ستيغ داغرمن Stig Dagerman  هو الاسم الذي اتخذه في السنة الأخيرة من دراسته الثانوية كاتب القصة القصيرة والروائي والمسرحي السويدي ستيغ أندرسُن Stig Andersson، وهو من أبرز ممثلي حركة «جيل الأربعينات» fyrtiotalisterna ذات التوجهات الوجودية[ر] في السويد. ولد في بلدة إلفكارلِبي Älvkarleby وتوفي في إنِبِبري Enebyberg بالقرب من ستوكهولم. نشأ داغرمن في الريف لدى جدته وجده لأبيه الذي كان مزارعاً صغيراً، بعد أن تخلت عنه أمه بعد ولادته مباشرة. وكان في الثامنة من عمره حين انتقل إلى ستوكهولم للعيش مع والده الاشتراكي، وواكب أحداث عصره وعايش حياة الطبقة العاملة وكفاحها من أجل حياة كريمة. درس لفترات متقطعة في الجامعة، إلا أن نشاطه السياسي في الحركة النقابية اليسارية والعمل الصحفي أخذ منه جلّ وقته. نشر أول مقالاته في صحيفة «ستورم» (العاصفة) Storm التي شغل فيها منصب محرر ورئيس تحرير، وكتب أيضاً في أغلب الصحف السويدية في مختلف المجالات. تعرف زوجته الأولى، وهي لاجئة ألمانية من النازية، في أثناء عمله الصحفي هذا، واطلع عن كثب على معاناة اللاجئين والضعفاء، أما زوجته الثانية، التي تزوجها في آخر حياته، فقد كانت الممثلة المسرحية أنيتا بيورك Anita Björk.
 
كان تأثير كافكا[ر] والوجوديين الفرنسيين سارتر[ر] وكامو[ر] واضحاً في كتابات داغرمن. واتخذ من روايته الأولى «الأفعى» Ormen  عام (1945) منبراً ليبدي آراءه حول الوجود والإنسان والمجتمع. وترمز الأفعى، التي تظهر داخل ثكنة عسكرية، إلى إحساس بالغربة والقلق والخوف angst وما يسببه ظهورها من ردّات فعل مختلفة لدى الشخصيات. وكذلك كان الأمر في روايته الثانية «جزيرة المحكومين» De dömdasö  عام (1946)، التي كتبها بأسلوب سريالي [ر.السريالية] وتعبيري [ر. التعبيرية] في بيت الكاتب سترندبرغ[ر] الذي كان له أكبر الأثر في كتابات داغرمن، وعالج فيها مصير خمسة أشخاص تحطمت سفينتهم على شاطئ جزيرة مهجورة في وسط المحيط واصفاً تصرفاتهم  وخواطرهم، والحرية وما يترتب عليها من مسؤوليات. وتلك هي حال الإنسان، الذي كان قد خرج لتوه من الحرب العالمية، كما يراها الكاتب. أما في «خريف ألماني» Tysk höst، وهي مجموعة المقالات التي نشرها داغرمن في الصحف، فيلقي اللوم على الخنوع اللامتناهي للإنسان أمام الطغيان، ويرى أن ذلك لا يتمثل في ألمانيا النازية فحسب بل في كل مكان. وعالج في مجموعة القصص القصيرة «ألعاب الليل» Nattens lekar عام (1947) بعض جوانب حياته وسيرته الذاتية بأسلوب واقعي شيق، كما فعل في «طفل محروق» Bränt barn، و«مصاعب الزفاف»Bröllopsbesvör  عام (1949) التي كتبها بأسلوب يعبر عن الاستسلام للواقع وتقبله عن طريق فهم الإنسان لذاته، وهو في الوقت نفسه أسلوب مليء بالدفء والتعاطف مما أكسب هذه المؤلفات نجاحاً سريعاً.
 
كتب داغرمن في المدة ذاتها عدداً من المسرحيات مثل «ستريبر» Streber و«المحكوم بالموت» Den dödsdömde عام (1947)، و«ظل مارت» Skuggan av Mart عام (1948) التي تحدث فيها عن شخصيتي أخوين متضاربتين، أحدهما مارت «البطل» والآخر غابرييل الذي يعيش في ظله، ويلقي فيها الكاتب باللائمة على «أبطال» الحرب المزعومين ومن يقدسهم. وقد قُدمت مسرحياته بنجاح فائق على خشبات العديد من المسارح المحلية، إلا أنه عانى، بعد هذه المـرحـلة الغنيـة بالكتابة (1945-1949)، من فترة طويلة من الجفاف الأدبي لم يكتب فيها سوى فصل واحد من رواية بعنوان «ألف عام لدى الإله» Tusen år hos Gud  عام (1954) حول الكاتب السويدي آلمكفيست[ر] في منفاه.
 
كانت موضوعات الحب والوحدة والموت رئيسة في كتابات داغرمن، وكانت العلاقات الإنسانية غالباً ما تأخذ قالب التشاؤم والإحساس بالذنب والإحباط  والخيبة والخوف، مما جعل الحياة تبدو عابثة عديمة المعنى، وأدى في النهاية إلى موت المؤلف منتحراً.
 
بدأت أعمال داغرمن تأخذ بعداً عالمياً بدءاً من ثمانينات القرن العشرين، ويعد من كبار الكتاب السويديين الحديثين.
 
طارق علوش 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث