ناظم الماوي
الحوار المتمدن - العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 21:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
لنقاوم الإسلام السياسي و دولة الإستعمار الجديد برمّتها و نراكم القوى من اجل الثورة الديمقراطية الجديدة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية .
- " ... ينبغى أن لا يغرب عن البال بوجه خاص: ...
ضرورة النضال ضد رجال الدين و غيرهم من عناصر الرجعية و القرون الوسطى ذوى النفوذ فى البلدان المتأخّرة ؛ ... ضرورة النضال ضد الجامعة الإسلامية و ما شاكلها من التيارات التى تحاول ربط الحركة التحرّرية المناهضة للإمبريالية الأوروبية و الأمريكية بتوطيد مراكز الخانات و الإقطاعيين والشيوخ إلخ".
( لينين" مسودّة أوّلية لموضوعات فى المسألة القومية و مسألة المستعمرات" يونيو – يوليو ( حزيران –تموز) 1920.)
- " كلّ ما هو رجعي لا يسقط إذا لم تضربه. و هذا يشابه عملية الكنس، فالغبار لا يزول عن مكانه من تلقاء نفسه إذا لم تزله المكنسة " ( ماو تسي تونغ ،" الوضع وسياستنا بعد النصر فى حرب المقاومة ضد اليابان" ( 13 أغسطس-آب 1945) المؤلفات المختارة ، المجلّد الرابع.
------------------------------
إزاء تفاقم الأزمة الإمبريالية و تصاعد المقاومة الشعبية لأنظمة الدول الإمبريالية و للأنظمة المنصّبة من قبل الإمبريالية فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات ، عمدت الإمبريالية منذ عقود الآن إلى التعويل بدرجات حسب ما تمليه مصالحها، على الأصولية الدينية للحيلولة دون تجذّر النضالات و إنتشار تأثير أفكار المنظّمات و الأحزاب الثورية و تعزّز قوّتها الشعبية.
ففى الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها ، ما إنفكّت البرجوازية الإمبريالية هناك تشجّع الأصوليين المسيحيين الفاشيين و تشركهم فى الحكم و تطلقهم لنشر الجهل و الهجوم على التفكير العلمي و على المكاسب الديمقراطية البرجوازية للمرأة و على الشيوعية بما هي البديل الحقيقي المرعب بالنسبة لهم الذى يهدّد وجود الإمبريالية عينها و يحرّر الإنسانية حقّا و فعلا من جميع أنواع الإضطهاد الطبقي و الجندري و القومي.
و فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات، ما فتأت الإمبريالية العالمية منذ العقود الأولى للقرن العشرين تنشأ و تشجّع بكافة الطرق و الوسائل الأصولية الدينية الصهيونية والمسيحية و الإسلامية و مثال ذلك تلقّى حركة الإخوان المسلمين و على رأسها حسن البنّا فى مصر الدعم كلّه من قبل الإمبريالية العالمية شأنها فى ذلك شأن الحركة الوهّابية فى السعودية و الخميني فى إيران.
و من أفغانستان و تمويل الحركات الأصولية و تدريبها و تسليحها لمواجهة نفوذ الامبريالية الاشتراكية آنذاك- السوفيات -فى أواخر سبعينات و ثمانيات القرن الماضي ، إلى الباكستان و الوقوف وراء المدارس القرآنية و ما أفرزته – حركة طالبان إلخ- ، إلى تركيا و تمهيد الطريق لوصول أردوغان إلى السلطة ، إلى فلسطين و دعم حركة حماس فى سنواتها الأولى لتخريب حركة التحرّر الوطني الفلسطينية ، ... إلى تونس و مدّ نظام دولة الإستعمار الجديد فى عهد بورقيبة ذاته الإخوانجية بأسباب القوّة بغرض التصدّى لتنامي المدّ الثوري و إنتشار الأفكار و التنظيمات الشيوعية الماركسية-اللينينية .
و هذا ليس بالأمر الغريب من لدن الإمبريالية و الرجعية عموما فقد شاهدنا بوش من جهة يختم خطاباته بدعوة" ليبارك الربّ أمريكا " أثناء الحرب الإجرامية ضد العراق مثلا ، مثلما شاهدنا من الجهة الأخرى صدّام حسين يلجأ للدين ليحثّ العراقيين على المقاومة و تجلّى ذلك فى تغيير علم العراق بإضافة الله أكبر. و قبل ذلك إستخدمت البرجوازية فى إسبانيا الجيش و الكنيسة كعماد لدولتها( وحدث الشيء ذاته فى الشيلي فى السبعينات لكن فى إطار شبه مستعمرة) .و قد سبق للبرجوازية الفرنسية التى كانت ثورتها جذرية فى القطع مع الدين و الكنيسة ، فى القرن التاسع عشر أن إستخدمت الدين و أعادت للكنيسة المكانة فى التعليم أمام خوفها من الزحف "الأحمر" بعد كمونة باريس وهو ما حلّله و سجّله كارل ماركس فى " الثامن عشر من برومير لويس بونابرت" ما يؤكد حقيقة أن الدين إيديولوجيا و أداة بأيدى الطبقات المستغِلّة.
و عجّلت الإمبريالية العالمية بدفع الخمينى إلى سدّة الحكم إلى جانب الجيش الذى لم يشهد تغييرا يذكر فى إيران عندما كان نظام الشاه يتداعى أمام ضربات الجماهير الثائرة التى كان يتوسّع فى صفوفها تأثير الشيوعيين.و عشنا فى المدّة الأخيرة زواجا مماثلا إلى حدّ كبير فى تونس و ليبيا ومصر حيث أضحى الحكم قائما على أساسين هما مؤسسة الجيش الذى بقي هو هو جيش دولة الإستعمار الجديد و البديل الإمبريالي ،الأصولية الدينية التى عوّضت العملاء السابقين المطاح بهم .
و قد أمسكت القوى الظلامية بزمام سلطة حكومة دولة الإستعمار الجديد تماما و لم تعد تشارك فيها أو تساندها فحسب ، فى أكثر من قطر عربي، يقتضى الأمر منّا أن نخوض الحرب ضدّها بلا هوادة لا كردّ فعل عفوي يخدم فى النهاية القوى الإصلاحية أو قوى رجعية أخرى ، بل بكلّ وعي بالأهداف الثورية و بأساليب و منهج يمكّنان من مقاومة النظام و مراكمة القوى الثورية و تغيير تفكير الجماهير من أجل الثورة الحقيقية الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية بقيادة شيوعية تمهّد الطريق للثورة الإشتراكية ، كجزء من الثورة البروليتارية العالمية.
1- دون قيادة بروليتارية لا ثورة ديمقراطية جديدة و لا ثورة إشتراكية :
ضمن العدد 1 من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" فى مارس 2011 و تحديدا فى مقال " الديمقراطية القديمة البرجوازية و الديمقراطية الجديدة الماوية "، نقرأ فى نقطة:
" الديمقراطية القديمة أم الديمقراطية الجديدة :
"إنّ التناقضات المختلفة من حيث طبيعتها لا يمكن أن تحلّ إلاّ بطرق مختلفة طبيعيّا" (ماو تسى تونغ "فى التناقض")
كانت الثورات الديمقراطية القديمة ضد الإقطاع، قبل القرن العشرين، ثورات برجوازية تفرز دولا رأسمالية برجوازية.أمّا الثورات الديمقراطية الجديدة فتتعارض تمام التعارض مع الديمقراطية القديمة أي مع الديمقراطية البرجوازية الراسمالية-الإمبريالية بمعنى أنّ نتيجة الثورة الديمقراطية الجديدة الحقّة لن تكون دولة ديمقراطية قديمة برجوازية و مجتمع رأسمالي تسوده البرجوازية و إنّما دولة ديمقراطية جديدة ، دولة ديمقراطية شعبية لطبقات ثورية مناهضة للإمبريالية و البرجوازية الكمبرادورية/البيروقراطية و الإقطاع تقودها البروليتاريا و تمهّد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية .
بهذا المعنى الديمقراطية الجديدة مرحلة إنتقالية من مجتمع المستعمرات الجديدة أو أشباه المستعمرات إلى مجتمع مستقلّ ديمقراطي بقيادة بروليتارية و بتحالف وثيق مع الفلاحين الفقراء كخطوة اولى تليها خطوة ثانية لبناء مجتمع إشتراكي و هذا تيّار من تياّري الثورة البروليتارية العالمية و تياّرها الثاني هو الثورات الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية.
و لشرح الديمقراطية الجديدة كتب ماو عام 1940كتيّبا لم يكن فى منتهى الأهمّية لإنتصار الثورة فى الصين فحسب بل بات ذا مغزى عالمي و أحد أهمّ مساهمات ماو تسى تونغ فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية ، و منه نقتطف لكم الفقرات التالية الطويلة نسبيّا للضرورات التي ألمحنا إليها فى المقدّمة :
--- " فى هذا العصر إذا نشبت فى أي بلد مستعمر أو شبه مستعمر ثورة موجهة ضد الإمبريالية ، أي ضد البرجوازية العالمية و الرأسمالية العالمية، فهي لا تنتسب إلى الثورة الديمقراطية البرجوازية العالمية بمفهومها القديم ،بل تنتسب إلى مفهوم جديد، و لا تعدّ جزءا من الثورة العالمية القديمة البرجوازية و الرأسمالية ، بل تعدّ جزءا من الثورة العالمية الجديدة، أي جزءا من الثورة العالمية الإشتراكية البروليتارية. و إنّ مثل هذه المستعمرات و شبه المستعمرات الثورية لم تعد تعتبر فى عداد حليفات الجبهة الرأسمالية العالمية المضادة للثورة ، بل أصبحت حليفات للجبهة الإشتراكية العالمية الثورية." ( من فقرة "الثورة الصينية جزء من الثورة العالمية").
--- " إن الجمهورية الديمقراطية الجديدة تختلف عن الجمهورية الرأسمالية من النمط الأوربي الأمريكي القديم والخاضعة لديكتاتورية البرجوازية ، إذ أن هذه الأخيرة هي جمهورية الديمقراطية القديمة التي قد فات أوانها ، و من جهة أخرى فإنها تختلف أيضا عن الجمهورية الإشتراكية من النمط السوفياتي والخاضعة لديكتاتورية البروليتاريا ،فإن مثل هذه الجمهورية الاشتراكية تزدهر في ارض الاتحاد السوفياتي وسوف تعمم في جميع البلدان الراسمالية ، وأكيد أنها ستصبح الشكل السائد لتركيب الدولة والسلطة السياسية في جميع البلدان المتقدمة صناعيا . ولكن مثل هذه الجمهورية ، خلال فترة تاريخية معينة لا تصلح للثورات في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة ، ولذا فلا بد أن يتبنى خلال تلك الفترة التاريخية المعينة شكل ثالث للدولة في ثورات جميع البلدان المستعمرة والشبه المستعمرة . ألا و هو جمهورية الديمقراطية الجديدة . وبما أن هذا الشكل مناسب خلال فترة تاريخية معينة ، فهو شكل انتقالي ، ولكنه ضروري لا بديل له."(من فقرة " سياسة الديمقراطية الجديدة")
--- " ان الجمهورية التي يجب إقامتها ...لا بد أن تكون جمهورية للديمقراطية الجديدة سياسيا واقتصاديا على حد سواء . ستكون المصاريف الكبرى والمشاريع الصناعية والكبرى ملكا للجمهورية " إن كافة المشاريع أكانت صينية أم أجنبية والتي تحمل طابعا احتكاريا أو هي أكبر من أن يديرها الأفراد، مثل المصارف والسكك الحديدية والخطوط الجوية يجب ان تشرف عليها الدولة وتديرها ، حتى لا يستطيع الرأسمال الخاص أن يسيطر على وسائل معيشة الشعب ، هذا هو المبدأ الرئيسي لتحديد الرأسمال " ...ففي الجمهورية الديمقراطية الجديدة الخاضعة لقيادة البروليتاريا سيكون القطاع العام ذا طبيعة اشتراكية ، وهو يشكل القوة القائدة في مجموع الاقتصاد القومي بيد ان هذه الجمهورية لا تصادر الأملاك الرأسمالية الخاصة الأخرى ، ولا تحظر تطور الإنتاج الرأسمالي الذي " لا يسطر على وسائل معيشة الشعب " وذلك لأن اقتصاد الصين لا يبرح متخلفا جدا .
وستتخذ هذه الجمهورية بعض التدابير اللازمة من أجل مصادرة أراضي ملاك الأراضي وتوزيعها على الفلاحين الذين لا يملكون أرضا أو يملكون قطعا صغيرة ، تطبق بذلك شعار ... القائل " الأرض لمن يفلحها " وتلغى العلاقات الإقطاعية في المناطق الريفية ، وتحيل ملكية الأرض إلى الفلاحين . أما اقتصاد الفلاحين الأغنياء في المناطق الريفية فوجوده مسموح به . تلك هي سياسة تحقيق المساواة في ملكية الأرض و شعار " الأرض لمن يفلحها " هو الشعار الصحيح الذي يترجم تلك السياسة. وفي هذه المرحلة لن نسعى على العموم الى إقامة الزراعة الاشتراكية . بيد ان أنوعا مختلفة من الاقتصاديات التعاونية التي تكون قد تطورت على أساس " الأرض لمن يفلحها " سوف تحتوي على عناصر اشتراكية" ( من فقرة " إقتصاد الديمقراطية الجديدة").
---" أمّا الثقافة الجديدة فهي إنعكاس إيديولوجي للسياسة الجديدة و الإقتصاد الجديد وهي كذلك فى خدمتها." ( من فقرة : ثقافة الديمقراطية الجديدة.) " إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه ثقافة وطنية تعارض الإضطهاد الإمبريالي و تنادي بالمحافظة على كرامة الأمة ... و إستقلالها. هذه الثقافة تخصّ أمتنا ، و تحمل خصائصها الوطنية. و يجب عليها أن ترتبط بالثقافة الإشتراكية و ثقافة الديمقراطية الجديدة لسائر الأمم ، بحيث تتشرّب من بعضها البعض و تتبادل المساعدة لتتطوّر سويّا فى سبيل تشكيل ثقافة جديدة للعالم ...إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه ثقافة علمية تعارض سائر الأفكار الإقطاعية و الخرافية و تنادي بالبحث عن الحقيقة من الوقائع، و بالإلتزام بالحقيقة الموضوعية ، كما تنادى بالوحدة بين النظرية و الممارسة العملية... إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه هي ثقافة جماهيرية وهي بالتالى ديمقراطية . و ينبغى لها أن تخدم الجماهير الكادحة من العمّال و الفلاحين الذين يشكّلون أكثر من 90% من سكّان بلادنا ، و أن تصبح بصورة تدريجية ثقافتهم الخاصّة." ( من فقرة " ثقافة وطنية علمية جماهيرية ").
و عليه، واهمون هم أولئك الذين يتصوّرون إمكانية وجود مجتمع رأسمالي ديمقراطي برجوازي على غرار ما يوجد فى أوروبا ، فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات فى حين أنّ هذه الإمكانية منعدمة تاريخيا وواقعيّا.و القوى القومية و "اليسارية" المرتكبة لإنحراف قومجي ، الداعية للتحرّر الوطني رئيسيا و المتناسية للطابع الديمقراطي أو المقلّصة من أهمّيته مشدّدة على مواجهة العدوّ الإمبريالي غاضة الطرف عن البرجوازية الكمبرادورية / البيروقراطية ( و متحالفة معها أحيانا ) و الإقطاع على خطإ واضح و جلي ؛ و القوى "اليسارية" التي تشدّد التشديد كلّه على الطابع الديمقراطي بمعنى الحرّيات السياسية حصريا تقريبا مخطئة هي الأخرى لتقليصها لمضمون الثورة التي تتطلبها المرحلة فى المستعمرات الجديدة وأشباه المستعمرات و طبيعتها و إستهتارها بالجبال الرواسي الثلاثة ألا وهي الإمبريالية و البرجوازية الكمبرادورية و الإقطاع."
و قد أثبت تاريخ و حاضر حركات التحرّر الوطني فى الوطن العربي أنّ هذه الحركة التى لم تقدها البروليتاريا الثورية لم تنجح فى القطع مع النظام الإمبريالي العالمي و البرجوازية الصغيرة و الوطنية التى قادت البعض منها سرعان ما تحوّلت إلى برجوازية كمبرادورية تمسك بسلطة دولة الإستعمار الجديد خدمة لمصالحها و لمصالح الطبقات الرجعية المحلّية و فى تحالف مع الإمبريالية العالمية ضد الطبقات الشعبية المتطلّعة لبناء مجتمع متقدّم و للأرض و الحرّية و الكرامة الوطنية.
و إلى هذا نضيف أنّ الدين لم يعد منذ قرون الآن قادرا على لعب أيّ دور تقدّمي و هذا صحيح بصفة خاصّة فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية.
الدين أداة و إيديولوجيا فى يد الطبقات المستغِلة. و لئن إستعملته بعض الفرق و الأحزاب فى تجييشها للجماهير ضد الإستعمار مثلا ، فإنّها قامت و تقوم بذلك إنطلاقا من هدف إرساء مجتمع رجعي و ليس إنطلاقا من هدف إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية الممهّدة للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية و غايتها الأسمى تحقيق المجتمع الشيوعي عالميّا. و مهما بدت المعارك التى خاضتها هذه الفرق و الأحزاب ضد الإمبريالية و الصهيونية شرسة ، فإنها لا تستهدف فى النهاية و موضوعيّا القطع مع النظام الإمبريالي العالمي و قادتها الذين يقدّمون أنفسهم على أنّهم مناهضون للإمبريالية أو الصهيونية ليسوا كذلك بشكل صريح و متماسك إلى النهاية لأنّ مصالح الطبقات المستغِلّة التى يمثّلونها لا تسمح بذلك و تدفعهم دفعا موضوعيّا إلى عقد مساومات مع القوى الإمبريالية و مع الصهيونية و الرجعية.
و يصحّ هذا على الأحزاب اليمينية الدينية كما يصحّ على الأحزاب التحريفية التى و إن رفعت فى بعض البلدان السلاح فليس من أجل التحرير الناجز للأرض و الإنسان و إنّما لتعقد هي الأخرى صفقات مع الإمبريالية و القوى الرجعية لذلك يطلق عليهم الشيوعيون الحقيقيون الثوريون نعت التحريفية المسلّحة التى تسعى لفرض إصلاحات لا غير متوسّلة البندقية. و هكذا نعيد تأكيد أنّ رفع السلاح ضد الرجعية أو الإمبريالية لا يكفى وحده ليحقّق التقدّم الإجتماعي ناهيك عن الثورة البروليتارية (بتياريها) إنّما ينبغى التثبّت من أهداف حامل السلاح و مشروعه المجتمعي و وسائله فى النضال و بالتالى أي طبقة يخدم. و طالبان فى أفغانستان لا يمكن إعتبارها قوّة تحرّر وطني و لا قوّة تقدّمية البتّة و إنّما قوّة رجعية عميلة للإمبريالية العالمية و لو أنّها حاليّا فى صراع مع الإمبريالية الأمريكية – و كذلك بصدد عقد مساومات معها- لن يفضي إلى تحرير الأرض و الإنسان و إنّما إن تمّت الصفقة بينها و بين الأمريكان سترتّب الأمور لخدمة مصالح الرجعية المحلّية و الإمبريالية العالمية لا غير.
و هذا ما فهمه الرفاق الشيوعيون الماويون هناك و هم يعدّون العدّة للإنطلاق فى حرب الشعب بقيادة شيوعية ماوية لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة تمهيدا للثورة الإشتراكية و كجزء من الثورة البروليتارية العالمية . و هذا ما أدركه أيضا الرفاق الشيوعيون الماويون فى إيران الماسكين بالجمر و السائرين عليه أيضا : حرب الشعب الماوية هي الحلّ ضد الرجعي و المحتلّ.
و لمزيد ترسيخ هذه الفكرة ، نذكّر أنّه غالبا ما إستعملت القوى الظلامية ضد القوى التقدّمية و الثورية ، أو وظّفت فى صراعات بين الرجعيّات أو بين القوى الإمبريالية و الواقع يزخر بالأمثلة و على سبيل الذكر ، إستعمل الكيان الصهيوني حركة حماس و الشيخ ياسين ضد إنتشار و تأثير فصائل منظّمة التحرير الفلسطينية ،لا سيما منها " اليسارية" لتخريب النضال الوطني الفلسطيني و تشتيت قواه. وهذا موثّق تاريخيّا و لا جدال حوله. و فى مصر وظّف جمال عبد الناصر و السادات من بعده الإخوان لضرب المعارضة "اليسارية" المتنامية كما إستعمل بورقيبة فى تونس و ملك المغرب التيارات الدينية لذات الأغراض.
وفى لبنان كانت حركة أمل و حزب الله المنشقّ عنها وراء إغتيال حسين مروّة و مهدي عامل و هما من رموز الحزب الشيوعي اللبناني . و قد ساهم حزب الله اللبناني بمعيّة سوريا و قوى إتفاق الطائف فى ضرب القوات الفلسطينية و إبعادها عن جبهة مواجهة العدوّ الصهيوني جنوب لبنان ؛ وهو و إن تصدّى للغزو الصهيوني للبنان فإنّه يتحرّك ضمن الإسترتيجيا التى تسطّر فى إرتباط بمصالح كلّ من الطبقات الرجعية الحاكمة لسوريا و لإيران فى المنطقة. و مشروعه المجتمعي فى النهاية لا يمتّ بصلة للثورة الديمقراطية الجديدة و لا يعدو أن يكون مشروع حكم قروسطي مصدر إلهامه و مثاله الأعلى النظام الإيراني.
وفى المدّة الأخيرة، ساهم بمليشياته إلى جانب قوات قمع النظام الأسد بسورية فى التنكيل بالمحتجين و قد سبق و أن ساعدت قوّات سورية النظام الإيراني على قمع المنتفضين. و امّا عن موقفه من المرأة فهو لا يتباين فيه فى شيء تقريبا مع بقيّة القوى الدينية الظلامية علما بأنّ وضع النساء فى المجتمع معيار لمدى تقدّم المجتمعات حسب ماركس.
و قد شاهدنا ، فى العراق ، صدّام حسين يلجأ إلى إستخدام الدين و تغيير علم البلاد ، فى خضم صراعه مع الإمبريالية الأمريكية التى كان إلى سنوات قليلة قبل المواجهة متحالفا معها.و قبل ذلك ، أثناء حرب التحرير فى الجزائر ، إعتمدت جبهة التحرير الوطني الجزائرية على الدين لتذبح الشيوعيين مثلما هو معلوم و مثلما تشهد على ذلك رواية الطاهر وطّار الشهيرة " اللاز".
و فى أفغانستان ، وقفت الإمبريالية الأمريكية بالأساس وراء تمويل و تدريب القوى الأصولية لمحاربة الإتحاد السوفياتي – الإمبريالية الإشتراكية ضمن الحرب الباردة بين القوى الإمبريالية العالمية من أجل تقسيم و إعادة تقسيم مناطق النفوذ فى العالم.
و القوى الظلامية التى بلغت سدّة الحكم من السعودية إلى إيران ،و من أفغانستان إلى السودان ، فشلت فشلا ذريعا فى التقدّم بالمجتمع و القطع مع الإمبريالية العالمية (وكيف لها ذلك وهي رجعية الأهداف و عميلة للإمبريالية ؟) بل رجعت به القهقرى بحيث فكّكته إلى عشائر و قبائل و إستعبدت المرأة و إضطهدت الأقلّيات القومية و قمعت الشعب و جوّعته و ذبحت الثوريين و سجنتهم و فى أحسن الأحوال نفتهم. و لم تشكّل بالتالى أي تهديد للنظام الإمبريالي العالمي و إنّما بالعكس تعمل فى إطاره و تعزّزه و توطّده.
هذه و سواها من الأمثلة العديدة عبر العالم قاطبة ، تبيّن بجلاء أنّ الدين و القوى السياسية الدينية ليس بوسعهما ، فى عصر الإمبريالية و الثورة الاشتراكية ، أن ينهضا بدور ثوري مطلقا . لقد استنفذا أي طاقة لهما على التقدّم بالمجتمع شأنهما فى ذلك شأن البرجوازية الرأسمالية التي كانت زمن صعودها تقدّمية و استحالت تاليا إلى رجعية على طول الخطّ و لهذا تلتقى البرجوازية الإمبريالية و القوى الرجعية عموما ضد الطبقة الوحيدة القادرة على تحرير الإنسانية جمعاء، البروليتاريا المسترشدة بعلم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية- اللينينية- الماوية. و مثلما لخّص لينين حقيقة تاريخية موضوعية بكلمات لا يزال صداها يتردّد في أركان العالم بأسره : لا حركة ثورية دون نظرية ثورية.
تحتاج الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات ، و الثورة الاشتراكية في البلدان الرأسمالية- الإمبريالية ، إلى قيادة بروليتارية ثورية ، إلى قيادة شيوعية ثورية ؛ تحتاج إلى علم الشيوعية ، إلى علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية –الماوية ، لا إلى أداة و إيديولوجيا تستخدمها الطبقات المستغِلّة لإخضاع البروليتاريا و الشعوب و الأمم المضطهَدَة و اضطهادها و استغلالها.
لا يمكن أن نحارب الظلاميين كمكوّن من مكوّنات نظام دولة الاستعمار الجديد و نحن نبثّ الأوهام حول طبيعتهم الرجعية أو نتحالف معهم و نتذيّل لهم بأي شكل كان. فسلوك من هذا القبيل لن ينجرّ عنه سوى تخريب الإرهاصات الثورية و خيانتها و إغراق النهوض الثوري و الأحزاب الثورية فى الدماء. و قد إستوعب الرفاق الشيوعيون الماويّون الإيرانيون الدرس منذ بداية الثمانينات و نظّموا إنتفاضة آمول ضد نظام الخميني الذى إستولى على السلطة و طفق يمزّق معارضيه تمزيقا. و رغم فشل إنتفاضة آمول المسلّحة لأسباب ليس هذا مجال الخوض فيها، فإنّها ظلّت منارة تضيء سبيل الإعداد من جديد للإنطلاق فى خوض حرب الشعب الماوية سبيلا لتحطيم الدولة القديمة و تشييد دولة جديدة بقيادة البروليتاريا المتحالفة مع الفلاحين الفقراء أساسا و بقية الطبقات و الشرائح الشعبية الطامحة لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة.
فى السياق العام الذى رسمه ماو تسى تونغ و نظرية الثورة الديمقراطية الجديدة ، لا بدّ أن يعي الشيوعيون تمام الوعي مدى خطورة الأوهام المبثوثة يمينا و يسارا و المتعلّقة بطبيعة القوى السياسية الدينية و علاقتها بالثورة التى تتطلّع لها الشعوب و الأمم المضطهَدَة و البروليتاريا العالمية و مدى الحاجة لأن يرسّخوا فى صفوف الشعب حقيقتين متلازمتين – نفيا و إثباتا جدليّا – هما من جهة ، أنّه فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، لا القوى الظلامية و لا القوى الشوفينية بوسعها أن تنجز ثورة أصيلة و قطيعة تامة مع النظام الإمبريالي العالمي و تتقدّم بالمجتمع على طريق تحرير الأرض و الإنسان، و من جهة ثانية ، أنّ الثورة – الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات أو الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية-الإمبريالية- كي تنتصر و تحقّق الظفر خدمة للشعب و مساهمة فى الثورة البروليتارية العالمية لتحرير الإنسانية من جميع ألوان الإضطهاد و الإستغلال الجندري و الطبقي و القومي ، لا بدّ أن تقود البروليتاريا الثورية و نظريتها للثورة العالمية – الماركسية- اللينينية- الماوية - الحركة الثورية فالطبقة العاملة هي الطبقة الثورية إلى النهاية و هي لن تستطيع أن تتحرّر إلاّ بتحرير الإنسانية قاطبة و ليس لها ما تخسره سوى قيودها و لها عالم تربحه.
2- أعرف عدوّك!
عدوّ الشعب و عدوّ الثورة الديمقراطية الجديدة ليس هذا الحزب الرجعي أو ذاك بل دولة الإستعمار الجديد مهما كان شكل الحكم المتخّذ فى لحظة ما من اللحظات التاريخية. و اليوم ، فى قطرنا و فى بعض الأقطار العربية الأخرى ، صار العدوّ الرئيسي المباشر القائد لتحالف دولة الكمبرادورو الإقطاع تحت إشراف الإمبريالية العالمية هو "الإخوانجية" و أشياعهم. و بالطبع لا مجال لطمس الفرق بين حزب النهضة و من لفّ لفّها و بين المسلمين العاديين الذين ينتمون إلى مختلف التيارات السياسية و المشارب الفكرية.
و على هذا يترتّب علينا أن نعرفه حق المعرفة و عن كثب حتى نتمكن من محاربته بنجاح مستغلّين نقاط ضعفه و أخطائه و فاضحين حقيقته الطبقية السياسية الرجعية و علاقاته العربية و العالمية و خدمته للإمبريالية و الرجعية فنسحب البساط الجماهيري الذى يتمتّع به من تحته ونعزله شيئا فشيئا ضمن مسار قد يستغرق مدّة طويلة.
الجماهير الشعبية فى حاجة موضوعية إلى أن نعرّفها على تاريخ هذا التيّار و أمثاله و إلى فضح أهدافهم الأصلية و أساليبهم و تحليل خطابهم و نقد سياساتهم ...و يتعيّن علينا أن نرصد كلّ تحرّكاتهم و سكناتهم و تصريحاتهم و مقالاتهم و كتبهم و نحلّلها و ننقدها نقدا علميّا و ننشر ما نتوصّل إليه على أوسع نطاق ممكن مستعملين فى ذلك الجرائد و المجلاّت و الأنترنت و الأقراص المضغوطة و الكتب و الخطاب الشفاهي و الكاريكاتور و الأغاني ...المتوفّرة بعدُ أو التى ينبغى لنا و لجماهير شعبنا أن تبدعها و ستبدعها .
و فى هذا السياق ، بوسعنا أن نستغلّ التاريخ و نجعله يخدم الحاضر و المستقبل و أن نستفيد و نفيد الجماهير بفضح مدى عداء تجارب البلدان الأخرى كإيران و تركيا و السودان والصومال وافغانستان إلخ لمصالح الجماهير الشعبية هناك و مدى خدمتها لمصالح الرجعية المحلية و الإمبريالية العالمية .
و بالتأكيد ينتظرنا عمل جبّار فالنضال لن يقتصر على جبهة أو جبهتان مثلما يفعل الإصلاحيون المصابون ب" داء البلاهة البرلمانية " حسب تعبير لماركس ، الذين يحصرون المسألة فى حدود معركة إنتخابية من اجل الكراسي. إنّ النضال البروليتاري يتخذ طابع النضال الشامل . و حربنا ضد دولة الإستعمار الجديد حرب شاملة . و قد شدّد لينين فى " ما العمل؟ " على ضرورة خوض الصراع الطبقي من وجهة نظر بروليتارية على الجبهات كافة و قال فى فقرة " إنجلس و النضال النظري ":
" إنّ إنجلس لا يعترف بشكلين إثنين فى نضال الإشتراكية –الديمقراطية [ لنقرأ الشيوعية]العظيم ( سياسي و إقتصادي ) – كما جرت العادة عندنا- بل يعترف بثلاثة أشكال واضعا فى مصاف الشكلين المذكورين النضال النظري...
[ الكلام الآن لأنجلس] " النضال بصورة منتظمة فى جميع إتجاهاته الثلاثة المنسجمة و المترابطة: الإتجاه النظري و الإتجاه السياسي و الإتجاه الإقتصادي العملي ( مقاومة الرأسماليين). " "
و بالتالى الماركسية براء ممن يعمل على نشر عدوى " داء البلاهة البرلمانية " ويكرّس الإقتصادوية و ممن يغيّب النضال البروليتاري على الجبهة الإيديولوجية.
3- جدلية الهدم و البناء :
قبل كلّ شيء ، نشدّد مرّة أخرى على أنّنا ثوريّون و لسنا إصلاحيين ، نناضل من أجل الثورة من وجهة النظر البروليتارية، لا من أجل بعض الإصلاحات صلب النظام القائم. و من هنا نلتزم بالموقف اللينيني من الإصلاحات أي نناضل من أجل الإصلاحات التى نستغلّها لمزيد التقدّم بالحركة الثورية ، لا لتلميع وجه نظام دولة الإستعمار الجديد.
كما علّمنا لينين نناضل من أجل الإصلاحات لكن لا كإصلاحيين و إنّما كثوريين :" يعترف الماركسيون بالنضال من أجل الإصلاحات ، أي من اجل تحسينات فى أوضاع الكادحين تترك السلطة ، كما من قبل ، فى يد الطبقة السائدة. و لكن الماركسيين يخوضون فى الوقت نفسه نضالا فى منتهى الحزم ضد الإصلاحيين الذين يحدّون ، بواسطة الإصلاحات ، مباشرة أو بصورة غير مباشرة ، من تطلعات الطبقة العاملة و نشاطها. فإنّ الإصلاحية إنّما هي خداع برجوازي للعمّال الذين يبقون دائما عبيدا مأجورين ، رغم مختلف التحسينات ، ما دامت سيادة الرأسمال قائمة.
إنّ البرجوازية الليبرالية تمنح الإصلاحات بيد و تسترجعها بيد أخرى، و تقضى عليها كلّيا، و تستغلها لأجل إستعباد العمال ، لأجل تقسيمهم إلى فرق مختلفة ، لأجل تخليد عبودية الكادحين المأجورة. و لهذا تتحوّل الإصلاحية بالفعل ، حتى عندما تكون مخلصة كليا ، إلى أداة لإضعاف العمّال و لنشر الفساد البرجوازي فى صفوفهم. و تبيّن خبرة جميع البلدان أنّ العمّال كانوا ينخدعون كلما وثقوا بالإصلاحيين.
أمّا إذا إستوعب العمال مذهب ماركس، أي إذا أدركوا حتمية العبودية المأجورة ما دامت سيادة الرأسمال قائمة ، فإنهم ، على العكس، لن يدعوا الإصلاحات البرجوازية ، أيّا كانت ، تخدعهم. إنّ العمال يناضلون من اجل التحسينات مدركين أنّ الإصلاحات لا يمكن ان تكون لا ثابتة و لا جدّية ما دامت الرأسمالية قائمة ، و يستغلّون التحسينات لأجل مواصلة النضال بمزيد من العناد ضد العبودية المأجورة.إنّ الإصلاحيين يحاولون أن يقسموا العمّال الذين يدركون كذب الإصلاحية، فإنهم يستغلون الإصلاحات لأجل تطوير و توسيع نضالهم الطبقي" ( لينين " الماركسية و الإصلاحية ").
ومن ثمّة يترتّب علينا المساهمة فى المعارك الجماهيرية جميعها - إن أمكن لنا ذلك – كثوريين لا كإصلاحيين ساعين إلى رفع الوعي الطبقي للجماهير العريضة و نشر المبادئ و البديل الشيوعيين. و يترتّب أن نشارك، و إن أمكن فى مجالات معيّنة أن نقود الجماهير، من أجل مطالب معيّنة تحسّن من أوضاع الكادحين إّلا أنّه يتعيّن أن نشرح للجماهير أنّها غير ثابتة و غير جدّية ما دام نظام دولة الإستعمار الجديد قائم ونستغلّها لفضح هذه الدولة برمّتها لا لتلميع سمعتها و الحدّ من تطلّعات الشغّالين، لمراكمة القوى من أجل الثورة الديمقراطية الجديدة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية.
و لا مجال بالنسبة للشيوعيين الثوريين أن يساهموا فى عملية الهدم دون بناء. لن نحطّم هؤلاء الأعداء الرئيسيين حاليّا خدمة لأعداء ثانويين أو للإنتهازيين مهما كان الرداء الذى يرتدونه و لا ينبغى أن يدع الشيوعيون عملية البناء للآخرين حيث أنّ هذا الخطأ لن يصبّ إلاّ فى التذيّل للرجعية أو لقوى برجوازية صغيرة إصلاحية يتنزّل مشروعها المجتمعي فى إطار دولة الإستعمار الجديد.
من واجب الشيوعيين الحقيقيين أن ينشروا بجرأة مبادئ الشيوعية لا الأوهام البرجوازية و لا الأوهام الإخوانجية ، من واجبهم ، و هم يساهمون فى تحطيم العدوّ الرئيسي و أذنابه ( و كذلك الإنتهازية فالنضال ضد الإمبريالية يمرّ حتما عبر النضال ضد الإنتهازية حسب لينين) ،أن يقيموا أسس المشروع الشيوعي و النهوض بالمهام التى تعبّد الطريق لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة/ الوطنية الديمقراطية الممهّدة للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية و المهمّة المركزية راهنا هي تأسيس فبناء الحزب الشيوعي الماركسي- اللينيني- الماوي ليضطلع بقيادة الثورة عبر حرب الشعب بفضل الأسلحة السحرية الثلاثة (الحزب الشيوعي الماوي و الجيش الشعبي و الجبهة الوطنية الديمقراطية ) و الحزب الشيوعي الماوي مركزها جميعا.
4- صلابة فى التمسّك بالمبادئ و مرونة فى التكتيك:
" إنّ مذهب ماركس لكلّي الجبروت لأنّه صحيح. وهو متناسق و كامل ، و يعطى الناس مفهوما منسجما عن العالم ، لا يتفق مع أي ضرب من الأوهام ، و مع أية رجعية ، و مع أي دفاع عن الطغيان البرجوازي." ( لينين:" مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة ".
مشروع الشيوعين و مبادؤهم يتناقضان كلّيا مع مشاريع و خيارات حكّام دولة الإستعمار الجديد و القوى الطبقية التى تقف وراءها لذلك لا يعترفون بشرعية حكومات هذه الدولة اللاوطنية و اللاديمقراطية و اللاشعبية و يحاربونها قدر طاقتهم و فضح طابعها المعادي للجماهير الشعبية و تطلعاتها خبز يومي لديهم. أمّا وسائل و أشكال خوض هذا الصراع الطبقي القانوني منه و غير القانوني - لا للإصلاحية و الشرعوية و إحترام قوانين هذه الدولة القائمة – فيختارونها وفق تطوّرات الواقع الموضوعي و قواهم الذاتية و الأهداف التى يرسمونها و التكتيكات التى يتبعونها متذكّرين أبدا وواضعين أبدا غايتهم الأسمى بين أعينهم ، خدمة مصالح الشعب وتطلعاته نحو التحرر وتحقيق المجتمع الشيوعي العالمي.وتظل الشرعية الوحيدة هي الشرعية الجماهيرية- شرعية الشعوب صانعة التاريخ.
و بطبيعة الحال لن يواجه الشيوعيون لوحدهم الدولة العميلة ونظامها بل يجدون قوى أخرى تخوض ذات المعركة لكنّهم لن يتماهوا معها و لن يقبلوا بأيّة حدود توضع شروطا لأي تحالف تعيق تطوّر الإستقلالية الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية للبروليتاريا و تعرقله. و حتى فى حال إقامة تحالفات يجب تجنّب سياسة كلّ شيء عبر الجبهة التى نقدها ماو تسى تونغ و بيّن عيوبها المهلكة.
فى الأساس وفى المصاف الأوّل ، ينبغى أن يعمل الشيوعيون على الإلتقاء مع الذين يتبنّون المشروع الشيوعي و الدفاع عنه و نشره عمليّا وذلك ما سيسمح مستقبلا بإيجاد قطب شيوعي ثوري يمثّل البديل الثوري الحقيقي الذى سيقطع مع الدائرة المغلقة التى تسعى الإمبريالية و الرجعية إلى تأبيدها : إمّا حكم قوى تدّعى الديمقراطية الليبرالية و إمّا حكم قوى فاشية عسكرية مباشرة أو عسكرية و دينية.
وتاليا ، و خاصة فى التحركات الجماهيرية الواسعة ، ثمّة حاجة عملية لإقامة تحالفات مع قوى ديمقراطية برجوازية صغيرة من أمثال القوى المنحدرة من تجارب " اليسار" إلاّ أنّه على الشيوعيين الحقيقيين أن يروّجوا للمشروع الشيوعي النقيض الوحيد لدولة الإستعمار الجديد و أن يضغطوا على هذه القوى و من هم حولها حتى لا تقبل بمساومات مع الحكومة القائمة كما عليهم فضح كلّ من يقبل بذلك و خوض صراع بلا هوادة معه و فضح الدساترة و المتحالفين معهم.
و من اللازم ، فى نفس الإطار مواصلة فضح حزب العمّال الذي تحالف مع الإخوانجية وبيّض وجه من قال عنهم زعيمه حمه الهمّامي فى " ضد الظلامية " :" تيّار سياسي ديني ظلامي" " معادي للتطوّر و التقدّم" يريد " إقامة نظام فاشي"، مضلّلا بذلك الجماهير و مقدّما خدمات لن تنسى لل" فاشيين" وهو لا يزال يعترف بالحكومة المنبثقة عن إنتخابات مهزلة. ورغم أنّ الوقائع ( الدعوة إلى الخلافة و إلى قطع الأيدى و إلى سنّ قوانين تهين المرأة و تستعبدها و الإعتداءات على الصحفيين و الطلبة... و على حقّ الإضراب...) فنّدت إدّعاءات حزب العمّال بديمقراطية "أصدقائه"السابقين الذين يكفّرون مناضليه و مناضلاته فهو متمادي فى إحترام قانون اللعبة الإنتخابية لدولة الإستعمار الجديد و فى عدم تقديم نقده الذاتي و إصلاح أخطائه و معالجة ما سمّاه ماركس ب" داء البلاهة البرلمانية ". و هذا منه كحزب خوجي دغمائي تحريفي إصلاحي لا يستغرب.
لا بدّ من التمسّك بالمبادئ الشيوعية و نشرها و فى المقابل ، تكتيكيّا ، لا بدّ فى كلّ معركة نرنو كسبها أن نوسّع ثدر الإمكان التحالفات مع السعي الدؤوب لجعل جبهة الجماهير الكادحة و أساسا العمّال و الفلاحين قاعدتها الصلبة و التعويل أيضا على الشباب الطلاّبي و التلمذي و قواعد المنظّمات الجماهيرية كإتحاد العمّال و الطلبة و المعطّلين عن العمل و الجمعيّات الثقافية...من أجل تحقيق مطالب شعبية و عزل الطبقات الحاكمة و أحزابها و توجيه ضربات موجعة لها من مثل الإطاحة بقرارات معيّنة او بوزير أو بحكومة إلخ.
5- الدعاية و التحريض :
فى هذه الحرب الضروس ضد أعداء الشعب ، لا ينبغى أن يدع الشيوعيون أي إجراء أو أيّة تصريحات للعدوّ تمرّ دون نقدها و على أوسع نطاق ممكن و بشتى الطرق و الوسائل و الوسائط ولا ينبغى أن يدعوه يرتاح و لو للحظة أو يطبّق خططه و سياساته و ينجز أهدافه دون مقاومة قد تشتدّ و تمتدّ فتسقط مشاريعه و تدفنها و إن مؤقّتا .
إلاّ أنّ هذا لا يكفى إذا كان الثوريون يرومون ألاّ يسجنوا أنفسهم فى ردّة الفعل لا غير و إذا كانوا يطمحون إلى تغيير أفكار الجماهير و نشر مبادئ الشيوعية من أجل المراكمة للثورة الحقيقية من منظور بروليتاري. لن تتحقّق الثورة التى يصبو إلي قيادتها الشيوعيون بالتحريض فحسب ضد العدوّ ، لن يتمّ ذلك إلاّ بتعميق الدعاية الشيوعية و نشر المبادئ البروليتارية الثورية فى صفوف الفئات و الطبقات الشعبية ليرتفع الوعي السياسي الطبقي للجماهير فتتمكّن من إدراك الجوهر الحقيقي الرجعي للأصوليين الدينيين و لدولة الإستعمار الجديد برّمتها و تتبنّى المشروع الشيوعي و تقاتل من أجله.
و تستدعى الدعاية صياغة مقالات و دراسات و بحوث معمّقة و تنظيم حملات و حلقات النقاش و التكوين السياسي و النظري ، حيثما إستطاع الثوريون ذلك.و لأجل هذا هناك حاجة ماسّة للتوجّه إلى المثقّفين لكسبهم إلى المشروع الشيوعي و مناهضة دولة الإستعمار الجديد مهما كان شكل الحكم فيها، لينهضوا بمهام قد لا يستطيع النهوض بها غيرهم من غير أصحاب الإختصاص .
و بالتأكيد لن يستميت فى الدفاع عن الشيوعية و فى نشر مبادئها الثورية غير الشيوعيين الثوريين الحقيقيين فأمّا المزيفون فيروّجون للأوهام البرجوازية الصغيرة و يضلّلون الجماهير الشعبية حول طبيعة الدولة و الجيش ...لذلك وجب التصدّى لهم. و جزء محوري فى هذه العملية هو إعادة تألّق علم الثورة البروليتارية العالمية و كنس جبال التراب التى أهالها عليه الرجعيون و الإمبرياليون و الإنتهازيون. و يقع فى موقع القلب من هذا ، التعريف بما توصّلت له الفصائل المتقدّمة من الماركسيين- اللينينيين- الماويين من ردود على تهافت أعداء الشيوعية و دروس مستخلصة من تجارب الماضي و مكاسبها و تجارب البروليتاريا العالمية فى العقود الأخيرة تنير طريق ثورات المستقبل و تسمح ببناء تجارب أفضل من السابقة. و الحقّ يقال إنّ للماويين عبر العالم فى هذا المجال زاد لا يضاهي ، زاد منارة لا يحتكم عليه أي تيّار آخر يدّعى تبنّى الشيوعية.
و من الضروري العمل على تبسيط الدعاية وايصالها الى الشباب من ابناء العمال والفلاحين والتركيز على محاور ملموسة تساعد الشباب المنتفض على فهم كيفية النضال من اجل مطالب الحركة الشعبية عموما وكيفية الدفاع عنها في صورة تعنت الرجعية-تنويع اساليب الدعاية واعتماد السمعي البصري والحلقات الواسعة في صلب الجمعيات والمنظمات... تشريك الانصار والمتعاطفين في النشاط الدعائي.
6- نشر الحقائق الموضوعية و العلمية جميعها :
على الشيوعيين أن ينشروا أوّلا و بالذات وثائقهم ، الوثائق التى صاغها الرفاق فى القطر أو فى الوطن العربي و كذلك التى صاغها الشيوعيون الماويون عبر العالم. و لزاما عليهم أن يروّجوا للنصوص التاريخية الماركسية-اللينينية الخاصة بالموضوع الذى نحن بصدده.
بيد أنّه و إن أمسكوا بأهمّ الحقائق بشأن الأعداء الطبقيين و الوطنيين الرئيسيين حاليّا ، فإن هناك من يشاركهم هذه الحقائق وهو يناصر مشروعا غير المشروع الشيوعي و هناك من توصّل إلى حقائق و أنجز دراسات و بحوث من وجهة نظر ليست وجهة نظر بروليتارية و تحمل فى طيّاتها الكثير و الكثير من الأفكار السليمة و الصائبة و تعكس بصورة جيّدة الواقع و عليهم أن يتعلّموا منها.
فالماركسية ليست منطوية على ذاتها و لا هي تتطوّر بمعزل عن " تطوّر المدنية العالمية " :
" إنّ تاريخ الفلسفة و تاريخ العلم الإجتماعي يبيّنان بكلّ وضوح أنّ الماركسية لا تشبه " البدعة" بشيء بمعنى أنّها مذهب متحجّر و منطو على نفسه، قام بمعزل عن الطريق الرئيسي لتطوّر المدنية العالمية. بل بالعكس . فإنّ عبقرية ماركس كلّها تتقوّم بالضبط فى كونه أجاب على الأسئلة التى طرحها الفكر الإنساني التقدّمي. و قد ولد مذهبه بوصفه التتمّة المباشرة الفورية لمذاهب أعظم ممثّلي الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية. " ( لينين :" مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة ")
و عربيّا ثمّة مقالات و كتب أنتجتها قوى " ماركسية " وهي جيّدة بشكل عام ، و أخرى ألّفها ديمقراطيون ليبراليون ، و ثالثة ألّفها من يطلقون على أنفسهم " اليسار الإسلامي" لا سيما فى مصر ،وهي تزخر بالمعلومات الصحيحة التى يمكن الإستفادة منها فى معاركنا ضد الأصوليين الدينيين و الإسلام السياسي عموما.
إلاّ أنّه يتعيّن أن نتوخّى الحذر و نكون واضحين غاية الوضوح فى عدم تبنّى منطلقات كتّابها ووجهات نظرهم الطبقية و فى أنّه لا بدّ على الرفاق أن يبيّنوا الخلافات بيننا و بينهم و بالتالى لا بدّ من نقدها من وجهة نظر بروليتارية وهي بلا شكّ مهمّة جبّارة تترقبنا و لعلّ بعض الأصدقاء والعديد من المناضلين و المناضلات و المثقّفين و المثقّفات قد يساعدوننا علي النهوض بها حتى يتسنّى لنا إستعمال، ضمن أسلحتنا الأخرى ،هذه المقالات و هذه الكتب على أفضل وجه و على أوسع نطاق و حسب الجمهور الذى إليه نتوجّه.
عوضا عن الخاتمة :
-" يجب أن يكون هناك حزب ثوري ما دمنا نريد الثورة. و بدون حزب ثوري ، حزب مؤسس وفق النظرية الماركسية-اللينينية الثورية و طبق الأسلوب الماركسي-اللينيني الثوري ، تستحيل قيادة الطبقة العاملة و الجماهير العريضة من الشعب و السير بها إلى الإنتصار على الإمبريالية و عملائها" ( ماو تسى تونغ ،" يا قوى العالم الثورية ،إتحدى و قاومي العدوان الإمبريالي" نوفمبر- تشرين الثاني -1948) ،المؤلفات المختارة ، المجلّد الرابع.
-" حزب قوي النظام مسلّح بالنظرية الماركسية- اللينينية ، يستخدم أسلوب النقد الذاتي و يرتبط بجماهير الشعب، و جيش يقوده مثل هذا الحزب ، وجبهة متحدة تضمّ مختلف الطبقات الثورية و الجماعات الثورية و يقودها مثل هذا الحزب- هذه هي الأسلحة الرئيسية الثلاثة التى ننتصر بها على العدوّ".( ماو تسى تونغ " الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية " 30 يونيو – حزيران 1949) المؤلفات المختارة ، المجلّد الرابع.
المراجع
شبكة الحوار المتمدن
التصانيف
أبحاث