علي بن محمد الشابشتي (ت. 390هـ/998م) صاحب خزانة كتب العزيز بن المعز بمصر، والمتولي عرضها. وهو أديب كاتب وشاعر.
 
علي بن محمد، كنيته أبو الحسين، كما يقول ابن خلكان في الوفيات، ويلّقبه بالشابشتي، أما ما قاله ياقوت الحموي: «فإن اسم الرجل محمد بن إسحق، وكنيته أبو عبد الله، ولقبه الشابَسْتي، ويقول إنه منسوب لشابَسَه». وفي معجم البلدان في مادة شابَسة أنها من قرى مرو، بينهما فرسخان. ويقول ياقوت عن هذا الذي سماه محمد بن إسحق، المكنىّ بأبي عبد الله الشابشْتي، إنه صاحب خزانة كتب العزيز بن المعز بمصر، والمتولي عرضها. أما خزانة كتب العزيز هذه التي تولى الشابستي أمرها فقد كانت من أجلّ خزائن الكتب في ذلك العهد، حوت من نفائس الأسفار وأمهات التصانيف ما لم يُحو غيرها في بلاد مصر، ولا مراء في أنّ من يتولى أمر خزانة ملوكية حافلة بهذه التآليف العربية المنقطعة النظير سيتاح له الوقوف على ما في تلك الذخائر مما لا يتهيأ لغيره. فإذا علمنا أن الشابشتي، وهو الأديب الكاتب الشاعر كان إليه أمر تلك الخزانة العظيمة في أيام العزيز أدركنا جانباً من حياته، وهو الجانب العلمي المتصل بالكتب، وكان الشابشتي فضلاً عن علمه من أهل الفضل والأدب، ومن أقطاب الفكر الذين قدّمهم إليه العزيز، مثل الكاتب والمؤرخ الكبير محمد بن قاسم بن عاصم، شاعر الحاكم وجليسه، والشابشتي، وابن يونس العلاّمة الرياضي والفلكي الشهير. 
 
وإشراف الشابشتي على خزانة الكتب التي كانت آنذاك من دور الكتب الفريدة في الإسلام، والتي اجتمع فيها من أمهات الكتب ومصادر المعرفة الجم الغفير، جعل الشابشتي يملأ فراغه في التأليف، فألف عدة كتب منها:
 
كتاب «اليسر بعد العَسْر»، وهو وإن ضاع من جملة ما ضاع من كتب التراث إلا أنه يؤخذ من عنوانه أنه مؤلف تناول فيه ما يشبه موضوع كتاب «الفرج بعد الشدّة» للقاضي التنوخي المتوفى سنة 384هـ.
 
وذُكر له كتاب بعنوان «مراتب الفقهاء»، وكتاب «التوقيف والتخويف»، وكتاب مراسلات بينه وبين بعض أدباء عصره، وديوان شعره، وكتاب «الزهد والمواعظ»، وأهم كتبه التي ووصلت إلينا كتابه «الديارات»، والملاحظ أن حركة التأليف في الديارات قد نشطت في القرن الرابع الهجري.
 
وكتاب «الديارات» للشابشتي كتاب بلدان وتاريخ وتراجم وأدب وحضارة حقاً، توسع فيه المؤلف، فكتب عما يزيد على خمسين ديراً، زال أكثرها من عالم الوجود، وكان معظمها في العراق، وبعضها في الشام ومصر والجزيرة، فالكتاب طرفة أدبية فاخرة، فيه من روعة الأسلوب، وحلاوة النكتة، ولطف النادرة، ما تنشرح به النفس، ويرتاح له الخاطر، وهو مصدر من مصادر الشعر العربي، حوى بين دفّتيه قصائد ومقطعات وأبياتاً، لو أُفردت لقام منها ديوان لا يقل في جملته عن ألف وخمسمئة بيت لشعراء يبلغون نيفاً وسبعين شاعراً، ضاعت دواوين أكثرهم.
 
بقي أن يقال أن الديارات، جمع دير، والدير: هو بيت يتعبد فيه الرهبان، ولا يكون في الأمصار الكبرى، وإنما يكون في الصحارى ورؤوس الجبال، وذكر ياقوت في معجم البلدان تحت اسم «الدير» أسماء كثير من الأديرة مضافةً إلى أسماء أماكن بعينها، نقل الكثير منها عن الشابشتي.

المراجع

الموسوعة المعرفية

التصانيف

الأبحاث