محل له من الإعراب .
 
حرام : خبر مرفوع بالضمة .
 
الشاهد قوله : تمرون الديار ، حيث حذف حرف الجر ، وأوصل الفعل اللازم " تمرون " إلى الاسم الذي كان مجرورا فنصبه ، وأصل الكلام : تمرون بالديار ، ويسمى ذلك بـ " الحذف والإيصال " ، وهو مقصور على السماع ، إلا إذا كان المجرور مصدرا مؤولا من " أنَّ " المشبهة بالفعل مع اسمها وخبرها ، أو من " أنْ " المصدرية مع فعلها المنصوب .
 
وللمزيد راجع شرح ابن عقيل ج1 ، ص 538 .
 

المراجع

موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث