كريستيان مورغنشترن Christian Morgenstern شاعر ألماني ومترجم عن اللغات الاسكندنافية. شغل الدنيا وأثار فضول الناس بسرعةِ تبدلِ مواقفه الفكرية ومزاجه الشعري المتناقض بين الجدية الصارمة وبين منتهى الهزل. ولد في مونيخ وتوفي في ميران Meran (ميرانو Merano في إيطاليا حالياً). يتحدر الشاعر من أسرة من الرسامين، وكان والده أستاذاً لتاريخ الفن. أمضى مورغنشترن طفولته وفتوته في مدينة بريسلاو Breslau حيث درس في جامعتها الاقتصاد والحقوق، ثم الفلسفة وتاريخ الفن في برلين. أُصيب عام 1893 بمرض السل، فسافر إلى النروج حيث أمضى فترة نقاهة ترجم في أثنائها مسرحيات لإبسن[ر] وبيورنسون[ر] وهامسُن[ر] وسترندبرغ[ر]، ثم انتقل بسبب مرضه إلى سويسرا وإيطاليا حيث أقام فترات متقطعة في مصحات لعلاج السل.
 
استقر في برلين وعمل صحفياً ومشرفاً أدبياً في المسرح ثم كاتباً متفرغاً. ارتبط بصداقات عميقة مع الأخوين يوليوس وهاينريش هارت Julius und Heinrich Hart في أجواء الصحافة والشعر، وكذلك مع الممثل والكاتب المسرحي والشاعر فريدريش كايسلر F.Kayssler. أبدى الشاعر في وقت مبكر من شبابه اهتماماً بالقضايا الفلسفية المتعلقة بالموت والوجود والحضارة البشرية في سياق تطورها، وانجذب على نحو خاص إلى أفكار نيتشه[ر] Nietzsche وعدَّه مرشده الفكري لسنوات طويلة. وفي مرحلة لاحقة وقع مورغنشترن تحت تأثير المستشرق والفيلسوف الألماني باول دي لاغارد Paul de Lagarde ت(1827-1891)، وتوجه في السنوات الأخيرة من حياته نحو أفكار رودولف شتاينر Rudolf Steiner ت(1861-1925) مؤسس «نزعة التصوّف الإنساني» Anthroposophie ورئيس جمعية «التصوف الإشراقي» Theosophie في برلين.
 
ثمة خطان رئيسيان يمتدان عبر إبداع مورغنشترن الشعري، فمن الناحية الأولى هناك العالم العجائبي fantastic الخبيث والظريف الذي يتجلى في خياله الفكاهي وشعره المغاير لكل ما هو طبيعي (غروتِسْك grotesque)، كما في دواوينه ذات العنوانات الغريبة المضحكة أو التي تشير إلى أمور خيالية لا أصل واقعياً لها، مثل «أغنيات المشنقة» Galgenlieder ت(1905) و«بالمستروم» Palmström ت(1910) و«بالما كونكل» Palma Kunkel ت(1916) و«طاحونة الصوت» Die Schallmühle ت(1928) وغيرها، والتي ارتبط اسمه وشهرته العالمية بها حتى اليوم. يبدو الشاعر في هذه الأعمال مبدعاً على صعيد اللغة والمضمون والشكل، وذا خواطر وأفكار مبالِغَاً في غرابتها، كوَّن بها بكل رشاقة ومهارة عالماً متخيلاً صاخِبَ التهريج في مواجهة العالم الواقعي «الذي فقد معناه وجدواه». وقصائد هذه الدواوين - بفكرها الماجن ورونقها الشكلي وقوافيها المبتكرة المضحكة وتلاعبها بالألفاظ والعبارات - تنوس بين السخرية الهازلة وبين الهجاء النقدي اللاذع.
 
ومن الناحية الثانية هناك قصائده الجادة بالمعنى المتعارف عليه، ومنها قصائد حب ناعمة وقصائد وجدانية ذات أفكار سوداوية كئيبة، وقصائد فكرية ناقدة، كما في الدواوين «في قصر فنتاز» In Phantas Schloss ت(1895) و«أنا والعالم» Ich und die Welt ت(1898) و«ذاتَ صيف» Ein Sommer ت(1900) و«استبطان» Einkehr و«وجدنا ممراً» Wir fanden einen Pfad ت(1914). وفي الديوانين الأخيرين تتبدى مؤثرات أفكار شتاينر والفلسفة البوذية.
 
إضافة إلى الشعر كتب مورغنشترن كثيراً من القطع النثرية والمشاهد المسرحية والحِكَم Aphorism تضمنتها «يوميات متصوف» Tagebuch eines Mystikers، ومجموعات أخرى نشرها بعنوان «حكم وأقوال» Aphorismen und Sprüche ت(1914). كما كتب كثيراً من القصص والحكايات والقصائد الموجهة إلى الأطفال والفتيان لاقت انتشاراً واسعاً، وترجمت إلى بعض اللغات الأوربية. فعلى الرغم من قصر عمره نسبياً كان مورغنشترن غزير الإنتاج في أجناس أدبية متنوعة.
 

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث