وليم كارلوس وليَمزWilliam Carlos Williams طبيب وأديب وأحد أعلام الشعر الأمريكي في القرن العشرين. ولد في رذرفُرد Rutherford الواقعة على نهر باسِّيك Passaic في ولاية نيوجرسي على حدود مدينة نيويورك، تلك البلدة التي صارت لاحقاً مسرحاً لحياته ومؤلفاته. درس بداية في جنيڤ في سويسرا، ثم تابع دراسة الطب في جامعة بنسلفانيا، وتخرج فيها عام 1906، وتخصص في طب الأطفال في جامعة لايبزيغ الألمانية. تزوج عام 1912 المرأة التي كان لها الدور الأكبر في حياته والحاضرة على الدوام في مؤلفاته باسم «فْلوسي» Flossie. استقر في مسقط رأسه، ومارس هناك الطب العام والكتابة طوال حياته إلى أن أقعده نزيف دماغي عن عمله طبيباً عام 1951، لكنه استمر في الكتابة حتى وفاته.
غالباً ما يكون الشعر رومنسياً[ر. الإبداعية] في الشباب، وهكذا كان حال شعر وليَمز؛ إذ كان كيتس[ر] رائده، لكنه تحول بتأثير مَن حوله من الطليعيين وصديقه إزرا باوند[ر] إلى الصورية[ر]. وقد شمل ديوان «الصوريون» Des Imagistes الذي نشره باوند عام 1914 بعضاً من شعر وليَمز، كما نُشرت بعض قصائده في مجلة «شعر» Poetry. عُدّ في ثلاثينيات القرن العشرين من شعراء «الموضوعية» Objectivism التي تزعمها آنذاك لويس زوكوفسكي L.Zukofsky، إلا أن العنصر الأكثر وضوحاً في شعره هو التكعيبية[ر].
دأب وليَمز في تطوير أدواته الشعرية، وأخذت كتاباته منحى مغايراً لكتابات باوند، وإليوت[ر] الذي كان قد غادر الولايات المتحدة، واستقر في أوربا، وعدّه وليَمز خائناً للغته (الأمريكية) وتراثها. وبدأت شخصيته كاتباً تتبلور مع التزامه مقولته: «ليس من معنى سوى في الكلمات»؛ إذ رأى أن على التجديد اللغوي أن يأخذ الواقع المادي المعيش بالحسبان، وأن على «الكلمات» أن تنبثق من اللغة المحكية للناس العاديين، سائراً بذلك على خطى شاعر أمريكي آخر هو ويتْمَن[ر].
تابع وليَمز برنامجه الأدبي الخاص في إحدى أولى مجموعاته الشعرية «إلى من يريده!» Al Que Quiere! ت(1917) الواعدة التي تميزت بواقعيتها وحسيتها. ثم ظهرت خصائص الصورية من حيث الأسلوب واللغة المباشرة في ديوان «القصائد المجموعة 1921ـ 1931» Collected Poems ت(1934). وبدأت بعد ذلك أجزاء (كُتب) ملحمته «باترسون» Paterson بالظهور تباعاً بين الأعوام 1946ـ1958، ثم جمعت في كتاب واحد مؤلف من خمسة أجزاء. وتحكي الملحمة - بأسلوب الشعر الحر والتداعيات والكولاّج[ر] collage ـ قصة الإنسان والمدينة متمثلة في الطبيب باترسون ومدينة باترسون الواقعة على نهر باسِّيك في نيوجرسي، تماماً كما هي حال رذرفُرد مسقط رأس الشاعر. ويتماهى الإنسان مع المدينة ومع النهر، وهما رمز لأمريكا الصناعية الحديثة، ويعيش القبح والتلوث الصناعي اللذين يفسداهما. وتتقاسم الملحمة بعض خصائص شعر ويتمن في «أغنية عن ذاتي» Song of Myself و«أغاني» Cantos باوند و«الأرض اليباب» The Waste Land لإليوت، مع كل محاولات الشاعر لإبراز أوجه الاختلاف عنهم.
دخل وليَمز مجال كتابة النثر في «كورا في الجحيم» Cora in Hell ت(1920) مقتبساً الأسطورة اليونانية القديمة حول اختطاف هادِس Hades ـ إله العالم السفلي ـ برسيفونِه Persephone ابنة إلهة الأرض ديميتر Demeter، وحكم رب الأرباب زيوس Zeus ببقاء برسيفونه في العالم السفلي في النصف الأول من العام وصعودها إلى عالم الأرض في النصف الثاني منه. والأسطورة بترميزها الحلقة المتكاملة وتعاقب الفصول تشير إلى التردي العضوي المرتبط بالشيخوخة والسبات والموت ثم التجدد. وتعدّ ارتجالات تيار الوعي في هذا الإطار من أفضل محاولات الكاتب. كتب أيضاً «الربيع والكلّ» Spring and All ت(1923) وهو مزيج من الشعر والنثر، و«في النسيج الأمريكي» In the American Grain ت(1925) حيث كتب مجموعة مقالات في طبيعة الأدب الأمريكي وبعض شخصيات البلاد والمؤثرات التي شكلتها كالبيوريتانية[ر]. كتب أيضاً رواية من ثلاثة أجزاء عن تاريخ عائلة زوجته هي «البغل الأبيض» The White Mule ت(1937) و«الإثراء» In The Money ت(1940) و«النمو» The Build-Up ت(1952) وهي أفضل نثره. نشرت مجموعة قصصه القصيرة «بنات المُزارع» The Farmer’s Daughters عام 1961، وحصل على جائزة بوليتزر للشعر بمؤلفه «صور من بروغِل وقصائد أخرى» Pictures from Brueghel, and Other Poems ت(1962) إذ قدّم رؤيته لواقع الإنسان العادي البسيط والفقير.
أثر وليَمز في شعراء آخرين مثل روبرت لويل R.Lowell وألَن غِنزبرغ A.Ginsberg شاعر «جيل بيت» (الجيل المنهك) Beat Generation والشاعرة دينيس لڤرتوڤ D.Levertov. ولكن في ثلاثينيات القرن العشرين رأى الناقد ليڤيس F.R.Leavis أن مؤلفاته لا تواكب العصر على الرغم من صبغتها الحداثية، ورأى ناقد آخر هو مارتن سيمور سميث M.Seymour-Smith أنها لا تحقق رؤية كاتبها وطموحه.
اعتُرف بوليَمز في النصف الثاني من القرن العشرين كاتباً إقليمياً أعطى اللون المحلي أبرز مكانة في أدبه محتفياً بكل ما هو أمريكي، وهنا تكمن المفارقة؛ إذ إنه لهذا السبب ذاته ظل أسير محليته وأمريكيته، في حين حصل إليوت على عالميته بسبب شموليته وبحثه في الوضع (الشرط) الإنساني.
المراجع
الموسوعة العربية
التصانيف
الأبحاث