غشائيات الأجنحة Hymenoptera رتبة من الحشرات، تنتمي إلى صف سداسيات الأرجل Hexapoda، تضم أكثر من 100000 نوع، من بينها النحل والنمل والزنابير، وهذا العدد في تزايد دائم نتيجة للاكتشافات المتتابعة للعديد من الأنواع المتطفلة الصغيرة الحجم. وعلى خلاف غالبية رتب الحشرات الأخرى، فإن العديد من غشائيات الأجنحة تعد من أكثر الحشرات نفعاً للإنسان وللزراعة لدورها في عمليات تلقيح المحاصيل، أو نتيجة لقضائها على العديد من الحشرات الضارة، ولأهميتها القصوى في مجال المكافحة الحيوية. ويعد نحل العسل من أعظم الحشرات المستأنسة أهميةً في تلقيح المحاصيل والأشجار، فضلاً عن منتجاته من عسل وشمع. والضرر الذي تسببه غشائيات الأجنحة نتيجة تطفلها على النباتات لا يحسب حسابه إذا ما قورن بالمنافع الإيجابية لهذه الرتبة.
صفاتها العامة
غشائيات الأجنحة حشرات داخلية الأجنحة Endopterygota، تراوح حجومها بين 0.2مم أو أقل في الزنابير المتطفلة على بيوض الحشرات القشرية، و115مم في بعض الزنابير العادية والمفترسة. ولها عادة شفعان من الأجنحة الغشائية، مما يبرر تسميتها. الرأس كبير شبه مثلثي حر الحركة. ذو فقيمات (فكوك علوية) mandibles معدة لاستخدامات مختلفة، كالقرض والقطع والدفاع والحفر والنقل أحياناً. الشفة السفلى طويلة ومتحورة لارتشاف السوائل، لذلك فإن أجزاء الفم من النوع القارض اللاعق. تتألف قرون الاستشعار من 11ـ12عقلة متضاعفة التمفصل متباينة الأشكال، فهي إما خيطية أو قلادية أو مرفقية أو مشطية أو ورقية. العيون المركبة واضحة، يضاف إليها ثلاث عيون بسيطة. الصدر الأوسط متضخم ومتداخل مع كل من الصدر الأمامي والصدر الخلفي الصغير. الأجنحة غشائية صلبة شفافة ذات عروق قليلة، وقد تقتصر على عرق واحد فقط، وقد تنعدم عند بعض أنواعها، كما في النمل العادي والنمل المخملي. الشفع الأمامي منها أكبر من الشفع الخلفي، ويشتبك معه بصف من الخطاطيف الدقيقة المتوضعة على الحافة الأمامية للشفع الخلفي. الأرجل عادة متباينة، ويتحور بعضها للجمع كما في الأرجل الخلفية لشغالات نحل العسل، أو تتحور للحفر أو للقبض. البطن يختلف، فقد تلتحم الحلقة الأولى منه مع الصدر الخلفي مكونة الوسْط propodeum، وتستدق الحلقة البطينة الثانية لتشكل ما يسمى بالخصر petiole الذي يليه البطن المنتفخ، أو يكون اتصال الحلقة الصدرية الخلفية مع الحلقة البطنية الأولى عريضاً ولا يشكل خصراً. آلة وضع البيض مكتملة التَكَوُّن، وتتحور في إناث الأنواع الراقية إلى آلة لسع تستعمل في الدفاع والهجوم أو للسع الفريسة (كما في الزنابير والنحل). تحولها الشكلي تام holometabola، فالبيوض تفقس عن يرقات إما أن تكون أسطوانية ذات رأس واضحة وفكوك قارضة وثلاثة أشفاع من الأرجل الصدرية المفصلية، يضاف إليها 6ـ 8 أشفاع من الأرجل الأولية البطنية، أو تكون عديمة الأرجل جُعَلِيَّة الشكل، أو دودية متباينة ذات رأس وأجزاء فم مختزلة. العذارى حرة ذات أجزاء فم غير متحركة، توجد عادة داخل شرانق من الحرير تفرزها اليرقات.
يلاحظ في أفراد هذه الرتبة ظاهرة التكاثر بتعدد الأجنة polyembryony، كما تكثر فيها ظاهرة التكاثر البكري parthenogenesis والتكاثر البكري الدوري cyclic parthenogenesis. كما أن العديد من أنواعها المتطفلة مفرط التطور hypermetamorphic. وتعد الحشرات الكاملة في غشائيات الأجنحة، مع استثناءات قليلة، من الحشرات المحبة لضوء الشمس، كثيرة التردد على الأزهار والنباتات المحبة للشمس والتربة المفتوحة. وهي تستهلك كثيراً من الرحيق وحبوب اللقاح، لكن كثيراً من الزنابير تعد مفترسة للحشرات ذات الأجسام اللينة، كما يتغذى المتطفل منها بلعق الدم الذي يسيل من الجروح التي تحدث في أثناء وضع البيض.
ثمة أنماط واضحة وعديدة من تاريخ الحياة داخل الرتبة، فأفراد الزنابير المنشارية (عديمة الخصر) متباينة التغذية تماماً في طورها اليرقي، أما الغالبية العظمى من الزنابير العادية (ذات الخصر) فهي حيوانية الغذاء في طورها اليرقي أو أكثرها طفيلي، إما أن تعيش داخلياً أو خارجياً على عائل تختاره الأم دائماً، ويكون العائل في حجم الطفيل. ويمارَس التطفل في نحو نصف فصائل هذه الرتبة، كما تبدو فيها ظاهرة فرط التطفل hyperparasitism على مستويات مختلفة. وغالبية الزنابير اللاسعة مفترسة تستطيع أن تسبب الشلل أو تقتل ضحية أو أكثر ثم تنقلها إلى خلية خاصة تربي فيها يرقاتها، أو أن تهاجم فرائسَها في جحورها حيث تعيش يرقاتها كما في زنابير العناكب.
وتقوم الزنابير الأكثر تطوراً بإعداد العش قبل اقتناص الفريسة. كما تعد أنواع النحل من غشائيات الأجنحة ثانوية التغذية النباتية، وكذلك النمل وبعض زنابير Sphecoidea إذ تتغذى يرقاتها بالرحيق وحبوب اللقاح ولا تتغذى أبداً بأغذية حيوانية. وتضم كل من فصائل النحل القاطع للأوراق والنحل العادي والنحل الطَلاء بعضَ الطفيليات السارقة cleptoparasitic التي تقوم بالاستيلاء على أعشاش الأنواع النباتية الغذاء ومؤنها. وتشتهر فصائل النحل والزنابير والنمل بتطويرها مجتمعاتٍ اشتراكيةً معقدة.
أنواعها
تقسم رتبة غشائيات الأجنحة إلى رتيبتين suborders، وذلك بحسب كون اتصال الصدر بالبطن عريضاً أو يفصلهما خصر ضيق. فهناك رتيبة، الزنابير عديمات الخصر أو الزنابير المنشارية Symphyta، وقد سميت كذلك لأن آلة وضع البيض في غالبيتها شبيهة بالنصل أو بالمنشار، تتمكن إناثها من وضع بيضها داخل الأنسجة النباتية من ثمار أو أوراق أو أغصان. أما يرقاتها فتتغذى بالنباتات، وهي من النوع الأسطواني وذات رأس متصلب قوي، وفكوك جيدة التكوين، وللبطن أرجل كاذبة غير مزودة بالخطاطيف، وللرأس عين بسيطة واحدة مركزية. أما رتيبة الزنابير ذات الخصر فهي زنابير مختلفة الأحجام، تتميز الحشرات الكاملة منها بوجود الخصر، وآلة وضع البيض عندها واخزة تغرس بعمق في أنسجة العائل الذي غالباً ما يكون حيوانياً،
كما تستخدم للدفاع أو للسع الفريسة. جميع يرقاتها عديمة الأرجل، وأجسامها لينة، ورأسها مختزلة أو منسحبة داخل الصدر، وغالباً ما توجد ضمن جسم عائلها.
معظم الزنابير المنشارية نباتية التغذية في طورها اليرقي، تضم عدداً من الفصائل التي تشتمل على عدد من آفات أشجار الفاكهة ومحاصيل الحقل المعروفة، منها صندل اللوز الغشائي Cimbex quadrimaculata من فصيلة ديدان اللوز وتتغذى يرقاته بأوراق أشجار اللوزيات، ودبور الحنطة المنشاري Cephus pygmaeus من فصيلة الدبابير Cephidae الذي تحفر يرقاته في سوق نباتات القمح مسببة تشكيل سنابل خالية الحبوب، ومنها أيضاً دودة أوراق الكرز Caleroa limacina التي تلعق يرقاتُها أوراقَ الكرز، ودبور ثمار الخوخ المنشاري Hoplocampa flava الذي تحفر يرقاته في ثمار الخوخ والبرقوق مسببة تساقط نحو 90% منها، ودبور الورد Arge rosae الذي تتلف يرقاته أوراق شجيرات الورد بينما تغرس الأنثى بيضها في الساق مسببة جفافه.
وتضم رتيبة الزنابير ذات الخصر عدداً كبيراً جداً من الفصائل التي يصعب حصرها، بعضها مهم في مجال المكافحة البيولوجية، وبعضها مهم في مجال الإنتاج النباتي حيث تتغذى يرقاتها بالأنسجة النباتية.
فالصُفريات Chalcidoidea حشرات متطفلة أو تتطفل على الطفيليات الأخرى، وتفوق في أهميتها الفصائل الأخرى في مجال المكافحة الحيوية. وإلى جانب الحشرات المتطفلة في هذه الفصيلة يوجد عدد لا بأس به من الأنواع التي تتغذى بالنباتات. كما عرف عن الكالسيديات تطفلها على الحشرات التابعة لرتب أخرى عديدة من الحشرات وعلى بعض أنواع القراد والحلم. وهناك أيضاً فصيلة آكلات التين Blastophagidae التي تضم يعسوب التين المسؤول عن تلقيح بعض أصناف التين، ودودة ثمار اللوز الغشائية، ودبور ثمار الفستق الحلبي التي تحفر يرقاتها في الثمار. وهناك أيضاً فصيلة التايكوغراميتيات Taichogramatidae التي تضم متطفلات البيض، وفصيلة النمسيات Ichneumonoidea (نسبة للنمس عند الأقدمين Ichneumon لأنها تتلف أساريع الحشرات كما يتلف النمس المصري بيض الزواحف والتماسيح) التي تضم مجموعة كبيرة من غشائيات الأجنحة المهمة في مجال المكافحة الحيوية، فهي تتطفل على غيرها من الحشرات واللافقاريات الصغيرة. ومن أهم الفصائل أيضاً البراكونيات Braconidae المتخصصة في التطفل على يرقات عدد من رتب الحشرات، وفصيلة الآبرات أو العفصيات Cynipidae التي تتميز أفرادها بتشكيل درنات وأورام على أجزاء النباتات التي تتغذى بها
أما فصيلة السكوليديات Scoliidae فهي طفيليات خارجية، وكذلك فصيلة النمل المخملي Mutillidae ، والزنبوريات Vespidea وتتغذى أفرادها برحيق الأزهار وعصارة النباتات، وتتغذى يرقاتها بالحشرات والعناكب. ويميز في هذه الأخيرة زنابير انفرادية تبني أعشاشها في خلايا في التربة أو الطين أو الرمل أو جذوع الأشجار، وتتطفل على الحشرات والعناكب ومفصليات الأرجل الأخرى، كما تُمَيَّز منها أيضاً زنابير اجتماعية. وهناك أيضاً فصيلة أشباه النمل Formicoidea التي تضم النمليات Formicidea التي تضم أنواع النمل المختلفة والنحليات Apoidea التي تضم جميع أنواع النحل المختلفة التي تخصصت بجمع حبوب اللقاح ورحيق الأزهار، حيث تحمل حبوب اللقاح في قواعد رسغ أرجلها الخلفية. وبعضها يعيش حياة انفرادية كالنحل القاطع للأوراق (Megachilidae) ونحل الخشب (Xylocopidae)، وبعضها الآخر يعيش حياة اجتماعية كالنحل الاجتماعي (نحل العسل Apidae) و(النحل الطنان Bombinae) حيث تتكون الخلية أو الطائفة من خلية واحدة من الطين أو الخشب المصنع.
المراجع
موسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث