الآبرات
الآبرات Cynipidae حشرات صغيرة تتطفل على النبات حصراً، وتنتمي إلى رتبة غشائيات الأجنحة[ر] Hymenoptera، ورُتَّيْبَة ذات الخصر Apoerita وفصيلة عليا superfamily هي الآبرانيات Cynipoideae.
صفاتها الخارجية
الحشرة الكاملة imaga: لايتجاوز طول الحشرة الكاملة في أغلب الأنواع 5مم، جسمها منضغط جانبياً، ويبدو للوهلة الأولى مؤلفاً من جزء واحد، إلا أنه إذا دقق النظر في المنطقة الواصلة بين حلقات الصدر والبطن يتبين وجود حلقة مُتخصِّرة وصغيرة تتصل بحلقة ثانية كبيرة ممتدة تكاد تحجب الحلقات الخمس المتبقية من الحشرة. وللأنثى آلة لسع (إبرة) مندغمة داخل الجسم وتبرز عند تحضير المكان المناسب للبيوض الصغيرة (الشكل 1) ولأن منها ما يسبب أَبْر الأزهار في بعض النبات جاءت تسميتها الآبرات.
المغراسة الشاحبة آبرة السنديان
اليرقة lava: وهي صغيرة دودية عديمة الأرجل، يصل طولها إلى 6مم، لونها أبيض عاجي. أجزاء فمها مختزلة، وبها مضخة عضلية قوية تبتلع السوائل المحيطة بها ضمن العفصة gall النباتية المتكونة بفعل مفرزات غددها اللعابية المتضخمة. وتستطيع اليرقة البقاء خارج العفصة مدة طويلة قد تصل إلى سنتين، كما أن بعض اليرقات يحرك كتلة العفصة إذا انفصلت عن النبات ويقذفها نحو الأعلى.
الخادرة pupa: وهي صغيرة من النوع الحر exarate (اللواحق غير ملتصقة بالجسم) قد يصل طولها إلى 5مم.
حياتها
تمتاز هذه الحشرات من غيرها من رتبة غشائيات الأجنحة ذات الخصر بأنها آكلة للنبات phytophagous. وتعيش أطوارها المختلفة، عدا الحشرة الكاملة، ضمن النسج النباتية للعائل، وتتمم دورة حياتها فتعطي حشرات كاملة متباينة الأشكال، وذلك بحسب نوع النبات العائل، والجزء منه (ورقة أو برعم أو غصن أو جذر). وبحسب طريقة التكاثر (جنسي أو لا جنسي). وتضع الأنثى بيوضها على جزء من النبات العائل بآلة اللسع، فتدفع آلتها بضربات متتابعة حتى تصل إلى النسيج المطلوب، ثم تضع بيوضها مجتمعة أو فرادى بحسب الأنواع.
وقد يختلف شكل الحشرات الناتجة من العفصات، حتى أن العلماء صنفوها في أسماء علمية مختلفة بسبب تكوينها عفصات مختلفة الشكل وفي أجزاء نباتية متباينة التركيب.
أشكال مختلفة لعفصات تسببها آبرات
ويفرز أفرادها روائح تميز كل نوع منها. فالمِغْراسة (البَيْريزة) الطَرَفية Biorhyza terminalis تطلق رائحة تشبه رائحة البق مع رائحة الليمون، أما آبرة الصباغ cynips tinctoria فتعطي رائحة السكر المحروق.
تتغذى يرقاتها بضخ نواتج انحلال الخلايا المغذية بوساطة بلعومها العضلي. وهي لا تعطي أي فضلات في أثناء حياتها اليرقية بل تجمعها في القناة الهضمية الوسطى وتلقي بها دفعة واحدة قبل التخدر (التحول إلى خادرة).
تكاثرها ودورة حياتها
يتصف التزواج بين أفراد هذه الفصيلة بطرافته. فذكر الآبرة الفطرية Cynips pezowachoides مثلاً يضرب أنثاه عدة مرات بقرني استشعاره الخيطيين حتى تهدأ، ثم يمتطي ظهرها ويحتضن حلقات صدرها بأرجله الطويلة ثم يسافدها، وتدوم هذه العملية عدة دقائق: وتتضمن دورة الحياة أربعة أطوار هي البيضة، ثم اليرقة، ثم الخادرة ثم الحشرة الكاملة. وتكون المراحل الثلاث الأولى ضمن العفصة النباتية، ثم تخرج الحشرة الكاملة بثقب ممرٍّ مناسب لها نحو الخارج حيث تُعيد دورة الحياة.
ويُميز في هذه الفصيلة، بحسب دورة حياتها، مجموعتان:
1ـ آبرات ذات دورة حياة عادية (جنسية)، تتكاثر بتسافد الذكور والإناث وإعطاء بيوض ملقحة دوماً. وهي تضم حشرات تتطفل على نباتات غير البلوط والدلب.
2ـ آبرات متناوبة الأجيال يتناوب فيها جيل جنسي التكاثر مع جيل بكري التكاثر. وينتج عن كل مجموعة من أفراد الجيلين عفصات مختلفة الشكل. وهناك حالتان جديرتان بالاهتمام:
أ ـ آبرات يتكاثر فيها الجيلان على النبات نفسه وعلى أجزاء مختلفة منه، مثل جنس المِغْرَاسة Biorhyza حيث يعيش الجيل المؤلف من إناث فحسب (أفراد لا متزاوجة agamouse) على جذور البلوط، وتسبب عفصات قاسية فلينية في فصل الشتاء. وهي تستطيع وضع بيوضها في درجة حرارة أدنى من الصفر. وتخرج هذه الإناث من العفصات وتصعد ساق الشجرة، وتضع بيوضها على الأغصان مسببة عفصات خاصة بها. ويخرج من هذه العفصات أفراد مجنحة تتكاثر جنسياً، وهكذا دواليك (الشكل -3).
وهناك مثال مشابه هو طُرًّةُ الأوراق العُدَيْسية Neuroterus lenticularis، (آبرة الأوراق)، إذ تظهر في أيلول وتشرين الأول عفصات صغيرة عديسية الشكل على السطح السفلي لأوراق البلوط وفي شباط يخرج من هذه العفصات أفراد «لا متزاوجة» تضع بيوضها ضمن الأفرع الغضة. وتخرج من هذه البيوض يرقات تُكوِّن عفصات كروية صغيرة. وفي شهر حزيران يخرج من هذه العفصات الكروية ذكور وإناث تتسافد. وتضع الإناث بيوضها على الوجه السفلي للأوراق الغضة ليتكون حول يرقاتها عفصات عديسية الشكل، وهكذا دواليك
ب ـ آبرات تتمم دورة حياتها على نباتين مختلفين مثل آبرة الكلس Cynips calcis، إذ يتمم الجيل اللامتزاوج تطوره على نبات البلوط من نوع البلوط الزندي Quercus pedunculata ويكوِّن عفصات بشكل القمع الملتوي. أما الجيل الجنسي فيعطي، على الأزهار المذكرة لنوع البلوط الأشعر Q. cerris، عفصات تشبه الجِرار.
تأثيرها في النباتات
تسبب إفرازاتُ بيوض الحشرات ويرقاتها تكوُّن كتلة منتفخة العفصة التي تنتج من تهيج أنسجة النبات العائل. يلي ذلك تميز هذه النسج إلى نسج متخصصة مختلفة التركيب. ويرجع هذا التحول في شكل نسج النبات العائل وترتيبها إلى إفرازات يطلقها جنين البيضة من خلال القشرة الرقيقة. ويساعد هذا التنبيه وما يليه من إفرازات يرقيه على تضخيم النسيج النباتي وإعطاء العفصة الشكل المميز للنوع، ولذلك يكون تصنيف الحشرة الآبرة المسببة للعفصة أسهل بالاعتماد على شكل العفصة.
وتجدر الإشارة إلى أن العفصات لا تسبب أضراراً للنبات أبداً، بدليل استمراره في نموه الطبيعي على الرغم من إصابة أجزاء كثيرة منه بنسبة قد تصل إلى 80٪. ويغلب الماء على تركيب العفصات، كما تحتوي على حمض الدًّبْغ (التانيك) tanic acid وحمض العفص (الغاليك) gallic acid، وأكثر العفصات غنى بهذه المواد عفصات آبرة الصباغ التي تحتوي على 65٪ من وزنها الجاف من مادة التانات tannat. وثمة سكريات تتزايد في نهاية الربيع حتى منتصف الشتاء وذلك على حساب حمض الدبغ. وتزيد نسبة الماء كثيراً في نسيج العفصة عما هي عليه في نسيج النبات العائل، وكذلك يلاحظ ازدياد مماثل في نسبة البوتاسيوم.
وتستعمل العفصات في المناطق غير الصناعية مصدراً للصبغات السوداء وفي صناعة الخبز (بنقعها، بعد كسرها، في محلول سُلفات الحديد) ولدباغة الجلود، كما تستعمل في عيادات العلاج الطبيعي وصناعة المبيدات الحشرية.
محمد عادل الفتيح
المراجع
موسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث