بالاو Palau

جمهورية مستقلة تقع في القسم الجنوبي من المحيط الهادئ، وتتألف من أرخبيل أغلب جزره مرجانية، وعددها 241 جزيرة متوسطة المساحة وصغيرة لا تتجاوز مساحتها مجتمعة 508كم2. المأهول منها بالسكان 11 جزيرة فقط، أبرزها جزيرة بابلتواب Babelthuap ومساحتها 404 كم2. وأعلى نقطة فيها ترتفع 216م. وأهم باقي الجزر هي: جزيرة كورور أو كوكور أيضاً وفيها العاصمة «كورور»، وجزيرتا أوروكتابل، وأيل مالك (أموتوتي).

تؤلف مجموعة الجزر هذه الجزء الغربي من أرخبيل كارولينة أحد أرخبيلات ميكرونيزية التابع لقارة أوقيانوسية، وتقع إلى الغرب من خط الطول 134 درجة شرقاً، وعلى جانبي خط العرض 30ً 7ْ درجات شمالاً، وتحاذيها من جهة الشرق هوة محيطية عميقة (8138م). عرفت هذه الجزر بعد كشفها من قبل الإسبان عام 1543 باسم بالاو (بيبلوس)، وظلت تعد في الممتلكات الإسبانية إلى أن اشترتها ألمانية من إسبانية عام 1899 حتى عام 1919. وضعت بعدها وبقرار من عصبة الأمم تحت الإشراف الياباني ثم سيطرت اليابان على أغلب جزر المحيط الهادئ الواقعة شمال الدائرة الاستوائية إضافة إلى بالاو، وبقيت فيها إلى أن أُجبرت على الخروج منها عام 1945 بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. وقد أظهرت الحرب الأهمية الاستراتيجية لهذه الجزر بسبب موقعها الجغرافي على الطرف الشرقي للرصيف القاري الآسيوي، وعلى بحار الصين التي تقع على أطرافها كل من اليابان والصين والفيليبين وأسترالية وإندونيسية، مما شجع الولايات المتحدة الأمريكية على وضع يدها على بالاو لحماية مصالحها في عالم المحيط الهادئ وصارت تحت وصايتها من قبل الأمم المتحدة عام 1947، وجعلتها قاعدة عسكرية، ومحطة على طرق الملاحة البحرية والجوية الطويلة، وخطَّ دفاعٍ أول عن أراضيها الواقعة في الطرف الغربي من المحيط.

ومع ظهور حركات التحرر والاستقلال في عالم المحيط الهادئ، استطاعت بعض دوله الحصول على الاستقلال السياسي والانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة. فتشجعت بالاو وأعلنت استقلالها عام 1981 تحت اسم جمهورية بالاو. إلا أن هذا الإعلان لم يقرّ من الكونغرس الأمريكي، وبقي وحيد الجانب، وظلت بالاو مرتبطة سياسياً بالولايات المتحدة الأمريكية. إلى أن حصلت على الاستقلال في 1/10/ 1994 وصارت عضواً في الأمم المتحدة. لجمهورية بالاو برلمانها المؤلف من مجلس للنواب (16 عضواً) وآخر للشيوخ (14عضواً) مع مجلس استشاري من زعماء القبائل (16عضواً). وترتبط بالولايات المتحدة في أمور الدفاع والشؤون الخارجية، ولاسيما بوزارة الداخلية.

الأوضاع الطبيعية

تتألف مجموعة جزر بالاو المرجانية من كتل صخرية كلسية كانت في الأصل أجزاء من بقايا رمم صلبة لهياكل حيوانات المرجان اختلطت فوق أحد الأرصفة البحرية الضحلة بمعادن مختلفة وألفت قوام صخرها المرجاني. وسطح هذه الجزر قليل الارتفاع عن مستوى سطح البحر لا يزيد على 100- 200م إلا ما ندر، وهي تمتد على هيئة مستعمرة مرجانية مؤلفة حاجزاً من جزر صغيرة متقاربة. وتخضع هذه الجزر عموماً لمناخ شبه استوائي بحري دافئ شديد الرطوبة يتضاءل فيه المدى الحراري اليومي والفصلي فلا يتعدى بضع درجات مئوية، وتراوح حرارة الهواء الملامس لسطحها المنخفض بين 20 و26 درجة مئوية. وتهب على الجزر رياح بحرية وقارية، تصير كلها في النهاية رطبة بعد أن تمر بالمساحات المائية الدافئة المحيطة بالجزر والمتغلغلة فيها. وأمطارها دائمة وتعبر الأعاصير المدارية العنيفة في بعض الأحيان أطراف الجزر الشمالية مسببة فيها بعض الأضرار.

 الأوضاع البشرية

ينتمي سكان بالاو إلى الميكرونيزيين (سكان جزر ميكرونيزية)، وهم آخر المجموعات السكانية التي وفدت إلى جزر أوقيانوسية، واستقرت في الجزر المرجانية الصغيرة المساحة، ويتميزون بظهور الصفات المغولية فيهم. ومنذ بداية القرن السادس عشر بدأت العناصر الأوربية، ومن بعدها الأمريكية، تتوافد إلى هذه الجزر. ومنذ أواخر القرن الثامن عشر بدأت عناصر صينية ويابانية وفيليبينية وإندونيسية تصل إليها أيضاً مما زاد في تعقيد التركيب العرقي للسكان. وقد عملت هذه الجماعات على تغيير أوجه النشاط الاقتصادي في هذه الجزر مما أدى إلى تراجع ثقافات السكان الأصليين بالتدريج، وإلى تناقص عددهم حتى صار عدد السكان فيها عام 1993 نحو 16100 نسمة والكثافة العددية فيها نحو 32 ن/كم2. ونسبة النمو السكاني 1.9% سنوياً، ويدين معظم سكانها بالمسيحية وأغلبهم من الكاثوليك، ويتكلمون اللغة الإنكليزية، وهي اللغة الرسمية إلى جانب لغاتهم المحلية. ومدينة كورور التي تَعُد نحو عشرة آلاف وخمس مئة نسمة هي المدينة الأولى في البلاد، وهي العاصمة في الوقت نفسه.

الأوضاع الاقتصادية

تنبع أهمية هذه الجزر الصغيرة ذات الموارد المحدودة من كونها أحد المواقع المهمة في تصدير السماد الطبيعي المؤلف من الزرق الذي تخلفه الطيور البحرية المعروف باسم «غوانو» Guano والذي أخذت كمياته بالتراجع. ومن وجود بعض الخامات المعدنية فيها، ولاسيما الفوسفات وهي محدودة الكمية، ومن كونها محطة تموين على طرق الملاحة البحرية والجوية الطويلة في المحيط الهادئ. وقد أخذت جزر بالاو تفقد أهميتها مع تحسن وسائل النقل الجوية والبحرية العابرة للقارات والمحيطات. وقبل قدوم الأوربيين إليها كان السكان الأصليون يعملون في الصيد البحري والزراعة البدائية المتنقلة. ومع أنهم كانوا يستخدمون أدوات بسيطة في أعمالهم، فقد نجحوا في تشييد تجمعات قروية تعتمد على منتجاتها المحلية.

وإلى جانب الزراعات الغذائية التي تستأثر بالقسط الأكبر من النشاط الزراعي (كالكومازا واليام والساجو والتارو). فإن لنخيل جوز الهند الأهمية الكبرى في حياة السكان الاقتصادية. ويعد جوز الهند المجفف (الكوبرا Coprah) أهم صادرات هذه الجزر. كما تعد المادة السائلة داخل ثمار جوز الهند المشروب الوحيد تقريباً للسكان بسبب ندرة الماء العذب في جزرهم المرجانية. ويستخدم زيت جوز الهند في أغراض متنوعة أهمها الطهي. وتستخدم قشرته الخارجية أدوات طبخ. كما تستخدم ألياف النخيل في صنع الحبال والحقائب والشباك والقبعات وفي صناعة بعض الملابس. وهكذا تؤلف نخلة جوز الهند عصب الحياة في هذه الجزر المرجانية التي تبقى مقومات الإنتاج الاقتصادي الأخرى فيها محدودة جداً نتيجة لفقر التربة الكلسية المنشأ، ولقلة المياه العذبة وتعرض سطحها المنخفض لأمواج البحر العاتية. ولا تؤلف الثروة الحيوانية فيها مرفقاً اقتصادياً يذكر، فلا يبقى لسكانها سوى التوجه إلى العمل في الصيد البحري، على متن السفن التجارية إلى جانب جمع الثمار والزراعة البدائية المتنقلة.

وقد تغيرت معالم الإنتاج الاقتصادي بعد قدوم الأوربيين والأمريكيين إلى هذه الجزر فأدخلت الزراعة العلمية وانتشرت زراعة الرز وأشجار الكاكاو، ووجه الاهتمام إلى تربية بعض الحيوانات. وتحسنت عمليات استغلال المعادن، وصارت الخامات، على الرغم من كونها محدودة وكمياتها آخذة بالتراجع، تستغل بإشراف الوافدين، استغلالاً اقتصادياً لتصدر، ولاسيما السماد الطبيعي (الغوانو) والفوسفات. وقد رافق هذه النشاطات توجه أعداد قليلة من السكان، مؤخراً إلى العمل في بعض الصناعات الغذائية والنسيجية والخشبية مثل صناعة السكر والزيوت النباتية وتعليب اللحوم وقطع الأخشاب.

يضاف إلى ما تقدم تحول أماكن من هذه الجزر إلى محطات تموين على طرق الملاحة البحرية والجوية المهمة، وإلى قواعد عسكرية توفر لمستأجريها الحماية والسيطرة على مناطق واسعة في المحيط وفي أطرافه. لكن بالاو تعتمد على المساعدات الأمريكية اعتماداً كبيراً (نحو 90% من احتياجاتها). وتزيد وارداتها كثيراً على صادراتها وللسياحة أهمية بارزة في اقتصاد بالاو.


المراجع

mawdoo3.com

التصانيف

أوقيانوسيا   الجغرافيا   دول أوقيانوسيا