بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي هاشم المذكر، قال: أردت البصرة، فجئت إلى سفينة أكتريها، وفيها رجل معه جارية، فقال الرجل. ليس هاهنا موضع. فسألته الجارية أن يحملني فحملني. فلما سرنا دعا الرجل بالغداء فوضع، فقال: أنزلوا ذلك المسكين ليتغذى فأنزلت على أني مسكين، فلما تغدينا، قال: يا جارية! هاتي شرابك. فشرب وأمرها أن تسقيني، فقلت: رحمك الله إن للضيف حقا، فتركني! فلما دب فيه النبيذ، قال: يا جارية! هاتي العود وهاتي ما عندك. فأخذت العود وغنت تقول:
وكنا كغصني بأنة ليس واحد *** يزول على الخلان عن رأي واحد
تبدل بي خلا فخاللت غيــ ***ــره وخليته لما أراد تباعدي
فلو أن كفي لم تردني أبنتها ***ولم يصطحبها بعد ذلك ساعدي
ألا قبح الرحمن كل مماذق ***يكون أخا في الخفض لا في الشدائد
ثم التفت إلي فقال: أتحسن مثل هذا؟ فقلت: أحسن خيرا منه. فقرأت (إذا الشمس كورت، وإذا النجوم انكدرت، وإذا الجبال سيرت) سورة التكـوير، الآيات: ا -3. فجعـل الشيخ يبكي! فلمـا انتهيت إلى قولـه:(وإذا الصحف نشرت) 0 سورة التكوير، الآية10
قال الشيخ: يا جارية! اذهبي! فأنت حرة لوجه الله - تعالى -، وألقى ما معه من الشراب في الماء وكسر العود. ثم دنا إلي فاعتنقني وقال: يا أخي! أترى الله يقبل توبتي؟ فقلت: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.
قال: فآخيته بعد ذلك أربعين سنة حتى مات قبلي. فرأيته في المنام، فقلت له: إلى ما صرت؟ قال: إلى الجنة. قلت: بم صرت إلى الجنة؟ قال: بقراءتك علي: (وإذا الصحف نشرت) (سورة التكوير).