غلصميات الأرجل Branchiopoda صفيف من صف القشريات Crustacea، تضم أكثر من 800 نوع، يعيش معظمها في المياه العذبة، وتقاس أبعادها بالميليمترات والسنتمترات، لكن أكبرها النوع Branchinecta gigas، الذي يعيش في المياه الأمريكية، يصل طوله إلى نحو عشرة سنتمترات.
 
يصعب توصيف هذا الصفيف بدقة لاختلاف أشكال أفرادها كثيراً، التي تصنف في ثلاث رتب، هي: عديمات الدرقة Anostraca وظهريات الدرقة notostraca ومضاعفات الدرقة Diplostraca (الشكل 1)، التي يختلف بعضها عن بعض بألا يحاط جسم الأولى، كما يدل على ذلك اسمها، بصفيحة تسمى الدرقة، التي تكون في الرتبة الثانية بشكل صفيحة عريضة كالدرع تغطي الناحية الظهرية من الحيوان. أما في مضاعفات الدرقة فتنثني هذه الأخيرة لتغطي جانبي الحيوان كما في محار الرخويات ذات المصراعين.
 
 
 
 لاحقة جذعية في غلصمي الأرجل Clirocephalus
 
 
 
 مقطع أفقي في لواحق متتالية عند عديم الدرقة Branchinecta
 
ومع هذه الاختلافات فإن أفرادها تمتاز بصفة، ربما كانت الوحيدة المشتركة بينها، هي أن لواحقها الجذعية، التي لايقل عددها عن أربعة أشفاع متشابهة رقيقة ورقية الشكل، ذات فصيصات مسطحة تزيد من سطحها، وتحمل على طول حافتها المحيطية عدداً من الأشعار الكثيفة، يتم التبادل الغازي مع الماء عبر جدار هذه الفصيصات، لذا تعد بمنزلة الغلاصم لدى الحيوان، ومن هنا أتت تسمية المجموعة بغلصميات الأرجل (الشكل 2)، وهي في الوقت نفسه تسهم في تغذّي الحيوان بطريقة الترشيح filter feeding.
 
يتألف جسمها، كما في القشريات الأخرى، من قطع يختلف عددها من مجموعة لأخرى. أما عدد اللواحق فالاختلاف أكثر، لأن بعض قطع الجسم يحمل لواحق وبعضها الآخر من دون لواحق، حتى إن بعض القطع يحمل أكثر من شفع منها.
 
رتبة عديمات الدرقة
 
تضم أفراداً من دون درقة، وجذعها متطاول، وهي الرتبة الوحيدة من غلصميات الأرجل ذات عيون مركبة محمولة على سويقة، بينما تكون عيون الرتبتين الأخريين لاطئة من دون سويقة، بينهما عين بسيطة لاطئة. ولمعظم الأشكال أحد عشر شفعاً من اللواحق المسطحة (قد يصل عددها عند بعض الأنواع إلى 19 شفعاً) يستعملها الحيوان للسباحة والتنفس والتغذّي، يساعدها على ذلك انثناء الطرف الوحشي من كل لاحقة بزاوية قائمة تقريباً نسبة لجسمها باتجاه الخلف (الشكل 3)، مما يساعد على توجيه التيار المائي للتنفس والتغذي. كما أن معظم الأفراد تسبح ولواحقها إلى الأعلى، منقلبة على ظهرها.
 
توضع البيوض في جيب للحضن خلف الشفع الأخير من اللواحق. تحمل الأنثى هذه البيوض يوماً أو اثنين، لتطرحها بعد ذلك محاطة بغلاف يقاوم الظروف السيئة. وقد جففت بيوض Artemia salina وعُرِّضَت إلى الفراغ ودرجة حرارة 103 ْس مدة ساعة كاملة، ثم بُرِّدَت لدرجة حرارة الهواء السائل بضع ساعات. ومع ذلك أنتشت هذه البيوض لدى غمرها بالماء المالح. لذلك تستعمل البيوض المجففة لهذا النوع من القشريات غذاء للحيوانات المائية التي تُجْرى عليها التجارب في المخابر. علماً أن الجنس Artemia (الشكل 5) يعيش في البحيرات والمستنقعات الشديدة الملوحة، وتُنتِج إناثه نوعاً آخر من البيوض من دون غلاف مقاوم، تحمله الأنثى في جيب حضنها حتى تنتش لتعطي اليرقة التي تُميِّز القشريات وهي يرقة النوبليوس nauplius.
 
 
 
 
 
يعيش معظم أفراد هذه الرتبة في المياه الساكنة العذبة أو المالحة، وكثير من الأنواع تظهر في البرك المؤقتة التي تتكون بعد ذوبان الثلوج أو هطل الأمطار الغزيرة.
 
ظهريات الدرقة
 
تحمل أفراد هذه الرتبة درقة ظهرية تشبه الدرع، وعدداً كبيراً من اللواحق، حتى إن بعض قطع الجسم يحمل شفعين أو ثلاثة أشفاع منها، ويصل عدد اللواحق التي تحملها أفراد هذه الرتبة إلى أكثر من سبعين شفعاً. العين لاطئة لكنها تقترب من نظيرتها لتحتلا منتصف السطح الظهري من الرأس.
 
تحمل اللواحق الحادية عشرة جيوباً توضع فيها البيوض، التي تكون أيضاً مقاومة للبرودة والجفاف، مما يساعد على توزع البيوض وانتشارها بفعل الرياح، الأمر الذي يوضح وجود مجموعات من هذه الحيوانات منعزلة في بعض جزر المحيطات.
 
يوجد الجنسان Triops (الشكل 4) وLepidurus في البرك المؤقتة في المناطق المعتدلة. ويعيش النوع L. granarius خصوصاً؛ في المناطق الصحراوية التي يهطل المطر فيها مرة أو اثنتين في العام، لتتكون برك تدوم أسبوعاً أو اثنين، تظهر فيها أفراد هذا النوع من القشريات بغزارة.
 
مضاعفات الدرقة
 
الدرقة في أفراد هذه الرتبة تنثني وتغطي الجسم من الجانبين وكأنها ذات درقتين. تغطي هاتان الدرقتان لواحق الجسم، مما يعوق حركة الحيوان وسباحته، لذلك تتم هذه الحركة بوساطة قرون استشعارها التي تكون عادة طويلة ومجهزة بأشعار غزيرة.عيونها مركبة لاطئة. يميز في مضاعفات الدرقة رتيبتان: قوقعيات الدرقة Conchostraca ومتفرعات القرون Cladocera. تختلف الأولى عن الثانية بالعدد الكبير للواحقها الذي يصل إلى 32 لاحقة.
 
 
 
 Estheria كما يرى محاطاً بقوقعته (في الأعلى)، وكما يرى وقد جُرد من قوقعته اليسرى (في الأسفل)
 
يعيش معظم أفراد قوقعيات الدرقة في البرك المؤقتة وبعضها في البرك الدائمة في إفريقيا، ولا يتجاوز أكبرها 1.7سم. يوجد منها نحو 200 نوع موزعة في جميع أنحاء العالم، والجنس الأوربي منها Estheria obliqua (الشكل 5).
 
أما متفرعات القرون فمعظم أفرادها بحجم البرغوث، لذلك تسمى براغيث الماء. أشهر أجناسها برغوث الماء Daphnia الذي يعيش في المياه العذبة. لا تغطي الدرقة الرأس، الذي يبقى حراً طليقاً (الشكل 4)، وبهذه الخاصة يميز بين قوقعيات الدرقة ومتفرغات القرون.
 
يعيش برغوث الماء (الدافنيا) في برك المياه العذبة، ويراوح طوله بين 1 و2مم، وتمتد درقته في النهاية الخلفية بشوكة ظهرية، وتكون هذه الدرقة شفافة، لذا يمكن رؤية الأجهزة الداخلية للحيوان بالشفوف. جسمه مضغوط من الجانبين.
 
مايلفت النظر تكاثر هذه الحيوانات، إذ يميز بين نوعين من البيوض: بيوض الصيف وتكون قليلة المح نسبياً وتتطور تطوراً بكرياً، وبيوض الشتاء الغنية بالمح وتحتاج إلى تلقيح لكي تتابع تحولها الجنيني، لذا يتضمن تكاثر هذه الحيوانات تطوراً بكرياً وآخر عادياً جنسياً. وقد لوحظ أن لظروف الوسط السائدة تأثيراً في ذلك، فانخفاض درجة حرارة الماء أو نقص المواد الغذائية - الذي يمكن أن يحدث أيضاً بسبب زيادة عدد أفراد الجماعة - يؤدي إلى ظهور الذكور، وإلا تكون الإناث هي الوحيدة الموجودة في البركة، لذا يقتصر وجود الذكور في الطبيعة على فترة معينة من السنة. فعندما تبدأ درجة الحرارة بالانخفاض في فصل الخريف يلاحظ توافر الذكور، فيتم الاقتران، وتُحضَن البيوض الملقحة في جيب في الناحية الخلفية من الوجه الظهري للدرقة التي تتحول إلى محفظة واقية تضم البيوض بين ثناياها يطرحها الحيوان، لدى انسلاخه، مع البيوض الموجودة فيها. تسقط هذه المحفظة بما تحويها في قاع البركة، وتجتاز فترة الشتاء دون أن تتأثر البيوض بالتجمد أو الجفاف. فإذا ما تحسنت الظروف بقدوم الربيع تفقس البيوض لتعطي إناثاً فقط، تبيض دونما إلقاح طالما بقيت الظروف مناسبة. تتطور هذه البيوض (بيوض الصيف) بكرياً لتعطي إناثاً ما دامت الظروف مناسبة. إلا أنه تظهر في شهر أيار/مايو بعض الذكور بسبب قلة الغذاء الذي ينتج من غزارة الجماعة، لذا يتم في هذه الفترة تكاثر جنسي إلى جانب التطور البكري الذي يستمر حتى يقترب فصل الخريف والشتاء. عندها تظهر الذكور ثانية بسبب انخفاض درجة الحرارة وقلة الغذاء، فيحدث تكاثر جنسي، تكون نتيجته تكون بيوض الشتاء، وتبدأ حلقة جديدة كما ذكر سابقاً.
 
 
 التغير الشكلي عند برغوث الماء بسبب تغير الظروف البيئية
 
والجدير بالذكر أن تغير ظروف البيئة لاتؤثر في تكاثر هذه الحيوانات فقط، بل في شكلها أيضاً
 

المراجع

موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث