سِلما لاغرلوڤ Selma Lagerlöf روائية سويدية، وُلدت في بلدة إمترڤيك Ämtervik في مقاطعة ڤرملند Värmland وسط البلاد، في مزرعة العائلة التي عُرفت باسم «مورباكا» Mårbacka لوالد ضابط في الجيش. أصيبت في أثناء طفولتها بمرض سبب لها عرجاً بسيطاً طوال حياتها خلق لديها عقدة نقص تجاه أقرانها. نشأت في جو مفعم بالثقافة، ودرست في مدرسة البلدة ثم في المعهد العالي للمعلمين في ستوكهولم. اطلعت على الفكر والأدب بقراءة مؤلفات إبسن [ر] Ibsen وسترندبرغ [ر] Strindberg وهانس كريستيان أندرسن[ر] Andersen الذي كانت شديدة الإعجاب بمؤلفاته وبالنزعة الإبداعية والخيالية لديه. تمردت كغيرها من مواطنيها، مثل كارلفلت [ر] Karlfeldt وفرودِنغ [ر] Fröding على الطبيعية والواقعية التي جعلت من الأدب - في رأيها- عالماً رمادياً لا لون له ولا روح.
وقد كان لكتيب ڤرنر فون هيدنستام Verner von Heidenstam «الولادة الجديدة» Renässans (1889) الدور الأساس في العودة إلى ما يشبه العصر الڤكتوري في الأدب الإنكليزي، حيث تسود الروح البرجوازية والقيم الإبداعية والتراث المحلي والإيمان بدلاً من قيم الواقعية والاشتراكية والتراث المستورد والشك. كذلك كان للتحول في بنية المجتمع، في نهاية القرن التاسع عشر من مجتمع زراعي إلى آخر صناعي، وللهجرة من الريف إلى المدينة ومن الوطن إلى المهجر دور موازٍ خلق عدداً من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وأدى بكثيرين إلى الإفلاس وبيع الممتلكات، وهو ما أصاب عائلة لاغرلوڤ.
زارت البلاد المقدسة للاطلاع على أوضاع بعض السويديين الذين استقروا في فلسطين انتظاراً لعودة السيد المسيح المرتقبة، وظهر ذلك خلفية لبعض مؤلفاتها. مُنحت جائزة نوبل للأدب لعام 1909، وانتخبت في عام 1914 عضواً في الأكاديمية السويدية كأول امرأة في ذلك المحفل.
كتبت لاغرلوڤ أول مؤلفاتها «ساغا يوستا بِرلنغ» Gösta Berlings saga (1889- 1890) مستعيدة فيه المحيط والبيئة التي نشأت فيها والحنين إليها، وابتكرت فيه أسلوبها الخاص اعتماداً على الحكايات الشعبية والتواتر الشفهي والخيال المبدع في مزيج من الواقعية والماورائية metaphysics، استقت بعض أوجهها من الإبداعية الإنكليزية لدى كولردج [ر] Coleridge والأخوات برونتي [ر] Brontë بما فيها من سحر وجمال. وتدخل الكاتبة أحياناً من دون سابق إنذار في حوار مباشر مع شخصياتها أو تتوجه إلى القارئ، مندفعة في رغبتها في الإصلاح عن طريق الدعوة إلى تحمل المسؤولية الاجتماعية وإظهار تفوق الخير والحق ونصرة الضعيف.
عالجت لاغرلوڤ في كتبها اللاحقة موضوعات عبرت عن قناعاتها المتأصلة كما في «معجزات المسيح الدجال» Antikrists mirakler (1897) منددة بالاشتراكية، مع ما كانت تكنّه من تعاطف مع الطبقات الضعيفة والمسحوقة؛ مما سبب لها كثيراً من النقد، وفي ثنائية «القدس 1» و«القدس 2» Jerusalem I-II (1902) حيث كتبت حول التجاذب والتنافر بين المهاجرين السويديين الذين استقروا في فلسطين وبين أهاليهم الذين ظلوا في ديارهم، وحول علاقة الإنسان بوطنه وأرضه وماضيه، وعن دور المحبة في كل ذلك. وفي رواية «أموال السيد آرنه» Herr Arnes penningar (1904) كتبت بأسلوب الرواية الإنكليزية الإبداعية عن الجريمة والعقاب وعن انتصار الحق في نهاية المطاف.
يعد كتاب لاغرلوڤ «رحلة نيلز هولغرسون الرائعة عبر السويد» Nils Holgerssons underbara resa genom Sverige (1904) أشهر مؤلفاتها وأكثرها ترجمة إلى اللغات العالمية، وهو كتاب مدرسي ورواية تعليمية ينضج بطلها من خلال أحداثها؛ إذ يطير الفتى نيلز الكسول- الذي يتقلص إلى حجم عقلة الإصبع ويتمتع بالمقدرة على الحديث مع الحيوانات- على ظهر الإوزة آكَّا Akka فيطّلع من الجو على بلاده وطبيعتها وأحوالها البشرية والاقتصادية.
من مؤلفات لاغرلوڤ الأخرى: «حكاية مزرعة» En herrgardssägen (1899) و«قيصر برتغاليا» Kejsarn av Portugallien (1914) ويظهر فيها تمكن الكاتبة من أسلوبها الهادئ الدافئ الشفاف في حكايات تظهر مقدرة الحب على تغيير مصائر الناس وصنع المعجزات. وكتبت أيضاً في السيرة الذاتية، مثل «مورباكا» Mårbacka (1924) بعد استعادتها مزرعـة أهلهـا التـي ظلت فيهـا حتى وفاتهـا، و«مذكـرات طفـل» Ett barns memoarer (1930) و«يوميـات» Dagbok (1932).
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث