ديودور الصقلي، Diodorus Siculus (نحو80-21ق.م) هو مؤرخ موسوعي من اليونان. ولد في مدينة أغريون الصقلية، وعاش في القرن الأول قبل الميلاد، وعاصر أكثر امبراطورين رومانيين شهرة؛ الأول يوليوس قيصر الذي انهى نظام الحكم الجمهوري، وفترة من حكم الامبراطور أب، الذي أنشىء نظام الحكم الامبراطوري.

عاش ديودور في زمن القوة للامبراطورية الرومانية المترامية الأطراف، والتي تمتد على مساحات شاسعة من القارات الثلاث القديمة، من جنوبي أوربا حتى نهر الدانوب في وسطها، بالإضافة إلى إنكلترا، وعلى شمالي إفريقيا، وعلى غربي آسيا، وكان البحر المتوسط بحراً رومانياً داخلياً فأطلقوا عليه اسم«بحرنا».

ذهب ديودور الى مصر عام 59ق.م، وكتب باللغة اليونانية تاريخاً كاملاً ، أطلق عليه اسم  Bibliotheke ويعني «المكتبة التاريخية». وكان كتابه مجملاً مختصراً شاملاً لتاريخ العالم والتطور البشري من غسق التاريخ حتى حملة يوليوس قيصر على بلاد الغال عام 58ق.م.و تكون كتابه من 40 جزءاً، ضاع معظمها، ولم يصل منها سوى 15 جزءاً فقط وبعض قطع من الأجزاء التي ضاعت وربما حملت كتابات المؤرخين الرومان المعاصرين له واللاحقين مثل سالوست، وتيتوس ليفيوس وتاكيتوس[ر] وأميانوس ماركيلينوس بعض الشيء مما فُقِدَ من كتابه.

شملت كتابات ديودور إلى تاريخ مصر وبلاد ما بين النهرين والهند وبلاد العرب وشمالي إفريقيا واليونان والرومان. و جعل الجزء الأول مخصص عن تاريخ مصر من أقدم العصور حتى تاريخ زيارته لمصر عام 59ق.م. ويعد ميناس (مينيس) أول ملك في مصر، وذكر (بوصيرص) كمؤسس أسطوري لمدينة طيبة، ووصف معبد رمسيس الثاني المشهور اليوم باسم الرمسيوم، وجعل تأسيس ممفيس يتلو لتأسيس طيبة، وكتب عن حياة بعض الملوك وإدارة الأقاليم وعقائد المصريين الدينية ومعبوداتهم، وخصص ايضاً مساحة كبيرة للإله أوزيريس، وكتب عن بعض من أساطيرهم، ومستعمراتهم في الشرق والغرب، وعن طبيعة أرضهم ونهر النيل وأسباب فيضانه، والحياة الزراعية والحيوانية. وكتب عن التربية في مصر والتعليم والتشريع والقوانين والعادات ودفن الموتى والطب، وحتى عن طعامهم وما يأكلون، وكتب عن تأثير الحضارة المصرية في حضارة الإغريق.

استنبط معلوماته من مصادر عديدة ، فمثلاً بالنسبة لتأريخ الفترات الأولى لروما، اعتمد على فابيوس بيكتور Fabius Pictor ت(254-200ق.م)، الذي عايش الحرب البونية الثانية، وكتب باليونانية أول تاريخ روماني بتسلسل، واعتمد على كاتو Cato ت(234-149ق.م)، الذي كتب باللاتينية «الأصول» وعالج فيه العصور التاريخية الأولى لشعوب ومدن إيطاليا، وعلى الحوليات الكبرى التي قام بنشرها سكايفولا Scaevola نحو (130ق.م). ويمن الواجب أن لا يغيب عن بالنا، أن يوليوس قيصر أسس مكتبة كان قد قيّمها الكاتب الموسوعي فارون وذلك يعني إستطاعة اعتماد ديودور على محتوياتها من مؤلفات سابقيه مثال: هيكاتيوس الملتي وزينوفون، وهيرودوت، وثوكوديدس، وهيلانيكس وايفوروس وغيرهم.

من المآخذ عليه روايته تلك الطويلة عن التاريخ المبكر التي تظهر بعيدة عن التتابع الحقيقي، وكان أحياناً  يكتفي بسرد مقاطع كاملة من مؤلفات سابقيه، ولم يكن لديه الإحساس للقصة المشوقة، الذي يعد خطوة أساسية في إنشاء البحث التاريخي، فكان أسلوبه مهلهلاً. ولكن استقاءه المعلومات من عدد هائل من المصادر وتفهمه لها دليل جليّ على رغبته إلى البحث عن الحقيقة. إضافةً لذلك، فإن كتابته عن القرنين الخامس والرابع ق.م يعطي لكتابه أهمية، وصفة القدم التي تجعل كتابه مصدراً أساسياً ومكان للثقة، خاصة لاشتماله على معلومات لم تصل الا عن طريقه، فمثلاً أقدم وصف للتحنيط أورده هيرودوت ثم ديودور. ومع أن هيرودوت يذكر ثلاث طرق للتحنيط، فإن ديودور يذكر طريقة واحدة فيها بعض من التفاصيل لم يذكرها هيرودوت. وربما يعود الاختلاف بينهما إلى فارق الزمن والتطور، الذي حصل على فن التحنيط في القرون الأربعة الفاصلة بين المؤرخين.

وهذا دليل يكفي على عدم نقل ديودور معلومات ممن سبقه بشكل حرفي منسوخ، بل إن له بصماته وآراءه وشخصيته و أثره فيما يكتب. وبشكل عام فإن قيمة ديودور كمؤرخ تنبع من قيمة مصادره، ومن الأحداث التي عاصرها والشخصيات التي عاش معها.


المراجع

arab-ency.com

التصانيف

جغرافيا عتيقة  مؤرخون يونانيون  مواليد 90 ق م  وفيات 30 ق م   التاريخ   مؤرخون   الآداب   الجغرافيا