وقفتْ أمام مرايا قصائدي
تمشّطُ أحلامَ شَعرها الطويلِ الأسودِ
وتتمايلُ بغنجٍ لذيذٍ
وتتذكّرُ - وهي تتأملُ من على شرفةِ الورقةِ -
شريطَ يومياتها الذي مرَّ سريعاً
تذكّرتْ جنوني الذي تركتهُ على شفتيها
تذكّرتْ كلَّ حرفٍ وفوضى وقرنفلٍ فاضحٍ
تذكّرتْ غرفتنا التي لا يملُّ المؤجرُ من طرقِ أبوابها، حتى منتصفِ الشهرِ التالي
تذكّرتْ رمالَ يدي اللتين كانتا
تحتضنان تلاطم أمواج خصرها
تذكّرتْ سنوات الحبِّ الثماني، وسنوات الحربِ الثماني،
التي أخذت من عمرنا الكثيرَ
تذكّرتْ بريدَ القنابل الذي كان يحملُ رسائلي إليها من السواترِ البعيدة
تذكّرتْ كلَّ التفاصيل التي عشناها معاً:
الشوارع الوجلة، الشوارع اللامبالية،
الشوارع الضاجة، الشوارع السعيدة،
الشوارع المقفرة،
الشوارع التي تشبهُ أيامنا،
وأحلامنا المتشّعبة التي تشبهُ الشوارع:
تتفرعُ، وتلتقي، وتنتهي، ولا تنتهي، وتضيقُ، وتتسعُ، وتسكرُ، وتشيخُ، وتتناسلُ، وتكذبُ، وتنامُ، وتبولُ، وتحلمُ وتموتُ...
الشوارع التي تحفظُ عن ظهرِ قلبٍ يومياتنا السرّيةَ، وخطى العشبِ، ومواعيدَ زعلكِ..
تذكّرتْ:
قيلولةَ الشاي، وأزهارَ الشقّة رقم (1)، وكذبَ الأصدقاء، وقصائدَ سان جون بيرس، وقائمةَ الديونِ، وأمطارَ الندمِ، والصباحاتِ المشاغبةَ، والباصَ المتأخرَ دائماً، والقلقَ النامي على سياجِ أحلامنا، وأغاني قطارِ البصرة تحت رذاذِ المطرِ والشظايا، والحماقاتِ التي ك
تذكّرتْ:
تسكعنا الطويلَ على الجسرِ الحديديِّ، البكاء َالطويلَ أمامَ يتيمٍ عابرٍ، سرياليةَ أحلامنا، بياناتِ الحربِ {السوداء}، معارضَ الفنِ التشكيلي، الكتبَ المستعارةَ، فتيات المدارس المشاكسات، المصاعدَ العاطلةَ، أزقةَ الهذيانِ، الندى الليلي، خرائطَ الجوعِ، أسرّةَ ا
تذكّرتْ كلَّ هذا
كلَّ ما يمكنها أن تتذكّرَهُ
فبكتْ...
بكتْ طويلاً...
بكتْ طويلاً جداً
بكتْ عمراً كاملاً كما بكيتُ أنا
 

اسم القصيدة: تذّكر.

اسم الشاعر: عدنان الصائغ.


المراجع

sh6r.com

التصانيف

شعراء   الآداب