ولد الشاعر الكوبي نيكولاس غيين Nicolás Guillén في مدينة كماغويه Camagüey وسط الجزيرة لأبوين من عرقين مختلفين أوربي وإفريقي. ومع عدم تحصيله أي تعليم رسمي إلا أنه كان قارئاً نهماً للأدب الإسباني والأمريكي - الاسباني. ذاع صيته مع نشره أول دواوينه «موضوعات السون»Motivos de son عام (1930)، و«السون» هو الإيقاع الكوبي - الإفريقي الراقص ذو الصفة الحسية المندفعة. صار زعيماً لحركة الكوبيين الأفارقة في ثلاثينيات القرن العشرين، وعمل مراسلاً في إسبانيا لمجلة كوبية وحارب إلى جانب الجمهوريين في الحرب الأهلية هناك. انخرط لدى عودته إلى كوبا في العمل السياسي وانتسب إلى الحزب الشيوعي بهدف الإصلاح السياسي والاجتماعي في البلاد، إلا أنه اضطر إلى اللجوء إلى المنفى مع قدوم الدكتاتور باتيستا Batista إلى السلطة عام 1952، حاملاً معه الحنين إلى الوطن في فكره وقلبه، حتى انتصار الثورة الكوبية بقيادة كاسترو Castro ورفاقه عام 1958 فعاد إلى وطنه واستقر فيه حتى وفاته.
تابع غيين الكتابة في ظل الدكتاتوريات التي تعاقبت على كوبا وعرفه القراء من خلال المقالات التي كان ينشرها في الصحافة المحلية قبل صدور ديوانه الأول «موضوعات السـون» الذي لاقى نجاحاً كبيراً. كان من أوائل الشعراء الملونين الذين كتبوا بحس دافئ وإيقاع إفريقي عن حياة الناس البسطاء في أحياء هافانا الشعبية وعن أفراحهم وأتراحهم، وعبَّر عن ذلك بسلاسة وأسلوب بسيط ينفذ إلى قلوب الناس، موحياً بسحر إفريقيا البعيدة. وعلى ذات النهج كان ديوانه ذو العنوان الإيقاعي الراقص «سونغورو كوسونغو» Sóngoro Cosongo عام (1931)، وقـد تابع فيه مسيرته في ذلك النـوع من الكتابـة، الذي أطلقت عليه تسمية الأدب «الكوبي - الإفريقي»، وهو يصور خلفية البلاد العرقية المتنوعة ويتميز بخصائص الشعر الزنجي، كما لدى إيميه سيزير Aimé Césaire السنغالي وليروي جونز Leroi Jones ولانغستن هيوز Langston Hughes الأمريكيين، إلا أنه يتميز في الوقت ذاته باللغة المتمكنة والبساطة كما في شعر غارثيا لوركا Garcia Lorca.
نشر غيين ديوان «جزر الهند الغربية المحدودة» West Indies Limited عام (1934) دفاعاً عن المستضعفين في وجه الاستغلال الذي كانت تمارسه الشركات الأمريكية الكبيرة في بلاده. ونشر أيضاً قبل ذهابه إلى المنفى ديوان «أغانٍ للجنود ونغمات للسياح»Cantos para soldados y sones para turistas عام (1937) بدا فيه التزامه بالنهج السياسي ذاته. ونتيجة تجربته في أثناء الحرب الأهلية الإسبانية كتب ديوان «إسبانيا» España عـام (1937)، وديـوان «طـيران اليمامـة الشعبي» La paloma de vuelo popular عام (1959) احتفاء بسقوط الدكتاتورية في بلاده ونجاح الثورة الكوبية وفرحاً بعودته إلى وطنه. وبالرغم من حماس غيين للثورة في ديوان «عندي» Tengo عام (1964) إلا أنه ما فتىء يحمل هم الناس البسطاء في وصف حي من صلب الواقع الكوبي. ومن مؤلفاته الأخيرة «حديقة الحيوان الكبيرة» El gran zoo عام (1967)، و«مختارات أساسية» Antología clave عام (1971)، و«محصلة شعرية»Summa poética عام (1976).
أسس غيين جمعية الدراسات الكوبية الإفريقية Sociedad de Estudios Afrocubanos في محاولة منه للحفاظ على التراث الإفريقي في كوبا. وقد انتقل في شعره من المحلية إلى العالمية سعياً وراء تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع، وكان شاعر كوبا القومي، وكرمته إيطاليا بمنحه جائزة ڤياريجو Viareggio الأدبية لعام 1972على مجمل أعماله.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
تصنيف :الأبحاث