صموئيل بيبس Samuel Pepys مؤلف إنكليزي، اشتهر بكتابه «يوميات» Diary، الذي يعطي صورة حيّة عن المجتمع اللندني بعد إعادة الملكية  إلى إنكلترة بتولي الملك تشارلز الثاني Charles II العرش عام 1660. ولد في لندن لأبوين من منبت متواضع، ودرس في جامعة كمبردج، مستفيداً من منحة دراسية وتخرج فيها عام 1660، وترك لها فيما بعد مجموعة كبيرة من الكتب والمخطوطات. صار بيبس موظفاً في مكتب جورج داوننغ في عام 1659 (الذي سُمِّي شارع داوننغ ستريت Downing Street باسمه). ومع تولي الملك تشارلز الثاني السلطة، عين بيبس في وظيفة مرموقة في البحرية الإنكليزية، فراح يشغل وقت فراغه في تعلم الكثير من العلوم البحرية والحسابات وبناء السفن. آتت هذه المهارات أكلها في الحرب الهولندية الثانية (1665-1667) بين هولندة وإنكلترة وإبان حريق لندن الكبير عام 1666. وفي عام 1673 في منتصف الحرب الهولندية الثالثة (1672-1674)، عُيِّن بيبس أميناً عاماً لوزارة البحرية، وصار عضواً في البرلمان مسؤولاً عن جميع الأمور المتعلقة بها. وفي السنوات الست التالية انخرط بيبس في تنفيذ إصلاحات إدارية نوعية لم يسبق لها مثيل في تاريخ البحرية الإنكليزية. وفي المدَّة ما بين عام 1684و1689 كان بيبس أحد أبرز رجال إنكلترة.
 
تقاعد بيبس عام 1689 بعد أن ضاعف عدد سفن الأسطول الحربي الإنكليزي وأسلحته، وأرسى تقليداً إدارياً راسخاً في البحرية يعتمد على النظام والدقة والانضباط، مما دفع أحدهم إلى وصفه بأنه الرجل الذي طوّق بريطانية بالسفن. وأمضى بيبس الأربعة عشر عاماً الأخيرة من حياته منكباً على القراءة وعلى جمع معلومات تتعلق بتاريخ البحرية. وصف جون إفلين[ر] John Evelyn، شخصية بيبس بأنه كان محبوباً، مضيافاً، كريماً، خبيراً بأمور كثيرة، محترفاً في الموسيقى وعاشقاً للمسرح والفنون وراعياً كبيراً للعلماء.
يعد كتاب «يوميات» العمل الأكثر شهرة بين أعماله، شرع في كتابته وهو في السابعة والعشرين من عمره، وظل مواظباً على كتابتها حتى بلوغه السادسة والثلاثين، إذ اعتراه ضعف في النظر بسبب صدمته  بوفاة زوجته. كتب بيبس يومياته بنظام توماس شيلتون Thomas Shelton في الاختزال وأبقى الأسماء بالكتابة العادية، وهي تحوي بين دفتيها نحو مليون وربع مليون كلمة. ليست هذه اليوميات مجرد سجل عادي لأفكار كاتبها وأفعاله، بل هي عمل أدبي راق يكشف في كل صفحة مقدرة كبيرة على اختيار الأساسيات والتفاصيل التي تعبر عن نبض الحياة في المجتمع اللندني في فترة كتابتها.
امتلك بيبس موهبة تلخيص الحدث أو الشخصية بكلمات آسرة ومشوقة، إذ سجّل تفاصيل الوباء الكبير عام 1665، وحريق لندن الكبير، والرعب الذي دبّ بين الناس بظهور الأسطول الهولندي في نهر التيمز عام 1667. ويجد قراء بيبس على اختلاف مشاربهم متعة في يومياته لأنها وثيقة تاريخية لأدق تفاصيل تلك الفترة، ولأنها أيضاً وثيقة إنسانية. وبعد أن لاقت يوميـات جون إفلين نجاحـاً حين نشرت عام 1818، نقل جون سميث يوميات بيبس بدقة كبيرة من الشكل المختزل إلى الشكل العادي، ونشرت أجزاء منها لأول مرة عام 1825.
وفي أثناء رئاسة بيبس للجمعية الملكية The Royal Society سطّر موافقته على نشر أشهر مؤلف علمي إنكليزي، وهو كتاب إسحاق نيوتن[ر] Isaac Newton «المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية» Philosophiae Naturalis Principia Mathematica، مما يشهد على أنه أحد أهم رجال عصره.
 
هاني قطيفان

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث