إميلي ديكنسون Emily Elizabeth Dickinson إحدى أكبر الشعراء الغنائيين في الولايات المتحدة الأمريكية. ولدت وتوفيت في بلدة آمهرست Amherst بولاية ماستشوستس في منطقة نيو إنغلند New England معقل البيوريتانية[ر] Puritanism. نشأت في عائلة محافظة وغنية. كان والدها رجلاً صارماً ومحامياً كبيراً في البلدة وممثّل الولاية في الكونغرس. كانت إميلي الوسطى بين أخيها وأختها، إلا أن العلاقة مع والديها لم تكن قوية، مما عزز علاقتها بأختها وزوجة أخيها التي كانت نيويوركية متحررة أصبحت موضع ثقتها وصديقتها حتى وفاتها. حصّلت تعليمها في مدارس البلدة، ثم أمضت ما يقارب العام في معهد للدراسات الدينية للإناث في بلدة ماونت هوليوك المجاورة Mount Holyoke Female Seminary. عاشت حياة بسيطة منعزلة هادئة، وعرفت عدة رجال وأحبت بعضهم، إلا أنها لم تتزوج قط. وقد يكون غياب نقاط ارتكاز أساسية من حياتها قد أثر في صحتها الجسدية ولاحقاً النفسية، وتمثّل بازدياد نزعتها الانطوائية في أواخر سني حياتها، ورهبتها الآخرين وغرابة أطوارها.
كان لتربية ديكنسون الدينية دور مركزي في أدبها، وكذلك كان شكسبير[ر] وعدد من الشعراء الإنكليز مصدر إلهام لها. اطلعت في وقت مبكر على أعمال رالف وولدو إمرسون[ر] وقرأت ديوانه «قصائد» Poems بتلهف، وتأثرت بمفهومه عن التعالي[ر] Transcendentalism مما جعله بمنزلة المعلم والأب الثاني لها. وتزعزت نتيجة لذلك الأسس والمفاهيم الدينية المتزمتة التي تشربتها منذ نعومة أظفارها، وأصبح الشك رائدها، والطبيعة والحب والقلق والموت موضوعات شعرها.
بدأت ديكنسون كتابة الشعر في سن المراهقة، إلا أن إنتاجها ذا القيمة الفعلية لم يبدأ حتى عام 1850 ودام حتى أواسط الستينات، فكتبت كماً هائلاً يقرب من ألف وثمانمئة قصيدة، ومع هذا فهي لم تنشر منه في حياتها سوى سبع قصائد، كما أنها لم تضع عنوانات إلا لعدد ضئيل منها فأعطيت أرقاماً عند نشرها. وبعد وفاتها نشرت أختها قصائدها، بعنوان «قصائد لإميلي ديكنسون» Poems by Emily Dickinson عام (1890) و«قصائد: السلسلة الثانية» Poems: Second Series عام (1891)، ونشرت لها أيضاً «رسائل إميلي ديكنسون» Letters of Emily Dickinson عام (1894) في مجلدين، ثم «قصائد: السلسلة الثالثة» Poems: Third Series عام (1896). واستمرت بقية قصائدها في الظهور تباعاً طوال النصف الأول من القرن العشرين.
تعود أهمية إميلي ديكنسون إلى كونها أولى الشاعرات اللواتي تمتعن بفكر متفتح متمرد على المجمع الذكوري، غير آبهة بالتقاليد المتوارثة ورافضة الوضع الراهن. وكانت في شعرها سابقة لعصرها بأسلوبها البسيط ولغتها المكثفة المقتضبة وصورها المؤثرة وخصوصية موضوعاتها. أما من حيث الشكل فقد لجأت إلى القافية غير المنتظمة off-rhyme والسجع والطباق والجناس والتورية، وهو توجهٌ استمر فيه الشعراء في عشرينات القرن التالي من مثل إليوت[ر] وإيكن[ر]، وفي كل هذا تكمن عبقريتها وريادتها.
طارق علوش
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث