تولِّد بعض المواد الكهرباء عندما تتعرض للضغط. وبالعكس إذا طبق عليها فرق كمون كهربائي ما فإنها تعاني تشوهاً ميكانيكياً؛ لذا توصف المادة بأنها ذات مفعول كهرضغطي piezoelectric effect. ومن هذه المواد الكوارتز[ر]quartz  وتيتانات الزركونيوم والرصاص[ر]. تُصنّع من هذه المواد شرائح تُقتَطع وفق زوايا محددة وترسَّب على سطحيها بالتبخير طبقة معدنية تُطبَّق عليها الفلطية الملائمة لعملها، أو تؤخذ منها الفلطية الناجمة عن تشوُّه المادة عند خضوعها للضغط أو الشد، وهذا ما يبينه الشكل (1) بأجزائه الخمسة.
 
يعود الفضل في اكتشاف المفعول الكهرضغطي إلى كل من بيير كوري[ر] Pierre Curie وبول جاك كوري Paul-Jacques Curie عام 1880. وقد اُكتشف هذا المفعول عندما وُضعت أثقال فوق بلورات مثل الكوارتز وملح روشيل - الذي هو ليس إلا طرطرات البوتاسيوم والصوديوم - فوُجد أن شحنات كهربائية تتولد على سطحي البلورة، وقد تحقق العالمان كوري في العام التالي من حدوث المفعول المعاكس. ولازال الكوارتز يستخدم حتى اليوم في الهزازات الإلكترونية، وكذلك شأن ملح روشيل الذي يُستخدم حالياً في صنع مكبرات الصوت (المكروفونات)؛ وذلك لتميُّزه بتوليد الفعل الكهرضغطي بشدة عالية، إلا أن مجال عمله الحراري محدود حتى الدرجة 23 ْم.
 
يشار إلى أنه كي تولِّد بلورة ما مفعولاً كهرضغطياً لابد من أن تخلو بنيتها البلورية من مركز تناظر، وإلى أنه من بين أصناف التناظرات في البلورات، وعددها 32 صنفاً، يبدي عشرون صنفاً منها فقط مفعولاً كهرضغطياً.
 
إن خضوع بلورة لاتمتلك مركز تناظر للضغط الميكانيكي يسبب انزياح الأيونات في الشبكة البلورية عن مواضعها، الأمر الذي ينجم عنه توليد حقل كهربائي، وتبلغ شدة الحقل الكهربائي في بعض البلورات القيمة (1010فولط/متر).
 
اُستخدم المفعول الكهرضغطي إبان الحرب العالمية الأولى عام 1917 لكشف الغواصات بالأمواج فوق الصوتية، حين قام العالم الفرنسي لانجفان[ر] P.Langevin وزملاؤه بصنع محوِّل طاقة transducer مؤلَّفٍ من مصفوفة من شرائح الكوارتز الرقيقة ألصقت بين صفيحتين فولاذيتين بحيث تؤلف المجموعة جملة مهتزة ذات تجاوب resonant عند التواتر 50 كيلو هرتز، واختير الحامل الملائم لها كي تعمل تحت الماء. وبانتهاء الحرب العالمية الأولى خضعت الجملة المهتزة تلك للتعديل بحيث غدت تعمل عند ترددات أعلى بكثير، واستخدمت في أغراض كشف الصدى وأنظمة السونار[ر] sonar، أي الرادار الصوتي، الذي يكشف الأجسام تحت الماء كأسراب السمك، ويصوِّر قاع المحيطات بل ويرسم تضاريسها. وقد استخدمت مجاوبات من الكوارتز تعمل عند ترددات تقدر بالميغا هرتز أي 610 هرتز ومضاعفاتها، لتوليد أمواج إذاعية ذات تردد عالي الاستقرار، وهو أمر مرغوب فيه جداً في ميدان البث الإذاعي.
 
طُوِّرت مواد ووسائل اختبار تعتمد على انتشار الأمواج فوق الصوتية لدراسة خواص السوائل والغازات مثل المرونة واللزوجة، كما استخدمت هذه الأمواج لكشف التشققات أو التشوُّهات في السبائك المعدنية من دون تعريضها للتلف فيما يسمى بالاختبارات اللاإتلافية non- destructive testing التي يرمز لها اختصاراً بـ NDT، ويظهر في الشكل (2) اختبار من هذا القبيل.
 
 
وقد استخدُمت محوِّلات طاقة بأشكال هندسية مختلفة (كرات، أسطوانات) وبحجوم متفاوتة من مواد سيراميكية مصنَّعة لتوليد أنظمة سونار عالية الطاقة لأغراض مختلفة تجارية وعسكرية وطبية. كما انتشرت الولاعات الكهرضغطية التي تشعل الغاز عن طريق شرارة تنبجس بين وجهي قرص سيراميكي من مواد كهرضغطية عندما يتعرض للإجهاد الميكانيكي. وصنعت مكبرات صوت (مكروفونات) حساسة صغيرة، لا تستهلك طاقة تُذكر، وتعمل عند جهود كهربائية ضعيفة، كما صنعت أقراص سيراميكية محصورة بين قرصين من معدنين رقيقين لتعمل عمل مكبر صوت ولتصدر نغمات موسيقية استجابة لإشارات تردها من دارات منطقية.
 
كما استخدمت المواد الكهرضغطية لصنع مرشِّحات للترددات العالية في التجهيزات التي تعمل بالأمواج فوق الصوتية السطحية surface acoustic waves التي يرمز لها اختصاراً بـ SAW. كما استخدمت البلورات الكهرضغطية لقياس الظواهر الميكانيكية العابرة transient لسرعة استجابتها التي تقارب الميكروثانية، أي 10-6 ثانية. ومن بين هذه الظواهر دراسة حوادث احتراق وقود الصواريخ والصدم والتسارعات والاهتزازات الميكانيكية السريعة.
 
إن الدراسة الرياضية للمفعول الكهرضغطي معقدة، وخلاصتها أنه إذا تألفت مكثفة من مادة كهرضغطية ثابت نفوذيتها ε بحيث يكون السطح المشترك بين لبوسيها S وإذا طُبِّق عليها جهد كهربائي U فإن الشحنة التي تتوضَّع عليها Q، تعطى بدلالة أبعاد المكثفة والقوة F المطبقة عليها بالعلاقة:
 
حيث KQ معامل الشحنة الكهرضغطية ويقدر بالكولون/نيوتن وقيمته بالنسبة للكوارتز 10-12 كولون/نيوتن، وe الشحنة العنصرية.
 
أحمد حصري

المراجع

الموسوعة العربية

التصانيف

الأبحاث