إيڤا ليسا مانَّر Eeva Liisa Manner شاعرة وكاتبة مسرحية فنلندية بارزة في تيار الحداثة[ر] Modernism الفنلندية. ولدت في العاصمة هلسنكي Helsinki وتوفيت في مدينة تامْبِرِه Tampere. تلقت تعليمها في مدارس العاصمة ودرست العلوم الإنسانية في جامعتها. أتقنت اللغتين السويدية والإنكليزية إلى جانب الفنلندية الأم وقامت برحلات عدة إلى بلدان أوربا الغربية والشرقية. كانت في التاسعة عشرة من عمرها عندما نظمت ديوانها الشعري الأول «أسود وأحمر» Mustaa ja punaista، وقد حالت ظروف الحرب العالمية الثانية دون نشره حتى عام 1944، فلفت إليها أنظار القراء والنقاد على حد سواء بجدة مفرداته وصوره وغنائية قصائده. وبعد خمس سنوات صدرت مجموعتها الثانية بعنوان «كما الريح والغيوم» Kuin tuuli tai pilvi (1949) مرسخة سمات الغنائية مع نزوع جليّ نحو تجديد البنية الشعرية، مما يشي بتأثرها بتيار الحداثة الأوربية الذي ظهرت بداياته في فنلندا بعد الحرب العالمية الثانية مع انتعاش الحركة الثقافية في شتى ميادين الحياة اليومية. وعندما صدرت مجموعتها الثالثة «هذه الرحلة» Tämä matka (1956) عدّها النقاد إنجازاً طليعياً في إطار هذا التيار، إذ امتازت قصائدها بتطور لافت في بنائها وبغنى وعمق في إيحاءاتها وقدرتها على توليد التداعيات، وبزخم الصور التي بدت وكأنها تنهل من نبع بكر، إضافة إلى خصوصيتها الموسيقية النادرة. وكان موضوع قصائدها الرئيسي يصب دائماً في نقد ثقافة المجتمع الحديث باندفاعته الآلية وتعقد علاقاته؛ مما ولَّد نوعاً من الاستلاب والعزلة الاجتماعية القاتلة. وفي مواجهة ذلك دعت مانَّر إلى استعادة البراءة الأولى مصدراً للتجدد البشري بالمعنى الإنساني على صعيد القيم.
فاجأت مانَّر الوسط الثقافي الفنلندي عام 1957 بنشر كتاب نظري بعنوان مثير للفضول، هو: «موسيقى افتتاحية من أجل فرس النهر الصغير» Kävelymusiikkia pienille virahevoille، تضمن مجموعة مقالات أشارت في بعضها إلى ضرورة الاهتمام بفلسفات الشرق القديم، وأبرزت منها الطاوية[ر] الصينية نموذجاً لخلق التوازن ما بين التنظيم الصارم والفوضى، ومخرجاً من المأزق الذي يعيشه المجتمع الغربي. كما تجلى اهتمام الشاعرة بالفلسفات الشرقية في ديوانها «أناشيد أورفيَّة» Orfiset laulut (1960) الذي يرشح من قصائده شعور غامر بالقدر المشؤوم الذي يواجهه الغرب إن لم يتدارك خطر الهاوية التي ينحدر إليها.
أصدرت مانَّر عام 1964 مجموعة شعرية حملت عنوان «هكذا تتتالى الفصول وتتبدل» Niin vaihtuivat vuoden ajat، وابتعدت في قصائدها عن مشكلة الحضارة الغربية، لتصور بلغة بسيطة وأنيقة في آن معاً ظاهرة الطبيعة دليلاً على الانسجام الداخلي الذي يشمل الكون بأسره. أما مجموعتها الأخيرة «هرة رهيبة» Kamala Kissa (1976) فتكشف عن الجانب الفكاهي في شخصية الشاعرة، الذي تبدى بجلاء في سيرتها الذاتية حول مرحلة طفولتها التي نشرتها عام 1951 بعنوان «طفلة تعبر الجسر إلى الجنة» Tyttö taivaan laiturilla .
لم تكن مانر شاعرة وحسب، بل عُرفت أيضاً بكتاباتها المسرحية المتنوعة، سواء للإذاعة أم لخشبة المسرح، وسواء على صعيد المسرحية الشعرية كما في «إيروس وبسيشِه» أي (إله الحب الجنسي والروح) Eros ja Psyche (1959) ذات الموضوع الأسطوري، أم في المسرحيات النثرية الواقعية التي تستمد مادتها من الحياة اليومية المعاصرة كما في «البرتقالة المحروقة» Poltettu Oranssi (1968).
المراجع
العربية
التصانيف
الأبحاث