روبرت بروك Rupert Brooke، شاعر إنكليزي من شعراء الحرب العالمية الأولى War Poets، مات مبكراً وهو في الثامنة والعشرين من عمره فصار رمزاً للشباب الذين قتلوا في الحرب.
ولد بروك في مدينة رغبي Rugby في إنكلترة وتلقى علومه الأولى في مدرستها التي كان والده مديراً لها، وكان متفوقاً في دراسته. التحق بروك بجامعة كامبردج عام 1906 ودرس الأدب في كلية كينغز كولدج King’s College التي صار «زميلاً» فيها بعد تخرجه بتفوق، وتابع دراسته في ألمانية وإيطالية.
نشر بروك أول دواوينه الشعرية عام 1911 تحت عنوان «قصائد» Poems. وقضى المدة ما بين عامي 1913 و1914 متجولاً في منطقة المحيط الهادىء بين أمريكة وكندا ونيوزلندة، وقد وصف رحلاته هذه في ديوانه «رسائل من أمريكة» Letters From America، ولكن لم يتسنَّ له أن يكمل هذا الديوان ونشر بعد وفاته. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى جنِّد ضابطاً في البحرية وشارك في حملة انتويرب Antwerp التي انتهت بإخفاق قوات الحلفاء إخفاقاً ذريعاً. توفي بروك من تسمم بالدم وهو على متن سفينة حربية متجهة إلى الدردنيل ودفن في بستان للزيتون في جزيرة سكيروس Skyros اليونانية.
اشتهر بروك بقصائد الحربWar Sonnets التي كان أهمها ما جاء في ديوانه «1914 وقصائد أخرى» 1914 and other Poems الذي نشر بعد موته عام 1915، وقد اتصفت تلك القصائد الإبداعية (الرومنسية) بالمثالية في رؤيتها أن الحرب تطهير للنفس وأن القتال والموت هما «الموت المشرف» دفاعاً عن الوطن. وتعد قصيدتاه «الجندي» The Soldier و«العاشق الكبير» The Great Lover أفضل مثالين على هذه الروح الرومنسية، فهما تظهران انغماس بروك كغيره من الشعراء في بداية الحرب بإحياء روح البسالة والفروسية والبطولة للهروب من حقيقة أهوال الحرب وفظاعتها. كذلك يظهر بروك في قصائده هذه حنيناً إلى الحياة الريفية الإنكليزية والروح الرومنسية التي سادت إنكلترة قبل الحرب في عهد إدوارد السابع، التي حلت مكانها المادية والنعرة الوطنية الاستعمارية التي تجاهلها بروك في شعره بتصويره الحرب على أنها دفاع عن إنكلترة. وقد كان بروك يعشق الريف ويقضي معظم وقته فيه هرباً من مادية المجتمع الصناعي. وفي قصيدته المشهورة «الدير القديم، غرانتشيستر» (1912) The Old Vicarage, Grantchester صور بروك جمال قرية غرانتشيستر التي كان يزورها باستمرار.
لاقت قصائد بروك في بدايات الحرب قبولاً من القراء والنقاد لتوافقها مع الروح السائدة آنذاك وهي روح الاعتزاز بإنكلترة والتغني بها كما فعل بعض الشعراء من أمثال جوليان غرينفل Julian Grenfell وهربرت أسكويث Herbert Asquith، ولكن بعد مضي مدة على بدء الحرب وبعد التحرر من وهم البطولة والنضال سادت مشاعر خيبة الأمل والمرارة والأسى العميق على الشباب الذين قتلوا في الحرب، وازداد الحقد على السلطة التي أصرت على الاستمرار في الحرب حتى يستسلم العدو، وبذلك فقدت قصائد بروك الوطنية شعبيتها بين النقاد والقراء على حد سواء، وحلت مكانها القصائد التي كتبها شعراء آخرون كانوا يحاربون في الخنادق وصوروا أهوال الحرب بكل فظاعتها فدعيت «قصائد الخنادق» Poems of the Trenches ومن هؤلاء الشعراء ويلفرد أوين[ر] Wilfred Owen وسيغفريد ساسون Siegfried Sassoon وإسحاق روزنبرغ Isaac Rosenberg الذين رأوا في شعر بروك وغيره من شعراء الحرب الأوائل «كلاماً ساحراً ولكنه كذبة كبيرة».
تميزت قصائد بروك بالحيوية والعفوية وإن لم يبد فيها أي ابتكار في الأسلوب، وكتب بروك أيضاً بعض الأعمال النقدية منها «جون ويبستر والمسرح الإليزابيثي» John Webster and the Elizabethan Drama التي نشرت بعد وفاته.
ريما الحكيم
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث