آوغوست فون بلاتِن August von Platen شاعر ومسرحي ألماني، ينحدر من عائلة نبيلة أصابها الفقر، وهو يحمل لقب غراف Graf الذي يعادل لقب كونت Comte في الفرنسية. ولد في مدينة أنسباخ Ansbach وتوفي في سيراكوزة Siracusa في جزيرة صقلية.
نشأ وتدرب في الكلية الحربية منذ عام 1806 ثم قضى خمس سنوات بين1810 و1814 في خدمة ملك بافارية برتبة ملازم، وشارك في الحملة الألمانية على فرنسة عام1815. وسافر في العام التالي إلى سويسرة، حيث تعرف الكاتب والمؤرخ البرجوازي الديمقراطي هاينريش تشوكّه H.Zschokke. وبدافع من كراهية النظام العسكري واستبداد سادة البلاد واهتماماتهم البعيدة عن مصالح الشعب التفت في عام 1819 إلى دراسة الحقوق والأدب والفلسفة والعلوم الطبيعية في مدينة فورتسبورغ Wurzburg ثم في مدينة إرلانغن Erlangen حيث تابع محاضرات الفيلسوف شِلينغ[ر] Schelling والباحث في الطبيعة شوبِرت G.H.Schubert وصادق الكيميائي الشاب ليبيش J.Von Liebig. ومنذ عام 1824 اختار بلاتِن طائعاً حياة المنفى، هرباً من ضيق الحياة الإقطاعية وعلاقاتها المرَضية وأوضاعها الخانقة لانطلاقة الروح، فسافر إلى إيطالية وبقي فيها حتى وفاته.
يعد بلاتِن ممثلاً وحيداً للمعارضة البرجوازية التحررية المناهضة للإقطاع في مرحلة إعادة الملكية (1815-1830) في أوربة، وتمتد جذوره الأدبية الفنية إلى تقاليد الأدبين اليوناني والروماني القديمين، إضافة إلى تأثره بمنجزات الحركة الإبداعية (الرومنسية) على صعيد الشكل. ففي أعماله هناك كثير من السمات النقدية التي تمس قضايا سياسية راهنة، كما في ديوانه «أناشيد بولونية»Polenlieder (1832) الذي تتجلى فيه مؤازرته لنضال الشعب البولوني في سبيل حريته، وقد وجه بلاتِن سهام نقده اللاذع إلى أدعياء الأدب الذين يسيؤون بسطحيتهم إلى سمعة الوطن.
تنبع أهمية بلاتِن، في المقام الأول، من كونه شاعراً، لكن تمسكه الصارم بتقاليد الأوزان الشعرية الموروثة، وتوقه إلى الكمال في الشكل واللغة قد جعلا شاعراً من مقام هاينريش هاينه[ر] H.Heine يتهمه بأنه «كلاسيكي بارد». ومع ذلك فإن أفضل قصائده تستمد ألقها ودفأها من معالجتها القضايا الاجتماعية الملحة ومن شخصيته المشحونة بالطموح الثوري. وقد كان متمكناً من أدواته التعبيرية على مستوى لغة القصيدة الشعرية وشكلها، بما في ذلك شعر الغزل الأندلسي الذي اشتهر بلاتِن بترجمة مجموعة من قصائده المعروفة نشرها في عام1821 بعنوان «قصائد غزل» Ghaselen. إلا أن شعره عامة تسوده مسحة من ألم كئيب وجليل. والجدية التي تطغى على مقولاته تتخللها لحظات من السخرية اللاذعة، تصاعدت إلى نوع من المبالغة التهكمية في تصوير الأوضاع والشخصيات في مسرحيتيه «الشوكة المشؤومة» Die Verhängnisvolle Gabel (1826) و«أوديب الرومنسي» Der romantische Odipus (1829) الموجهتين ضد انحطاط المسرح آنذاك وضد تدهور ذوق الجمهور الذي أدمن «مسرحيات القدر» ذات النهايات الرومنسية التي سادت المسارح الألمانية في تلك المرحلة.
وفي سنوات المنفى الاختياري في إيطالية التفت بلاتِن إلى موضوعات جديدة في شعره، مثل الطبيعة والفن والتاريخ، فكتب في عام1833 مسرحيته الشعرية «عصبة كامبراي»Die Liga Von Camrai التي مجَّد فيها إسهام العامة من الشعب في تأسيس جمهورية متينة الدعائم في مدينتهم، وتناول في ملحمة «العباسيون» Die Abbasiden (1834) الازدهار الحضاري العربي، أما ديوانه «قصائد من فينيسية»Sonetten aus Venedig (1825) فإنه لا يتغنى بجمال المدينة فحسب، بل يعبر عن ألمه بسبب انحطاط فكر عصر النهضة الجمهوري الذي كانت المدينة متشبعة به. أضفى إحساس بلاتِن بالغربة وفقدان الوطن والانتماء على شعره الذاتي مسحة من الكآبة الحزينة ظهرت في ديوانه «تريستان» Tristan (1825)، وكذلك في مجموعة قصائد من نوع البالاده[ر] بعنوان «قبر في بوزِنتو» Das Grab im Busento.
نبيل الحفار
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث