المحلول solution مزيج مادتين (أو أكثر) لا تتفاعل إحداهما مع الأخرى، بكميات نسبية يمكن أن تتغير ضمن حدود معينة. وقد يكون المحلول متجانساً أو غير متجانس؛ وذلك حسب قياس جسيمات المواد المختلفة. ففي المحلول المتجانس يراوح قياس الجزيء بين نانومتر واحد و5 نانومتر، ولايمكن فصل مكونات المزيج بعضها عن بعض بالطرق الآلية، ويكون تركيب المزيج متجانساً. ويدعى مثل هذا المحلول محلولاً حقيقياً، مثال ذلك محلول السكر أو محلول الملح في الماء. أما في المزائج غير المتجانسة؛ فيكون قياس الجسيمات أكبر من 200 نانومتر. ويمكن فصل مكوِّنات المزيج بعضها عن بعض بطرق آلية بسيطة، مثال ذلك مزيج السكر والملح.
 
تبدو أنماط من المزائج متجانسة للعين المجردة، ولكن بفحصها بالمجهر الخارق ultramicroscope يتبيَّن بوضوح عدم تجانسها. ومثل هذه المزائج تدعى المحاليل الغروية[ر: الغرويات]، مثالها الحليب. وفي المحاليل الغروية يراوح قياس الجسيمات بين 5-200 نانومتر.
 
وقد يكون المحلول غازاً أو سائلاً أو صلباً، وتكون نسب المواد بعضها إلى بعض غير محدَّدة بخلاف المركّبات التي تكون فيها نسب المواد إلى بعضها محدَّدة تماماً[ر: الاتحادات الكيمياوية (قوانين ـ)] ولهذا لايمكن أن يعد أي مركب نقي محلولاً.
 
يطلق على مكوَّنات المحلول عادة اسم المنحَل (أو الماده المذابَة) solute، والمُحِلّ (أو المادة المذيبة) solvent. ففي المحاليل التي يكون فيها المنحَل غازاً أو صلباً في سائل، يكون المنحل هو الغاز أو الصلب والمحِل هو السائل. وإذا كان المكوِّنان سائلين يدعى السائل الذي نسبته في المزيج أكبر محِلاً، والآخر هو المنحل. أما إذا كانت نسبتاهما في المزيج متساويتين؛ فتكون التسمية عندئذ اختيارية.
 
 
واحدات التركيز 
 
هناك عدة طرق للتعبير عن تركيز محلول:
 
أ - التركيز الجزيئي الحجمي molarity، وهو عدد المولات moles الموجودة في لتر واحد من المحلول. وبذلك يمكن بسهولة قياس حجوم من المحلول، ويمكن منها معرفة عدد مولات المذاب المستعملة. أما إذا كان المطلوب تحديد عدد جزيئات المنحَل (المذاب) أو أيوناته في الجزيء الواحد من المنحل - هذه المعلومة اللازمة لتعريف الخواص الحشدية (المترابطة) colligative properties للمحلول - فهناك عدة واحدات لقياس التركيز: المولالية (التركيز الوزني الجزيئي) molality، والكسر الجزيئي mole fraction، والنسبة المئوية الوزنية weight percent. الخاصة الحشدية هي الصفة (أو الخاصة) الفيزيائية التي تعتمد على تركيز أو عدد جسيمات المادة بغض النظر عن طبيعة الجسيمات.
 
مولالية محلول هي عدد مولات المادة المذابة في كيلو غرام واحد من المحل. وتختلف المولاليه عن المولارية اختلافاً تاماً (علماً أن الفرق بينهما ضئيل جداً يمكن إهماله عندما يكون المحلول شديد التمديد، كأن يكون تركيزه الجزيئي الحجمي M أصغر من 0.01).
 
أما الكسر الجزيئي للمكوِّن A في المحلول (XA) فهو عدد مولات المذاب مقسوماً على مجموع عدد مولات المحِل والمنحَل. فالكسر الجزيئي XA لمكوِّن A في محلول يحوي A وB وC يساوي:
 
 
 
فعلى سبيل المثال، في محلول يحوي مولاً واحداً (أي 46 غراماً) من الكحول الإيتيلي C2H5OH في 9 مولات ماء (162 غراماً)، فالكسر الجزيئي للكحول يساوي 1 مقسوماً على 10 (عدد المولات الكلي) أي 0.1. والكسر الجزيئي للماء يساوي 9 مقسومة على 10 (عدد المولات الكلي) أي 0.9.
 
أما التعبير عن التركيز بالنسبة المئوية الوزنية؛ الذي يعني في الواقع النسبة المئوية الكتلية، فهو يعني ببساطة كتلة المنحل في 100 غرام محلولاً. وتسمية «النسبة المئوية الوزنية» هي الدارج استعمالها بحكم العادة.
 
فمحلول الكحول في الماء الذي فيه 46 غراماً كحولاً في 162غراماً ماء، كتلته تساوي 208 غرامات؛ فالنسبة المئويه الوزنية للكحول تساوي 100× 46/208 = 22% كحول وزناً.
 
محلول سائل في سائل
 
يمكن تقسيم محاليل السوائل في السوائل تبعاً لقابلية هذه السوائل للامتزاج بعضها ببعض إلى ثلاث فئات:
 
1- سوائل تامة الامتزاج miscible، ينحل بعضها ببعض بجميع النسب، مثل الماء والكحول.
 
2- سوائل غير تامة الامتزاج، مثل الإيتر والماء.
 
3- سوائل عديمة الامتزاج، مثل الأوكتان (أحد مكونات الغازولين) والماء، حيث يلاحظ أن طبقة من السائل الأخف - وهو الأوكتان - تطفو على سطح الطبقة الأثقل؛ وهي الماء.
 
1 - السوائل تامة الامتزاج
 
ضغط بخار محلول مثالي 
 
مؤلف من مكوِّنين درجة غليانهما منخفضة
 
إذا سلك خليط من سائلين A وB مسلكاً مثالياً؛ فإنه طبقاً لقانون راؤول Raoult’s law، تظهر العلاقة بين الضغط البخاري لكل منهما وبين كسره الجزيئي في الطور السائل عند رسمها بيانياً، على هيئة خط مستقيم كما في الشكل (1).
 
أ - خفض ضغط البخار 
 
إن حرية أي مكوِّن في محلول؛ ليتحول إلى حالة بخار تنقص بسبب اصطداماته قرب السطح مع دقائق المكوِّنات الأخرى. وهذا يعني أن ضغط بخار هذا المكوِّن أصبح أصغر. والمادة القابلة للتبخر volatile هي المادة التي يمكنها أن تتبخر بسهولة، أي لها نقطة غليان منخفضة. وعندما يكون المذاب على هيئة جزيئات، ليس أيونات؛ تكون العلاقة بين ضغط بخار أي مكوِّن وبين كسره الجزيئي علاقة بسيطة. وتسمى هذه العلاقة - قانون ضغط البخار - تركيز راؤول أو قانونه؛ نسـبة إلى العالم الفرنسي فرانسوا ماري راؤول (1830-1901). ويعبِّر عن قانون راؤول رياضياً بالعلاقة:
 
P = P0X
 
(شريطة ألا يكون أي مكوِّن أيونياً) 
 
حيث:
 
P تدل على ضغط بخار المكوِّن فوق المحلول، وP0 ضغط بخار هذا المكوِّن النقي عند درجة الحرارة نفسها، وX هو كسر المكوِّن الجزيئي في الحالة السائلة. وعندما تكون مكوِّنات المزيج جميعها ذات درجة غليان منخفضة، فقيمة P من أجل أي مكوِّن تكون مساوية إلى الضغط الجزئي للمكوِّن في المحلول. وأي محلول تنطبق عليه العلاقة (1) بدقة من أجل مكوِّناته جميعها يدعى محلولاً مثالياً ideal solution.
 
وإن الضغط الكلي لبخار محلول مؤلَّف من مكوِّنين يساوي مجموع الضغوط الجزئية للمكوِّنات جميعها. والضغط الكلي لبخار المزيج المؤلف من مكوِّنين A وB هو الخط العلوي في الشكل (1). وإن الخطين السفليين هو رسم ضغط البخار الجزئي لواحد من المكوِّنين بدلالة كسره الجزيئي في المحلول.
 
إن المحاليل الحقيقية المؤلفة من مكوِّنين والتي تخضع لقانون راؤول ليست كثيرة. وضغط البخار الجزئي للمكوِّن بدلالة كسره الجزيئي ليس دوماً خطاً مسـتقيماً (كما في الشكل 1)، وإنما يكون خطاً منحنياً كما هو مبيَّن في الشكل (2 أ وب).
 
وهناك نوعان من الحيود عن السلوك المثالي، أحدهما حيود موجب يكون فيه الضغط البخاري المقيس للمحلول أكبر من القيمة المتوقعة من تطبيق معادلة قانون راؤول (الشكل 2أ). أما النوع الثاني من الحيود فهو حيود سالب (الشكل 2ب) يكون فيه الضغط البخاري المقيس للمحلول أصغر من القيمة المحسـوبة من قانون راؤول. تمثل الخطوط المتقطعة في الشكل (- - -) السلوك المثالي في حين تمثل الخطوط الكاملة (-) السلوك الحقيقي أو الفعلي للمحلول.
 
 
فعندما يكون التجاذب بين جزيئات المكوّنين أضعف من تجاذب كل من المكوِّنين مع مثيلاته، يكون من الأسهل لكل مكوِّن أن يفلت من المحلول متحولاً إلى بخار. ويكون ضغط البخار الكلي في هذه الحالة أعلى مما لو كان المحلول مثالياً. ويقال: إن الحيود موجب، مثال ذلك محلول الهبتان في الكحول الإيتيلي.
 
ويلاحظ الانحراف السالب عندما يكون تجاذب جزيئات المكوِّنين أقوى من التجاذب بين جزيئات النوع الواحد. وهذه التجاذبات تعوق انفلات جزيئات السائل من المحلول، وتحولها إلى بخار مما يؤدي إلى إنقاص ضغط البخار. ومن أمثلة هذه المحاليل ذات الانحراف السالب محلول حمض الفورميك (النمل) في الماء.
 
ب - ارتفاع درجة حرارة الغليان
 
ضغط بخار محل، وضغط بخار محلول مادة غير طيارة في المحل نفسه
 
عندما يكون المكوِّن الوحيد القابل للتبخر (ذو درجة حرارة الغليان المنخفضة) هو المحل، فبخار ضغط المحلول يصبح أصغر من ضغط بخار المحل النقي عند أي درجة حرارة والشكل (3) يبيِّن ذلك. وهذا يعني أن تسخين المحلول إلى درجة الحرارة التي يغلي عندها المحل النقي؛ يكون ضغط البخار فوق المحلول أصغر من الضغط الجوي. فلزيادة ضغط بخار لجعل المحلول يغلي يحتاج إلى رفع درجة الحرارة. أي بتعبير آخر: المنحل غير القابل للتبخر يسبب ارتفاع درجة غليان المحلول. مثال ذلك مضادات التجمد antifreezes التي تتألف غالباً من منحل سائل غير قابل للتبخر، ذوّاب في الماء. فعندما يمزج مع الماء في مشعاع radiator السيارة تصبح درجة غليان المحلول أعلى من درجة غليان الماء؛ مما يعوق غليان السائل في المشعاع في أيام الصيف الحارة عندما ترتفع درجة حرارة المحرك engine. ومع هذا يطلق على هذه السوائل اسم مضادات التجمد لأسباب ستتضح بدراسة انخفاض درجة تجمد محلول.
 
ومقدار الارتفاع في درجة حرارة الغليان الناتج من وجود منحل غير قابل للتبخر هو تابع بسيط للتركيز المولالي عندما يكون المنحل جزيئياً (غير أيوني). فارتفاع درجة حرارة الغليان ∆t يتناسب طرداً مع المولالية أي ∆tαm؛ حيث ∆t تساوي الفرق بين درجة حرارة غليان المحلول وبين درجة حرارة غليان المحل النقي. وm هو التركيز المولالي للمنحل. وثابت التناسب k b يدعى ثابت ارتفاع درجة الغليان المولالي، ويكون:
 
∆t = k b. m
 
والعلاقة أعلاه صحيحة في حالة المحاليل الممددة، أي ذات التراكيز الضعيفة. ولكل محلٍ ثابتُ ارتفاع درجة غليان خاص به. ويدرج في الجدول (2) قيم kb لعدة محلات. والواحدات التي تقاس بها قيم kb هي تلك الموافقة لـ ∆t / m أي: 
 
درجة الحرارة (سلسيوس)/عدد مولات المنحل في 1كغ محل
 
جـ - انخفاض درجة التجمد
 
إن نقطة تجمد المحلول أخفض من تلك للمحل النقي. والفرق بين درجتي تجمد المحل النقي والمحلول يتوقف على التراكيز النسبية لجسيمات المنحل والمحل، وليس على الطبيعة الكيمياوية للمنحل. وإن هذه القواعد تنطبق على سلوك الجزيئات؛ وليس المنحلات الأيونية. ولكن هذه المنحلات ليس من الضروري أن تكون غير قابلة للتبخر حتى يكون انخفاض درجات غليانها متناسباً مع المولالية (بتراكيز ضعيفة نسبياً):
 
 
 
 
حيث ∆t هو الـفرق بين درجتي تجمد المحل والمحلول، وm مولالية المنحل وkf الثابت المولالي لانخفاض درجة التجمد.
 
ولكل محل ثابتُ انخفاض درجة تجمده kf الخاصة به. والجدول (2) يبين قيم kf لبعض المحلات.
 
إن انخفاض درجة التجمد بإضافة جسم منحل هو المبدأ الذي يعتمد عليه استعمال الملح في الشتاء لإذابة الصقيع في شوارع المدن، واستعمال سائل ذي درجة غليان عالية جداً مضاداً للتجمد في جهاز تبريد المِشْعاع الذي يستعمل لتبريد محرك السيارة. فالإتيلين غليكول مضاد التجمد درجة غليانه 198 ْس (بالضغط الجوي)؛ ولهذا فإنه لا يغلي عندما يسخن المحرك.
 
ومن قياس انخفاض درجات التجمد أو ارتفاع درجات الغليان يمكن حساب الوزن الجزيئي للجسم المذاب (وبشكل أدق وزن صيغة من الجسم المنحل).
 
2- محاليل المواد الصلبة في السوائل
 
المواد الصلبة جميعها - نظرياً- تذوب في السوائل جميعها، ولكن انحلال هذه المواد يختلف إلى حد كبير من جملة إلى أخرى. فالسكر - على سبيل المثال - سهل الذوبان في الماء في حين أن الطباشير قليلة الذوبان فيه. 
 
والمحلول المشبع من المادة الصلبة في سائل هو المحلول الذي يبقى فيه جزء من المادة الصلبة في حالة توازن مع المحلول عند درجة حرارة معينة، ويعني هذا أن المذيب أذاب أكبر كمية يمكنه حلها في المادة الصلبة عند هذه الدرجة.
 
يزداد تركيز الإشباع بزيادة درجة الحرارة في أغلب الأحوال. وعند تبريد المحلول المشبع الرائق الذي لا يحتوي على أي أثر من المادة الصلبة، فإن هذه الزيادة من المادة المنحلة عند هذه الدرجة الجديدة من الحرارة قد لا تترسب، ويقال عندئذ: إن المحلول أصبح فوق مشبع supersaturated.
 
ويمكن تفسير ظاهرة فوق الإشباع بافتراض أن بعض البلورات المتناهية في الصغر submicroscopic crystals التي تكون عادة أول ما يترسب من المادة الصلبة، قد تكون نسبة ذوبانها أعلى، وعلى هذا تتعطل عملية تكوين البلورات الكبيرة، ويتأخر ترسب المادة.
 
وعند إضافة بلورة واحدة من المنحل إلى المحلول فوق المشبع يبدأ التبلور، وتترسب المادة المذابة في الحال حتى يصل المحلول إلى مرحلة الإشباع فقط عند هذه الدرجة الجديدة.
 
غدير زيزفون

المراجع

العربية

التصانيف

الأبحاث