هنيئاً لجميع المسلمين في انحاء الارض قدوم افضل ايام العام ودرة الشهور، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبشر المسلمين بقدومه ويقول «أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه ابواب الجنة، وتغلق فيه ابواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من الف شهر، من حرم خيرها فقد حرم».
 
هنيئاً للمؤمنين الموحدين دخول ايام وليالي الرحمة والغفران، يفرح فيها الصغير والكبير، يستبشر فيها العصاة والمذنبون، يتسابق فيها اهل الطاعة المتنافسون، يشمر فيه اهل التقوى والايمان، (لمثل هذا فليعمل العاملون).
 
رمضان أقبل يا أولي الألباب     فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة         فتنبهوا فالعمر ظل سحاب
وتهيئوا لتصبر ومشقة         فأجور من صبروا بغير حساب
 
أتانا شهر الطاعة والعبادة، يتقرب المؤمنون فيه الى ربهم بالجوع والعطش وترك الشهوات، فالصوم كله لله «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، فأهل التقوى لا يصومون فقط عن الطعام والشراب والجماع بل عن كل حرام ومنكر لأنه «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه» فلا يصح أن يمتنع المسلم عن الطعام والشراب وعينه لاتكف عن الحرام وسمعه ولسانه وجوارحه لا تنقطع عن الحرام فأي تقوى يحصل عليها العبد من صيامه بهذا؟!
 
أتانا شهر القرآن والذكر، رفع الله قدر هذا الشهر لنزول القرآن فيه، فلا رمضان إلا مع القرآن، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقضي الشهر بمدارسة القرآن مع جبريل، وقيام لياليه به، وهكذا فعل الصحابة وسلف هذه الامة، بل كانوا يتركون مجالس العلم لأجل القرآن، فمنهم من يختم عشر مرات ومنهم من يزيد ومن ينقص، ويأتي الصيام والقرآن قرينين يوم القيامة يشفعان لصاحبهما، يقول الصيام منعته الطعام والشراب والشهوة، ويقول القرآن منعته النوم بالليل، فهنيئا لمن عزم على ان يعيش مع القرآن هذه الايام والليالي، قراءة وتدبرا وحفظا ودراسة وتفسيرا، و«خيركم من تعلم القرآن وعلمه».
 
أتانا شهر الجود والكرم لا شهر التبذير والاسراف فخير الصدقة يكون في مثل هذه الايام، وقد كان نبينا اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان، فلنبحث من اول يوم عن الفقراء والمساكين لنسد حاجتهم، والمؤمن في ظل صدقته يوم القيامة، ولندع عادة الاسراف في الولائم والافطار، وصنع الطعام الكثير الذي يخالف الهدي ويؤذي الجسد، فإن كان ولابد من الاكل فـ «ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه».
 
أتانا شهر الدعاء فلنرفع أيادينا للخالق ونسأله القبول والمغفرة، شهر الصفح والعفو، فمن احب ان يعفو الله عنه فليعف عن الناس، قال تعالى: ?فليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم?، وكان الصالحون لا يدخل شهر رمضان الا وقد صفوا قلوبهم من كل غل وشحناء وبغضاء استعدادا لعبادة هذا الشهر.
 
لندخل هذا الشهر بقلوب طاهرة صافية، ونية صادقة وعزيمة قوية لان نستغل كل فضائله، ونبتعد عن الملهيات والشهوات فإن رمضان فرصة قد لا تتكرر، فكم من صائم معنا في العام الماضي حرم من رمضان هذا العام، ولنعلم ان لله عتقاء من النار في كل ليلة من رمضان فلنحرص ان نكون منهم، بارك الله لي ولكم في هذا الشهر، وتقبل منا ومنكم صالح الاعمال واعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، آمين.
 

المراجع

موسوعة طريق الأيمان

التصانيف

حياة