ولدي الحبيب .. حينما أقبلتَ عليّ وقد حملت شهادة الابتدائية وأصبحت شابًا تحمل في قلبك رسالة العلم ، وتنهض على زندك نهضة الوطن ، تراجعت ذاكرتي نحو الوراء ثنتا عشرة سنة ، تذكرت فيها تلك الساعة التي ولدتك فيها ، فملئت قلبي ببكائك فرحة لم تسعها دنياي ، أحسست بأن حياتي كلها قد سخرت لك بعد عبادة ربي ، فلا نوم يطيب لي إلا بنومك ، ولا طعام أستلذ به إلا بعد إطعامك ، سعادتي بشفائك ، وفرحتي لفرحتك ، ويا لحزني حينما تبقى رهين مرض أو نصب .. أُلاحقك بالدواء وبلقمة العيش ، وأسقيك معها حناني عليك ، ومحبتي لك يا ولدي ..
أما ساعة جلوسك على كرسي الدراسة فلا تسل عن خفقان قلبي عليك ، فرحة ببلوغك هذا العمر .. وخوفًا عليك من الأذى والوحشة ..
ساعات مذاكرتك كانت تمر عليّ كأطيافٍ أراك فيها وأنت صغير أمامي كما لو كنت طبيبًا أو مهندسًا أو معلمًا ومصلحًا …فتهون عليّ صعوباتك .. وتهدأ نفسي لدراستك .. يا حبيبي ..
أواه .. يا قطعة من قلبي .. كم هي السنوات تمر سريعة .. وهاأنت ذا تكبر .. ويشتد ساعدك .. أتمنى والله أن أراك أكبر وأكبر .. وأكثر علمًا وصلاحًا حتى تكون أفضل من رأيت ومن سمعت .. حتى لو كلفني الكثير من تعبي ونصبي بل روحي وفؤادي ..
وأخيرًا .. إنني أمك .. وأمك .. وأمك .. هل تعلم من هي أمك .. إنها حياتك التي سرت في دمائك ، وخالطت أمشاجك .. وقوي منها عقلك ..
فهل تنساني يا قرة عيني بعد كبر سن .. ورقة عظم .. وانقطاع نفقة ..
لا تفعل فالله أوصاك بي {وبالوالدين إحسانا} .. لا تفعل .. لا لحاجتي إليك.. ولكن خوفًا عليك .. فقط خوفًا عليك ........ أمك
المراجع
ar.islamway.net
التصانيف
فنون أدب أدب إسلامي مجتمع