أيُجدي ما يبوح بِهِ يراعي بحِلمٍ تارةً ، أو باندفاعِ
وهل يروي غليلي بعضُ شعرٍ و هل يرثي لهمِّي و التياعي
كرهتُ الشعرَ ، خاصمتُ القوافي و هاجرتُ الخيالَ عن اْقتناعِ
و قلُتُ أعيشُ في بيتٍ جديدٍ بعيداً عن نفاقٍ أو خداعِ
فما عادت بيوتُ الشِّعرِ إلا مساكنَ للعقاربِ و الأفاعي
وما عادَ الخيالُ الخصبُ يُجدي لرأبِ الصدعِ أو فضِّ النزاعِ
و عالمنا تموجُ بِهِ الرزايا و تلطِمُ وَجْهَهُ كَفُّ الصراعِ
تؤمرِكُهُ بخبثٍ حيثُ شاءَتْ ولاياتُ التشرذمِ و الضياعِ
و إسرائيلُ طفلتها استباحتْ دمائي ، موطني ، شمسي ، شعاعي
تُعربِدُ ما تشاءُ بكلِّ وادٍ كسائِمَةٍ لها خصبُ المراعي
وما من مخلِصٍ ليقولَ كلا برمحٍ سمهريٍّ للضِّباعِ
وما كانت سوى الكلماتِ تهوي مُحَطَّمَةً بقاعات اجتماعِ
سألتُ الشِّعرَ : هل حرَّرتَ أرضاً بلا سيفٍ يُلَوِّحُ أو ذِراعِ؟
وهل حَقَّقْتَ يا مسكينُ نصراً بِخَطٍّ ، لا بِخَطِّيٍّ شجاعِ
وهل أطلقتَ من حبسٍ أسيراً تَمَرَّغَ في زنازين التياعِ؟
وهلْ غيرُ التجاهُلِ ما جناهُ ذووكَ العاشقونَ بغير داعِ؟
إذا كتبوا ، فجمهورٌ قليلٌ لما كتبوا يُمَحِّصُ أو يُراعي
وإن سلقوا بألسنةٍ حِدادٍ غدت أجسادُهُمْ طُعمَ السِّباعِ
وإن عزفوا بقاعاتِ استماعٍ فلا سمعٌ بقاعاتِ استماعِ
أجابَ الشِّعرُ : مظلومٌ برئٌ من التُّهَمِ التي خَرَقَتْ شراعي
وفاضت بالدموعِ عيونُ شِعري فأرسلَ كُلَّ حرفٍ للدفاعِ
تقولُ الشينُ : شمس الشعر أسمى وإنْ حُجِبَتْ بغيمٍ أو قناعِ
وقالت عينُهُ : هل من عميدٍ كمثلِ الشعرِ موفورِ الطِّباعِ
وقالت راؤُهُ :رفقاً صديقي و لا تعجلْ بهجرٍ أو وداعِ
فصوتُ الحقِّ في بيتٍ يتيمٍ يدكُّ الشرَّ في كلِّ البقاعِ
وعذبُ الشِّعرِ بالأرواح يسمو على كلِّ ابتكارٍ و اختراعِ
 نبضُ الشِّعرِ موَّارٌ يُدوِّي ونجم الشِّعرِ دوماً في ارتفاعِ
هجرتُ الشعرَ يا سلمى، ولكنْ لأجلكِ قد أعود إلى يراعي
لأكتبَ يا ابنتي شعراً جميلاً لعينِكِ ، رحلتي زادي متاعي
  فحُبُّكِ يا مُنى نفسي عظيمٌ يُحطِّمُ سورَ رفضي وامتناعي

 

اسم القصيدة: هجرت الشعر.

اسم الشاعر: جمال مرسي.


المراجع

adab.com

التصانيف

شعراء   الآداب