أسبَلنَ من فَوقِ النّهودِ ذَوائِبا، |
فجَعَلَنَ حَبّاتِ القُلوبِ ذَوائِبَا |
وجَلَونَ من صُبحِ الوُجوهِ أشِعْة ً، |
غادرنَ فودَ الليلِ منها شائبَا |
بِيضٌ دَعاهنّ الغبيُّ كَواعِبا، |
ولو استبانَ الرشدَ قالَ كواكبَا |
وربائِبٌ، فإذا رأيتَ نِفارَها |
مِن بَسطِ أُنسك خِلتهنْ رَبارِبَا |
سَفَهاً رأينَ المانَويّة َ عِندَما |
أسلبنَ من ظلمِ الشعورِ غياهبَا |
وسَفَرنَ لي فَرأينَ شَخصاً حاضراً، |
شُدِهتْ بَصِيرَتُه، وقَلباً غائِبَا |
أشرقنَ في حللٍ كأنّ وميضَها |
شفقٌ تدرَّعُهُ الشموسُ جلاببَا |
وغربنَ في كللٍ، فقلتُ لصاحبي: |
بأبي الشموسَ الجانحاتِ غواربَا |
ومُعَربِدِ اللّحَظاتِ يَثني عِطفَهُ، |
فُخالُ مِن مَرَحِ الشّبيبَة ِ شارِبَا |
حلوِ التعتبِ والدلالِ يروعُهُ |
عَتبي، ولَستُ أراهُ إلاّ عاتِبَا |
عاتَبتُهُ، فتَضرّجَتْ وجَناتُهُ، |
وازوَرّ ألحاظاً وقَطّبَ حاجِبَا |
فأذابَني الخَدُّ الكَليمُ وطَرفُه |
ذو النّون، إذْ ذهبَ الغَداة َ مُغاضِبَا |
ذو منظرٍ تغدو القلوبُ لحسنِهِ |
نهباً، وإنْ منحَ العيون مواهِبَا |
لابدعَ إن وهبَ النواظرَ حظوة ً |
نِعَماً، وتَدعوهُ القَساوِرُ سالِبَا |
فمَواهبُ السّلطانِ قد كَستِ الوَرَى
|
ملكٌ يَرى تعبَ المكارمِ راحة ً، |
ويعدُّ راحاتٍ القراعِ متاعبَا |
بمكارم تذرُ السباسبَ أبحراً؛ |
وعَزائِمٍ تَذَرُ البحارَ سَباسِبَا |
لم تخلُ أرضٌ من ثناهُ، وإن خلت. |
من ذكره ملئتْ قناً وقواضبَا |
ترجى مواهبهُ ويرهبُ بطشُه، |
مثلَ الزّمانِ مُسالِماً ومُحارِبَا |
فإذا سَطا ملأ القُلوبَ مَهابَة ً؛ |
وإذا سخا ملأ العيونَ مواهبَا |
كالغيثِ يبعثُ من عطاهُ وابلاً |
سبطاً، ويرسلُ من سطاه حاصبَا |
كاللّيثِ يَحمي غابَهُ بزَئيرِهِ، |
طَوراً، ويُنشِبُ في القَنيصِ مَخالبَا |
كالسيفِ يبدي للنواظرِ منظراً |
طَلقاً، ويُمضي في الهِياجِ مَضارِبَا |
كالبَحرِ يُهدي للنّفوسِ نَفائِساً |
منهُ، ويُبدي للعيونِ عَجائِبَا |
فإذا نظرتَ ندى يديهِ ورأيهُ |
لمْ تُلفِ إلاّ صائِباً أو صائِبَا |
أبقى قلاونُ الفخارَ لولدهِ |
إرثاً، وفازوا بالثّناءِ مَكاسِبَا |
قومٌ، إذا سئموا الصوافنَ صيّروا |
للمجدِ أخطارَ الأمورِ مراكبَا |
عَشِقوا الحُروبَ تَيَمّناً بِلقَى العِدى ، |
فكأنهمْ حسبُوا العداة َ حبائبَا |
وكأنّما ظَنّوا السّيوفَ سَوالِفاً، |
واللُّدنَ قَدّاً، وللقِسيَّ حَواجِبَا |
يا أيها الملكُ العزيزُ، ومن لهُ |
شَرفٌ يَجُر على النّجومِ ذَوائِبَا |
أصلحتَ بينَ المسلمينَ بهمة ٍ |
تذرُ الأجانبَ بالودادِ أقاربَا |
ووهبتهم زمنَ الأمانِ، فمن رأى |
ملكاً يكونُ لهُ الزمانُ مواهبَا |
فرأوا خِطاباً كانَ خَطباً فادِحاً |
لهمُ، وكتباً كنّ قبلُ كتائبَا |
وحَرَستَ مُلكَكَ من رَجيمٍ مارِدٍ |
بعزامٍ إنْ صلتَ كنّ قواضبَا |
حتى إذا خَطِفَ المكافحُ خَطفَة ً، |
أتبعتهُ منها شهاباً ثاقبَا |
لا يَنفَعُ التّجريبُ خَصمَكَ بعدَما |
أفنيتَ من أفنى الزمانَ تجاربَا |
صرمتَ شملَ المارقين بصارمٍ، |
تبديهِ مسلوباً فيرجعُ سالبَا |
صافي الفرندِ حكى صباحاً جامداً، |
أبدى النجيعَ به شعاعاً ذائبَا |
وكتيبَة ٍ تَذَرُ الصّهيلَ رَواعَداً، |
والبيضَ برقاً، والعجاجَ سحائبَا |
حتى إذا ريحُ الجِلادِ حَدَتْ لها |
مَطَرَتْ فكانَ الوَبلُ نَبلاً صائِبَا |
بذَوائِبٍ مُلدٍ يُخَلنَ أراقِماً، |
وشَوائِلٍ جُردٍ يُخَلنَ عَقارِبَا |
تطأُ الصّدورَ مِنَ الصّدورِ كأنّما |
تعتاضُ من وطءِ الترابِ ترائبَا |
فأقَمتَ تَقسِمُ للوُحوشِ وظائِفاً |
فيها، وتصنعُ للنسورِ مآدبَا |
وجَعلتَ هاماتِ الكُماة ِ مَنابراً، |
وأقمتَ حدّ السيفِ فيها خاطبَا |
يا راكِبَ الخَطَرِ الجَليلِ وقَولُهُ |
فخراً بمجدكَ، لا السيفِ فيها خاطبَا |
صَيّرتَ أسحارَ السّماحِ بواكِراً، |
وجعلتَ أيامَ الكفاحِ غياهبَا |
وبذَلتَ للمُدّاحِ صَفوَ خَلائِقٍ، |
لو أنّها للبحرِ طابَ مشاربَا |
فرأوْكَ في جَنبِ النُّضارِ مُفَرِّطاً، |
وعلى صلاتكَ والصلاة ِ مواظبَا |
إنْ يَحرُسِ النّاسُ النُّضارَ بحاجِبٍ |
كانَ السماحُ لعينِ مالكَ حاجبَا |
لم يَملأوا فيكَ البُيوتَ غَرائِباً، |
إلاّ وقد مَلأوا البيوتَ رَغائِبَا |
أولَيتَني، قبلَ المَديحِ، عِناية ً، |
وملأتَ عَيني هَيبَة ً ومَواهِبَا |
ورفعتَ قدري في الأنامِ، وقد رأوا |
مثلي لمثلكَ خاطباً ومخاطبَا |
في مجلسٍ ساوَى الخلائقَ في النّدى |
وترتبتْ فيهِ الملوكُ مراتبَا |
وافَيتُهُ في الفُلكِ أسعَى جالِساً، |
فخراً على من جاءَ يمشي راكباً |
فأقَمتُ أُنفِذُ في الزّمانِ أوامِراً |
منّي، وأُنشبُ في الخطوبِ مَخالِبَا |
وسقتنيَ الدنيا غداة َ أتيتهُ |
رَيّاً، وما مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَا |
فطفقتُ املأُ من ثناكَ ونشرهِ |
حِقَباً، وأملأ من نَداكَ حَقائِبَا |
أثني فتثنيني صفاتُك مظهراً |
عِيّاً، وكم أعيَتْ صِفاتُك خاطِبَا |
لو أنّ أغصاناً جَميعاً ألسُنٌ |
تُثني علَيكَ لمَا قَضَينَ الواجِبَا |