المنطق
المنطق هو عبارة عن دراسة صور الفكر وطرق الاستدلال السليم، وفي المقام الأول يدرس في تخصصات الفلسفة والرياضيات وعلم الدلالة وعلم الحاسوب. ويعد أرسطو أول من كتب عن المنطق بوصفه علم قائم بذاته، وتم تسمية مجموعة بحوثه المنطقية اورغانون، فكان في نظر أرسطو القياس هو صورة الاستدلال، ولكن بقيام النهضة الأوروبية ونهضة العلوم الطبيعية أصبح المنطق علم مختلف نوعا ما عن منطق أرسطو فظهر منطق الاستقراء الذي كان رائده فرانسيس بيكون واستكمله بعد ذلك جون ستيوارت ميل. هناك أيضاً جانب المنطق الرياضي الذي اخترعه ليبنتز وعدله برتراند راسل الذي ربط الرياضيات بالمنطق وجعلها امتداد له.

الغاية من علم المنطق

من الواضح أنّ جميع العلوم هي نتيجة التفكير الإنساني، ومن الواضح أيضاً أنّ الإنسان حينما يفكّر قد ينتج عنه نتائج صحيحة ومقبولة وقد ينتهي إلى نتائج خاطئة وغير مقبولة. فالتفكير الإنساني هو معرّض بفطرته للخطأ والصواب، ولأجل أن يكون التفكير سليماً وتكون نتائجه صحيحة، صار الإنسان بحاجة إلى قواعد عامة تهيء له مجال التفكير الصحيح متى سار على ضوئها.
أنّنا بتعلّمنا قواعد المنطق نستطيع أن ننقد الأفكار والنظريّات العلميّة فنتبيّن أنواع الاخطأ الواقع فيها ونتعرّف على أسبابها وبالتالي فهو يغذي الروح النقدية لدى دارسيه أو محبيه.
أنّنا نستطيع أن نميّز المناهج العلميّة السليمة التي تؤدي إلى نتائج صحيحة من المناهج العلميّة غير السليمة التي تؤدي إلى نتائج غير صحيحة. أنّنا نتمكن أن نفرّق بين قوانين العلوم المختلفة وأن نقارن بينها ببيان مواطن الالتقاء والشبه ومواطن الاختلاف والافتراق.

تاريخ علم المنطق

أهم المراحل التاريخية التي مرّ بها هذا العلم هي:
أرسطو طاليس (384- 322 ق.م) : لقد كان أرسطو الفيلسوف الإغريقي أول من أسس علم المنطق ورتب مسائله وفصوله، وأول من ألف فيه وتعرف مجموعة ملفاته بـ (الأورغان Organon)، وهي تضم الكتب التالية:(كتاب المقولات - كتاب العبارة - كتاب التحليلات الأولى - كتاب التحليلات الثانية - كتاب الجدل - كتاب الفلسفة)، ويضاف إليها: (كتاب الخطابة - كتاب الشعر). لقب أرسطو بـ (المعلم الأول)، وذلك بسبب اهتماماته في خدمة هذا العلم. ولقد ترجمت كتب أرسطو في المنطق إلى العربية في القرن الثاني الهجري، وقيل في القرن الأول، من قبل النقلة السريان وأشهرهم إسحاق بن حنين (ت 950 م)وهو الذي ترجم كتاب المقولات.
فرفريوس من أهالي مدينة صور الساحلية الواقعة في جنوب لبنان (233- 304 ق.م) : ألف فرفريوس كتابه الموصوف بـ (إيساغوجي Isagoge) وهي كلمة يونانية تدل على (المدخل) وهو الاسم الثاني لهذا الكتاب، لأنه يبحث في الكليّات الخمسة، ونقله إلى العربية أبو عثمان الدمشيقي في القرن التاسع الميلادي، واختصره أثير الدين المفضل بن عمر الأبهري (ت 663 هـ.ق = 1264).
حظي علم المنطق العناية الفائقة في العالم الإسلامي، وأشهر من أولى المنطق تلك العناية من فلاسفة العرب وأعلامهم أبو نصر الفارابي (950م). ولُقِّب لذلك بـ(المعلم الثاني).
ينسب إلى جالينوس (ت سنة 160 م)أنه أضاف الشكل الرابع إلى الأشكال الثلاثة.
تبع الفارابي في اهتمامه بالمنطق الشيخ الرئيس ابن سينا (980-1037 م). قام أبو حامد الغزالي (ت سنة 505هـ - 1111 م) بمزج علم المنطق بعلوم المسلمين، حتى صار من مقدّمات الاجتهاد عند العديد منهم.

بعض المؤلفات العربية في علم المنطق

ألف كثير من علماء المسلمين في علم المنطق المختصرات والمطولات باللغة العربية قديما وحديثا ومنها:
نظم السلم المنورق في علم المنطق, للعلامة الأخضري, وهو منظوم مختصر في حوالي مائتين بيت يجمع أصول المنطق حسب المنظور الإسلامي, وله شروح كثيرة.
الشفاء، لابن سينا، وهو باللغة العربية، ويعتبر الجزء المتعلّق بالبرهان أهم ما في هذا الكتاب حيث لا زال يدرّس للمتخصصين في المنطق حتى الآن.
الإشارات والتنبيهات، لابن سينا، وهو باللغة العربية، وقد شرحه العالم الشيعي الخواجة نصير الدين الطوسي، وعلّق على هذا الشرح قطب الدين الرازي
أساس الاقتباس، للخواجة نصير الدين الطوسي، وهو باللغة الفارسية، ويعتبر من أهم ما ألّف في المنطق، إلا أن كونه باللغة الفارسية منع من انتشاره الواسع بين المنطقيين، وقد ترجمه إلى العربيّة العالم التركي منلا خسرو.
الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، صاحب متن منطق التجريد هو الخواجة نصير الدين الطوسي، أما الشارح فهو العلامة الحلي وهو جمال الدين حسن بن يوسف (ت 648-726 هـ.ق)، وكل من المتن والشرح باللغة العربية.
الرسالة الشمسية وشروحها، وهي باللغة العربيّة أيضاً، وقد لقيت هذه الرسالة الكثير من العناية حيث قام بشرحها أعلام العلماء، أمثال قطب الدين الرازي، والسيد الشريف الجرجاني، والعلامة الحلي وغيرهم، من الأعلام.
المنطق، للعالم الشيعي الشيخ محمد رضا المظفر، وقد وضعه كمتن درسي خلافاً للمؤلفات السابقة التي أُلفت في العلم كنتائج وصل إليها أصحابها، أمّا هذا المؤلف فهو متن درسي بامتياز حيث قسم إلى فصول أبواب متساوية نوعاً ما، ومتضمنة لكل المقدّمات المطلوبة، وفي نهاية كل موضوع أسئلة على ذلك الموضوع، كما ويتضمن مجموعة من الرسوم الشجريّة التوضيحية، والكتاب باللغة العربية، لا شك أنّ هذا الكتاب قد لقي العناية الفائقة من طلاب المنطق في العصر الحديث (لما بيناه من مميزات)، ولذلك طبع مراراً وتكراراً ففاقت طبعاته العشرين طبعة من عدة دور مختلفة، وقد اعتمد كمتن درسي في

الحوزات العلمية الشيعية قاطبة.

مذكرة المنطق، للعالم الشيعي الدكتور عبد الهادي الفضلي، وهو تلميذ الشيخ المظفر، وقد وضعه للمتبدئين على نسق المنطق للمظفر، ولكنه أكثر اختصاراً، وهو بالطبع باللغة العربية.
نقد الآراء المنطقيّة وحل مشكلاتها، للشيخ علي كاشف الغطاء، وهو باللغة العربية، ويعرض فيه المؤلف ما أُشكل على علم المنطق في كل موضوع من المواضيع، ويقوم بالرد عليه بشكل مميّز، والرسالة بالعربيّة.
رسالة في التصوّر والتصديق، للفيلسوف الملا صدر المتألهين الشيرازي (979-1050هـ.ق،1572-1640م)، وهي رسالة فيّمة جداً يبحث فيها حول معنى العلم التصوّري والعلم التصديقي وحقيقة كل واحدة منهما.
شرح الرسالة المعمولة في التصور والتصديق، لمحمد زاهد بن محمد أسلم الحسيني السهروي، (توفي سنة 1101هـ.ق)، وهي بالعربية.
رسالة (البرهان في المنطق)، تأليف الفقيه والمفسّر والفيلسوف والمتأله العظيم العالم الشيعي محمد حسين الطباطبائي ، ووالرسالة بالعربية.
المنطق الإسلامي أصوله ومناهجه، بحوث معمقة في علم المنطق للعالم الشيعي محمد تقي المدرسي
 

تعريف المنطق

القدماء عرفوا علم المنطق بأنّه:  عبارة عن آلة قانونيّة تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ .
وأرادوا بقولهم آلة أن علم المنطق هو من العلوم الآليّة، وبقولهم قانونية أنّ علم المنطق مكوّن من قوانين وقواعد عامة.ولكن كما هو واضح فإنّ هذا التعريف في الكثير من الضغط خاصة على غير المتخصصين في هذا العلم، مع كونه تعريفاً دقيقاً.  وقد تم تعريف علم المنطق كذلك بأنه: علم متعلّق بالمعقولات الثانية، وإن لم يكن علماً بالمعقولات الأولى . ولكن يبدو أنّ هذا التعريف معقّد هو الآخر، مع أنّه بالغ في الدقّة أيضاً. ونحن إنما نطرح هذين التعريفين لكي يستفيد منهما المتخصصون والباحثون في هذا العلم الهام.
ولكن يمكننا أن نعرّف علم المنطق بشكل أكثر سهولة بحيث يتمكن الإنسان المثقف أن يفهم المراد من هذا العلم بدون أي تعقيد، ولا احتياج إلى الدراسة المعمّقة في هذا العلم فنقول:
علم المنطق: هو العلم الذي يدرس القواعد والقوانين العامة للتفكير الإنساني الصحيح .
 

المراجع

areq.net

التصانيف

منطق  فروع الفلسفة  تجريد  إحساس  فلسفة الرياضيات  حقول متداخلة  علوم شكلية   العلوم البحتة  رياضيات   الفلسفة