الفجوة الخلوية vacuole هي حيز داخلي من السيتوبلاسما الحية يختلف حجمه بحسب عمر الخلية، يحاط بغشاء يسمى الغشاء المقوي tonoplaste.
توجد الفجوة في الخلايا الحيوانية والخلايا النباتية، إلا أنها تتطور تطوراً هائلاً في الخلايا النباتية لدرجة تشغل معها تقريباً حجم الخلية كاملاً. وغالباً ما يُطلق على مجموع الفجوات اسم المجموع الفجوي Vacuome. ويمكن أن تتلون الفجوات انتقائياً بالملونات الحيوية مثل الأحمر المعتدل، وأزرق الكريزيل. ويمكن تمييز الفجوات في سيتوبلاسما الخلايا حتى عندما تكون هذه الفجوات فتية وصغيرة جداً.
تكون الفجوات في الخلايا المنشئة (القسومة) cellules méristématiques، التي توجد قرب نهاية الجذور، عديدة وصغيرة جداً، وقليلة التطور، وغنية بالمواد العضوية أو المعدنية، إلا أنها فقيرة جداً بالماء. وعندما تكبر الخلايا فإنها تجمع الماء لتصل نسبته فيها إلى نحو 95%، يتوضع الجزء الأكبر منه في الفجوات. ويزداد حجم الفجوات في الخلايا الناضجة، ويتحد بعضها مع بعض لتشكل جيباً ضخماً يدفع بالنواة والسيتوبلاسما باتجاه الجدران الخلوية، وتتراجع السيتوبلاسما لتصبح على شكل قشرة رقيقة تبطن جدران الخلايا. وفي بعض الحالات تُقسَم الفجوةُ في الخلايا المتوسطة العمر بحواجز سيتوبلاسمية تصل بين الجدران الخلوية المتقابلة. وعندما تصبح الخلايا قسومة méristématiques يفقد جهازها الفجوي الماء، وتنفصل الفجوات بعضها عن بعض، ويتوقف تطورها فتأخذ بذلك مظهراً فتياً.
العصارة الفجوية
تحوي الفجوات سائلاً يسمى العصارة الفجوية، يختلف تركيبه عن البلاسما الخلوية. تتكون هذه العصارة من مواد متنوعة توجد بشكل محلول مائي، قد ينتمي بعضها إلى مكونات ذات منشأ خارجي تعبر الغشاء السيتوبلاسمي والسيتوبلاسما ومن ثم غشاء الفجوة، وينتمي الجزء الآخر إلى مكونات ذات منشأ داخلي تركبه السيتوبلاسما، ثم تتراكم في الفجوة بشكل مركبات مختزنة أو فضلات.
تختزن الفجوات مركبات عضوية مهمة، كالبروتينات في الحبوب، التي تميل خلاياها إلى التخلص من مائها (ليبقى 5-10% منه)، مما يؤدي إلى تكثّف المواد البروتينية، فتتجزأ الفجوة الأولية الكبيرة، وتتشكّل حبات الألورون grains d’aleurone التي تحتوي في القرنيات Légumineuses، والنجيليَّات Graminacées على مادة بروتينية أساسية متجانسة غنية بالكبريت وحمض الفوسفور، تترافق أحياناً مع متضمنات كروية globoïdes غير بروتينية تتكون من الفيتين phytine، أو متضمنات ذات أشكال مضلعة (شبه بلورية) من طبيعة بروتينية (نبات القرع والخروع والنخيل)، أو بلورات الحُمّاضات كما في الخيميات Ombellifères. وتستعيد الخلايا، عند الإنتاش، الماء فتنحل المتضمنات الكروية والمتضمنات شبه البلورية، وتتكون فجوات صغيرة يتحد بعضها مع بعض لتظهر من جديد الفجوة النباتية الكبيرة التي تميز الخلايا النباتية. كما كُشف في الفجوات تنوع في المكونات العطرية بحسب الأنواع.
وتتوضع في الفجوات أملاح معدنية متنوعة مثل أملاح النترات، وخاصة نترات البوتاسيوم، وأملاح الكلور (عند النباتات المحبة للأملاح halophytes والطحالب البحرية Algues marines)، وأملاح اليود (نبات الفوقس Fucus واللاميناريا Laminaires)، وأملاح البروم، والفسفات، والكبريتات.
كما تختزن الفجوات حموضاً عدة تكون غالباً على شكل أملاح، مثل حمض الليمونacide citrique والطرطير tartrique، والتفاح malique والفومار fumarique والكهرباء succinique والحماض oxalique التي تشكّل، مع فائض الكلسيوم، بلورات مختلفة الأشكال، منها ما يكون موشورياً مائلاً أو حزماً من البلورات الإبرية (نظام معيني) أو موشورياً مستقيماً مربع الشكل، أو ثماني الوجوه، أو بشكل صفائح غالباً ما يصطف بعضها جانب بعضها الآخر. وقد تنتج هذه الأشكال المختلفة، التي يمكن الكشف عنها باستخدام المجهر الضوئي، من تغيّرات في قيمة pH الخلية.
وتحتوي العصارة الفجوية على سكريات مثل الغلوكوز والفركتوز في فجوات خلايا الفواكه الحلوة، والسكروز في فجوات خلايا الشمندر وقصب السكر، والمالتوز في فجوات خلايا الحبوب في طور الإنتاش. ويوجد داخل الفجوة سكر الإينولين inuline الذي يظهر بشكل مادة غروانية، تكثر في الفصيلة المركبة والجُريسيات Campanulacées.
الفجوات الحيوانية
تحوي معظم الخلايا الحيوانية فجوة واحدة أو أكثر، يشكل بعضها فجوات غذائية. فالمتحول الحر والعديد من الحيوانات الأوالي Protozoaires الأخرى تتغذى بابتلاعها متعضيات صغيرة الحجم، أو جزيئات غذائية أخرى بعملية تسمى البلعمة. وتعد هذه الفجوات الغذائية فجوات مؤقتة في الخلايا
وتحتوي العديد من الخلايا على فجوات دائمة تقوم بتنظيم محتوى الخلايا من الماء، والدعم الخلوي، وتخزين storage المواد الغذائية أو الفضلات.
يوجد في الحيوانات الأوالي فجوات نابضة معقدة تتألف من تجمع قنيات دقيقة وخزان مركزي وأنبوب ينفتح على سطح الغشاء السيتوبلاسمي بمسام. تعد هذه الكائنات مرتفعة التركيز بالنسبة إلى الوسط الخارجي، لذلك يدخل الماء باستمرار إلى داخل الخلية بعملية الحلول (التناضح) osmose. ويؤدي ازدياد حجم الماء داخل الخلية إلى انفجار هذا الكائن الحي لولا آلية التخلص من الماء الزائد التي تتمثل بضخ الأملاح إلى داخل الأقنية الجامعة، مما يؤدي إلى دخول الماء بعملية الحلول، ثم يفرغ الماء في الخزان المركزي. وعندما يمتلئ هذا الخزان، يتقلص فيدفع بالماء خارجاً عبر مسام الغشاء البلاسمي. وبطرح هذه الفجوات الماء الزائد تقوم بدور مفرغ ومنظم للضغط الحلولي
الفجوات النباتية
تحتوي النباتات الناضجة على فجوة مركزية ضخمة تشغل نحو ثلاثة أرباع حجم الخلية، يحيطها غشاء هو جزء من الجهاز الغشائي الداخلي في الخلية.
تتكون الفجوة النباتية من اتحاد عدد كبير من فجوات صغيرة الحجم، تشتق من الشبكة البلاسمية الداخلية ومن جهاز غولجي Golgi. وتقوم هذه الفجوة المركزية بوظائف متعددة؛ فهي تمنح الأزهار ألوانها المختلفة التي تجذب الحشرات الحاملة لحبات الطلع، لاحتواء بعضها على أصبغة الأنتوسيانين anthocyaniques أو الفافونين favoniques، التي تلّون الأجزاء المختلفة من النبات (بتلات الأزهار، وأوراق الملفوف الحمراء، والفواكه) بلون بنفسجي محمر أو بنفسجي مصفر. ويمكن أن تقوم الفجوات بحماية النبات من الكائنات الضارة، باحتوائها على مواد سامة أو غير مستساغة من قبل هذه الكائنات، إضافة إلى دورها في اختزان بعض المركّبات العضوية المفيدة المذكورة أعلاه، إذ يستعمل العديد من الخلايا النباتية فجواتها مكاناً لتوضّع الفضلات الناتجة من عمليات الاستقلاب، والتي لا تستطيع الخلايا غالباً طرحها، فتشكل لو تراكمت داخلها خطورة على الخلية بسبب سميتها، ومن هذه المركبات العفص tanin، والقلوانيات alcaloïdes، والسكاكر المتغايرة hétérosides.
ويوجد لدى الطحالب الزرق Cyanophycées وبعض الفطور والبكتريا العديد من الفجوات الصغيرة غير المرئية في الخلايا الحية، يمكن ملاحظتها فقط في الخلايا الملونة. وتكون الفجوات هنا غنية بالرنا RNA المرتبط بالفسفات على شكل كروماتين مغاير metachromatine.
وتقوم الفجوة بدور مهم في نمو الخلايا النباتية، إذ تستطيل الخلية نتيجة امتصاص فجواتها الماء، فتصبح الخلايا أكبر حجماً. فالفجوات تمثل مخزوناً مهما للماء؛ إذ أنها تختزن نحو 95% من ماء النبات.
كما تسمح الفجوة في الخلية النباتية بالحفاظ على توازن الضغط الحلولي مع الوسط خارج الخلية بظاهرة الحلول. فالخلايا النباتية، وبدائيات النوى، والفطريات (وبعض الحيوانات الأوالي التي يحيط جسمها جدار خلوي) تنتبج في وسط منخفض التركيز (ماء المطر) نتيجة دخول الماء بعملية النضح. فالعصارة الفجوية ذات تركيز مرتفع، تتطلب دخول الماء إلى الفجوة فتنتبج، وتدفع بالسيتوبلاسما باتجاه الجدار الخلوي فيتمدد الجدار الخلوي ويمارس ضغطاً راجعاً على الخلية، فتقاوم هذه الخلية حلول الماء من الوسط المحيط بظاهرة تسمى الانتباج turgescence. وتعد هذه الحالة في معظم الخلايا النباتية، وخاصة النباتات المنزلية، حالة صحية. وعلى العكس فإن انخفاض تركيز العصارة الفجوية مقارنة بالوسط الخارجي يؤدي إلى فقدان الماء، فتنكمش الخلية وتجذب معها السيتوبلاسما فتنفصل عن الجدار الخلوي ولا يبقى غالباً سوى بعض نقاط الاتصال وتسمى هذه الظاهرة بالبلزمة plasmolyse، حيث يعبر الماء عبر غشاء الفجوة، والسيتوبلاسما والغشاء السيتوبلاسمي وهي حالة مميتة للخلية. ويتوقف نضح الماء من الوسط الخارجي إلى داخل الخلايا النباتية عند تساوي التركيز بينهما فتذبل هذه الخلايا. كما تستطيع المواد المنحلة ذات الكتلة الجزيئية النسبية الصغيرة أن تعبر الأغشية نفسها فتدخل إلى داخل الخلية أو تخرج منها بظاهرة تسمى الديْلزة (التحال) dialyse.
يتميز الغشاء الفجوي في النبات بنفاذية انتقائية جزئية فهو يقاوم مرور بعض المواد. تستطيع الفجوة أن تراكم بعض الشوارد حيث يحتفظ الطحلب Nitella clavana بنسب مرتفعة من شوارد الكلور والصوديوم والبوتاسيوم والمنغنيز والفسفات، وقد يصل تركيز هذه الشوارد حتى 900 مرة أعلى من تركيزها في الماء الذي تعيش فيه. لقد وجدت ظواهر مماثلة في النباتات الراقية الهوائية. إن الضغط الحلولي الطبيعي (التوازن مع محلول متساوي التركيز) في العصارة الفجوية يختلف من نوع إلى آخر، فهو يراوح بين 3 و10 ضغط جوي. وفي الحالات السوية يكون الضغط دائماً أعلى بقليل من الوسط المحيط، مما يؤدي إلى دخول الماء إلى الخلية ويحافظ عليها بحالة منتبجة قليلا. وتحافظ الخلية على هذه الحالة بأخذها الأملاح المعدنية من الوسط الخارجي، ويتطلب ذلك استهلاكاً للطاقة
المراجع
موسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث